الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هوس الإعلانات والترويج الخادع استنزاف لميزانية الأسرة

هوس الإعلانات والترويج الخادع استنزاف لميزانية الأسرة
18 نوفمبر 2011 01:40
أكد علماء الدين وخبراء الاقتصاد الإسلامي أن التبذير ليس من أخلاق الإسلام ويتنافى مع تعاليم الدين الإسلامي، الذي دعا إلى الوسطية والاعتدال ونبه في الكثير من تعاليمه إلى خطورة الإسراف وآثاره، خاصة الاجتماعية على الفرد والأسرة. وحذر علماء الدين من الهوس الإعلاني، وصراع الفضائيات على جيوب المستهلكين والترويج للسلع والمسابقات التليفزيونية التي تبدد ميزانيات الأسر. عرف الدكتور سالم عبدالجليل وكيل أول وزارة الأوقاف، الإسراف بأنه صرف فيما لا ينبغي زائدا على ما ينبغي، أما التبذير فإنه صرف الشيء فيما لا ينبغي، وأيضا فإن الإسراف تجاوز في الكمية، إذ هو جهل بمقادير الحقوق، والتبذير تجاوز في موضع الحق إذ هو جهل بمواقعها«أي الحقوق»، ويرشد إلى هذا قول الله سبحانه في تعليل النهي عن الإسراف «إنه لا يحب المسرفين»، وقوله عز وجل:«إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا»، وقد ذهب بعض المفسرين الى أن الإسراف و التبذير قد يردان بمعنى واحد، ومن ثم فقد يرد أحدهما ويراد به الآخر، والاثنان غير جائزين، يقول جل وعلا:«وكلوا واشربوا ولا تسرفوا» ويقول سبحانه:«ولا تبذر تبذيرا»، فعلى المؤمن في أكله وشربه وصنعه الطعام ألا يكون مسرفاً وإذا بقي شيء صرفه في جهات الخير وأعطاه الفقراء والمساكين . وقال إن التبذير هو تبذيره في غير وجه صرفه في لعب القمار والمعاصي فالواجب أن يصان المال وقد نهى الرسول عن إضاعة المال، والمال له شأن فالواجب أن يصان عن الإضاعة ولا يبذر المؤمن ولا يسرف فيه بل يصونه ويصرفه في وجوه الخير. ترشيد الاستهلاك وأضاف الدكتور سالم عبدالجليل: كان للإسلام السبق في إقرار مبادىء ترشيد الاستهلاك لكل ما في يد الإنسان من نعم وثروات، باعتبار أن الإسراف والتبذير من أهم عوامل الخلل والاضطراب في منظومة التوازن الاقتصادي والبيئي المحكم الذي وهبه الله سبحانه للحياة والأحياء وأقام الإسلام منهجه على الأمر بالتوسط والاعتدال في كل تصرفات الإنسان، وأقام بناءه كله على الوسطية، والتوازن، والقصد، فالإسراف من أسباب تدهور البيئة واستنزاف مواردها، مما يؤدي الى إهلاك الحرث والنسل، وقد نهى القرآن الكريم عن الإسراف في أكثر من موضع، كما دعا الى الوسطية والاعتدال وقال الله تعالي:»والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما« فالوسطية الرشيدة هي مسلك المسلمين، ودعوة الإسلام لأتباعه في كل الأحوال وعموم الأوقات. نعم الله وأكد أن الحياة الدنيا لا تثبت ولا تستقر على حال واحد والواجب يقتضي أن نضع النعمة في موضعها، وندخر ما يفيض على حاجتنا الضرورية من مال وصحة الى وقت آخر، وقد يكون اليسر بعد العسر سبباً آخر في الإسراف، ذلك أن كثيراً من الناس قد يعيشون في ضيق أو حرمان فإذا هم صابرون محتسبون، وقد تتبدل الأحوال فتكون السعة بعد الضيق وحينئذ يصعب على هذا الصنف من الناس التوسط أو الاعتدال فينقلب إلى النقيض تماماً، فيكون الإسراف والتبذير، وصحبة أناس مسرفين لها تأثير كبير، فقد يكون السبب