الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المثقفون في اليمن..

المثقفون في اليمن..
14 نوفمبر 2015 21:07
حلم العودة بعد كابوس المتمردين بسام عبدالسلام (عدن) يعيش المشهد الثقافي اليمني أزمة حقيقية منذ انقلاب المتمردين الحوثيين والمخلوع صالح على الدولة قبل سنة، وتجلت ملامح هذا المشهد في غياب الفعل الثقافي المستمر بسبب الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي تمر به البلاد التي اختطفت من قبل جماعات مسلحة لا تؤمن بالثقافة ودور المثقف في تنوير المجتمع. ما يمر به اليمن في هذه المرحلة الراهنة أدى إلى غياب شبه تام لدور المثقف في عملية السلم أو حتى اقتراح حلول تؤدي إلى تلاحم الشرخ الاجتماعي الذي أصبح يتسع بشكل كبير منذ سيطرة الميليشيات المسلحة على المدن والمحافظات، تطلعات كبيرة لا زالت للمثقفين والأدباء والكتاب بشأن عودت الثقافة مع تحرر الوطن من هيمنة هذه العصابات الإجرامية. ومنذ انقلاب الحوثيين والمخلوع صالح على الدولة تصاعدت الانتهاكات بحق مثقفي اليمن الذين تعرضوا للقتل والاعتقال والاختفاء القسري بصورة مباشرة وممنهجة، وكشف تقرير صادر عن التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان خلال الفترة من 21 سبتمبر 2014 حتى 15 أغسطس 2015 عن استهداف حقيقي ومتعمد بحق المثقفين والإعلاميين والكتاب والناشطين السياسيين والحقوقيين بصورة مباشرة منذ انقلاب الميليشيات التي قوضت أركان الدولة. ووثق التقرير انتهاكات في هذا الجانب لـ 5894 شخصاً معظمهم من مثقفي اليمن الذين عبروا عن رفضهم لسياسة الهمجية والهدم المجتمعي والذي تمارسه الميليشيات الحوثية وحلفاؤهم من أتباع المخلوع صالح، انتهاكات وصلت إلى الحق في الحياة والحق في الحماية من الاعتقال التعسفي والإخفاء والتعذيب والمعاملة اللا إنسانية، وإنكار الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي. ويُجمع عدد من المثقّفين اليمنيين على ضرورّة أن يكون لهم دور تنويري وجامع خلال الفترة القادمة خصوصاً مع تحرر المدن اليمنية على الرغم من الصعاب التي تحول دون ذلك، إلا أن الإجماع واضح بين أوساط هذه الشريحة التنويرية على أهميّة دور المثقّف عقب الحروب في تحريك المياه الراكدة وإصلاح المجتمع والإنسان. المثقف مرتبط بمجتمعه رئيس اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين أستاذ علم الاجتماع الثقافي في جامعة عدن، الدكتور مبارك سالمين، قال لـ «الاتحاد» إن المجتمع اليمني المعاصر منذ استقلال الدولة على وجه التحديد عمدت السلطات المتعاقبة على تهميش دور العقل والمثقف إجمالاً، حيث عملت على تسييس الجامعات ومراكز البحوث والمؤسسات الثقافة بما فيها وزارتي الثقافة والإعلام وحولت هذين المنبرين إلى قلاع خاصة لسلطة الحكومة. وأضاف: «أننا حتى اللحظة الراهنة والبلد يعيش في تشظيات لا أول لها ولا آخر والسلطة الحالية تصر على استبعاد العقل والثقافة بصورة عامة، وتصر على تهميش التفكير فيها لا تعمل بصورة كاملة لكي يتفهم المثقف ما الذي تريده هذه السلطة الأمر الذي يجعل دور المثقف غير فاعل في المجتمع، فهي لا تعتمد على الاستشارة ولا تستمع إلا لصوتها، كما أنها تعمل تحت مظلة بيت المتنبي وَدَعْ كلّ صَوْتٍ غَيرَ صَوْتي فإنّني.................. أنَا الطّائِرُ المَحْكِيُّ وَالآخَرُ الصّدَى بمعنى أن السلطة لا ترى إلا ذاتها. وأشار إلى أن المثقف بطبيعته مرتبط بمجتمعه ولا ينتظر إذن من السلطة ولا ينتظر أن تحدد له السلطة مهمة معينة، ولكن ينتظر خطاباً موضوعياً وواضحاً لكي يساعد السلطة في هذه المحنة، وعندما لا تقدم السلطة خطاباً واضحاً فإن المثقف في وجهة