الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الإمارات تختار الحكمة والاعتدال والحوار السلمي نهجاً

الإمارات تختار الحكمة والاعتدال والحوار السلمي نهجاً
16 نوفمبر 2013 00:20
لهيب عبدالخالق (أبوظبي) - مثلت السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة، نموذجا للحيوية والفاعلية والديناميكية، رغم ارتكازها على قواعد استراتيجية ثابتة. وكانت الحكمة والاعتدال ضمن سمات استندت عليها الدولة في إدارة العلاقات مع العالم الخارجي. فقد حرصت على الالتزام بميثاق الأمم المتحدة واحترام المواثيق والقوانين الدولية، وإقامة علاقات مع جميع دول العالم على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، واعتماد نهج الاعتدال في حل النزاعات الدولية بالحوار والطرق السلمية. كما وقفت إلى جانب قضايا الحق والعدل وأسهمت بشكل فعال في دعم الاستقرار والسلم الدوليين، وهو عهدها منذ وضع نهجها مؤسس الدولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه. لقد حققت دبلوماسية دولة الإمارات انفتاحا واسعا على العالم الخارجي، أثمر عن إقامة شراكات استراتيجية، سياسية، اقتصادية، تجارية، ثقافية، علمية، تربوية، وصحية مع العديد من الدول في مختلف قارات العالم، بما عزز المكانة المرموقة التي تتبوأها في المجتمع الدولي. وتبنت القيادة السياسية في دولة الإمارات، وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، رؤية ذات محددات وركائز واضحة لإدارة العلاقات مع العالم الخارجي. وعمل الجهاز الدبلوماسي للدولة على التحرك انطلاقا من هذه الرؤية، ووفق الأسس التي تقوم عليها والثوابت التي تنطلق منها. وساعد ذلك التحرك الكفاءة النوعية المتميزة التي يدار بها الجهاز الدبلوماسي، والذي يقف على رأسه سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، من قطف الثمار السياسية والنتائج الإيجابية للدبلوماسية الدؤوبة التي انطلقت وفق رؤية مدروسة، إلى فضاءات أرحب وأسهمت جديا في إدارة أزمات المنطقة العربية. ولعل من المهم الإشارة إلى أن هذه النجاحات أضافت قيمة نوعية للسياسة الرشيدة للدولة، عندما عصفت بالمنطقة رياح التغيير، والتعقيدات السياسية التي أسفر عنها ما اصطلح على تسميته إعلاميا بـ"الربيع العربي"، من تأثيرات عمت الإقليم وأفرزت إشكاليات أمنية واضطرابات سياسية وأزمات اقتصادية وإنسانية في العديد من الدول العربية. فقد كانت الإمارات عنصرا فاعلا في كل المساعي التي ترسم استقرار المنطقة. كما أنها لم تقف عند حدود الإقليم العربي، بل مدت أياديها الكريمة وعناصرها الدبلوماسية الفعالة إلى أبعد من حدود الوطن. ولقد حققت الدبلوماسية الإماراتية بالتعاون مع بقية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومن خلال العمل بشكل متواز ضمن منظومات المجتمع الدولي التي تصدت لمعالجة هذه الأزمات، تفوقا مشهودا وضع الدولة في مكانة بارزة ضمن حسابات العواصم الدولية الكبرى، أو ما يعرف بعواصم صنع القرار العالمي. وأكد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، في أكثر من مناسبة أن "نجاح السياسة الخارجية لدولة الإمارات يشكل أحد أبرز الإنجازات المشهودة للدولة، والتي قامت على مجموعة من الثوابت للسياسة المتوازنة والمعتدلة التي تنتهجها الدولة منذ قيامها، تجاه القضايا العربية والدولية، والتي أكسبت بلادنا الاحترام والتقدير في مختلف المحافل الدولية". سخرت إمكاناتها للارتقاء بأهدافها إلى مصاف الدول المتقدمة السياسة الخارجية للإمارات.. ديناميكية فاعلة ومتطورة بقواعد استراتيجية ثابتة سخرت الإمارات جميع إمكاناتها وقدراتها لرسم