لندن، طهران-وكالات الانباء:
تصاعدت ازمة احتجاز البحارة البريطانيين الـ15 في ايران في يومها السادس امس مع اصرار طهران على موقفها بانتهاك البحارة المياه الاقليمية الايرانية بنحو نصف كيلومتر، ورفض لندن ذلك واصرارها في المقابل على ان البحارة كانوا على بعد نحو 3 كيلومترات داخل المياه العراقية عندما اعتقلوا يوم الجمعة الماضي، معلنة في اول اجراءات عقابية عن قطع كل العلاقات مع ايران حتى انتهاء الازمة· في وقت اعرب الرئيس الاميركي جورج بوش عن دعمه الكامل لموقف رئيس الوزراء البريطاني توني بلير لكن مع حرص البيت الابيض في الوقت نفسه على نفي السعي الى اي تصعيد مع ايران والتشديد على ان مناورات حاملتي الطائرات ''ايزنهاور'' و''ستينس'' الجارية في الخليج حاليا مقررة منذ فترة طويلة، وقالت المتحدثة دانا بيرينو ''لا تصعيد للتوتر من جانبنا''·
فقد اعلن مسؤول ايراني رفيع المستوى مساء امس ان التحقيقات التقنية انتهت الى ان البحارة البريطانيين الـ15 اعتقلوا داخل المياه الاقليمية الايرانية وان بعض الجنود اعترفوا بذلك واعربوا عن اسفهم· وقد عرض تلفزيون ''العالم'' لقطات لبعض المحتجزين وبينهم جندية تدعى فاي تورني (26 عاما) كانت السلطات رجحت اطلاق سراحها اليوم الخميس حيث قالت وهي ترتدي غطاء اسود للرأس انها لقيت معاملة حسنة وسمح لها بإرسال رسالة لأسرتها جاء فيها ''يبدو اننا دخلنا المياه الإيرانية وأتمنى لو لم نكن فعلنا ذلك وأنا آسفة اننا فعلنا ذلك لانني أعرف اننا لم نكن لنصل إلى هنا لو لم نفعل··الايرانيون كانوا وديين ومضيافين''·
وسارعت الحكومة البريطانية الى ادانة عرض ايران اللقطات التلفزيونية ووصفتها بانها غير مقبولة بتاتا، مبدية قلقها ازاء اي مؤشر لضغوط او محاولات اكراه قد يكون تعرض لها البحارة المحتجزون، ومتمسكة بموقفها بانهم احتجزوا داخل المياه الإقليمية العراقية ومطالبة بالافراج عنهم فورا وإعادة معداتهم·
وكانت الحكومة البريطانية اتخذت امس إجراءات عقابية مشددة ضد ايران معلنة تجميد كل العلاقات معها حتى إفراجها عن البحارة الـ15 المحتجزين لديها منذ الجمعة الماضي·
وأعلنت وزيرة الخارجية البريطانية مارجريت بيكيت أمس أمام البرلمان عن تجميد كل العلاقات مع ايران بسبب احتجازها البحارة الـ،15 وقالت ''لقد دخلنا مرحلة جديدة من النشاط الدبلوماسي ونحتاج لتركيز كل جهودنا الثنائية في الفترة المقبلة··سنجمد علاقات العمل الثنائية الرسمية مع ايران باستثناء الاتصالات بشأن احتجاز البحارة حتى حل الازمة وسنبقي على الجوانب الاخرى لسياستنا تحت المراجعة الدقيقة ونواصل العمل بحذر لكن يجب ألا يشك أحد في جدية تعاملنا مع هذه الاحداث''·
