الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جنوب السودان... وعنوان المرحلة المقبلة

جنوب السودان... وعنوان المرحلة المقبلة
29 يناير 2011 21:45
تشير النتائج الأولية لاستفتاء تقرير مصير جنوب السودان الذي أجري الشهر الجاري إلى أن الإقليم سيتحول قريباً إلى أحدث دولة في العالم بالنظر إلى التصويت الكثيف لصالح الانفصال ورغبة الأهالي في قيام دولتهم الخاصة، ومع أن مظاهر الاحتفال والابتهاج ما زالت بادية على وجوه أهالي جنوب السودان، والفرحة متواصلة بين السكان تعبيراً عن حلم قديم يقولون إنه ظل يراودهم لعقود طويلة، إلا أنه في الوقت نفسه لا يمكن إخفاء التحديات الجسيمة التي تنتظر البلد الجديد لبناء مؤسساته والنهوض بالأعباء الثقيلة الملقاة على كاهل حكومته المحلية التي أدارت شؤون المنطقة لما يقارب ست سنوات قبل إعلان الدولة المنفصلة المرتقبة. وهذه التحديات هي ما رصده رئيس ملاوي، "بنجو وا موتاريك" الذي يرأس حاليّاً الاتحاد الأفريقي خلال زيارة حملته يوم الأربعاء الماضي إلى جوبا، حيث فضل التركيز على الحديث عن المستقبل المشرق الذي ينتظر جنوب السودان وإعلان دعم الاتحاد الأفريقي والعالم لجهود بناء الدولة قائلاً: "إن المستقبل مشرق، فجنوب السودان ليس بلداً فقيراً. إنكم تملكون الموارد وعليكم أن تثقوا في أنفسكم وبأنكم تعيشون في دولة غنية، وبقليل من الإرادة يمكن تغيير الأوضاع، ولاسيما أن لديكم أصدقاء كثراً في الاتحاد الأفريقي وفي العالم بأسره مستعدين لمساعدتكم للسير قدماً". والحقيقة أن جوبا أصبحت فعلاً مكاناً جاذباً للخبراء الأجانب والأصدقاء الذين يفدون من كل بقاع الأرض للإسهام في تأسيس دولة جنوب السودان المنتظرة ومدها بالإمكانات والخبرات الضرورية للنهوض، فلا يمر يوم دون نزول طائرات في مطار جوبا الدولي تحمل مستشارين من شتى البلدان، على رغم أن المطار نفسه ما زال يحتاج إلى الترميم والإصلاح بشكل كبير. ولكن على رغم توافد الخبراء والمستشارين للعمل مع الحكومة المحلية وتقديم الاستشارات الضرورية لقيام الدولة الوليدة، فإن من غير المرجح أن تستفيد الغالبية العظمى من شعب جنوب السودان من هؤلاء الزوار، بحيث يتوقع أن يبقى السواد الأعظم من الناس فقراء مرتبطين بالزراعة البسيطة التي بالكاد توفر لهم لقمة العيش، هذا بالإضافة إلى مشاكل الخدمات الأخرى مثل التعليم والصحة وغيرهما المنعدمة حاليّاً في جنوب السودان. ومع ذلك تواصل حركة استقبال الزوار الجدد زخمها ما أدى إلى ظهور فنادق جديدة في جوبا يملكها رجال أعمال قدموا من إرتيريا والصين لاستضافة حشود الدبلوماسيين والاستشاريين القادمين من الخارج. وعلى رغم تباين آراء الجنوبيين من هذا الاجتياح الكبير للخبراء الأجانب ومدى قدرتهم فعلاً على مساعدة البلد الجديد المنتظر، فقد قابلت شخصيّاً امرأة أجنبية تعمل مع الحكومة المحلية أكدت الحاجة الماسة إلى استقدام خبراء مساعدين من خارج الحدود. فقد عبرت لي "فيديس وانجيكو ماينا" عن حماستها الكبيرة وهي تتحدث عن مهمتها مع حكومة جنوب السودان، ولاسيما أنها تحمل وراءها تجربة طويلة في العمل الحكومي في بلدها كينيا، حيث قضت أكثر من عشرين عاماً في مكتب الرئيس الكيني، وترقت لتصبح مساعدة مدير شؤون الموظفين بعدما عززت مسارها المهني بمجموعة من الشهادات العليا في مجال إدارة الشؤون البشرية. وقد أخبرتي "ماينا" بمزيج من الحماس والثقة بأنها ساهمت خلال الأشهر التي أمضتها بجوبا في تطوير وزارة الموارد البشرية التي ستعتمد عليها حكومة جنوب السودان في استقطاب الكفاءات المهاجرة وتدريب الكوادر المحلية لتولي مسؤوليات حكومية. وفي استعراضها للمهام والوظائف الموكلة إليها اعترفت "ماينا" بالتحديات المطروحة على جنوب السودان، مؤكدة صعوبة الوضع مقارنة مع كينيا التي لم تشهد حرباً طويلة مثل جنوب السودان، وهو ما عبرت عنه قائلة: "بالإضافة إلى تداعيات الحرب الطويلة في المنطقة يتعين علينا أيضاً البدء من الصفر في جنوب السودان بسبب غياب البنية التحتية وعدم توفر أسس حقيقية لإدارة فاعلة". وعندما سألتها عن السبب وراء انضمامها إلى حكومة جنوب السودان على رغم الصعوبات الكثيرة ردت قائلة "إنه تحد على المستوى الشخصي، لقد أردت أن أكون جزءاً من بناء دولة جديدة، وأن أقدم كل ما أملك من خبرة لجنوب السودان بعد كل الظلم الذي وقع عليه". وفي الوقت الذي يبدي فيه العديد من المراقبين تشككهم في قدرة الخبراء الأجانب على بناء الدولة الجديدة، لابد من الاعتراف بالدور الذي يقوم به خبراء من أمثال "ماينا" الكينية التي يرجع لها الفضل في تطوير قطاع أساسي في الحكومة المحلية بجنوب السودان، وخاصة أنها تقول إن ما يحركها في تلك الرغبة هو تقديم المساعدة بعيداً عن أية مكاسب مادية. ماجي فيك جوبا ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان سيانس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©