الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بناء الأمة··· مؤجل في الصومال

بناء الأمة··· مؤجل في الصومال
6 مارس 2008 00:48
لطالما انشغلت الولايات المتحدة الأميركية بالمواجهة غير المباشرة مع مقاتلي الجماعات الأصولية المتطرفة في الصومال، التي تعمها الفوضى والدمار ومسلسلات العنف الدموي، منذ وقت ليس بالقريب· وتهدف الجهود التي تبذلها واشنطن هناك إلى تحقيق هدفين رئيسيين، أولهما: منع الجماعات المتطرفة من تعميق جذورها داخل المجتمع الصومالي، وثانيهما: مكافحة بعض الشخصيات الإرهابية سيئة الصيت، التي يعتقد أنها المسؤولة عن شن سلسلة من الهجمات على امتداد شمالي وشرقي أفريقيا، ويعد الهجوم الصاروخي الذي شنته الولايات المتحدة على ضاحية ''دوبلي'' الواقعة جنوبي الصومال -الثالث من مارس الجاري- جزءاً من تلك الجهود، وأياً كانت النتيجة التي أسفر عنها ذلك الهجوم، إلا أن ''البنتاجون'' التزمت الصمت ولم يصدر عنها أي تصريح بشأنها، غير أن بعض المسؤولين الاستخباراتيين الأميركيين أكدوا خلال الأسابيع الأخيرة الماضية، رضاهم عن تقدم الأداء في الجهود المبذولة ضد الإرهاب في المنطقة إجمالاً، والسؤال الذي نثيره هنا: ولكن هل يمكن لهذا التقدم أن يتحقق، حتى وإن كان على حساب الصومال نفسها؟ فمن رأي بعض المحللين أن من شأن استهداف الأفراد المقاتلين في تلك الجماعات، أن يثير غضب رجل الشارع الصومالي العادي، ويسبب نوعاً من ردود الأفعال الغاضبة على الولايات المتحدة، بل يرى البعض أيضاً أنه ربما كانت أميركا تتبع سياسات في مكافحة الإرهاب، بدل الجهود المرجوة منها لبناء الأمة الصومالية، وعلى حد قول ''كارين فون هيبل'' -المديرة المشاركة بمشروع إعادة البناء في مرحلة ما بعد النزاعات بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن- فإن الخوف ألا تكون بلادنا تقدّم للصوماليين الحـــد الأدنى من الدعـــم الذي يحتاجونه لبناء حكومة فاعلة في بلادهم· يذكر أن ثلاثة من صواريخ ''كروز'' -على أقل تقدير- قد أطلقت من غواصة أميركية على أهداف إرهابية في ضاحية ''دوبلي'' في الثالث من الشهر الحالي، ووفقاً للتقارير المحلية الصادرة عن الهجوم، فقد كان الهدف هو ''صالح علي صالح النبهان'' -مواطن كيني يعتقد أن له دوراً رئيسياً في تفجير السفارتين الأميركيتين في كل من كينيا وتنزانيا عام 1998- وذكر سكان الضاحية ومصادر الشرطة المحلية فيها، أن ثمانية أشخاص على أقل تقدير قد أصيبوا في الحادث، إضافة إلى تدمير بيت كامل من بيوت الضاحية، وكانت جماعة راديكالية إسلامية قد أحكمت قبضتها على الجزء الجنوبي من الصومال طوال عام ،2006 قد تمكنت من استعادة سيطرتها على ''دوبلي'' في الأسبوع الماضي، لكن وفي الرابع من مارس، في اليوم التالي للهجوم المذكور مباشرة، خرج مئات المواطنين إلى الشوارع في تظاهرات تندد بالولايات المتحدة الأميركية، وفقاً للمصادر المحلية نفسها· يذكر أن مجلس المحاكم الإسلامية وهو الحركة الراديكالية المقصودة، كان قد تمكن من بسط نفوذه على العاصمة ''مقديشو'' نفسها حينئذ، لكن وفي وقت مبكر من عام ،2007 نجحت قوات الحكومة المؤقتة المدعومة من قبل الأمم المتحدة، وقوات الجيش الإثيوبي في طرد مجلس المحاكم الإسلامية من مقديشو، وبالطبع فإنه يصعب جداً الآن وصف المجموعة الحاكمة في مقديشو حالياً بـ''الحكومة'' -إلا من باب المغالاة- فالصحيح أن الصومال ظلت دولة اسمية فحسب، منذ بدايات عقد التسعينيات· وليست سوى مجموعة حاكمة قادرة على بسط نفوذها وسيطرتها على الحدود، كما أنه لا يوجد مسؤول عن مهام خفر السواحل، مع العلم أن المسافة البحرية الفاصلة بين خليج عدن اليمني وسواحل شبه الجزيرة العربية، لا تستغرق سوى بضع ساعات من الإبحار فحسب· ولكل ذلك، فقد وضعت الولايات المتحدة الأميركية عينها على الصومال منذ وقت مبكر، باعتبارها ملاذاً محتملاً لجماعات تنظيم القاعدة، على حد دراسة صادرة عن مجموعة الأزمات الدولية حول جهود مكافحة الإرهاب الجارية في المنطقة، ففي وقت مبكر جداً، ربما يعود إلى العام ،1998 وهو العام الذي قصفت فيه إدارة الرئيس الأسبق ''كلينتون'' معسكرات تدريب إرهابية في أفغانستان، كان هناك من يثير مخاوف من أن يتجه ''أسامة بن لادن'' إلى الصومال باعتبارها محطة تالية له، وفقاً للدراسة المشار إليها، غير أن الذي حدث أن قيادات التنظيم لجأت إلى المناطق الحدودية المشتركة بين باكستان وأفغانستان، بدلاً من الصومال· ولكن لا تقلل هذه المعلومة بأية حال من حقيقة استمرار انطلاق عمليات تابعة لثلاث جماعات إرهابية من الأراضي الصومالية، وأن لهذه الجماعات سجلاً دموياً داخل الصومال وخارجها، ولعل أسوأ ما بينها، تلك المجموعة الموالية لتنظيم القاعـــدة، التي يقودها ''صالح علي صالح'' وغيره مــن المقاتلين المتطرفين، مــع العلم أن الجماعات الثلاث موالية للتنظيم· من جانبه قال ''مايك ماكونيل'' -مدير المخابرات القومية- خلال إفادة له قدمها أمام لجنة الخدمات العسكرية التابعة لمجلس الشيوخ في السابع والعشرين من شهر فبراير المنصرم، إن تنظيم القاعدة قد شرع فعلياً في توطيد أقدامه في الصومال ومنطقة شرقي أفريقيا، قبل نحو عام أو عام ونصف، لكن ومنذ عبور القوات الإثيوبية إلى داخل الحدود الصومالية، اختلفت الأمور كثيراً في الصومال، واستطرد ''ماكونيل'' في إفاداته هذه إلى القول: ''ففي الغالب تمكنا من خفض نفوذ التنظيم أو إرغام عناصره على الهرب، مع متابعة ملاحقتنا لهذه العناصر''، غير أن مخاوف ''كارين فون هيبل'' وغيرها، أن تنصرف واشنطن من مهمة بناء الأمة الصومالية، مع ما تبدي من انشغال واضح بملاحقة الأفراد وتغليب هواجسها الأمنية على غيرها· بيتر جراير محرر الشؤون الخارجية ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©