الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

أحمد بن ركاض العامري: المعرض بات أشبه بسوق عكاظ عالمي للثقافة المعاصرة

أحمد بن ركاض العامري: المعرض بات أشبه بسوق عكاظ عالمي للثقافة المعاصرة
14 نوفمبر 2013 23:56
حقق معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الثانية والثلاثين، التي تختتم أعمالها غداً «السبت»، الكثير من المؤشرات الإيجابية التي تجاوزت ربما طموح المنظمين والقائمين عليه، فبات بحقّ مهرجاناً فكرياً وكرنفالاً إبداعياً متمازجاً ومتفاعلًا مع الحراك الثقافي الذي تشهده دولة الإمارات، وتكتمل أعراسه ومباهجه في الشارقة عاصمة الثقافة العربية. ترجم معرض الشارقة شعار: «في حب الكلمة المقروءة» بأبهى حلّة معرفية وبأرقى معايير الجودة والابتكار في الأنشطة والفعاليات والأنشطة المصاحبة، استناداً إلى الإيمان الحقيقي بأهمية الكتاب ودوره الحضاري والإنساني في تنمية الشعوب وإضاءة مساراتها المستقبلية، ومن هنا كان التحدي الذي وضعه القائمون على المهرجان لمواصلة التميز وتسارع وتيرته، منوطاً أيضاً بالقدرة على وضع خطط وأفكار تنظيمية خلّاقة، تتجاوز ما تم تقديمه في الدورات السابقة، وهو الأمر الذي ساهم في حيازة معرض الشارقة للكتاب المركز الرابع على مستوى المعارض الدولية في العالم. ومع اقتراب موعد اختتام المعرض التقت «الاتحاد» أحمد بن ركاض العامري مدير معرض الشارقة الدولي للكتاب، والذي استطاع منذ توليه المهمة قبل خمس سنوات أن يضيف بحيويته وحماسه وأفكاره التنظيمية الجديدة الكثير من النجاحات والقفزات اللافتة التي تحولت إلى ظاهرة ملحوظة ومشار إليها بقوة، خصوصاً فيما يتعلق بالجاذبية الثقافية والتسويقية والتنظيمية التي صنعها المعرض لنفسه، وباتت علامة فارقة في مسيرته وهويته الجديدة، حيث ساهمت هذه الجاذبية الشعبية والنخبوية أيضاً، في زيادة عدد دور النشر المشاركة، ونمو حجم الشراء والإقبال من القراء والمهتمين، والتطور النوعي في طبيعة الأنشطة الفكرية المصاحبة، واستقطاب أهم الناشطين الثقافيين والضيوف المساهمين في إثراء هذا الحدث الثقافي الكبير. سرّ التفوق بداية سألنا العامري عن سرّ هذا التفوق المطرد الذي يشهده المعرض في كل دورة جديدة من دوراته، فأشار إلى أن السرّ «يكمن في صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الذي يولي المعرض اهتماماً منقطع النظير، ويضع الأهداف الثقافية والاستراتيجيات التنظيمية القادرة على تطويره، ويشمله في كل دورة جديدة بالمزيد من الرعاية والاحتضان، لأن المعرض يمثل بالنسبة لسموه بيتاً لكل عشاق الكلمة ولكل الشغوفين بالقراءة، ومظلة حاضنة لكل المثقفين المحليين والعرب ومعهم المفكرين والمبدعين القادمين من دول العالم المختلفة». وأضاف العامري بأن «سموه يشرف على كل الفعاليات المحورية في المعرض، ويتابع بدقة كل التفاصيل الصغيرة، والتي تعمل جميعها على إنجاح المعرض والارتقاء به نحو الأفضل، وإلى ما هو أكثر بهاء وألقاً وتجاوزاً لنجاحات السنوات السابقة». وأكد العامري أن نتائج هذا الاهتمام الخاص والمخلص لقيم وتطلعات المعرض، “أدت إلى أن يحصل معرض الشارقة على المركز الرابع عالمياً بالنسبة لحقوق النشر وحقوق الترجمة، كما استطاع أن يحقق مكانة مميزة في قلوب أبناء الدولة والمقيمين فيها والزائرين لها، وأن يستحوذ على الاهتمام الإعلامي الواضح مقارنة بالأنشطة الأخرى المقامة في التوقيت نفسه بالمنطقة”. زخم إعلامي وعن مسببات ودوافع هذا الزخم الإعلامي الكبير في المعرض، أوضح العامري أن الأسباب «مرتبطة بطبيعة الأنشطة المتنوعة التي يطرحها المعرض، وطبيعة المشاركات التي استقطبت في هذه الدورة ما يزيد على 1010 دور نشر، تمثل 52 دولة، وقدمت ما يزيد على 400 ألف عنوان، تمثل 180 لغة مختلفة، بحيث تلبّي هذه العناوين الحاجة المعرفية والنهم الثقافي لمعظم الجاليات المقيمة في الدولة، وأهمها الحالية الهندية والباكستانية والأوروبية وحتى تلك المنتمية لدول أميركا اللاتينية». ومن هنا ــ كما أشار العامري ــ فإن أحداث المعرض “باتت تنقل بالوسائل المسموعة والمرئية والمقروءة إلى قارات العالم الخمس”، مضيفاً أن “هذا التنوع الثقافي يمنح المعرض بعده العالمي وطبيعته الدولية التي سعى منذ سنوات طويلة لتحقيقها”. وسألنا العامري عن المقارنات التي