الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

القمة العربية.. وركب العراق الحضاري

29 مارس 2007 02:44
خالد عمر بن ققه: الحديث الدائر الآن بين السياسيين العرب قبل انعقاد القمة العربية، وقد يستمر أثناءها وبعدها، يوحي بحل بات وشيكا للقضية الفلسطينية، ولا أدري كيف ستقبل حماس بما ستؤول إليه الأمور، إذا سلمنا باعترافها المنتظر بإسرائيل وبالتالي وقف المقاومة؟، بحيث يمكن للسياسة في ظل الدولة المنتظرة أن تقضي على المبادئ، ومشكلة الفلسطينيين الأساسية معروفة، هي السعي إلى وهم الدولة على حساب حقيقة الثورة، والعرب مجتمعون في قمة الرياض ليعيدوا التأكيد على مبادرة طرحوها منذ خمس سنوات لم تستجب لها إسرائيل ولم يتفاعل معها المجتمع الدولي وتجاوزها الوقت، لأن أحداث العالم كلها تغيّرت، بما في ذلك أحداث العالم العربي، بدليل احتلال دولة فاعلة هي العراق، واشتعال حرب جديدة بين لبنان وإسرائيل لم يشارك فيها كل العرب واكتفوا بالمشاهدة، بل هناك من هاجمها· بعد هذا كله نعود اليوم إلى نفس المبادرة، ويطالب بعضنا بتعديلها لتكون قابلة للحياة، وبمعنى آخر لتقبل بها أميركا وإسرائيل، ورغم أن أحد المسؤولين في الجامعة العربية أكد لي أنه لن يكون هنالك تنازل عن الثوابت الفلسطينية بما في ذلك عودة اللاجئين، وهو ما تم التأكيد عليه في مسودة مشروع قرارات قمة الرياض في البند السابع عشر حيث جاء فيه ما يلي ''التأكيد على حق الفلسطينيين في العودة وفقا لقرارات الشرعية الدولية، وخاصة قرار الجمعية العامة رقم 194 لعام ،1984 ووفقا لمبادرة السلام العربية ورفض كل محاولات التوطين بأشكاله كافة، والذي يتنافى والوضع الخاص في البلدان العربية المضيفة·· الأمر الذي يبدو محيرا قياسا على تجارب سابقة في اتخاذ مواقف واضحة من مجمل القضايا العربية· التفاؤل الحذر على العموم، المشهد يوحي بنوع من التفاؤل الحذر من قمة الرياض، منبع التفاؤل يعود إلى توقع إجماع عربي -رغم غياب ليبيا، وقد يكون ذلك مريحا لبعض الدول العربية- حول مبادرة السلام العربية، التي كما ذكرت سابقا تمّت الموافقة عليها منذ خمس سنوات، وليس واضحا بعد المقصود من إعادة التأكيد عليها من جديد، على الأقل ظاهريا، أما بالنسبة للحذر فإن القمة العربية الراهنة تهدف إلى تجنيب المنطقة المزيد من المخاطر من قوة ستكون الوريث الفعلي لأميركا، ومن هذا المنطق ستعمل القمة على التعجيل بحل الأزمة اللبنانية بما يخدم مصالح الدول العربية الفاعلة، لكن مسألة الحذر لا تقف عند هذا الحد بل تتعداه إلى المسألة العراقية، حيث يتوقع أن تتبنى القمة مشروع قرار حول العراق يحتوي على عشرة بنود، أشارت الصحف العراقية إلى أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قد رفض بعضها، خاصة تلك المتعلقة بالحكومة لجهة مطالبتها بتغيير سياستها، بما تراه القمة العربية يخدم الصالح العراقي العام· ومن المتوقع أن تقابل بعض بنود مشروع القرار الخاص بالعراق بالرفض من جميع الأطراف العراقية، من ذلك ما جاء في إحدى فقرات البند الأول، ونصها ''التأكيد على أن تكون الحكومة العراقية حكومة وحدة وطنية حقيقية، واحترام إرادة الشعب بكافة مكوناته في تقرير مستقبله السياسي، وأن حل الأزمة العراقية يقع في المقام الأول على الحكومة العراقية والقيادات السياسية العراقية'' وبالتأكيد أن هذا لن تقبل به الحكومة العراقية لعدة أسباب، أولها: أنها حكومة شرعية منتخبة، وثانيها أن الفقرة السابقة تقدم رأي الأقلية على رأي الأكثرية، وثالثها: غياب ما يثبت للمسؤولين العراقيين قبولهم في الفضاء العربي·· فما هي الدولة العربية التي دعت رئيس الحكومة العراقية لزيارتها؟ وما هي الدولة التي بعثت بكبار مسؤوليها لزيارة العراق؟ مسائل أخرى طرحها مشروع القرار منها: حل المليشيات ومراجعة الدستور ومراجعة قانون اجتثاث البعث والتوزيع العادل للثروة، وكل هذه المراجعات والمطالب ستؤدي -إن حدثت- إلى تغيير الخريطة السياسية، بل تقضي على الحكومة الراهنة، وهنا يأتي السؤال: هل يتم التحضير لتغيير الحكومة في العراق في أجل قريب بدعم من الولايات المتحدة الأميركية، خصوصا بعد الحديث عن حلول قوات عربية بدل قوات التحالف بعد انسحابها في الشهور القادمة، طبقا لوعود لم يتم الإفصاح عنها؟ الذاكرة الخصبة وبالمقابل نلاحظ تأييد الحكومة الراهنة على حساب الجماعات الرافضة للوضع الراهن كما هو في البند الخامس من مشروع القرار، حيث نص على ما يلي: ''الإدانة الشديدة للعمليات الإرهابية التي تستهدف الشعب العراقي ومؤسساته واعتبارها تهديدا للسلام والأمن والترحيب بالخطوات الجادة التي تتخذها الحكومة العراقية في تنفيذ الخطة الأمنية لفرض القانون ومطاردة بؤر العنف والإرهاب ومصدر التهديد لأمن المواطنين والقبض على المسلحين القتلة من المنظمات الإرهابية وبقايا النظام السابق وفرق الموت ومن الميلشيات وعصابات الجريمة المنظمة، ودعم إجراءات الحكومة في سحب السلاح غير الشرعي وتوفير الخدمات وإعادة المهجرين إلى مناطقهم ومساكنهم وتحقيق برنامج المصالحة الوطنية''· لاشك أن مثل هذا التأييد قد يزيد من مساحة الرفض لدى الجماعات لأي تدخل عربي مهما كان نوعه، وهكذا نجد أنفسنا أمام رفض متوقع من الحكومة ومن الجماعات أيضا، وبذلك تشكل بنود مشروع القرار فضاء واسعا للرفض مما سيزيد من سوء الوضع، وهذا يعني ضرورة الربط بين القضية الفلسطينية والعراقية، ولا يمكن طي هذا الملف -إذا تمكن العرب من ذلك- دون النظر إلى تبعاته، حتى أنها غدت أكبر من الملف الأساسي، لهذا فإن تأخير الملف العراقي أو عدم الاهتمام به واعتباره أولوية سيجعلنا بعيدين عن حل الأزمات العربية الكبرى· من ناحية أخرى فإن العرب قضوا وقتا طويلا، خلال حصار العراق في الحديث عن المسألة العراقية-الكويتية، وانتهت باحتلال العراق وحل حزب البعث، والآن عليهم الحديث عن الحالة العراقية-العربية لجهة الخروج من ازدواجية الخطاب، لأنه لا مفر من وجود تلك العلاقة، حتى لو رأى الطرفان أنها ليست من دواعي الأمن العربي، غير أن هذا يجب أن يظل بعيدا عن تحويل العراق إلى منطقة صراع بين العرب والآخرين، فذلك مرشح لزيادة الضغائن وللعراقيين ذاكرة خصبة في هذا المجال، فالقرون لم تنسيهم ما حصل لبلادهم، فكيف تنسيهم سنوات قليلة؟ إن العمل من أجل العراق في الوقت الراهن سواء تبّنت القمة العربية لذلك أم استجابت لما يعرف بالأولويات، فهو عمل من أجل العرب جميعا، خاصة القضية الفلسطينية، فقد كان أهل تلك الأرض الطيبة سباقين لحماية أمتهم، وقبور آبائهم هناك في فلسطين حين هبوا لنجدة الفلسطينيين، طوتها الأرض ولم يطوها النسيان·· فكيف نحفر أو نساعد في حفر مزيد من القبور للعراقيين وهم أحياء؟ إنهم عائدون لصناعة التاريخ ، فطوبى لمن لحق بركبهم الحضاري·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©