الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حساسية المساواة !

4 نوفمبر 2012
تظلم الأم نفسها عندما تحاول أن تحب أبناءها بالتساوي، فالحقيقة أن في كل ابن صفات معينة تجعلنا نحبه، وهي تختلف عن صفات أخيه، ولا يمكن أن نضبط حجم ابتسامتنا ونحن نعامل كل طفل لنجعل كل ابتسامة متساوية مع الأخرى. ولا يمكن أن نكرر الكلمات الغاضبة نفسها عندما يصدر عن أحد الأبناء سلوك يستحق اللوم، إن هذا سيجعل الحياة تبدو وكأنها تمثيلية سخيفة، ولا يمكن أن ينخدع الأطفال بهذه المظاهر. على الأم وعلى الأب أن يمتنعا تماماً عن المقارنة بين الأبناء أو الإعلان لأحدهم بأنهما لن يحباه، وهذا هو أساس علاج الغيرة والمعارك بين الأطفال. إن أسهل الطرق التي يمكن أن تشعل بها الأم الغيرة والمعارك بين الأبناء هي المقارنة الدائمة بين اثنين من أبنائها، فذلك يخلق الشعور في أعماق أحد الطفلين بأنه مكروه من الأم ويجعله يكره أخاه الذي تعلن الأم أنها تفضله. أعتقد أن معظم الآباء والأمهات يعرفون جيداً مضار هذا الأسلوب. إن بعض الأمهات يحتم عليهن الضمير الحساس أن يحاولن المساواة بين الأبناء فتشتري الواحدة منهن لكل ابن لعبة مشابهة تماماً للعبة الآخر وتعطي كل ابن النقود نفسها التي تمنحها للابن الآخر. وعند شراء الملابس فالأم تشتري النوع واللون نفسه لكل واحد من الأبناء. إن الأبناء يتحولون بهذا النوع من المساواة إلى نوع حساس للغيرة، وحساس للكراهية، وحساس لأي ميزة يأخذها أحد أخوته دون أن يدري، وتجعل كل ابن يشعر أنه مظلوم بشكل أو بآخر. إن وقوع الأمهات في براثن هذا الإحساس بضرورة المساواة المطلقة هو خطر يجب أن نبتعد عنه، لأن الأم يجب أن تثق بنفسها وبقدرتها على معاملة كل طفل بما يستحقه فعلاً، وأن تحاول الأم أن تتذكر جيداً آثار الغيرة القديمة النائمة في اللاشعور بينها وبين أخوتها، لعل ذلك هو السبب في محاولتها عدم تفضيل طفل على آخر. ولهذا فهي تحاول أن ترضي كل أبنائها، إنني أقول إنه لا داعي لإرهاق النفس بكل هذا العدل القاسي، لا داعي أن نشتري لعبتين من صنف واحد ومن لون واحد لطفلين لأننا سوف نسمع ببعض النقد يوجه للعبة التي أحضرتها وسيرغب الطفل في أن يأخذ لعبة أخيه، أما لو قررت الأم أنها ستعاقب الاثنين معاً لهذا التمرد الذي لا سبب له على اللعبة التي تهديها الأم للطفلين، فإن كلاً من الطفلين سيأخذ حذره قبل أن يتمرد. الحزم مسألة هامة في التربية، وعلى الأم أن تؤكد أنها لا تخاف من أي اتهام لها، وأنها ترفض تماماً أن يستغل أحد الأبناء أي فرصة ليوجه لها هذا الاتهام، لأن الأسلوب الصحيح الذي يجب أن تتبعه الأم مع كل طفل هو أنه شخص يتمتع بكيان مستقل، نشكره عندما يستحق الشكر، ونؤدبه عندما يستحق أن يُؤدب، نمنحه هدية عندما يستحق ذلك، نحدد له ميعاد النوم، نكلفه بمساعدتنا في أعمال المنزل، نضع أمامه أحلام التفوق في المجال الذي يهواه ونساعده على ذلك. المحرر | khourshied.harfoush@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©