الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحياة في "دائرة" الأقساط "المفرغة"

الحياة في "دائرة" الأقساط "المفرغة"
16 نوفمبر 2011 16:36
يمنح نظام "التقسيط" الكثير من الأسر فرصة لرفع مستواها الاجتماعي وتحقيق الكثير من أحلامها سريعاً.. فما لا يقوى البعض على شرائه دفعة واحدة يمنحه التقسيط فرصة لاقتنائه، على أن يكون الفارق هو طريقة الدفع، لكن السؤال ما هي انعكاسات هذا الأسلوب اجتماعياً واقتصادياً في آن واحد على حياة الكثيرين. يشير كمال أسعد، 33 عاماً، إلى أن نظام التقسيط قد ساهم في حل الكثير من مشاكل الشباب المادية، خاصة المقبلون على الزواج، ولولا هذا النظام المتبع في كل تفاصيل الحياة لما استطاع أن يتزوج منذ عامين. ويؤكد، أسعد الذي يعمل موظفاً بإحدى شركات الوساطة المالية، أنه لجأ إلى نظام الأقساط من أجل شراء سيارة، إلى جانب تقسيط بيت الزوجية. ويقول أسعد إن الأقساط تبتلع شهرياً أكثر من 60% من راتبه، إلا أنها كانت حلاً سحرياً للزواج. ورغم أنها عبء كبير لن ينتهى قبل 5 سنوات، وهو موعد أخر أقساط السيارة، إلا أنها الحل الوحيد المتاح أمامه وغيره من الشباب لبناء مستقبلهم. أما نورين خليل، 29 عاماً، فتشكو من نظام التقسيط الذي يبتلع راتب زوجها بالكامل في حين يذهب راتبها للمساهمة في مصروفات المنزل الشهرية من مأكل وملبس ومشرب. وتشير نورين إلى أن نظام التقسيط رغم أنه حل الكثير من مشكلاتها المادية، إلا أنه قد أصبح بمثابة الإدمان في حياتها على حد قولها، حيث تقوم بمجرد الانتهاء من دفع أقساط معينة إلى شراء احتياجات جديدة لها ولمنزلها بالتقسيط، مما يعنى أنها تدور في دائرة مفرغة لا تنتهي منها أبداً. وتتفق معها رجاء فاضل، 55 سنة، في أن الديون جنة في باطنها العذاب، فبسبب ظروفها المادية لجأت رجاء إلى نظام الأقساط لتجهيز بناتها الثلاث وتزويجهن، وظلت غارقة في تسديد الأقساط لمدة 7 سنوات. وتعتبر رجاء أن الأقساط ماهي إلا ديون يجب تسديدها في موعدها، لكنها حل مؤقت للهروب من الظروف الاقتصادية للكثير من الأسر، إلى جانب ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل مبالغ فيه. وتقول رجاء إنها تعرف الكثير من الأصدقاء ميسوري الحال لكنهم يلجؤون أيضاً إلى نظام التقسيط والقروض لتغيير السيارة كل عامين أو شراء مجوهرات أو الانتقال إلى فيلا جديدة للسكن. وترى مروة حداد، 29 عاماً، أن نظام التقسيط قد ساهم في حل الكثير من المشكلات وتزويج الكثير من الشباب، معتبرة أنه حل سحري، لكنها ترفض أن يزيد عن حده، معتبرة أن أكثر ذهاب ربع الراتب لتسديد الأقساط يعد ضرباً من الجنون ويجعل المقترض لا يقوى على الاستمتاع بما اشتراه بنظام التقسيط الذي يعتبر هماً شهرياً لديها وزوجها لتسديد أقساط شراء منزل جديد بعد زواج 5 أعوام. وتعتبر د. بهيجة إسماعيل، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر، أن نظام التقسيط أحد الطرق التي تم ابتكارها لمواجهة ارتفاع السقف الاستهلاكي للكثيرين، وكأحد السبل لمواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة في نفس الوقت. وتضيف أن هذا النظام تطور خلال السنوات الأخيرة بشكل مذهل حتى صرنا نسمع عن تقسيط كل تفاصيل الحياة كالمنازل والسيارات والأجهزة الكهربائية، والسفر والسياحة، ومؤخراً ظهر نظام لتقسيط تكاليف الزواج في السعودية كوسيلة لمواجهة مشكلة "تأخر الزواج" وارتفاع تكاليفه. وتؤكد د. إسماعيل أن تفاقم مسألة التقسيط التي تجتاح معظم دول العالم الآن على اختلاف مستوياتها الاجتماعية والاقتصادية قد ساهم في حل الكثير من المشكلات المادية الخاصة بالشباب في مقتبل العمر ومنحهم فرصة أكبر لتطوير مستواهم الاجتماعي، لكنه في الوقت نفسه ساهم في قفز السقف الاستهلاكي للكثيرين، حتى أن هناك الكثير من الأسر تحيا حياة من الممكن أن نطلق عليها مجازاً "الحياة بالتقسيط". وهذا يهدد كيان الكثير منها، حيث ربما تفرض في الاقتراض والتقسيط دون أن تقوى على السداد وهى غالباً الأسر التي تطلع إلى العيش في مستوى أعلى من سقف إمكانياتها بكثير. وتلفت د. إسماعيل النظر إلى أهمية إدراك الإمكانيات المتاحة والمنتظرة في حياة كل أسرة حتى لا تسرف في التعاطي مع نظام التقسيط وتعجز عن السداد، وهو ما يعني التعامل مع الجوانب الإيجابية لهذه النظام، كما ينبغي على كل أسرة التعامل مع هذا النظام بشيء من التريث، حيث إن هناك كثيرون يقعون فريسة للنصب والاحتيال حيث إن هناك سلع كثيرة يعلن عنها في التلفزيون وعلى الأنترنت تحت شعار الدفع بالتقسيط ويفاجأ بعد ذلك المستهلك بعدم جودتها مقارنة بسعرها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©