الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

داكار.. موطن رالي السيارات ومخزن تراث الرقيق

28 مارس 2007 02:34
داكار - نواف التميمي: رالي باريس - داكار الشهير، أو نجوم كرة القدم السنغالية، ربما هذا ما يوحي للمرء عندما يسمع اسم العاصمة السنغالية، ولكن هذه المدينة التي يكاد المحيط الاطلسي يبتلعها،تختزن في شوارعها الضيقة والمزدحمة الكثير، وتروي زواياها المترامية القصص والحكايات التي تخلط الخيال بالاسطورة، والحقيقة بالوهم، والواقع بالموروث الشعبي· في شوارع داكار يتعايش القديم مع الحديث، والتقليدي الاصيل مع المستورد من خلف البحار، وعلى أرصفة المدينة تفرش ألواح خشبية لبيع الأسماك وفي الخلفية شبان يغوصون في أعماق الانترنت· تعد السنغال واحدة من أجمل الدول الواقعة غرب القارة الافريقية وأكثرها تنوعا في الطبيعة والمناخ اذ تمتد البلاد من الشاطئ الى الصحاري الشاسعة مرورا بالأرياف،وتمتاز السنغال عن غيرها من اقطار القارة السوداء كونها تشهد استقرارا سياسيا واجتماعيا منذ عقود طويلة،كما أن أهلها الذين يعتنق حوالي 95 بالمئة منهم الدين الاسلامي يمتازون بطيب الاخلاق وحسن الاستقبال· وأول ما يلفت انتباه الزائر أو السائح هنا هو التواجد الواضح للاجانب الذين قدموا من كل ارجاء الارض،تجد أوروبيا جاء للاستثمار او السياحة اوتجد اولئك القادمين على بواخر الصيد من اليابان لتعليب الاسماك من شواطئ دكار،او ربما تصادف مزارعا فيتناميا قدم لنقل تجربة زراعة الارز من هانوي الى المزارع السنغالية،وبالتأكيد ستجد تاجرا او مستثمرا لبنانيا حطت به أشرعة الهجرة على شواطئ دكار، كما قد تلتقي مصريا اومغربيا جاء لتعليم اللغة العربية لأطفال تواقين للتواصــل مع لغـــــة القرآن الكريم· جولة الزائر في داكار عادة ما تبدأ من ميدان الاستقلال، في هذا الميدان يحتفل السنغاليون كل عام ومنذ العام 1960 باستقلال بلادهم عن الاستعمار الفرنسي، ورغم مرور أكثر من اربعين عاما على خروج الحاكم الفرنسي من هذه المدينة الا ان الشواهد العمرانية لاتزال تذكر بذلك العهد، وان كان بعض هذه المباني قد تحول الى فندق أو مصرف الا ان الكثير منها تحول الى مبان حكومية،اذ لا يبعد القصر الجمهوري او مقر بلدية دكار عن ميدان الاستقلال سوى خطوات معدودة· ورغم ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة في الجو بسبب تأثير المحيط الاطلسي،الا أن المتجول او المتسوق في شوارع وأزقة دكار قد لا يكل ولا يمل وهو يتنقل بين دكاكين صغيرة تعرض ما جادت به قريحة الفنانيين السنغاليين من حفر على الخشب او نقش على الصدف البحري او رسم على القماش بالالوان المائية او بالرمل البحري الملون·وبين الدكاكين وعلى ارصفة تضيق بالمشاة تنتشر ''بسطات'' خشبية تبيع عليها النساء الزهور والاقراط والسلاسل التي تجمع الخشب بالعاج او ماشابهه من المواد ذات الالوان الزرقاء والحمراء او الارجوانية· أما الباعة المتجولين فإنهم يعرضون للمتسوقين المحليين وللسياح ما شئت من المستوردات القادمة من كل بقاع الدنيا وفيها علبة العصير والنظارات الشمسية وبطاقات الهاتف الجوال وحتى السجائر التي تباع بالعلبة او بالسيجارة·وربما أكثر ما يلتفت انتباه المتجول في شوارع داكار هي حافلات النقل الصغيرة التي هي اشبه بشاحنات نقل تم إعادة تصميمها لتصبح حافلات شعبية تنقل بسطاء الشعب بين وسط المدينة والاطراف،وطبعا تتوفر في دكار سيارات التاكسي التي لا تعمل بطريقة ''العداد'' وانما يخضع تقدير الاجرة الى شطارة السائق او الراكب·ايضا يوجد في العاصمة السنغالية نموذج فريد من التاكسيات وهي دراجات نارية تحمل اشارة''تاكسي'' وتأخذ راكبا واحدا وربما يفضلها البعض خاصة في ساعات الازدحام حيث تضيق شوارع المدينة بالسيارات والحافلات والمشاة والدراجات النارية، وشخصيا لا أفضلها ولا أنصح بها لأنني أعتقد - مما شاهدت- انها وسيلة غير آمنة للتنقل· على بعد حوالي 30 كلم الى الشمال من دكار،كانت دهشتي عندما اقتربت من اطراف ''البحيرة الوردية'' كما يسميها اهل السنغال، او ''بحيرة الملح'' أو''بحيرة ريتبا'' كما يطلق عليها أهل قرية ''لوما'' المجاورة·ومثار الدهشة هنا لون المياه الوردي في هذه البحيرة التي لا تبعد سوى 200 متر عن المحيط الاطلسي·وكل من تسأله يعيد سبب تلون المياه بهذا اللون الوردي الى نوع من المخلوقات الدقيقة (لا ترى بالعين المجردة) التي تعيش في قاع البحيرة ويقول الناس انه كلما اشتدت اشعة الشمس على البحيرة كلما ازداد لونها شدة يقترب الى اللون الاحمر القاني· مياه البحيرة شديدة الملوحة وتصل الى عشرة اضعاف ملوحة البحار والمحيطات، وكثافتها تصل الى درجة أن كل لتر مكعب من المياه يحتوي على 380 جراما من الملح· ولأن مياه البحيرة ليست عميقة فإن قاعها عبارة عن أطنان مكدسة من الملح الذي بات جمعه مصدر رزق وتجارة للسكان المحليين، وهذا ما يفسر ماهية تلك الاكوام والتلال البيضاء والبنية التي تتكدس على أطراف البحيرة· عشرات الاطفال والنساء والرجال بعضهم يقف على قدميه وسط البحيرة ويجرف بأواني بلاستيك الملح من قاع البحيرة ثم ينقلها بقارب صغير الى قرب الشاطئ حيث يقمن النساء بنقل عشرات الاطنان من الملح الى اطراف البحيرة ليبدأ الشبان والاطفال في تعبئتها بانتظار وصول التاجر الذي يشتريها بأثمان بخسة لا تساوي في اي من الاحوال ملوحة العمل ومشقته· وتشتهر ''البحيرة الوردية'' كونها تشكل نقطة انطلاق المرحلة الاخيرة من مراحل رالي باريس - دكار العالمي،ولهذا السبب يتوفر للزائرين أماكن للإقامة أو اماكن مخصصة للتخييم، كما أنها تشهد سوقا شعبيا اسبوعيا يجمع سكان القرى المجاورة وتباع فيه كل المنتجات الزراعية والحيوانية وكذلك تعرض فيه للسياح منتجات يدوية معظمها من الخشب·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©