الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

ديسون: «ياس» تدفع الهندسة بسرعة «الفورمولا-1» نحو الإبداع

ديسون: «ياس» تدفع الهندسة بسرعة «الفورمولا-1» نحو الإبداع
5 نوفمبر 2012
نسرين درزي (أبوظبي) – كشف البريطاني جايمس ديسون عن العالم الخفي الذي يحيط بمنافسات السرعة في سباقات الفورمولا-1، وشرح لـ “الاتحاد” معطيات تقنية قد تكون غائبة عن أكثر الناس تتبعاً لمجريات أسبوع السرعة ومن الجدير الاطلاع عليها، وقال ديسون المراقب الدولي لسباقات “الفورمولا–1” إن أسطورة السرعة ليست سباقا للسيارات وحسب، وإنما سباق في الهندسة أيضاً، حيث تستقطب ميزانيات عالية جداً من الجهات ذات الصلة للاحتفال بالإبداعات الهندسية التي تسجل على مستوى العالم. وذكر جايمس ديسون أن المهندسين الميكانيكيين أصحاب الأدمغة التقنية في صناعة سيارات السرعة، هم وحدهم الخبراء في حل المشاكل والسعي نحو التفرد، إذ يتمثل التحدي الذي يواجهونه سنوياً في دفع الحدود القصوى لجعل السيارات أكثر سرعة وأعظم كفاءة، ومن هنا يعمل السائقون على الاستفادة المتناهية من إمكانيات السيارة التي يحددها المهندسون، والتي لا تأتي بمحصلة مبهرة إلا بعد نتاج إنجازات لا تحصى من العمل الشاق ومئات النقاشات على طاولة التصميم، ليتحدد بذلك من يفوز ومن يخسر. وأضاف: “الفورمولا-1” هي إحدى أكثر الرياضات انفاقاً في العالم، والسبب أن الاستثمار في عمليتي البحث والتطوير اللذين تتطلبهما مكلف جداً، كما أن تحسين التقنيات الجديدة يحتاج إلى وقت طويل وأعمال متواصلة لا تهدأ على مدار السنة، وعند تحقيق النجاح الشامل الذي ينبع من الدول المضيفة والذي يصل صداه إلى كافة البلدان، فإن الفائدة لا تعود على الرياضة وحدها، وانما على صناعة السياحة والاستقطاب الجماهيري الذي يوضع دائماً في قائمة الأولويات. وأبدى جايمس ديسون مراقب سباقات “الفورمولا–1” منذ أكثر من 20 عاماً، بالمستوى المتقدم الذي تمكنت أبوظبي من الوصول إليه منذ استضافتها لهذا الحدث العالمي قبل 4 سنوات، وقال انه من خلال خبرته في مجالات التنظيم والرعاية والاشراف على مثل هذه المنافسات غير العادية، يجد أن أبوظبي أبهرت العالم بحلبة جزيرة ياس التي باتت من المواقع اللافتة، إذ يتفق أبطال سباقات الفورمولا-1 والرعاة ولجان التنسيق الرياضي على الارتياح التام الذي يشعرون به عندما تقام المسابقة في أبوظبي. وأكد ديسون اعجابه بالوعي الحضاري الذي لمسه شخصياً لدى زيارته إلى أبوظبي التي ترتقي إلى التميز، والمتمثل برأيه في كافة الجوانب التي تحوط بأي حدث مرموق ينطلق من أراضيها، ويعتبر أن النجاح لا يأتي من مصدر واحد، إذ لا بد وأن تتوافر له كل المقومات سواء من ناحية الموقع أو الطاقات البشرية أو القدرة على طرح الأفكار وتبنيها حتى النهاية. ويعود جايمس ديسون ليتوقف عند خبايا “الفورمولا–1” ويتحدث عن الإنجازات النوعية التي حققها العاملون خلف كواليسها، والتي تبدأ من الفرامل المضادة للإقفال إلى التحكم في قوة السحب، ومن الاستخدام القسري لحزام الأمان إلى الاختبارات السريعة، وذكر أن تأثير “الفورمولا-1” يتجاوز نطاق السيارات التي تتم قيادتها اليوم، ليصل إلى حمالات الساق وحاضنات الأطفال والأحذية عديمة الانزلاق، وكلها أمور استجدت على عالم القيادة بفضل هذه