الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عمال النظافة: مهنتنا صعبة لكنها شريفة

عمال النظافة: مهنتنا صعبة لكنها شريفة
22 مارس 2009 02:38
شوارع المدينة عناوينهم الدائمة، ونظافتها هاجسهم الأول والأخير، أما الشمس فصديقتهم ورفيقتهم منذ الصباح الباكر وحتى نهاية اليوم·· في كل مكان بأبوظبي تجدهم، يعملون هنا وهناك بصمت وهدوء، تاركين بصماتهم وآثار عملهم على الشوارع والأزقة وأمام المحال التجارية والبيوت·· إنهم عمال النظافة الذين يجمّلون العاصمة لتظهر في أبهى حلّة· لا تحد أشعة الشمس ولا شدة المطر من نشاطهم ودأبهم وإصرارهم على الاعتناء بنظافة وأناقة المدينة، فهذه مسؤوليتهم التي حملوها على عاتقهم منذ اختاروا العمل في هذه المهنة·· كما لا تضيرهم نظرة الآخرين لهم، وعدم احترام البعض أو تقديرهم لما يفعلون، فهم أناس أصحاء نفسيا، يحترمون أنفسهم ويقدرونها، ولذلك اختاروا العمل الشريف بدلا عن أعمال أخرى غير مشروعة·· وهم في الغالب أمناء على كثير من متعلقات الناس وأشيائهم، لذلك يطلق عليهم أحيانا لقب ''حرّاس الأحياء''· فضلا عن ذلك فهم أشخاص بسطاء بأحلامهم وطموحاتهم تجمعهم صفات جميلة كالصبر على مصاعب ومشقات الحياة، وكأنهم يكتمون ما يعانونه، ويلقونه في صندوق المهملات أملا بالفرج ولو بعد حين· يمسك بيده ''المكنسة'' وبيده الأخرى يجر صندوق القمامة الأسود، ينظف هذه البقعة ثم ينتقل إلى بقعة أخرى ليطليها بطلاء زاهٍ نظيف· عندما يلمح أحد المارة بجانبه يتوقف حتى لا يلامسه الغبار· يتحدث عامل النظافة البنغالي أبوبكر الصديق عن مهنته بابتسامة تشع سعادة ورضا، قائلا: ''أعمل في هذه المهنة منذ ثلاث سنوات ونصف، وهي مهنة جيدة بالنسبة لي طالما أنها تدرّ عليّ دخلا معقولا وشريفا في نفس الوقت·· قد يستغرب البعض، ولكنني أحب مهنتي فهي تعلمني التواضع دائما، والصبر على مشقات الحياة، وتحمل ظروف الطقس وأحواله المتقلبة، كما تعلمني الحرص على النظافة الدائمة في كل مكان''· في منطقة نادي الوحدة الرياضي يعمل محمد جمال نور، يوميا منذ الخامسة فجراً وحتى الخامسة عصراً، يعرفه القاطنون في المنطقة ويسلمون عليه كلما لمحوه، فهو الحارس الأمين للحي، وهو سبب نظافته وجماله· يقول جمال بلغة عربية ركيكة: ''أحب مهنتي رغم بساطتها وقلة مردودها المالي، لكنها مهنة شريفة، أهم ما فيها أنها تغمرني بحب بعض الناس ولطفهم، فهم يحترمونني ويقدرون عملي وجهدي في المكان''· أما أبو الكلام، فهو يعمل في نقل الحاويات وتفريغها في الشاحنة المخصصة لذلك· تبدو على وجهه آثار التعب، لكنه يظل مبتسما على الدوام راضيا بهذه المهنة التي لا يفضل تغييرها في الوقت الراهن، يقول أبو الكلام: ''القناعة كنز لا يفنى عندما يكون حظ الإنسان قليلا من التعليم والثقافة، كما ينقصه المال من أجل فتح مشروع خاص فماذا يعمل؟ ثم إذا لم يعمل البعض في هذه المهنة من أجل خدمة المدينة والناس فمن سيقوم بهذه الأعباء، إنها مهنة شاقة بعض الشيء، لاسيما هنا حيث درجات الحرارة العالية، غير أننا في أوضاع أفضل من غيرنا، ونحمد الله على المعيشة''· وبفضل عظيم أفعالهم، استحقوا محبة الآخرين من حولهم، يقول أبو خالد، أحد القاطنين في منطقة نادي الوحدة، عمال النظافة جزء مهم من المدينة بشكل عام، فهم الذين يجملون المدينة كل يوم، وخاصة في أبوظبي إذ تعتبر من أجمل وأنظف المدن في العالم، وكلّ ذلك يتم على يد هؤلاء العاملين المخلصين·· إنني ألمح أحدهم يوميا، لا أعرف اسمه ولكنني ألقي عليه السلام يوميا، وألقي له بما يخرج من نفسي، لا أمن عليه بذلك، لكنه بالفعل يستحق الدعم نظير أعماله وحرصه على نظافة الحيّ، وهذا العمل مهم لنا ولأطفالنا بالدرجة الأولى فهو يحميهم من الأمراض وانتشار الأوبئة الناتجة عن الإهمال في التنظيف· أما أبو راشد، فيقول: ''أشعر بالتفاؤل عندما أراهم، وأزداد تقديرا واحتراما لهم، إنهم بشر غير عاديين، فهم يمتلكون قدرا كبيرا من الثقة بالنفس يجعلهم يتجولون في الشوارع ويعملون دون حرج، وفي المقابل تجد الكثير من الناس في أعمال وأوضاع مادية أفضل ومع ذلك فهم يتذمرون ويتأففون تعبيرا عن سخطهم وعدم رضاهم عن الحياة·· يوما بعد يوم يزداد إعجابي بصبر هؤلاء العاملين وقدرتهم على التحمل ولا سيما أشعة الشمس الحارقة''·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©