الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تحديات التعليم في وزيرستان

6 نوفمبر 2012
ميشيل لانجفاين ليبي وسليم محسود إسلام آباد عندمـا دخلنا فصـول مدرسـة أكسفـورد العامة المتوسطة، رأينا مجموعة من التلاميذ المتحمسين وهم منهمكون في قراءة دروسهم التي تشمل تعلم كيفية العد والحساب. ولم تكن هناك أدراج للكتابة، كما كان المدرس يجلس على مقعد من غير ظهر وهو يلقي دروسه، في تلك المدرسة الواقعة في شمال وزيرستان قلب المنطقة التي تنشط فيها "طالبان" باكستان. وقد لاحظنا أن الطلاب الكثيري الحركة الذين يرتدون قبعة عليها شعار المدرسة كانوا يتعلمون كيفية الحساب والعد بلغتين هما الأوردو -اللغة الرسمية للبلاد- والبشتو اللغة الأكثر انتشاراً في المناطق القبلية. وفي هذا المشهد الكائن في قلب منطقة حرب تعرضت فيها مئات المدارس للقصف، وتطير فوق رؤوس سكانها ليل نهار الطائرات من دون طيار، وتؤدي حالات حظر التجول التي تفرضها قوات الجيش إلى عدم قدرة المدرسين على الوصول إلى مدارسها، يعتبر بقاء تلك المدارس مفتوحة أمراً يدعو للإعجاب في حد ذاته. وفي هذه المدرسة الواقعة في المنطقة القبلية من باكستان التي يصعب الوصول إليها، ولا تسيطر عليها الحكومة بشكل كامل، يدرس 400 تلميذ -من بينهم بعض أبناء مقاتلي "طالبان"- وذلك في الصفوف من الأول حتى الثامن. وعلى بعد ستة أميال من هنا تقع مدينة "ميرام شاه" التي تعتبر معقلًا من معاقل المقاتلين التابعين لتنظيم "القاعدة" بما في ذلك "شبكة حقاني". ومن المعروف أن "طالبان" تعارض التعليم المشترك، وأن الطالبات المحظوظات اللائي يتلقين أي قدر من التعليم الرسمي، يفعلن ذلك من خلال الدراسة في مدارس خاصة. وقد تعمد مقاتلو "طالبان" وغيرها من الجماعات المتمردة بقصف المدارس بحجة أن جنود القوات الباكستانية يتخذون منها مخبأ وملاذاً، وهو ما تكذبه مصادر الجيش وتقول تلك المصادر إن ضربة واحدة على الأقل قامت بها طائرة من دون طيار في شهر إبريل الماضي، أدت إلى تدمير إحدى المدارس المهجورة في المنطقة، التي كان مقاتلو الحركة يتخذون منها ملاذاً. ويقول "مسعود بنكش" الموظف الحكومي الكبير للمناطق القبلية المدارة من قبل الحكومة الفيدرالية إن المدارس الواقعة في مختف أنحاء الحزام القَبَلي، قد احتلت من قبل "منظمات عديدة" وتستخدم في الوقت الراهن لأغراض غير تعليمية. وقال بنكش إنه لا يشك في أن البعض في صفوف "طالبان" يشجعون التعليم ولكنه أضاف أن التمرد المستمر منذ وقت طويل "لا يسمح في الواقع لأي نظام تعليمي بالعمل بصورة سليمة في تلك المناطق". وأنهى بنكش كلامه بالقول "إنني ألوم كلاً من الحكومة وطالبان على ما آل إليه الوضع التعليمي في البلاد". والقتال المسلح المنتشر في العديد من المناطق يجعل من الصعوبة بمكان -وعلى نحو متزايد- لجيل كامل من التلاميذ الحصول على أي قدر من التعليم الأساسي المنتظم. وعلى رغم ذلك هناك بعض قصص النجاح القليلة مثل مدرسة أكسفورد العامة المتوسطة التي أُسست منذ 22 عاماً كمدرسة خاصة، على رغم اسمها. وتزيد تكاليف الدراسة للدارسين في الصف الأول قليلاً عن دولار واحد شهرياً، وتصل إلى 3,7 دولار شهرياً لمن يدرسون في الصف الثامن، حسبما يقول الناظر فضل رحيم. ويحصل الطلاب اليتامى على التعليم مجاناً، أما الفقراء فيسمح لهم بالحضور مقابل رسوم مخفضة. وهناك 7 مدرسين فقط -جميعهم من الذكور- لعدد من الطلاب يبلغ 400 طالب. ويقول الناظر "رحيم" إن عدداً كبيراً من آباء التلاميذ من أتباع قائد "طالبان" المحلي "حفيظ جول بهادر" الذي يرتبط بهدنة قلقة مع الجيش الباكستاني، ويدعم الحرب ضد قوات "الناتو" والقوات الأفغانية الحكومية التي تقع معسكراتها خلف الحدود. ويضيف رحيم: "إن زعماء طالبان المحليين سعداء بأن أبناءهم يتلقون تعليماً حديثاً". وزعم الناظر أنه على رغم أن الحالة الهشة للنظام والقانون في العديد من المناطق، قد أدت إلى إغلاق العديد من المدارس بسبب عدم قدرة المدرسين على الوصول إلى مدارسهم، إلا أن عناصر "طالبان" في المنطقة قاموا بتشكيل لجنة هدفها العمل على تذليل كافة الصعاب، التي تعترض التعليم وإبقاء المدارس مفتوحة. وقال "رحيم": "إنهم يحثون المدرسين على الذهاب للمدارس وتعليم التلاميذ المحليين، وإن اللجنة قد تكفلت بتوفير الأمن لهم". ويتباهى عمر وهو تلميذ في الصف الثاني في مدرسة أكسفورد بأنه لا يخاف من "البنجانا" (الاسم الذي يطلقه المحليون على الطائرات التي تطير من دون طيار)، غير أنه أضاف بعد تفكير قليل "ولكن عندما تبدأ تلك الطائرات في التحليق والطنين على ارتفاع منخفض أثناء الليل فإنني قد أشعر بالخوف في مثل هذه الحالة". ومن المعروف أن تلك الطائرات التي يتم تشغيلها عن بعد، تعد سلاحاً رئيسياً من أسلحة الولايات المتحدة في حربها ضد الإرهاب تم إدخاله إلى المنطقة في عهد جورج بوش، وتزايدت ضرباتها بشكل دراماتيكي منذ أن تولى أوباما الحكم. وفي الأسبوع الماضي كانت هناك أنباء مؤداها أن امرأة قد لقيت مصرعها بسبب غارة لتلك الطائرات في بلدة "مير علي" وهي بلدة صغيرة لا تبعد كثيراً عن المدرسة، وتعد هدفاً منتظماً لضربات تلك الطائرات. وقد أدت ضربات تلك الطائرات إلى مصرع ما لا يقل عن تسعة أشخاص في هذا الشهر فقط -وفقاً للمسؤولين الحكوميين. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©