المسابقة العريقة، والتي استوحى منها المهندسون الحاجة إلى تحسين مختلف الأدوات والمنتجات الضرورية، سواء تلك التي تستعمل يومياً من قبل العامة، أو الاستخدامات النادرة من خلال تطبيقات التكنولوجيا التي تم ابتكارها للمرة الأولى لصالح “الفورمولا-1”. ويدخل الخبير البريطاني في عمق الأمور التقنية مشيراً إلى نظام استعادة الطاقة الحركية والذي يمكن من تخزين الطاقة التي يتم نقلها خلال عملية الكبح لاستخدامها لاحقاً في التسارع، ويوضح أن سيارات “الفورمولا-1” يتم تصميمها على أساس تحقيق المزيد من الجرأة في تجاوز الخصم، غير أن المبدأ نفسه يمكن أن ينتقل اليوم إلى تصميم السيارات العادية والتي يمكن أن تتحول من أمر الوقوف إلى سرعة 76 كيلومتراً في الساعة من دون استهلاك أي وقود على الإطلاق. وقال جايمس ديسون انه في حال نجح المصنعون في تثبيت هذه التقنية كخيار قياسي في السيارات، فإن ذلك من شأنه أن يساهم في خفض استهلاك الوقود وانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بنسبة الثلث، وهذه التقنية تجري تجربتها حالياً على حافلات النقل العام في لندن، واعتبر أن استخدام ألياف الكربون تسجل قصة أخرى من قصص النجاح التي حققتها “الفورمولا -1”، حيث أن الألياف الخفيفة والقوية وذات القدرة العالية على التحمل، أبصرت النور للمرة الأولى خدمة لهذه السباقات، ومعها أصبحت إطارات الألمنيوم الثقيلة حول قمرة القيادة شيئ من الماضي، في حين تعد الألياف الكربونية اليوم مادة قياسية في السيارات الراقية، ولاسيما أن انخفاض وزن السيارة يقلل من استهلاك الوقود. وأكد جايمس ديسون أن النجاحات التي حققها مهندسو سيارات السرعة لا تقتصر على أمور التكنولوجيا وحسب، فالمشهد نفسه لحلبة السباق يبدد المزاعم التي تقول بأن هؤلاء التقنيين هم مجرد مساجين داخل ورش العمل يرتدون ملابس متسخة على الدوام، وانما هم شباب مفعمون بالحيوية وذوو خبرات عالية في مجالات العلوم والرياضيات والهندسة والتكنولوجيا، وشدد الخبير البريطاني في شؤون “الفورمولا–1” على ضرورة الاقتناع بأن الفوز بلقب المصنعين لا يقل أهمية عن لقب السائقين الأبطال، وانما يمثل فخراً ومقياساً لتصميم السيارة وأدائها، بغض النظر عن قدرة السائق. وقال: فوز سيارة “الفورمولا-1” يتطلب سنوات من الخبرة، وفي كثير من الأحيان يحتاج إلى مؤهلات عالية في الميكانيك والهندسة من قبل السائق نفسه، فالمنافسة حادة ولا مجال معها لأي خطأ، ويلفت جايمس ديسون إلى أنه من غير الكافي أن يكون السائق جيداً ليحقق الفوز، وإنما من المهم أن يكون استثنائياً والا يبقى على الحياد، ويعتبر أنه ليس من المستغرب أن تتعرض “الفرومولا - 1” للانتقاد الدائم كونها تجذب أفضل المواهب من مؤسسات عالمية مثل وكالة “ناسا” ومجموعة “بي أيه إي”. وختم قائلاً انه عندما تهدر المحركات الجبارة لسيارات “الفورمولا -1” في نهاية أسبوع السرعة، لا بد لمتتبعي السباقات من أن يتذكروا الإنجازات الجبارة التي يحققها المهندسون خلف الكواليس تماماً كما يتذكرون دائماً السائقين، فهؤلاء المهندسون برأيه لا يمنحون العالم لمحة عن المستقبل وحسب، وانما يمثلون كذلك مصدر إلهام للأجيال الشابة لتكون جزءا من عالم “الفورمولا-1” المتشعب.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©