يمكن وضعها هنا بين أول دورة تولى فيها مهام إدارة المعرض قبل 5 سنوات، وبين ما نراه متحققاً وملموساً في الدورة الحالية، فقال: «حاولت مع فريق العمل ومنذ اليوم الأول لإدارة المعرض أن نحقق رؤى وتوجيهات صاحب السمو حاكم الشارقة في ضرورة إيصال المعرض للعالمية، وتطبيق أعلى معايير الجودة التنظيمية، ليتحول هذا الحدث الثقافي والتوعوي والتعليمي، إلى واجهة لامعة ومتوهجة، تمثل الإمارات وتقدمها بصورة احترافية ومشرّفة أمام الإعلام العربي والدولي». لقاء الهويات وأضاف العامري أن إدارة المعرض، وتنفيذاً لتوجيهات سموه، قامت بصياغة هوية خاصة للمعرض، تمثل في شعارها الذي أصبح علامة مميزة للرغبة في التطور وتجاوز السقف المنخفض للطموح، وأشار العامري إلى ازدياد المساحة المخصصة للمعرض مقارنة بالسنوات السابقة، وقال: »إن هذه الإشكالية كانت عقبة كبيرة استطاع صاحب السمو حاكم الشارقة أن يذللها، وأن يمنح مكان الحدث، وهو مركز إكسبو، ما يستحقه من نمو وتوسع»، ونوه إلى أن إدارة المعرض قامت باستحداث عدة أنشطة مبتكرة جسدت جانباً من الأفكار العديدة التي طرحها سموه للارتقاء بهذا العرس الثقافي السنوي، مثل إقامة أنشطة تفاعلية مهمة كالمقاهي الثقافية والفعاليات والبرامج الموجهة للطفل والأمسيات الشعرية والندوات الفكرية التخصصية التي شارك بها نخبة من أهم المثقفين والأدباء في العالم. وأضاف العامري أن أحد أهم التحديات التي جابهت إدارة المعرض وفريق العمل، ونجحت في تجاوزها، «تمثلت في كيفية زيادة عدد الكتب الأجنبية واستقطاب دور النشر الآسيوية والغربية»، مشيراً إلى أن «هذا التواصل الإيجابي بين الهويات والمرجعيات المختلفة على أرض المعرض، حوّله إلى ما يشبه سوق عكاظ عالمي للثقافة المعاصرة». الحضور اللبناني وفي سؤال حول مشاركة لبنان كضيف شرف الدورة الحالية من المعرض، أوضح العامري أن هذا الاختيار «يترجم روح وهوى معرض الشارقة، لأن لبنان هو ركيزة ثقافية وعربية أصيلة وعريقة، وهو أرض الحضارات، ومنبع الحرية، وأرض التآلف والتسامح الفكري والعقائدي، ما أهلّه لصياغة مناخ منفتح على الطباعة والنشر والشعر والفكر والموسيقى والفنون والإعلام الجديد»، ولذلك ــ كما أكد العامري ــ فإن استضافة لبنان في هذا الحدث الكبير، هو إضافة نوعية يختبر لدى الزوار والمثقفين النزعة الجمالية الزاهية المتمثلة في أقسام الجناح اللبناني بالمعرض، والحافلة بالإصدارات الأدبية القيمة، وبمعرض الصور والأعمال التشكيلية والفنون الفلكلورية الغنية في هذا البلد الضارب بعمق في جذور التاريخ والتواصل المعرفي الإنساني مع الحضارات الأخرى. سلبيات محتملة وفي سؤال عن تحليل المؤشرات والمراجعات الإدارية اللاحقة بعد انتهاء المعرض، وطرق معالجة السلبيات التنظيمية إن وجدت، والخطط الجديدة المقترحة للدورة المقبلة، أجاب العامري بأن الإدارة «وضعت تصورها المسبق للمعرض المقبل، وهو الثالث والثلاثون، قبل بداية المعرض الحالي”، وقال: “هذا الأمر قد يكون مفاجئاً للبعض، ولكننا، وفي سعينا للبحث عن التميز، وتخطي نجاحاتنا السابقة، نقوم بوضع برامج مستقبلية أكثر تنوعاً وإدهاشاً مما سبق. إن خريطة المعرض المقبل جاهزة منذ الآن، وتنتظر فقط الاعتماد النهائي، وملاحقة التغيرات والأحداث الثقافية المتوقعة، ووضع آليات وخطط مرنة للتعامل مع الأحداث الأخرى المفاجئة». وعن السلبيات التي شهدتها الدورة الحالية أوضح العامري أن الأخطاء هي نتيجة طبيعية للعمل الكبير والجهود التنظيمية المتواصلة والمتراكمة، وقال: «إن من لا يعمل لا يخطئ»، وأضاف : «نحن عموماً نسعى وبجدية للتعامل مع السلبيات، وضرورة معالجتها في وقتها، أو تلافيها في الدورات المقبلة». وحول الإضافة الحياتية والخبرة الشخصية التي استقاها من عمله في هذا الحدث الضخم، قال العامري «إن أي شخص يتعامل مع هذا المناخ الثقافي والإنساني ومع الروح المنفتحة على الآخر التي يجسدها وينشرها المعرض، لا بد وأن يرتقي بتفكيره وسلوكه واحترامه للمرجعيات المتعددة في هذا العالم الواسع الذي بات بحاجة، وفي هذا التوقيت بالذات، إلى نبذ العنف والكراهية وصراع الأفكار المنغلقة التي تصنع المزيد من الأحقاد والحروب، وتتناسى جوهر المحبة والسلام المغروس في قلب كل إنسان يشغل هذا الكوكب».
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©