وقالت بيكيت إن إيران لم تقدم حتى الآن إيضاحا للمكان الذي اعتقل فيه البحارة أو الجهة التي قامت باعتقالهم كما لم تتقدم بأي مطالب مصرة فقط على وقوع انتهاك جسيم للحدود، لكنها استطردت بأن بلادها تلقت ضمانات من السلطات الايرانية بأن اعتقال البحارة لا علاقة له بملفات أخرى وأن جميع المعتقلين يلقون معاملة جيدة· في وقت قال المتحدث باسم الخارجية إن تجميد العلاقات سيشمل كل الاتصالات بين الحكومتين باستثناء تلك المتعلقة بالإفراج عن البحارة المحتجزين الى جانب وقف كل الزيارات الرسمية والتوقف عن إصدار تأشيرات دخول للمسؤولين الإيرانيين وايضا وقف دعم البعثات حول التبادل التجاري، واضاف ''نحن نضغط على كل المستويات الرسمية والوزارية وكل مكان وتلقينا الدعم الكامل والقوي من العديد من حلفائنا الذين اعربوا استعدادهم لمحاولة المساعدة''·
وكان رئيس الوزراء البريطاني توني بلير قال في وقت سابق إن الوقت حان لزيادة الضغوط الدولية والدبلوماسية على إيران بسبب احتجازها عناصر البحرية، معتبرا إن زيادة الضغوط ضرورية وتهدف إلى نقل رسالة إلى الايرانيين مفادها أن بلادهم تعيش في عزلة كاملة· ومشيرا الى أن بلاده قدمت دليلا دامغا على أن البحارة المحتجزين كانوا في المياه الإقليمية العراقية عندما ألقي القبض عليهم، وأضاف ''على إيران أن تدرك أن هذا الوضع سيسفر عن نتيجة واحدة فحسب وهي الإفراج عن هؤلاء الاشخاص الذين كانوا يقومون بعملهم وأن احتجازهم خطأ تام غير مبرر وغير مقبول وغير قانوني''·
وعبر وزير الداخلية البريطاني جون ريد بدوره عن أمله في حل سريع ومرض للأزمة مؤكدا أن الوضع صعب ودقيق وخطير جدا· فيما نشرت وزارة الدفاع خرائط تثبت ان عناصر البحرية الـ15 كانوا على مسافة حوالى 1,7 ميل بحري (3,15 كلم) داخل المياه الاقليمية العراقية عندما احتجزوا، وقال الأميرال تشارلز ستايل نائب قائد قوات الدفاع إن تقرير المهمة الذي أعده طاقم الطائرة الهليكوبتر والمحادثة مع قائد السفينة التجارية التي كان البحارة يقومون بتفتيشها اشارا إلى أن الفريق المحتجز هوجم لدى نزوله من السفينة في المياه العراقية·
وقال ستايل إن البحرية الايرانية نصبت كمينا للعناصر البريطانيين وإن اعتقالهم غير مبرر وغير جائز، وأضاف إن الحكومة الإيرانية حددت للسلطات البريطانية موقعين مختلفين لما تقول إنه مكان وقوع الحادث أولهما يوم السبت وثانيها يوم الاثنين، واضاف ''النقطة الأولى تقع داخل المياه العراقية وقد أوضحنا ذلك لهم الأحد فحددوا لنا عندئذ مجموعة ثانية من الاحداثيات التي تحدد موقع الحادث داخل المياه الإيرانية على بعد أكثر من ميليين بحريين من الموقع ومن الصعب فهم مبرر مشروع لهذا التغيير في الاحداثيات وفي كل الأحوال نحن نعارض بشكل صريح كلا الموقعين اللذين حددهما الإيرانيون والرسالة واضحة''· فيما نفت وزارة الدفاع شائعات في الاسواق بأن بريطانيا أرسلت جنودا لإنقاذ المحتجزين في ايران، وقال المتحدث باسم الوزارة ان هذه الشائعات غير صحيحة على الاطلاق
وفي المقابل، اعلنت السفارة الايرانية في لندن مجددا امس ان عناصر البحرية المحتجزين كانوا كانوا على مسافة نصف كلم داخل المياه الاقليمية الايرانية، وابدت ثقتها في امكانية التوصل الى تسوية لهذه المسألة عن طريق الاتصالات والتعاون الوثيق بين لندن وطهران، مشيرة الى أن التحقيقات مستمرة في الوقت الحاضر وأن جميع البحارة بخير وفي صحة جيدة· فيما أفاد الناطق باسم وزارة الخارجية محمد علي حسيني أن فاي تورني الجندية البريطانية المحتجزة ضمن عناصر البحرية