الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شكل الجسم يتأثر بالجينات والإعلام يفسد علاقة النساء بأجسادهن

شكل الجسم يتأثر بالجينات والإعلام يفسد علاقة النساء بأجسادهن
6 نوفمبر 2012
هل سبق لك أن تساءلت يوماً عن نوع العلاقة التي تربطك بجسدك؟ هل تحب جسدك؟ أم تكرهه؟ هل تعتز به أم تخجل منه؟ أم ينتابُك حُياله شعور من نوع آخر؟ فلكل واحد نظرته الخاصة إلى نفسه وجسده، فيها شيء من رأيه وشيء من رأي الناس فيه. ولكن السؤال الذي يظل معلقاً هو أي الرأيين أهم بالنسبة له، هل رأيه في نفسه؟ أم رأي الناس فيه؟ ومن المُلام في هوس البنات بالرشاقة ولُهاث الشبان وراء العضلات القوية المنحوتة؟ هل هو المجتمع بسبب نمط الجسم الذي يسوقه عبر وسائل الإعلام أم الشخص نفسه بسبب سهولة استلابه وانجراره وراء هذه الصور النمطية، واتباعه لها من دون نقد ولا تمحيص؟ وهل للجينات علاقة بطبيعة نظرة وتصور المرء لجسمه؟ هذا ما حاول باحثون كشفه عبر إجرائهم دراسة تُنقب في صفوف التوائم المتطابقة وغير المتطابقة وتحاول كشف أسباب طغيان النظرة السائدة لدى البنات بكون الرشاقة مرادفة للجمال. أظهرت نتائج بحث نُشرت في العدد الأخير من «المجلة الدولية لاضطرابات الأكل» أن التوائم المتطابقة لديهم آراء متشابهة حول الرشاقة والجمال أكثر من تلك التي تحملها التوائم غير المتطابقة. ووجد الباحثون أنه نظراً لكون الإخوة ينشئون في البيئة الأسرية والمحيط الاجتماعي نفسيهما، فإن الاختلافات بين التوائم غير المتطابقة الذين يتقاسمون نصف الجينات تبين أنهم يتشاركون في عنصر جيني يصطلح عليه الباحثون «أنموذج الرشاقة الداخلي». كراهية الجسد لا تُخفي وسائل الإعلام في الولايات المتحدة الأميركية حقيقة كون معظم النساء الأميركيات غير راضيات عن مظهرهن أو شكل أجسادهن. وقد كشفت قائمة طويلة من الدراسات والبحوث حول هذا الموضوع بما لا يدع مجالاً للشك أن اتخاذ نجوم هوليوود نماذج مثالية للجاذبية ومرجعاً للجمال ساهم في استفحال أزمة علاقة النساء بأجسادهن، وأدى إلى إصابة عدد منهن باضطرابات في الأكل وفقدان الشهية أو شراهة الأكل أو النهام العصبي، ودفع أخريات إلى اتباع حميات غذائية قاسية هي أقرب إلى التجويع منها إلى التنظيم، ومنها حميات كادت تودي بصحتهن، وأحياناً بحياتهن. وتتساءل الدكتورة جيسيكا سويزمان، من قسم علم النفس في جامعة مشيجان ستيت في مقال لها بمجلة «لايف ساينس» عن سبب عجز الأميركيات عن إنقاص أوزانهن ما دُمن مهووسات بهذه الصورة المنمطة عن جمال القوام الرشيق، وتلقيهن رسائل يومية عبر وسائل الإعلام تتغزل بالجسم الرشيق وتُظهر الجسم الممتلئ أو زائد الوزن في سياقات غالبيتها قدحية أو ساخرة. وكان مثل هذه الأسئلة أحد الأسباب التي دفعتها إلى إطلاق دراسة هي الأولى من نوعها عن تأثير الجينات على نظرة الشخص إلى جسده وتصوره للجمال. واستخدم الباحثون أجوبة الاستبيانات التي وزعوها على 343 توأماً من إناث من ميشيجان تتراوح أعمارهن بين 12 و22 سنة. وطُلب منهم في هذه الاستبيانات الإجابة عن أسئلة من قبيل مدى رغبتهن في أن يكون لهن أجساد مثل نجمات السينما والتلفزيون والإعلانات. وكان نوع أجوبتهن يُحدد مدى تجذر «نموذج الرشاقة الداخلي» في أنفسهن، وتأثيره من ثم على تصورهن لأنفسهن وشخصياتهن. وقام الباحثون عقب ذلك بمقارنة مدى تطابق أجوبة التوائم المتطابقة مع التوائم غير المتطابقة، فوجدوا أنه كلما تشابهت الجينات وتماثلت، تكررت الإجابات عينها. وتقول سويزمان إن أجوبة التوائم المتطابقة كانت أكثر تشابهاً بالمقارنة مع أجوبة التوائم الأخرى. ما يُظهر بجلاء أن الجينات تلعب دوراً في كيفية نظر بنات حواء إلى أجسادهن، وبلورة نوع علاقتهن بالجسد إلى علاقة إيجابية فيها قدر كبير من الاعتزاز والتقبل، أو علاقة سلبية يطغى عليها السخط والتذمر والشعور بالنقص. وبصيغة أخرى، توضح سويزمان «كل امرأة تتفاعل بطريقة مختلفة مع