الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الفجوة بين الأغنياء والفقراء تقف حائلاً دون تحقيق النمو في أميركا

4 نوفمبر 2012
بلغت الفجوة بين الدخول في أميركا أعلى مستوياتها منذ فترة “الكساد الكبير”، حيث فشل الركود الأخير في فعل شيء يذكر للقضاء على هذه الظاهرة، في وقت هيمنت فيه نسبة لا تزيد عن 1% على 93% من عائدات الدخل في أول سنة من التعافي. وأثارت الفجوة المتزايدة بين الأغنياء والفقراء والاهتمام السياسي بزيادتها لمحنة الطبقة الوسطى، الشعور المناوئ لـ “وول ستريت” وروح المنافسة في حملة الانتخابات الرئاسية. وتؤكد مجموعة من البحوث الاقتصادية، أن هذه الفجوة ربما تقود إلى المزيد من التراجع في مستويات النمو الاقتصادي ولشح توفير الوظائف، في الوقت الحالي وخلال السنوات القليلة المقبلة. ويقول جوناثان أوستري، من صندوق النقد الدولي “أصبح النمو أكثر ضعفاً في بلدان تعاني من مستويات عالية من عدم تساوي الدخول مثل ما هو الحال في أميركا. ويؤكد البحث الذي أجراه، أن الفجوة المتزايدة منذ ثمانينيات القرن الماضي، ربما تقود إلى خفض نمو البلاد الاقتصادي بنحو ما يصل إلى الثلث. وخلص تقرير نشره الصندوق في العام الماضي، إلى أن تقليل هذه الفجوة وإنعاش النمو على المدى البعيد، ربما يكونا وجهين لعملة واحدة. ودأبت الأسر الغنية في أميركا منذ ثمانينيات القرن الماضي، على الزيادة المستمرة في حصتها من الدخل الكلي، حيث تكسب هذه الشريحة التي تقدر بنحو 1% فقط سدس الدخل، بينما تتحصل الأسر الأكثر غنى والتي تشكل 10% نصف الدخل. وحذرت “منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية” في العام الحالي، من العواقب السلبية الناتجة عن المستويات الكبيرة من الاختلاف في الأجور في أميركا، حيث اقترحت سلسلة من التغييرات الصارمة على صعيد برامج الضرائب والإنفاق، بغية التصدي لهذه الفروق. ويرى الاقتصاديون أن تركيز الدخل في أيدي قلة من الأغنياء لا يفضي بالضرورة إلى مجتمع غير متساو فحسب، حيث من الممكن أن يتحول ذلك إلى نمو اقتصادي أقل استقرارا ونشاطا. كما يرتبط عدم تساوي الدخل في الدول الغنية والفقيرة بشدة بقصر فترات النمو الاقتصادي، ومن ثم ومع مرور الوقت بقلة النمو. ويبدو أن آثار ذلك على النمو، تفوق آثار العوامل الأخرى بما فيها الاستثمارات الخارجية والانفتاح التجاري ومنافسة سعر الصرف وقوة المؤسسات السياسية. وتبدو القنوات التي تعمل من خلالها فجوة الدخل للحد من النمو واضحة في الدول النامية، التي ربما تعزز عدم الاستقرار السياسي وتقود إلى العنف والدمار الاقتصادي، الشيء الذي ينطبق على بعض الدول التي شهدت اضطرابات سياسية في منطقة الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة. وتخضع مثل هذه القنوات في الوقت الحالي لدراسة مستفيضة في أميركا، حيث يحاول الاقتصاديون بحث الكيفية التي مكنت هذه الفجوة بين الأغنياء والفقراء من زيادة الركود. وبدأت مجموعة من الاقتصاديين والباحثين في سرد تفسيرات مقنعة لهذه الظاهرة. ولاحظت الطبقة الوسطى والدنيا في سبعينيات القرن الماضي انحسار دخولهم، مما اضطرهم للاقتراض لتحسين مستوى معيشتهم ولشراء منازل تفوق مقدرتهم المالية لاستغلالها عند الضرورة كوسيلة للتوفير. وتراهن هذه الأسر على ارتفاع أسعار المنازل مما يمكنها من الحصول على الأرباح، لكن تعرضت الفقاعة العقارية للانهيار لينعكس ذلك سلباً على بقية قطاعات الاقتصاد أيضاً. وشدد الباحث راجورام راجان، من جامعة شيكاجو على أهمية تحرير الأسعار. وذكر أن البنوك أفرطت في تقديم القروض المحفوفة بالمخاطر نتيجة للقيود التنظيمية غير الصارمة، لتجد اقتصادات الدول المتقدمة صعوبة في النمو منذ بداية سبعينات القرن الماضي. وبذلك ربما تساعد ظاهرة عدم المساواة في الدخول، على تفسير الركود والتعافي المتثاقل الذي أعقبه. لكن يواجه الاقتصاديون والخبراء في الوقت الحالي، سؤالاً مخيفاً حول ما يمكن أن تعنيه هذه الفجوة في أميركا خلال السنوات القليلة المقبلة. ويبدو أن الركود ساعد على تعزيز الدخول وفجوة الثروة في البلاد وليس العكس، حيث زاد نصيب شريحة الـ 10% من الدخل الكلي عن ما كان عليه منذ ثلاثينيات القرن الماضي. ومع أن فئة الـ 1% تأثرت إبان فترة الركود، إلا أنها تعافت بسرعة. وفي المقابل، استمر متوسط دخل الأسر العاملة في التراجع على مدى فترة التعافي البطيء. كما أصبح توزيع الثروة أكثر تركيزاً من ذي قبل. وكلما قلَّ دخل الأسرة، كلما اتجهت للاحتفاظ بثروتها في شراء المنازل التي تقلصت أسعارها والتي ليس من المنتظر أن تتعافى في غضون سنوات أو حتى عقود. كما ارتفعت في نفس الوقت أسعار السندات والأسهم، مما صب في مصلحة الأسر ذات الدخول المرتفعة التي تميل للاحتفاظ بالاستثمارات. ويعود الفضل في تحقيق 75% من إجمالي النمو في ثروات الأسر في الفترة بين 1983 إلى 2010، إلى 5% من الأسر الغنية، في نفس الوقت الذي زاد فيه معدل فقر الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط. نقلاً عن: إنترناشونال هيرالد تريبيون ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©