في الإسراف صحبة المسرفين ومخالطتهم، ذلك أن الإنسان غالباً ما يتخلق بأخلاق صاحبه وخليله، فالمرء كما قال صلى الله عليه وسلم:»على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل«. ويرى الدكتور محمد العوضي أستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر أن الإسراف والتبذير من اشد المخاطر الاجتماعية والاقتصادية التي تهدد الإنسان والدول والأمم ولذلك يجمع جمهور الفقهاء والعلماء والدعاة وغيرهم على انهما من نماذج الفساد الاقتصادي والاجتماعي الواجب تجنبه، مبيناً أن الإسراف والتبذير من السفه المالي وهذا إهدار للموارد الاقتصادية وإهلاك للأموال وزيادة في النفقات بلا فائدة وتبديد للطاقات. الحاجات الأصلية وأوضح العوضي إنه بالرغم من تيقن معظم المسلمين من حرمة الإسراف والتبذير فإن هناك المليارات من الأموال تبدد في الوقت الذي تعاني فيه بعض الدول الإسلامية من الفقر المدقع ونقص الضروريات والحاجات الأصلية للحياة العادية، محذرا من الوقوع أسرى للفضائيات والإعلانات التجارية التي تستهدف الوصول الى جيوبهم وتركهم أسرى للديون. وأوضح الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه بجامعة الأزهر أن الشريعة الإسلامية تحرم الإسراف والتبذير بكل صوره وأشكاله لحكم عظيمة وأهداف سامية تبرز في تنمية معنى القصد في الغنى والفقر وضبط الإنفاق في حالات اليسر والعسر، والإسراف والتبذير يتنافى مع مقاصد الشريعة الإسلامية ويدفعان الغني لممارسات وأفعال تكرس الضغينة بينه وبين الفقير، كما أن الإسراف والتبذير يهددان الأمم والمجتمعات ويبددان الأموال والثروات وهما سبب للعقوبات العاجلة والآجلة وللترف الذي ذمه الله وعابه وتوعد أهله في كتابه، كما أنهما سبب يؤدي بصاحبه الى الكبر وطلب العلو في الأرض. ويقول الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق إن وسائل الإعلام لها أثر كبير في هداية الناس وإرشادهم، والعمل على أن يعبدوا ربهم عبادة حقيقية من خلال البرامج الهادفة، والبعد بقدر الإمكان عن البرامج التي تفسد هذه العبادة بما فيها من سفور ومظاهر تعطل المسلم عن تأدية العبادات في أوقاتها، خصوصا أوقات الصلوات، ولذلك فإنّ مصلحة الوطن تتحقق بأن تتوافق وسائل الإعلام على تحقيق مصلحة الفرد والجماعة. ويرى الدكتور أحمد عمر هاشم الرئيس الأسبق لجامعة الأزهر أن حالة الهوس الإعلاني التي تتزايد بالقنوات الفضائية تستلزم من صاحب المال أن يدرك أنه ليس صاحبه وله حرية التصرف فيه كيفما شاء، وإنما المال مال الله وهو مستخلف فيه. وأوضح أن الفقهاء عرفوا الإسراف بأنه تجاوز الحد في إنفاق المال الكثير في الغرض الخسيس، مطالباً بإخضاع حالة الهوس الإعلاني لضوابط شرعية حتى لا تتحول الى سلوك استهلاكي تبذيري وقد قال الله تعالى “وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين” وقوله تعالى”إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا” ولابد أن يسأل صاحب المال نفسه لأن الله سيحاسبه على ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وإذا كان هناك فائض من المال فلا مانع من الشراء العقلاني للضروريات والكماليات.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©