الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معاذ بن جبل.. «أعلم أمتي بالحلال والحرام»

معاذ بن جبل.. «أعلم أمتي بالحلال والحرام»
14 نوفمبر 2013 20:59
صحابة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- هم تلك النخبة المميزة التي تخرجت في مدرسة الإسلام الأولى، حيث كان لهم- رضي الله عنهم أجمعين- قصب السَّبْق في الإيمان بالله ورسوله، فقد باعوا أنفسهم لله، فاحتملوا الإيذاء والاضطهاد وصبروا صبراً جميلاً. هؤلاء هم صحابة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الذين نحبهم ونجلهم، ونحترمهم ونقدرهم، فقد أشاد الله بهم في قرآنه، وأثنى عليهم في كتابه، ومدحهم في تنزيله، وذكر مواقفهم المشرفة في نصرة الدين الإسلامي الحنيف، فهذه النخبة الكريمة نالت شرف إشادة الله سبحانه وتعالى بهم في مواضع كثيرة من كتاب الله الكريم منها: قوله تعالى: ?{?لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا?}?. سورة الفتح الآية(18). قال ابن كثير- رحمه الله- في «تفسير القرآن العظيم»: (فعلم ما في قلوبهم: أي من الصدق والوفاء والسمع والطاعة). كما وعد الله المهاجرين والأنصار بالجنات والنعيم المقيم، وأحَلَّ عليهم رضوانه في آيات تتلى إلى يوم القيامة، كما ورد في قوله تعالى: ?{?وَالسَّابقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) سورة التوبة الآية(100)، وقوله تعالى: (لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ. وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). سورة الحشر الآيتان(8-9). تضحيات كما شهد لهم بالفضل رسولنا- صلى الله عليه وسلم- حيث كان- عليه الصلاة والسلام- شاهداً عليهم في حياته، يرى تضحياتهم، ويقف على صدق عزائمهم، كما جاء في الحديث الشريف أن ?النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: (خَيرُ النَّاسِ قَرنِي، ثُمَّ الَّذينَ يَلونَهُم، ثُمَّ الذينَ يَلونَهُم) أخرجه الشيخان، وإنما صار أول هذه الأمة خير القرون؛ لأنهم آمنوا به حين كفر الناس، وصدقوه حين كذبه الناس، ونصروه، وآووه، وواسوه بأموالهم وأنفسهم. وقد نهى الرسول- صلى الله عليه وسلم- عن النيل من الصحابة الكرام- رضي الله عنهم أجمعين - لما يعلم من صدقهم وإخلاصهم، كما بين- عليه الصلاة والسلام- أن فضلهم لا يعادله فضل أحد من الناس، بما قدموا وبذلوا من أنفسهم وأموالهم، فقد جاء في الحديث أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: ( لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلا نَصِيفَهُ) أخرجه الشيخان. حياته معاذ بن جبل الخزرجي الأنصاري، وكنيته أبو عبد الرحمن، والده: جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بن الخزرج، أمه: هند بنت سهل من بني رفاعة، ولد في المدينة المنورة قبل الهجرة بثمانية عشر عاماً، وأسلم معاذ وهو ابن ثماني عشرة سنة، وهو أحد السبعين الذين شهدوا بيعة العقبة من الأنصار، وآخى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بينه وبين عبد الله بن مسعود- رضي الله عنهم أجمعين، واشترك في عدة معارك أولها معركة بدر الكبرى، وطالت صحبته لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- حتى حصّل علماً كثيراً، وقد أشاد به الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- فقال: (إن معاذ بن جبل- رضي الله عنه- كان أمة قانتاً لله حنيفاً، ولم يك من المشركين). فضائله- رضي الله عنه معاذ بن جبل- رضي الله عنه- صحابي جليل، له فضائل عديدة ومناقب كثيرة، نذكر منها: شهادة النبي لمعاذ- رضي الله عنه، ومعاذ بن جبل هو أحد الأربعة الذين حفظوا القرآن زمن رسول الله- صلى الله عليه وسلم، فقد روي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قال: سَمِعْتُ النَّبيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-َ يَقُولُ: «اسْتَقْرِئُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبي حُذَيْفَةَ، وَأُبَيٍّ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ». أخرجه البخاري. أعلم الصحابة بالحلال والحرام لقد شهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لمعاذ- رضي الله عنه- بأنه أعلم الصحابة بالحلال والحرام، كما جاء في الحديث: «أَرْحَمُ أُمَّتِي بأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ بن عفّان، وَأَعْلَمُهُمْ بالْحَلالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَقْرَؤُهُمْ أُبيٌّ بن كَعْبٍ، وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بن الجَرَّاح». أخرجه الترمذي. ومن المعلوم أن معاذاً- رضي الله عنه - قد تربيَ في مدرسة النبوة منذ نعومة أظفاره، ونهل من معينها الذي لا ينضب، فكان- رضي الله عنه من خيرة الصحابة الكرام- رضي الله عنهم أجمعين- الذين تخرجوا في مدرسة نبينا محمد- صلى الله عليه وسلم. أجتهـد رأيي ولا آلو اهتم معاذ بن جبل- رضي الله عنه- بالفقه والقضاء، فعينه النبي- صلى الله عليه وسلم– قاضياً ومعلماً في اليمن، كما جاء في الحديث: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَبْعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ قَالَ: كَيْفَ تَقْضِي إِذَا عَرَضَ لَكَ قَضَاءٌ؟ قَالَ: أَقْضِي بكِتَابِ اللَّهِ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: فَبسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَلا فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: أَجْتَهِدُ رَأْيِي وَلا آلُو، فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَدْرَهُ، وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ لِمَا يُرْضِي رَسُولَ اللَّهِ ). أخرجه ابو داود. من المعلوم أن النبي- صلى الله عليه وسلم- كان يحب معاذاً- رضي الله عنه -حباً شديداً، ويرى فيه أنه أهل لحبه وقربه، فقد أخرج أبو داود في سننه وأحمد في مسنده (عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَخَذَ بيَدِهِ وَقَالَ: ‏«يَا مُعَاذُ، وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ‏»، فَقَالَ : «أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ: لاَ تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ». أخرجه أبو داود. وعند دراستنا للحديث الشريف السابق نتعرف على المنزلة الرفيعة التي حظي بها معاذ- رضي الله عنه- عند رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حيث أوصاه بهذه الوصية الجامعة الوافية بكل ما ينفع المسلم في دنياه وآخرته، لأنه - رضي الله عنه- كان يحب الذكر والشكر وسائر العبادات. وفاتـه وتوفي- رضي الله عنه- سنة ثماني عشرة للهجرة بمرض الطاعون الذي كان منتشراً في بلاد الشام وقتئد، وحينما علم أمير المؤمنين عمر- رضي الله عنه- بوفاته تأثر وقال: (عجزت النساء أن يلدن مثل معاذ، ولولا معاذ لهلك عمر). ‎الدكتور يوسف جمعة سلامة ‎خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك www.yousefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©