ملكة جمال هذه الدولة أو تلك، أو تصنيف هذه المجلة أو تلك للنجوم الأكثر وسامة والنجمات الأكثر جاذبية». جينات محفوفة بالمخاطر تقول سويزمان إن منهجية البحث التي اتُبعت في دراسة التوائم لم تُفض بالباحثين إلى التوصل إلى أي نتيجة تحدد نوع الجينات المسؤولة عن تباين نظرات النساء إلى موضوع الرشاقة والجمال وفق «أنموذج الرشاقة الداخلي». وليس هناك في الحقيقة أي جواب مباشر يمكنه تفسير هذا الأمر، وذلك بسبب ميل السلوكيات المركبة والمعقدة إلى التأثر بالجينات الوراثية على نحو متفاوت. وتُرجح سويزمان أن تكون الجينات المسؤولة هي تلك المؤثرة على الشخصية أو تلك التي تُحفز الرغبة في الكمال أو الميل إلى إظهار مشاعر وعواطف سلبية. وتقول سويزمان إن الخطوة التالية تتمثل في إجراء دراسات أخرى تُشرك مجموعات أوسع من التوائم لمعرفة كيف يمكن للجينات أن تؤثر على الشخص وتُسبب له اضطرابات أكل ومشاكل نفسية ناجمة عن عدم تقبل شكل الجسم. ووجد الباحثون كذلك أن التوائم يتشاركون عوامل خطورة بيئية متشابهة مثل الانتماء إلى الطبقة الاجتماعية نفسها والنشأة في المحيط الأسري ذاته. لكنهم وجدوا في الوقت عينه أن لهذه العوامل تأثيراً محدوداً. ومن جهة أخرى، اكتشف الباحثون أن العوامل غير المتشابهة الموجودة لدى بعض التوائم، مثل مصاحبة أصدقاء ذوي طباع مختلفة، أو التعامل بأشكال مختلفة مع الآباء والأمهات، تُفسر بعض الاختلافات الموجودة في مواقف الإخوة من موضوع الجمال والجاذبية وطبيعة نظرة الشخص إلى جسده. وتختم سويزمان مقالها بالقول إن «أهم شيء هو ألا يسمح الشخص ذكراً كان أم أنثى لوسائل الإعلام والإعلان أن تُشكل تصوره الشخصي للجمال أو تتدخل في رسم ملامح علاقته مع جسده. بل عليه أن يحرص بمساعدة الأبوين منذ نعومة أظافره على أن يتعود على تقبل جسده كما هو، فالأهم هو أن يتمتع بصحة جيدة وروح سامية جميلة، وليس بجسد رشيق أو عضلات منحوتة، وألا يجعل صحته النفسية أو البدنية تدفع ثمناً غالياً مقابل ذلك فقط لجعل الآخرين يرضون عن شكله». وتضيف «بعض الأشخاص يبذلون أقصى ما وسعهم لإنقاص أوزانهم ويتبعون حميات غذائية متنوعة لكن من دون جدوى، فيُصابون بإحباط وخيبة ويتذمرون من ضعف النتائج، متناسين أن الأكل والحركة ليسا وحدهما المسؤولين عن الرشاقة أو البدانة، ومتجاهلين أن هناك جينات وعوامل وراثية تتحمل قسطاً لا بأس به من المسؤولية عن مظهرهم وشكل أجسادهم». وتنصح سويزمان الآباء والأمهات بضرورة تربية أبنائهم منذ الصغر على تكوين علاقة إيجابية وقوية مع أجسادهم، وذلك عبر غرس قيم الجمال الحقيقية المتمثلة في جمال النفس والروح والمعاملة والصحة السليمة، وتعويدهم على تكوين حصانة شخصية ضد كل ما يُبث من رسائل ترويجية تجارية في وسائل الإعلام والإعلان، حفاظاً على صحتهم وحتى يظل الشخص دوماً صديق جسده، ومحافظاً على حرمته واحترامه، وعدواً لما يضر بصحته النفسية أو البدنية. كما تدعو وسائل الإعلام والإعلان إلى عكس نبض المجتمع وإظهار جميع الأشكال الموجودة فيه والسماح لمن يتمتعون بقدر متواضع من «الجمال» النمطي المعاصر بالظهور في كل المنابر الإعلامية والإعلانية، على الأقل لخلق نوع من التوازن والتقارب بين المجتمع وعوالم الإعلام والإعلان والسينما. هشام أحناش عن موقع «todayhealth.today.com» نموذج الرشاقة الداخلي تقول الدكتورة جيسيكا سويزمان، من قسم علم النفس في جامعة مشيجان ستيت، إن «نموذج الرشاقة الداخلي هو الامتداد الذي يضعه الشخص لنفسه، ويربط من خلاله الرشاقة مع الجاذبية، ثم يُغذي هذا المفهوم في نفسه إلى أن يصبح قناعة ثقافية راسخة مفادها بأن كل من تنتفي فيه صفة الرشاقة يفتقد للجمال والجاذبية. فتجد لكل شاب وشابة في العصر الحالي شخصاً ما يتمنى أن يكون له مثل جسده، وهذا الشخص يكون عادة اسماً مشهوراً وكثير التداول في وسائل الإعلام والإعلان».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©