السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

عراقيون يشككون في الديمقراطية التي وعد بها الأميركيون

18 نوفمبر 2011 00:21
لم يكن من السهل محاورة حسين علي وصديقيه الذين كانوا يجلسون في محل للحلاقة في أحد أحياء مدينة الصدر ذات الأغلبية الشيعية في شرق العاصمة العراقية بغداد في موضوع الديمقراطية التي وعد الأميركيون بجلبها إلى العراق غداة الحرب التي شنوها على البلد في عام 2003. فالثلاثة وإن اعترفوا بعد حوار مضن وساخن أن الأميركيين جلبوا الديمقراطية إلى العراق، فقد كانوا يشعرون بغصة ومرارة في الإقرار بذلك دون النبش في ذكريات مؤلمة حفلت بها تلك السنوات لما يسمونه بسنوات الوجود الأميركي لبلدهم. وقال علي (21 عاما) بينما كان يجلس مع صديقيه ينتظر دوره للحلاقة “رغم الادعاء بوجود ديمقراطية، إلا أن هناك جانبا آخر من القصة، لماذا لا تسألنا عن الألم والأذية التي تحملناها طوال هذه السنين والتي كان الجيش الأميركي السبب بها؟ لماذا لا تسألنا عن الجرائم والفظائع التي ارتكبوها بحقنا؟ لماذا لا تسألنا عن هذه الاشياء وتسألنا عن الديمقراطية فقط”. وما زال العراقيون منقسمين حول حقيقة الديمقراطية التي وعد بها الأميركيون وأحلامهم التي تلاشت في خضم الصراع على السلطة بين القوى السياسية التي حكمت العراق بعد عام 2003، والذي ما زال مستمرا وما تسبب به من هدر لأبسط حقوق المواطنة وحق العيش وافتقار للخدمات في بلد غني بثرواته بين دول المنطقة. وعند طرح سؤال عما إذا كان الأميركيون قد حققوا ما وعدوا به وجلبوا الديمقراطية، يفضل الكثير من العراقيين الحديث عن الأخطاء التي ارتكبها الجنود الأميركيون طوال تلك السنين مثل فضيحة سجن أبو غريب وما تعرض له سجناء عراقيون من اعتداءات جنسية، أو الحديث عن ذكريات مؤلمة لصور مازالت عالقة في الأذهان عن الاستخدام المفرط للقوة من قبل الجيش الأميركي ضد العراقيين. وطغت شدة الخلافات والصراعات السياسية على مشهد الحياة اليومية في العراق وتسببت بانقسامات طائفية واستمرار شبه يومي لحوادث وانتهاكات أمنية من جانب ميليشيات مسلحة، تجعل كثيرا من العراقيين يشككون بماهية المشروع الأميركي للديمقراطية. وتعتبر مشكلة ارتفاع نسبة البطالة إحدى سمات العراق بعد عام 2003. وتقول بيانات حكومية إن ما يقارب ربع سكان البلد البالغ عددهم ثلاثين مليون نسمة ما زالوا يعيشون تحت خط الفقر. وينحي كثير من العراقيين باللائمة على قادتهم السياسيين الجدد المنقسمين بشدة على أنفسهم ويحملونهم مسؤولية الكثير من المشاكل التي يعانون منها. وفي مدينة الأعظمية كشف الحديث مع عشرات من سكانها أن هؤلاء ينظرون بمنظار مختلف إلى الديمقراطية أميركا في العراق. ورغم مشاركتهم في التشكيل الحكومي الهش واستحواذهم على عدد غير قليل من الحقائب الوزارية ومناصب سيادية أخرى، فإن الكثير من السنة يرون أنهم مضطهدون من قبل هذه الحكومة التي يقودها نوري المالكي، وأنهم مستهدفون لأنهم عارضوا الوجود العسكري الأميركي في بلدهم منذ بدايات الاجتياح قبل نحو تسع سنوات. وقال وائل الخفاجي (48 عاما) وهو صاحب محل وهو يشير إلى جندي عراقي يقف على مقربة في نقطة تفتيش للجيش وسط الأعظمية “أنظر إلى هذا الجندي الذي يقف في نقطة التفتيش، هذا قادر على إهانتك أو أي إنسان آخر وأن يفعل ما يشاء بك دون أن تستطيع فعل أي شيء ضده أو حتى إيقافه، هل هذه ديمقراطية؟”. وأضاف “أي ديمقراطية أنت تسألني عنها وأنا لا أستطيع أن أحمي نفسي في هذا البلد، أي ديمقراطية وأبسط حقوقي أنا كإنسان مسلوبة، إذا كانت هذه هي الديمقراطية التي يتحدث عنها الأميركيون، فإلى الجحيم مثل تلك الديمقراطية”. ومازالت شوارع بغداد تعج بالمئات من نقاط التفتيش التي تسبب إرباكا شديدا لحركة المرور. ورغم مرور نحو سنتين على الانتخابات البرلمانية فإن الخفاجي مازال يشعر بالخيبة والمرارة شأنه في ذلك شأن العديد من السنة العرب بسبب عدم تمكن أياد علاوي رئيس الوزراء السابق والفائز بالانتخابات من تشكيل الحكومة. وقال “هل يمكنك أن تقول لي من فاز بالانتخابات ومن شكل الحكومة؟ جاوبني على سؤالي قبل أن تطلب مني أن أرد على سؤالك عن الديمقراطية، أين وزير الداخلية في الحكومة وأين وزير الدفاع؟”. وقد تظاهر مئات الآلاف من العراقيين في الأشهر الماضية ضد الفساد المستشري في مؤسسات الدولة مطالبين بتحسين مستوى الخدمات وإجراء إصلاح في النظام السياسي العراقي. لكن ما قد تؤول إليه الأحداث بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق نهاية العام يشعر العديد من العراقيين بالقلق إزاء مستقبل الديمقراطية الوليدة في بلدهم.
المصدر: بغداد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©