الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المصمم الثائر باكو رابان·· ساحر المقص والخيط

المصمم الثائر باكو رابان·· ساحر المقص والخيط
22 مارس 2009 02:45
لطالما وصف المصمم الأسباني الأصل باكو رابان بـ'' الفنان الثوري، المتمرد، والسابق لعصره''، كيف لا وهو أول من أدخل الفستان المعدني والزيّ البلاستيكي إلى عالم الأزياء، وكان رائداً لحركة التغيير في اتجاهات الموضة العالمية منذ ستينيات القرن الماضي، فهو بخياله الواسع وأفكاره العصرية جداً شكل نقلة نوعية بل وصدمة بين المصممين الكبار آنذاك· فقد ميّز نفسه باختياره لخامات جديدة ومواد صناعية لم تكن معروفة أو مستخدمة في تنفيذ وخياطة الأزياء، فاستعمل الورق المقوىّ والمعادن الفضية والذهبية وقطع البلاستيك الملّون والسلاسل والمطاط والجلد والخشب وكل ما لم يخطر على البال لترجمة رؤيته المتفردة للموضة، فكانت أثوابه جريئة وغريبة وغير قابلة للتقليد والاستنساخ، وأصبحت كل قطعة تحمل توقيع باكو رابان تعتبر أيقونة فنية ونموذج بديع للفن المعاصر وحركة الواقعية الجديدة· ميلاد نجم وبداية موهبة وفي مدينة سان سباستيان في إسبانيا ولد النجم ''فرانسيسكو دي رابان دا كويرفو'' في عام ،1934 و جــــاء اســــم باكـــــو اختصـارا لاســمه الذي اعــتــاد من حـــوله مــــناداتــه به لتـدليـــله، ومــــــا بين ســـنوات النشــــــأة الأولى والموهبة الفطرية وما ورثه من جينات العبقرية التي أهلته لتذوق الفن وعشق الألوان واللعب بالخامات، جاء مستقبله مرسوماً ومقدراً له، فقد راقب والدته منذ نعومة أظفاره وهي تنتقي الأقمشة و تفصّل وتخيط الأثواب، وكانت من المهارة بحيث عملت كخياطة محترفة لدى دار مصمم الأزياء الأسباني العالمي كريستوبال بالنشياغا خلال فترة العشرينات، وبالتالي كان من الطبيعي لباكو الصغير أن يتعلم حب الأناقة والجمال، وأن يتشرب أصول المهنة من أمه التي شجعته لاحقاً على دراسة هذا المجال، فانتقل لعاصمة الموضة باريس ليتلقى علومه وينفتح على الفنون والأدب في مدينة النور، فدرس الهندسة في مدرسة الفنون الجميلة الفرنسية عام ،1952 ولأنه فقير الحال وينحدر من أسرة بسيطة فقد اضطر للعمل ليعيل نفسه ويدفع تكاليف دراسته، فعمل في تصميم المجوهرات والاكسسوارات مع عدة دور أزياء باريسية، ومنهم الشهيران روجيه موديل وشارل جوردان، ومن هنا لمعت لديه فكرة تحويل الاكسسوار المعدني إلى زيّ يرتدى، وبعد تخرجه عام ،1964 أحب أن يعود إلى شغف الصبا ليتخصص في الأزياء والموضة، فقرر ذات يوم من عام 1965 أن يقدم مجموعته الخاصة الأولى، والمكونة من عدة قطع مشغولة من المعدن الخالص والبلاستك الملوّن تحت عنوان '' 12 فستان بمواد عصرية يمكن ارتدائها''، والتي حاول من خلالها محاكاة الفن المعاصر وحقبة التجديد في التشكيل الفني ومن هنا بدأت مسيرة النجاح· فنان يحاكي لغة عصره ولعل اختياره لخامات صناعية وغير تقليدية في تنفيذ الأزياء عوضاً عن أقمشة الحرير والشيفون، جاء نتيجة لمعاصرته للثورة التكنولوجية والتطور الهندسي والمعماري وارتقاء وسائل النقل والاتصال، وتحول عنصر المعدن إلى مادة أساسية تجمع كل العلوم والفنون، ولأنه فنان واقعي فقد أحب هذا أن يكون ابن عصره وأن يحاكي زمنه فانسجم بعمله وفنه مع محيطه الخارجي وارتأى أن يقود حركة التحرر من كلاسيكيات الموضة العالمية القديمة وموادها المعروفة، واختار خامات مصّنعة جديدة قلبت الموازين وأحدثت دهشة في عالم الأزياء، ولأنه مبتكر ومختلف عن الآخرين فقد نجح وانفرد بشكل آسر، وتمكن من افتتاح بوتيكه الخاص عام 1966 وهو لم يتجاوز سن الثانية والثلاثين، لافتاً أنظار العالم إلى تصميماته الجنونية وأفكاره الخلاقة التي احتوت على أثواب عجيبة ومرنة مشغولة بالكامل بالأسلاك والاسطوانات والرقائق البلاستيكية مع فساتين من الجلد و الورق، وبالطبع قطع أخرى مدهشة ومتحركة مكونة من عنصر المعدن الحاضر دائما في كل مجموعاته، وتحول رابان في زمن قياسي إلى مصمم مطلوب جداً، خاصة لتصميم ملابس الأفلام، و استعراضات الرقص ونجوم المسرح· إنجازات ومشاهير لقد اشتهر باكو رابان بأنه أول من أدخل الجمال الأسود على منصات العروض فلم يجرؤ أحد قبله على معارضة المجتمع وإشراك عارضة سوداء في عرض أزياء، ومن منجزاته أيضا تصميمه لملابس النجمة الأميركية جين فوندا في فيلم الخيال العلمي ''بارباريلا'' عام ،1968 وهويعتبر من أهم الذين صمموا لأفلام هوليوود حيث اشترك في التصميم لـ35 فيلما، ومن أشهرهن النجمات اللواتي تمتعن بلبس أثوابه (أودري هيبورن، إليزابيث تايلور، وبريجيت باردو)· وظل يمارس نشاطه بنجاح إلى منتصف السبعينات حيث خفت حدة الطلب على الغرابة والمعاصرة في الأزياء، فأصبحت النساء تحّن للأزياء الكلاسيكية الناعمة من جديد، فعانت ابتكارات رابان من قلة الطلب ولكن هذا لم يغير من أسلوبه وطرازه العام في الموضة، وجنوحة نحو الحداثة والتغيير فابتكر تطعيم أثوابه برقاقات الألمنيوم والورق المجعد، وأدمجها مع الريش والشرائط الحريرية وأقمشة التنجيد، فحاز على جائزة ''الكشتبان الذهبي'' عام ،1989 وهي التي نالها في الدورة الأولى للمهرجان الدولي للأزياء· ولم لم تبدأ ملامح التغيير لديه إلا في أوائل التسعينات، حيث قرر أن يعيد تصميم دار أزيائه في باريس، وهي المهمة التي سلمها للمهندس المعماري الشهير إريك رافي، والذي تأسست فكرته على ثلاثة مؤثرات رئيسية، وهي المعدن، والزجاج، والضوء، الأمر الذي ساهم في رسم خطه الجديد في الأزياء وتحوله من استعمال المواد الغريبة غير العملية إلى المظهر الأكثر نعومة في الأزياء، مبتعدا فقط عن المواد المعدنية والبلاستيكية، ومتمسكا بباقي المواد التي اعتاد الاعتماد عليها، معتمدا على خامات صناعية مثل خامات الجلد الصناعي ''سوفرينا'' و''أماريتا''·
المصدر: دنيا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©