الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صلة الرحم "الفريضة الغائبة" في حياتنا

صلة الرحم "الفريضة الغائبة" في حياتنا
17 نوفمبر 2011 13:54
تضيع في ظل ازدحام الحياة الكثير من القيم والعادات والتقاليد النبيلة، والتي يأتي في مقدمتها صلة الأرحام والتي كانت في الماضي أحد الفروض الاجتماعية المقدسة التي بدأت في الخفوت والتراجع الآن، لكن ما هي الأسباب التي أدت إلى ذلك، وهل يمكن إحياؤها من جديد؟. تشير ندى سليمان، 36 عاماً متزوجة، إلى تراجع صلة الرحم بشكل ملحوظ في ظل صعوبة الحياة وتكدسها بالتفاصيل المادية والاجتماعية، فالسؤال عن الأهل والأقارب اقتصر فقط على المناسبات مثل الأعياد والزواج وغيرها، وباستثناء تلك المناسبات لا توجد صلة رحم حقيقية كما كان في الماضي، حيث كان يتودد الأهل والأقارب لبعضهم البعض في جميع المناسبات. وترجع ندى تراجع صلة الرحم بين الأهل إلى العديد من الأسباب أهمها الظروف المادية التي تجعل الجميع منغلقاً على حياته يصارع من أجل توفير المزيد من المال وينشغل عن السؤال عن أقرب الناس إليه، مشيرة إلى أنها تكتفي بزيارة والدتها المسنة مرة واحدة أو مرتين خلال الشهر لكنها تتواصل معها عن طريق الهاتف بشكل يومي للإطمئنان عليها. وتتهم زاهرة عرفة، 47 عاماً، التقدم التكنولوجي الذي هدد صلة الرحم في المجتمعات العربية، حيث بدأ كثيرون يلجأون إلى المكالمات الهاتفية للاطمئنان على ذويهم وحلت محل الزيارات العائلية الحميمة التي كانت موجودة بالماضي، إضافة إلى الانترنت الذي اصبح وسيلة جديدة أخرى للتواصل، لكنها "وسيلة مزيفة" من وجهة نظرها. وتقول زاهرة، وهى أم لشابين يعملان طبيبين بإحدى الدول العربية، إنها تنتظر اتصال ولديها بها للاطمئنان عليها كل أسبوع، حيث تعيش بمفردها وتفتقدهما كثيراً في المناسبات العائلية التي أصبحت جوفاء في حين تقوم هي بتبادل الزيارات مع أفراد عائلتها وهو تقليد تحرص عليه منذ أن كانت طفلة. وتلفت زاهرة النظر إلى أن الجيل القديم كان أكثر حرصاً على صلة الرحم من الجيل الحالي. وعلى العكس، تشير نورهان، 32 عاماً، إلى أن صلة الرحم لا زالت موجودة في المجتمعات العربية لأنها في الأغلب مجتمعات محافظة ومتدينة بطبعها، لكن الأمر الذي اختلف هو طريقة صلة الرحم فلم تعد كما كانت في الماضي بل حل محلها الهواتف المحمولة والإنترنت الذي يتيح للكثيرين الاطمئنان على ذويهم أينما كانوا ووقتما شاءوا. وتؤكد على أن مفهوم العائلة لم يعد قائماً ككيان له قدسيته واحترامه كما كان في الماضي واقتصر السؤال فقط عن الوالدين والأشقاء. ويرى طاهر علوش، 65 عاماً، أن صلة الرحم لم يعد لها وجود وباتت شكليات فقط يحرص عليها البعض في المناسبات، ويتناساها البعض الآخر بحجة ظروف الحياة. ورغم أن الله عز وجل قد أمر بصلة الأرحام والبر والإحسان إلى أن كثيرين يبحثون عن تبريرات واهية لتركها. ورغم ذلك، فإن علوش، المتقاعد عن العمل منذ 5 سنوات، يحرص على زيارة عائلته الكبيرة كلما سمحت له ظروفه الصحية بذلك، واصفاً إياها بالواجب المقدس. وتشير د. نوارة مسعد، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، إلى أن طابع السرعة الذي صبغه التطور التكنولوجي الهائل على هذا العصر قد أدى إلى فقدان الكثير من القيم الاجتماعية النبيلة التي كان يحرص عليها الجميع في السابق، ومن أهمها صلة الرحم. وتضيف أن صلة الأرحام الآن أصبحت مجرد روتين اجتماعي ثقيل على الكثيرين قاصراً في الوقت ذاته على بعض المناسبات، وهو ما يفسر حالة القطيعة "غير المدبرة" بين أبناء الأسرة الواحدة. وتطرح د. نوارة سبباً رئيسياً آخر لقطع صلة الأرحام، وهو النزاعات العائلية بين الكثيرين الناتج عن أسباب عديدة يأتي في مقدمتها التنازع على الميراث وهو ما يؤدي لحدوث مشاحنات قد تستمر لسنوات طويلة بين أفراد العائلة الواحدة تنقطع معها صلة الأرحام. هذا فضلاً عن غياب الوازع الديني لدى الكثير من الأسر التي تتناسى أن صلة الأرحام من الطاعات المقربة إلى الله. وتفرق د. نوارة ما بين قاطعي الأرحام وما بين المنشغلين عن صلة الأرحام بسبب ظروف حياتية معينة، فهناك فارق كبير بين القطيعة المقصودة وهي هجران الأهل وعدم السؤال عنهم في المناسبات وعدم مشاطراتهم أحزانهم على سبيل المثال، لكن الانشغال القسري قد يكون بسبب ظروف الدراسة أو العمل، وهنا ينبغي التواصل ولو على الأقل عن طريق الهاتف وكلما سمحت الظروف ينبغي صلة الأرحام عن طريق تبادل الزيارات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©