الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أردوغان والتحدي السوري

5 نوفمبر 2012
برز رئيس الوزراء أردوغان خلال العقد الماضي كزعيم تمكن من تحويل وجه تركيا بشكل إيجابي، حيث جعل منها نموذجاً للديمقراطية في العالم الإسلامي، وأشرف على تحقيق معجزة اقتصادية شبيهة بمعجزة النمو الصيني، كما بنى نموذجاً من العثمانية الجديدة زاد من خلاله نفوذ بلاده في الشرق الأوسط. وفي الوقت الراهن تتعرض جميع تلك الإنجازات للتهديد بسبب حزمة من التحديات التي تواجه تلك الدولة الكبيرة التي تقع عند ملتقى قارتين. وأخطر تلك التهديدات نابع من الأزمة المتصاعدة في سوريا المجاورة التي تشكل تحدياً للزعيم الإسلامي أردوغان الذي يكافح في الوقت الراهن للمحافظة على مكانته وسط حلفائه الأجانب وداخل قواعده الانتخابية، ولنيل المزيد من الدعم لمحاولته تأمين استجابة دولية قوية لتداعيات تلك الأزمة. وعلى رغم أن العديد من المراقبين ما زالوا ينظرون إلى تركيا على أنها تمثل نموذجاً للديمقراطيات الوليدة في العالم الإسلامي، إلا أن الآلاف من أعضاء المعارضة العلمانية واجهوا خراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع عندما حاولوا أن يحتجوا على ما يصفونه بأنه ميول دينية وأوتوقراطية متزايدة لرئيس الوزراء التركي في دولة كان فيها الفصل بين الدين والدولة ذات يوم نموذجاً وطنياً يحرص عليه الجميع. ويحدث هذا في وقت يشهد فيه الاقتصاد التركي، الذي كان ينمو بسرعة، حالة من التباطؤ ويشن فيه حزب العمال الكردستاني المحظور بعضاً من أكثر هجماته خطورة منذ عقد التسعينيات من القرن الماضي. وعلى رغم أن مؤيدي أردوغان في حزب العدالة والتنمية الحاكم يرفعون دوماً أعلاماً ورايات مكتوباً عليها "مرحباً بالمعلم العظيم" عندما يصل إلى مدينة من المدن التركية، إلا أن العديد من نقاده يستخدمون تلك العبارات نفسها أيضاً للنيل منه. والتحدي الاستراتيجي الكبير الذي يواجهه أردوغان حالياً يتعلق بالتعامل مع تداعيات الصراع المستمر منذ ما يقرب من 20 شهراً في سوريا المجاورة، والذي ازداد خطورة في الفترة الأخيرة حيث شهدت سقوط قذائف سورية طائشة على أراضي تركيا ما أدى إلى مصرع خمسة من مواطنيها الشهر الماضي. وعقب القصف مباشرة بدا أردوغان وكأنه يضع بلاده في موقف التأهب للحرب وذلك عندما بادرت قواته بالرد على النيران السورية. ولكن احتمال التدخل التركي في الأزمة السورية انخفض بعد ذلك، عندما خفض أردوغان نبرة خطابه وامتنع عن اتخاذ أي خطوات قد تؤدي إلى تحويل الحرب الأهلية المندلعة في ذلك البلد المجاور إلى صراع إقليمي كامل المواصفات. ويقول بعض المحللين السياسيين إن دعوات أردوغان لاتخاذ إجراءات أكثر قوة ضد الرئيس السوري قد أخفقت بسبب الافتقار إلى دعم واشنطن التي تطالب أنقرة في الوقت الراهن باتخاذ ردود أفعال أكثر حذراً في إطار تعاملها مع تداعيات الأزمة السورية. وبالإضافة إلى هذا لم يتمكن أردوغان كذلك من الاستفادة من علاقاته الدبلوماسية الوثيقة مع بعض الدول العربية المعنية مباشرة بالأزمة السورية من أجل التسريع بإسقاط نظام الأسد. ومع نطاق الخيارات الذي بات محدوداً أمامه يحاول أردوغان في الوقت الراهن تجديد جهوده الرامية لإقناع الحكومة الإيرانية -التي تعتبر من أقوى مؤيدي الأسد وداعميه- بالمشاركة في جهود إنهاء الصراع المحتدم في سوريا من خلال المفاوضات. ومن التطورات التي أقلقت تركيا إلى حد كبير المؤشرات الدالة على أن المجموعات الكردية التي تعيش في سوريا والمتعاطفة مع حزب العمال الكردستاني، قد توصلت إلى نوع من الاتفاق مع الأسد تقوم بموجبه بحراسة بعض الجيوب في شمال سوريا. وهذا التغيير أتاح الفرصة للمتمردين الأكراد في تركيا لشن هجمات أكثر خطورة على القوات التركية، وللقيام بحملة لخطف المدرسين وإحراق المدارس. ولكن الهم الأكبر بالنسبة للعديد من الأتراك مثل "ميلاهات فروس"، الذي كان يلف جسمه بالعلم التركي احتفالًا بذكرى تأسيس الجمهورية التركية على أيدي المؤسس مصطفى كمال أتاتورك، يتمثل فيما يطلق عليه هو وغيره من النقاد العلمانيين "التوجهات الإسلامية المتشددة لأردوغان". وحول ذلك يقول "فروس": "إننا نفقد بلدنا واستقلالنا الشخصي، بسبب هذا الرجل". ولكن "إبراهيم كالين"، كبير مستشاري رئيس الوزراء، ينفي ذلك ويقول إن تركيا "باتت أكثر ديمقراطية وليست أقل ديمقراطية تحت حكم أردوغان... فمنذ عشر سنوات لم يكن بمقدور الفتيات المحجبات الذهاب إلى الجامعات وهو ما يدل على أن تركيا لا تتحول إلى دولة أكثر تديناً كما يقال؛ وأن كل ما هنالك هو أن الدين قد صار مرئياً بشكل أوضح مما كان عليه الأمر في السابق". أنتوني فايولا أنقرة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©