الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أوروبا على أبواب شتاء اقتصادي قاسٍ بسبب أزمة الديون

أوروبا على أبواب شتاء اقتصادي قاسٍ بسبب أزمة الديون
16 نوفمبر 2011 23:34
إذا لم تكن تنبؤات خبراء الأحوال الجوية قد كشفت بدقة حتى الآن ملامح الطقس خلال فصل الشتاء الجديد في أوروبا فإن تنبؤات خبراء الاقتصاد تؤكد أنه سيكون شتاء اقتصادياً قاسياً لأغلب دول القارة، بسبب تداعيات أزمة ديون “منطقة اليورو”، والتي تضم 17 دولة من دول الاتحاد الأوروبي. فالخبراء يرون أن أوروبا تقف الآن على أعتاب جولة جديدة من الركود الاقتصادي نتيجة أزمة الديون السيادية، وأن فصل الشتاء الذي يشهد عادة تراجعا في أداء الاقتصاد لأسباب مناخية يزيد من هذا الاحتمال. فقد سجلت “منطقة اليورو” نمواً اقتصادياً بمعدل 0,2% خلال الربع الثالث من العام الحالي، وهو ما دفع الخبراء إلى التحذير من أن أزمة الديون سوف تدفع منطقة العملة الأوروبية الموحدة إلى التباطؤ الاقتصادي خلال الشهور المقبلة، مع تلاشي موجة التعافي من أزمة الركود التي ضربت اقتصادات المنطقة عام 2009. ويقول “مارتن فان فايت”، المحلل الاقتصادي في “آي.إن.جي بنك”، إن الزيادة المسجلة في إجمالي الناتج المحلي لـ”منطقة اليورو” خلال الربع الثالث من العام الحالي ربما تكون آخر نمو قبل الدخول إلى جولة جديدة من الانكماش، مضيفاً “في الواقع يبدو من الصعب تفادي انكماشاً جديداً للاقتصاد خلال الربع الأخير من العام”. وتتزايد احتمالات الانكماش الاقتصادي في “منطقة اليورو” نتيجة التحركات المحمومة الرامية إلى مواجهة أزمة الديون في المنطقة، حيث تتجه أغلب الحكومات إلى خفض الإنفاق العام، وفرض المزيد من الضرائب، وهي الإجراءات التي تؤدي إلى انكماش النشاط الاقتصادي بصورة عامة. ولذلك فإن المخاوف زادت من تداعيات جولة التقشف الاقتصادي الجديدة التي تعدها أغلب دول المنطقة على احتمالات النمو الاقتصادي فيها. ويقول هولجر شمايدنج، كبير المحللين الاقتصاديين في “بيرنبيرج بنك” في تقرير أصدره مركز أبحاث “مجلس لشبونة”، ومقره بروكسل، عن اقتصادات “منطقة اليورو”، إن النقاش يجب أن يبتعد عن التقشف ليتركز على كيفية إيجاد إصلاحات اقتصادية تضمن تحقيق النمو على المدى الطويل. في الوقت نفسه فإن أحدث البيانات الاقتصادية الصادرة عن وكالة الإحصاء الأوروبية “يوروستات” ساهمت في تأجيج مشاعر القلق والخوف بشأن مستقبل اقتصادات المنطقة، وهو ما ظهر في صورة حالة من الاضطراب والفوضى في أسواق المال، ليتراجع اليورو أمام العملات الرئيسية وتنخفض أسعار الأسهم. ومن المفارقات غير الصحية أن تؤدي هذه البيانات الاقتصادية إلى تزايد الضغوط على سندات خزانة الدول المتعثرة مالياً مثل إيطاليا وإسبانيا في السوق المالية ليصل سعر الفائدة على السندات الإيطالية إلى مستويات قياسية ربما تدفع روما إلى أن تحذو حذو اليونان والبرتغال وأيرلندا وتطلب قروضاً من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي. وكان سعر الفائدة على سندات الخزانة الإيطالية لمدة 10 سنوات قد وصل إلى 7%، وهو المستوى الذي توقفت عنده اليونان وأيرلندا والبرتغال عن الاقتراض من أسواق المال، وطلبت المساعدة من صندوق النقد والاتحاد الأوروبي. وفي إشارة إلى احتمال ظهور جبهة جديدة لمحاربة الأزمة المالية في “منطقة اليورو”، قفز سعر الفائدة على السندات البلجيكية إلى حوالي 5%، وهو ما يمثل إشارة إلى تشكك الأسواق في قوة الموقف المالي للحكومة البلجيكية والاقتصاد البلجيكي بشكل عام. ويعتقد كثير من المحللين الاقتصاديين أن أزمة الديون في “منطقة اليورو” سوف تجبر البنك المركزي الأوروبي على الاحتفاظ بسعر الفائدة المنخفض وربما تخفيضه بصورة أكبر. ويتوقع الخبراء أن يكرر البنك المركزي خطوته المفاجئة عندما خفض سعر الفائدة مطلع الشهر الحالي بمقدار ربع نقطة مئوية، فيكرر التخفيض مرة أخرى خلال اجتماع مجلس محافظيه الشهر المقبل. وعلى الرغم من ذلك فقد كان هناك ضوء في نهاية النفق عندما أعلنت فرنسا وألمانيا بيانات النمو الاقتصادي للربع الثالث من العام الحالي، حيث سجل اقتصادا البلدين نمواً ملموساً. فقد ذكر مكتب الإحصاء الاتحادي في ألمانيا أن وتيرة نمو اقتصاد البلاد خلال الربع الثالث من العام الجاري قد زادت ليرتفع بمعدل 0,5%، مدفوعاً بقوة الإنفاق الاستهلاكي والإنفاق الاستثماري للشركات. وعلى الرغم من ذلك، يساعد الأداء الاقتصادي القوي لألمانيا حتى الآن في تعزيز النمو بـ”منطقة اليورو” (17 دولة)، ويخفف من الاضطرابات إذ يكافح تكتل العملة الموحدة من أجل احتواء الأزمة المالية للمنطقة المستمرة منذ أكثر من عامين. وجاءت أحدث بيانات الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا عقب نشر بيانات النمو في فرنسا، والتي أظهرت أن وتيرة ثاني اقتصادات “منطقة اليورو” قد تسارعت أيضاً خلال الربع الثالث ليحقق معدل نمو 0,4% بعد أن شهد ركوداً في الأشهر الثلاثة المنتهية في يونيو. وقد انتهز وزير مالية فرنسا فرانسوا باريو فرصة إعلان بيانات النمو لكي يقول إنها توضح قدرة النشاط الاقتصادي في فرنسا على مقاومة حالة الغموض التي تحيط بالاقتصاد الدولي. وكما هي الحال في ألمانيا، فإن نمو الاقتصاد الفرنسي اعتمد بشكل أساسي على الإنفاق الاستهلاكي المحلي. وبلغ معدل نمو الاقتصاد الفرنسي خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي 1,7%. وإذا لم يسجل الاقتصاد انكماشاً خلال الربع الأخير من العام فإنه سوف يحقق معدل النمو المستهدف للعام ككل، وهو 1,75% من إجمالي الناتج المحلي. وعلى أساس سنوي، نما الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا بمعدل 2,5% في الربع الثالث، أي أقل من معدل النمو البالغ 3% في قراءة معدلة بالارتفاع في الربع الثاني، على أساس سنوي.
المصدر: برلين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©