سياسة خارجية هادفة للدولة واضحة وفعالة تضعها في مصاف الدول المتقدمة على خارطة العالم وتعكس وبصورة فعالة الصورة الحضارية والمتقدمة لها، منذ أطلقت استراتيجيتها الجدية في مارس 2011، والذي سعى إلى تعزير دور وزارة الخارجية في تحقيق أهداف الدولة الخارجية على المستويين الإقليمي والدولي. وذكرت تقارير متنوعة أن المراقبين وخبراء السياسة يجمعون على أن ما وصلت إليه دولة الإمارات من نجاحات وازدهار تنموي، مدعوم بحالة رائعة من حالات الأمن والاستقرار الداخلي. واعتبروا ذلك نتيجة طبيعية ومردوداً مباشراً للدبلوماسية الذكية التي نهجتها الدولة منذ تأسست. وأشاد المراقبون بقوة الدفع المتجددة والزخم النوعي الجديد الذي أرساه، صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، حيث كسبت السياسة الخارجية الإماراتية مساحات حركة خارجية أوسع وأرحب وباتت تمتلك زمام المبادرة في ملفات عدة، وسطع نجمها عالميا في دوائر اهتمام مستحدثة على أجندة الحوار الدولي. وأشاروا إلى ملف الطاقة المتجددة وحظر الانتشار النووي والأمن والسلم الدوليين وغيرها، كما لفتت الدولة الانتباه وضربت المثل والقدوة عبر تبني نموذج غير مسبوق دوليا في امتلاك برنامج نووي سلمي بات مضرب المثل في التعاطي الدولي مع هذه التكنولوجيا ذات الحساسية الاستثنائية بالنسبة للأمن والاستقرار العالميين. لقد أصبحت السياسة الخارجية الإماراتية تركز على الأولويات الدبلوماسية الجديدة لتتواكب مع الخطط التنموية للدولة ولتعظيم الاستفادة من شبكة العلاقات المتميزة التي تمتلكها الدولة مع مختلف القوى الإقليمية والدولية شرقا وغربا بما يجعل من محطات هذه الشبكة مصبات وروافد تغذي وتدعم بشكل متواصل مسيرة التنمية وخططها الطموحة في دولة الإمارات. وذكرت التقارير أن الخبراء والمراقبين يدركون أن الاقتصاد والاستثمارات، وتنويع مصادر الدخل وتحقيق الاستدامة في برامج البيئة والطاقة المتجددة وغير ذلك من مجالات تعاون، أصبحت هي المحرك الأساسي والموجه الأنشط في ديناميكيات السياسة الخارجية الإماراتية، مقارنة بالملفات والموضوعات التقليدية مثل الأحداث السياسية الإقليمية والدولية التي تؤكد الشواهد تراجع أهميتها نسبياً ضمن مجالات الحوار وإدارة العلاقات بين الدول. ملامح وأهداف أعربت الإمارات وفي أكثر من محفل دولي، عن إيمانها بشكل راسخ بأهداف الأمم المتحدة ومبادئها التي عبر عنها ميثاقها لحماية الأمن والسلم الدوليين والتعايش السلمي بين الدول والشعوب، من خلال حل المنازعات الدولية بالطرق السلمية واحترام قواعد القانون الدولي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وخلق مناخ ملائم للعلاقات الدولية، يقوم على أساس التسامح ونبذ العنف والاعتراف بالآخر، واحترام حقوق الإنسان والشعوب. وأكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان في خطابه أمام الدورة الـ68 للجمعية العامة للأمم المتحدة أواخر سبتمبر الماضي، أن "بلادي سارت على هذا النهج في علاقاتها الدولية على النطاقين الإقليمي والدولي، على أننا مع ذلك لا نخفي ما نشعر به من قلق عميق مما تشهده منطقتنا العربية من أحداث أطلت فيها الفتن الطائفية وتصاعدت الأعمال الإرهابية، فضلا عن تزايد التحريض على العنف، وما أدى إليه ذلك من إدخال المنطقة وشعوبها في حالة من الاستقطاب العنيف، حيث انعدم الاستقرار وتراجعت التنمية". وقال سموه إن "ما زاد من خطورة هذه الأوضاع تسييس الدين واستغلاله كوسيلة للإقصاء والتهميش لبقية أطياف المجتمع بعدما عاشت شعوب هذه المنطقة في مناخ من التسامح والتعايش السلمي البناء، ولقد أدى هذا كله إلى شيوع الخوف على