نظرها في صف المعارضين، لأنهم يحاولون يقدمون شيئاً لمجتمعاتهم، ولكن أجهزة القمع سواء المادي أو المعنوي تعمل في ذروتها. وقال: وصلت اليمن إلى أفق مغلق ومحتقن في صورة لم يعرفها التاريخ من قبل، لكننا ما زلنا ننظر أن هناك فسحاً للأمل وبالتأكيد المثقف الحقيقي لن يكل ولن يمل وسيسعى المثقفون للضرورة ليكون لهم دور حقيقي مهما كانت أباطيل السلطات المتعاقبة. المثقف أداة فعالة في التغيير قالت الأديبة القاصة منى عوض باشراحيل «إن المثقف هو الرقيب على ما يحدث في المجتمع وهو أداة يجب أن تكون فاعلة في تغيير وتطوير ونماء المجتمع». وأضحت في حديث خاص لـ «الاتحاد» أن أدوار المثقفين تختلف باختلاف انتماءاتهم سواء السياسية أو غيرها، لكن المثقف المستقل دائماً ما يحنو خاصة بعد الأزمات والحروب إلى الاشتغال على البناء النفسي والاجتماعي والروحي واستعادة كل ما فقد.... وكل مثقف يقوم بذلك حسب مجال نشاطه، فإن كان صحفياً أو كاتباً صحفياً أسرع إلى مجاله لتوعية الناس بالأوجه التي تدير الساحة وكيفية التعامل معها وكيفية مساعدتها للمرحلة القادمة ودور كل فرد في المجتمع نحو البناء الثقافي والاجتماعي والسياسي، أو كيفية التخلص من هذه الأوجه». وأضافت «هناك المثقف الأديب الذي يسعى دوماً للتغيير وإظهار الحقائق لسطح المجتمع وتعريف الناس على المحمولات المختلفة، وربما يساهم من خلال نصوصه بتغيير وعي وثقافة أفراد معينين وهناك أساتذة الجامعة وعليهم يقع الدور الأكبر في تنظيم الندوات وورش العمل لإعادة تنظيم وترميم نفسيات أفراد المجتمع بفئاتهم المتباينة وتعريفهم بدورهم في إعادة إعمار مدينتهم... وأهم هذه الفئات إنسان الشارع العادي إذ لو تم الاشتغال عليه بدلاً من التنظير والبقاء بالبرج العالي لأستاذ الجامعة لكانت الفائدة بظني اكبر إذ يمثل هذا الإنسان السواد الأعظم في المجتمع، وبالتالي فإن نقطة الانطلاق ستكون من خلاله ويقع الدور الأكبر على قسمي علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية، المثقف هو الرقيب على ما يحدث في المجتمع وهو أداة يجب أن تكون فاعلة في تغيير وتطوير ونماء المجتمع وإلا فقد رسالته». المثقف يتحمل جزءاً كبيراً الكاتبة والروائية د. سناء مبارك قالت «إن العمل الثقافي هو جزء من اختلاجات الشارع والمرحلة والوضع ككل، يؤثر ويتأثر بها، ولأن المرحلة منذ الوحدة اليمنية في 1990 لم تكن واعدة في الجنوب بأشكال شتى فقد تأخر الفعل الثقافي وتدهور وفقدت عدن نوّارة الشرق وأحد أهم مراكزه الحيوية دورها الفاعل وموقعها الثقافي البارز، لهذا أسباب متعددة ربما أهمها إقصاء الكوادر الجنوبية وقلّة الاستثمار في الثقافة وهجرة معظم الكفاءات الجنوبية ومغادرتها موقعها». وأضافت لـ «الاتحاد» «يتحمل المثقف الجنوبي اليوم الجزء الهام في إعادة الحياة للجسد الثقافي المهترئ، ربما من خلال تحمل مسؤوليته في الحفاظ على التراث الإنساني والإبداعي ساري المفعول، التوثيق للمرحلة بالكتابة والتصوير والفن، وفي تحميس الجمهور لأجل دعم الثقافة والتنوير كحل أكيد ومضمون لمعظم الإشكالات الاجتماعية والسياسية وحتى الاقتصادية». حمامة سلام.. الكاتبة، ريهام سروري، بدأت بمقولة لأحد الكتاب الروائيين الأجانب الذين قالوا «إن المثقف لو شاء أن يضطلع بدور فعليه أن يقوم بدور حمامة السلام المتسم بالحكمة والرصانة والقدرة على إسداء النصح للمجتمع بكل أطيافه، فليس من مثقف يشعل الحروب أو يحرض على تخريب علاقات بلاده مع بلد آخر، أن دور المثقف الأخلاقي يكمن في تحسين أوضاع البلد وإيقاف التدهور إن أستطاع إلى ذلك سبيلاً». وأضافت: يجب على المثقف أن يكون حمامة س?