السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الصور

الصور
6 مارس 2008 01:08
الصورة، هي أكثر الفنون التصاقاً بالواقع، حيث تعمل على تسكين الزمن في إطار يحتوي الكثير من التفاصيل، الكثير من المشاعر والكثير من الكلام· فيها تسكن ذاكرة حياة، ذاكرة مرحلة من حياة إنسانية، فيها فصول من الطفولة التي تعيدنا إلى الماضي، حيث كان لنا شيء لم تعد الذاكرة تستحضره، ونرق للقطة ونتفاعل معها، بالرغم من إنها لا تشكل سوى زمن لا يتجاوز عدة ثوان ، إلا أنها تفتح الذاكرة على سنين من حياتنا· وهي كذلك صور الأسرة، صور السفر، لقطات قرب الحبيبة، ولقطات للحبيبة وهي تبتسم وهي تضحك، وهي تقول كلاما للهواء، صور الأصدقاء، صورنا في مراحل متعددة من العمر؛ كلها تعيد الزمن كي يظهر بكل تفاصيله من خلال لقطة تسكن في الإطار وتحفز الذاكرة، وتنتعش الروح حين تكون اللقطة قد قبضت على الزمن وهو يعانق الفرح فينا، وتصيب الروح بالحزن عندما تكون اللقطة قد قبضت على فرح أصدقاء أو أقارب أو أحبة قد فقدناهم، أو فرق بيننا الزمن ونحن في سيرنا المتتالي في العمر· تفعل الصور كل هذا، إنها تحرض الجمال وعكسه في آن· ؟؟؟ تلك هي صورنا الخاصة الحميمة القريبة منا، صورنا التي نصونها العمر كله ونورثها أبناءنا، نصونها من الغبار ومن العيون التي لا تحبنا· لكن في الحياة هناك صور أخرى، صور تؤلمنا كلما حدقنا فيها، صور تأتينا كل يوم عبر الصحف وعبر الكلام وعبر التلفاز، صور تؤلم الروح بما تحمله في إطارها من بؤس، صور القتلى والجياع والثكالى، صور الأيتام والتائهين بين التفجيرات والنار المشتعلة في الصدور وفي الروح وفي الأمكنة، صور تتكرر كل يوم وتعكس واقعاً مريراً في عالمنا· صور تصيبنا بالعجز والوهن في قلوبنا وتسرق كل أمل لنا في الحياة بأن تكون أجمل· في الأيام الأخيرة كان أكثر الصور بشاعة هي التي كانت تأتي من فلسطين، حيث صور الرضع في الكفن وعلى أسرة المستشفيات وبين الأنقاض وهم ملطخون بدمائهم والغبار يكسو شعورهم وأناملهم الصغيرة، صور حركت فينا الغضب والشعور بالحزن ولا جدوى من الوجود في هكذا عالم أصيب بالبشاعة إلى حد العمى· تلك الصور، ليس لها عمر، وزمنها لا يثبت ويسكن في الإطار، بل يتكرر كل يوم ويصر على أن يخرج من الصورة ويتكرر المشهد المؤلم المحزن المبكي حد الصراخ· فيا ترى متى تحتجب هذه الصور عن الظهور أمام عيوننا كل يوم؟
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©