الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

عن العلاقة بين النص والصورة

عن العلاقة بين النص والصورة
11 نوفمبر 2015 22:28
إبراهيم الملا (الشارقة) ضمن الندوات المشوّقة التي اكتست بطابع تفاعلي بين الحضور والفنانين المتحدثين، احتضنت قاعة ملتقى الكتّاب بمعرض الشارقة الدولي للكتاب 34 مساء أمس الأول، ندوة بعنوان «قصص ورسوم» شارك بها الفنان جيف ماك من الولايات المتحدة، والفنان كيربي روزانيس من الفلبين، والرسام صلاح المرّ من السودان، وأدار الندوة الباحث والناقد التشكيلي المصري محمد مهدي حميدة، والذي أوضح بداية أن العلاقة بين الكلمة والصورة امتلكت امتدادات تاريخية طويلة، عندما بدأت الصورة تقدم تفسيرات مبسّطة على هوامش المخطوطات في العهود القديمة ومع بدايات التدوين، وأضاف حميدة بأن الصورة وصلت اليوم إلى مستويات متطورة، فأصبحت صورة دالّة، واحتلت الفضاءات التعبيرية والرمزية، وقال إن الصورة في بداياتها كانت مكملة للنص، ومع مرور الزمن أصبحت تتسيّد كتباً بأكملها. وعرّف الفنان الأميركي جيف ماك بنفسه كمتخصص في تأليف الكتب المصورة للأطفال، وهو رسام متعاون مع العديد من دور النشر الأميركية المهتمة بطباعة الكتب الموجهة للمراحل العمرية المبكرة، وقال إنه بدأ بتأليف كتب «الكوميكس» منذ أن كان على مقاعد الدراسة، ومارس هذه الهواية على المستوى الشخصي، وعندما طلبت منه مدرسة الرسم تأليف قصة مصورة عن عيد: «الهالوين» تغير مساره في ممارسة الفن من مرحلة الهواية إلى مرحلة الاحتراف، ولاحقاً، وبعد تخرجه أنشأ مشغلاً فنياً في نيويورك، وقام بعرض لوحاته على دور النشر المختلفة فأصبح متعاوناً من أكثر من جهة لطباعة مؤلفاته الشخصية المصورة، وتصميم رسومات لكتب المؤلفين الآخرين. ونوّه ماك أن أسلوبه في العمل يعتمد على وضع تصور عام للقصة، ثم التركيز على الجانب البصري الذي يجذب انتباه الطفل أكثر من الشروحات النصية المطولة والتفصيلية، واستناداً على معيار ذهني وعاطفي مهم، وهو أن الطفل يبدأ في استثمار آليات التخيل لديه من خلال تفسير الصورة لغوياً، وهو معيار تعليمي وتثقيفي مهم للمراحل العمرية المبكرة، بحيث يتم جذب الطفل إلى عالم القصص والروايات بشكل مشوق وتدريجي، وبعيداً، كما أشار، عن الصفحات المزدحمة بالكلمات، والمنفّرة لعملية التواصل الذهني والبصري مع مسار القصة أو الحكاية. وعرض ماك مجموعة من الكتب المصورة التي قام بتأليفها، والمعتمدة كلياً على التنويعات البصرية مع الاستعانة بكلمات قليلة مكتوبة بشكل مكثّف، ويتم التلاعب بمفرداتها، لتمنح الطفل معاني مختلفة حسب إيحاءات الصورة، وبعيداً عن الحوارات التقليدية أو الشرح المباشر. بدوره قال الفنان الفلبيني روزانيس أن أسلوبه يعتمد على تصوير الأفكار الإعلانية والحملات الترويجية للشركات لتكون بديلاً عن الإعلانات المكتوبة، كما أنه يقوم برسم أغلفة كتب المؤلفين كخلاصة عامة أو ثيمة رئيسية معبّرة عن مضمون الكتاب سواء كان هذا الكتاب قصة أو رواية أو عملاً نثرياً مستقلاً، وأضاف بأنه لا يميل للرسومات المباشرة، ويفضل كسر المقاييس والانطباعات التقليدية، وأن يعكس انفعالاته ومشاعره الشخصية في الأبعاد الرمزية للصورة التي يعمل على إنجازها، وأكد أنه يستمتع بالتواصل مع متابعيه في موقع الإنستغرام والفيسبوك للتعليق على رسوماته، وتنفيذ اقتراحاتهم، ومن ثم التعاون معهم من أجل تحويل قصصهم الشخصية أو المتخيلة إلى رسومات معبّرة عن المساحات الجمالية الخفيّة والمتوارية في ثنايا هذه القصص. وأوضح الفنان السوداني صلاح المرّ في مداخلته أن الرسم بات اليوم وسيلة تفاعلية تشمل الجانب الحسي والمعرفي والعقلي والإبداعي، بمعنى أن الصورة تجعل المحسوس أكثر بروزاً وتجسيداً لما هو عليه في الظاهر، وقال: «لا أبالغ إن قلت إن الرسومات الإيضاحية يمكن أن تمنح المعنى لمساً ورؤية وذوقاً ورائحة»، مضيفاً بأن الرسومات التي يتلقاها الطفل على سبيل المثال وتبعاً لدلالتها المعرفية تضيف إليه رصيداً تخيلياً ووجدانياً وثقافياً مكتنزاً بجانب المتعة والتسلية، وأشار أن خطاب الصورة قادر على فهم النص وإحاطته بدلالات جديدة ومدهشة، كما أن الرسم يساعد على خلق صلات حيوية بين الشكل والمضمون، وبين الصورة والكلمة، وبين البنية الخارجية والإشارات الضمنية، وبذلك، كما أشار، فإن الصورة تعتبر شرطاً موضوعياً لفهم ماهية الأشياء، وذلك في جلّ مناحي الحياة، وخصوصاً من المنظور البصري. وأكد المرّ أنه فيما يتعلق بكتاب الطفل، فليس ثمة تنافس بين الصورة والنص، لأن العلاقة بينهما أساسها التعاضد، حيث إن المتلقي هنا بغض النظر عن عمره ومرجعيته، فإنه يبحث عن دلالة العلاقة بين المكتوب والمرئي حتى في أبسط درجات التخيل العادي والروتيني لإحداث المتعة والأثر المعرفي بشقيه السلبي والإيجابي، أو المفرح والحزين، أو الواضح والتجريدي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©