م ورسالة محبة وتغيير للعالم أي أن دوره لا يختلف عن دور المواطن العادي إلا أن المثقف الحقيقي لا بد أن يتسم برؤية إنسانية متعمقة ونظرة جيدة تجعله ينظر للجانب الجيد في مجتمعه ويحدث روح تفاؤل ومحبة وإشراق أمل، لا سيما في أوقات الحروب الطاحنة والأزمات، وهذا ما نحتاجه في وقتنا الحاضر في مجتمعنا اليمني لحل كافة المشاكل والأزمات». وقالت: ما يمر به الوطن اليوم شمالاً وجنوباً بحاجة ماسة لروح المثقف الفاعل بموضوعية واستقلالية بحيث لا ينبهر أو ينساق وراء ما قد تجره من قضايا أو أحداث قد يروجها طرف العدو «صالح، الحوثي» سعياً منه لتشويش كل ما حققناه من نصر بالتحالف مع أشقائنا، مشيرة «لا بد علينا اليوم وبعد كل ذلك أن نعمل جميعاً كنخبة مثقفة مما من شأنه تحذير عقليات المجتمع بكافة شرائحه من شعراء وكتاب وإعلاميين وفنيين ومنظمات مجتمع مدني للتصدي لتفكيك مجتمعنا اليمني لاسيما عدن. وقالت إن الأميين الجدد «الميليشيات» أدركوا بالفعل مدى خطورة وجود المثقف اليمني لذلك قاموا منذ بدء الانقلاب في اليمن إلى وقتنا الحالي بسلسلة من الاعتقالات لتكميم أفواه كل من يختلف معهم في الرأي أو يقوم بفضح جرائمهم دون علم بأن ذلك لا يزيد أصحاب العقول التنويرية إلا مزيد من القوة والإصرار. محاولة لفرض ثقافة إيرانية الكاتب والشاعر، فهد البرشاء قال لـ «الاتحاد» بات من الضروري أن يكون للمثقف اليمني الدور الإيجابي، بل والفاعل في المجتمع بعد أن أضحى الفكر الهمجي والعدواني هو السائد بعد سيطرت جماعة الحوثي التي تفرض أجندتها ونظامها وأفكارها على الواقع، المثقف اليمني له تأثير على المحيطين من خلال التنوير والتثقيف في ظل التطورات الفكرية الدخيلة على المجتمع التي تبناها المتمردون والتي كادت أن تودي به لخطر قد يؤدي إلى اندثار الثقافة الحقيقية في هذا البلد الذي يكتنز من الكثير والكثير. وأضاف المثقف هو السراج المنير والدليل الذي يقتدي به الآخرون ويقع على عاتقه توضيح الصور المعتمة وتبيين الحقائق وإحقاق الحق، كي لا ينجر الشعب اليمني خلف تلك التيارات التي تهدف في المقام الأول والأخير لزرع ثقافة دخلية على الشعب اليمني مستوردة من المد الإيراني الهمجي، نحن في اليمن عانينا الكثير والكثير بسبب تدني مستوى الوعي والثقافة وقصور العمل الثقافي ولهذا كان معظم الشعب اليمني فريسة سهلة بيد الحوثيين وغيرهم ممن يحاولون جر البلاد والعباد إلى هاوية الهلاك والضياع. المسرح سيعود.. مادام أولاد زايد يبنون المسرحي والممثل والكاتب المسرحي البارز، سالم العباب، قال إن الثقافة والمسرح على وجه التحديد ستعود من جديد لتضيء في مدينة عدن التي حضنت الثقافات والأديان المتعددة، تاريخ المدينة المسرحي حافل منذ العام 1904م، حيث عرض أول عمل مسرحي شبيهة بقصة قيس وليلى في الأدب العربي كانت لفرقة إنجليزية أثناء حكم بريطانيا للمدينة، مضيفاً أن عدن اليوم انتفضت على جلاديها، بإرادة الله وسواعد أبنائها، ودعم ومساندة أخوة الدم والنسب والدين في دول مجلس التعاون الخليجي الذين هبوا لنجدتنا، بعدما بلغ ظلم ذوي القربى بنا، حد دفننا أحياء.وأضاف «مشيئة الخالق سخرت لنا جنود الإمارات وجنود مجلس التعاون، ولكن للإمارات وضعا متميزا في الجنوب عامة وفي عدن خاصة، إلا يكفينا أن دماءهم الزكية اختلطت بتراب الجنوب، بتراب عدن، وأصبح حبهم في كل قلب هم وبقية دول مجلس التعاون، جميلكم لن ننساه يا أبناء زايد، ولا يسعنا إلا أن نقول إلا ما قاله الشاعر: «هذي فضائلكم بدت أسراب لم ندرِ نولي أيهن خطاب»، وبعون الله سيزدهر المسرح في عدن من جديد، طالما أبناء زايد يبنون ما هدمته جحافل تتار مران وسنحان.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©