سيفرج عنها في غضون يوم أو يومين وذلك في تأكيد لما كان وزير الخارجية منوشهر متقي اعلنه في وقت سابق عن اطلاق الجندية واستعادتها حريتها في موعد اقصاه اليوم الخميس· إلا أن دبلوماسيا بريطانيا قال إن السفارة لم تخطر رسميا بذلك من الإيرانيين· وأكد نائب رئيس البرلمان الايراني أن على بريطانيا ان تقدم اعتذارا في حال إثبات ان عناصر بحريتها دخلوا المياه الاقليمية الايرانية خطأ لكن اذا ما ثبت أنه متعمد فإن على الحكومة تفسير هدفها وتوضيح كيف تعتزم التعويض عن الأضرار·
الى ذلك، أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل دعم الاتحاد الأوروبي التام والمطلق لبريطانيا فيما يتعلق بأزمة احتجاز البحارة · فيما نفى البيت الابيض سعيه الى تصعيد مع ايران ومحاولة الربط بين ازمة البحارة والمناورات التي تشارك فيها حاملتا طائرات اميركيتان في الخليج، وقالت المتحدثة دانا بيرينو ''ندعم لبلير في جهوده للإفراج عن البحارة لكن لا علاقة لهذه المسألة بالمناورات الجارية حاليا والتي كانت مقررة منذ وقت طويل ولذلك ليس هناك اي تصعيد للتوتر من جانبنا إزاء ايران''·
وكانت البحرية الأميركية نفت امتلاكها أي معلومات عن شائعة رائجة بأن إيران أطلقت النار على احدى سفنها الحربية في الخليج، وقال مسؤول ''لا يوجد لدى البحرية ما يدعم هذا التقرير ولا أساس لهذا الأمر''· فيما قال المتحدث باسم الاسطول الخامس كيفن اندال ان التوترات بين ايران والغرب أدت للتعجيل بالمناورات، واضاف ''في ضوء ما يحدث تم التعجيل بالتخطيط ولكنه لم يكن العامل الوحيد··نجري تدريبات ستستمر لأيام هنا وإذا استخلصت إيران رسالة من ذلك فإن الأمر متروك لها وبصراحة الرسالة اقليمية وتؤكد أن وجودنا هو من أجل توفير الأمن والاستقرار''·
وقال قائد المجموعة القتالية لحاملة الطائرات ''يواس·اس دوايت دي ايزنهاور'' الكابتن دان كلويد ان التدريبات المزدوجة مع الحاملة ''ستينيس'' ستتواصل لأيام قليلة أو اكثر لكن ''ايزنهاور'' يمكن ان تبقى في الخليج لفترة اطول''، واضاف ''لا نتوقع وليس لدينا رغبة في أي احتكاك مع أي قوة بالمنطقة وانما سنجري مناورات مضادة للغواصات ومضادة للألغام·
وأبلغ رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أمس السفير البريطاني لدى بغداد بأنه سيبذل قصارى جهده للمساعدة في التوصل الى حل سلمي لأزمة البحارة لدى ايران وانه حريص على معرفة الموقع المحدد الذي وقع فيه الحادث·
من جهة اخرى، اعلن متحدث باسم الحكومة الايرانية ان بلاده بدأت العمل على تخفيض تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية اعتبارا من امس ردا على عقوبات مجلس الامن، وقال مساعد المتحدث باسم الحكومة محمد بارياب ''قرار خفض التعاون دخل حيز التنفيذ ومنظمة الطاقة ستبلغ ذلك الى الوكالة الدولية··سنعلق تنفيذ ترتيبات فرعية لمعاهدة منع انتشار الاسلحة النووية تلزمنا باطلاع الوكالة على أي قرار ببناء منشاة نووية جديدة قبل 6 اشهر او تركيب أجهزة طرد مركزية جديدة لتخصيب اليورانيوم أو السماح بأي عمليات تفتيش مفاجئة للمواقع النووية·
عدد اليوم