مصير الدولة الوطنية وهز دعائمها وبدد ثرواتها وقوض اقتصادها، ولا يخفى عليكم أن هذه الظروف الصعبة أدخلت شباب المنطقة في دائرة الخطر من الوقوع في براثن التطرف والانزلاق إلى العنف في أجواء تزايد فيها اليأس، وانعدمت فيها الفرص". جزر الإمارات وقضايا الخليج استمرت الإمارات في سياستها الهادئة تجاه قضاياها المصيرية وبينها الجزر الإماراتية الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى)، وكان عام 2013 الذي شهد متغيرات دولية كثيرة بينها تغير حكام إيران، عام انفتاح عبرت عنه مجددة مطلبها باستعادة الدولة كامل سيادتها على جزرها الثلاث، وأكدت أن جميع الإجراءات والتدابير التي تمارسها السلطات الإيرانية باطلة، وتخالف القانون الدولي والأعراف والقيم الإنسانية المشتركة. ومع مجيء حكومة جديدة في إيران، رحبت دولة الإمارات بالتوجهات المعلنة للرئيس الإيراني حسن روحاني، مؤكدة أنها ستسعى مخلصة للبناء عليها، بما يعزز أمن واستقرار وازدهار المنطقة. ودعت المجتمع الدولي إلى حث إيران على التجاوب مع دعوات الدولة السلمية الصادقة المتكررة لتحقيق التسوية العادلة لقضية احتلال إيران لجزر الإمارات الثلاث، من خلال المفاوضات المباشرة الجادة بين البلدين أو اللجوء لمحكمة العدل الدولية. وفي الشأن الخليجي دعت الإمارات المجتمع الدولي إلى رؤية ما يحدث في الخليج العربي وكيف يتحرك التطرف والإرهاب في البحرين، ساعيا إلى تقويض الأمن والاستقرار، وهدم تاريخ من التسامح البعيد كل البعد عن الطائفية. وفي هذا الاتجاه، وكعادتها لعبت الإمارات دورا يشار إليه من خلال تجسيد تعهد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، بمواصلة العمل مع إخوانه قادة دول المجلس، على تعزيز العمل الخليجي المشترك، وزيادة فاعليته باستكمال بناء صروح التكامل السياسي والاقتصادي والأمني والاجتماعي إلى واقع حي بخطوات عملية ملموسة. وتعمل الدولة منذ تأسيسها مع أشقائها بمجلس التعاون لدول الخليج العربية وجامعة الدول العربية والمجموعات الأخرى على مساندة كل المساعي والجهود الدبلوماسية الممكنة من أجل احتواء بؤر التوتر والصراعات في منطقة الشرق الأوسط بما فيها الخليج العربي، حيث تجدد تأكيدها باستمرار، على ضرورة حل الخلافات بالطرق السلمية. كما دأبت على تأكيد حرصها على دعم وتعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك وتطوير علاقات التعاون الثنائي مع دول المجلس، من خلال الاتفاقيات الثنائية المشتركة، وفعاليات اللجان العليا المشتركة، والتواصل والتشاور المستمر عبر الزيارات المتبادلة، على كافة المستويات بما يعزز من صلابة المجلس ككيان وكذلك دوله. وبشأن قرار المملكة العربية السعودية رفض شَغل مقعدها غير الدائم في مجلس الأمن، عبرت الإمارات العربية المتحدة عن تفهمها حالة الإحباط العامة التي أدت بالمملكة إلى اتخاذ هذا القرار ومسبباته الواردة في البيان الرسمي لوزارة الخارجية السعودية، ومن ضمنها الأداء غير الفعال لمجلس الأمن تجاه العديد من قضايا المنطقة التاريخية منها والملحة، وقد أدت عدم الفاعلية هذه ولا تزال إلى العديد من المضاعفات السلبية على أمن المنطقة واستقرارها وحقوق شعوبها وأرواح أبنائها. وجددت الدولة إيمانها الكامل بالآليات الدولية والعمل الجماعي الدولي ورأت أن الموقف المبدئي الذي أعلنت عنه المملكة العربية السعودية يلامس الضمير العربي والإسلامي، خاصة فيما يتعلق بعجز هذه الآليات عن التعامل بموضوعية مع هموم المنطقة وقضاياها بل وفي العديد من الحالات تهميش آراء دول المنطقة ومواقفها فيما يتصل بقضاياها المصيرية والحيوية. ومن هذا المنطلق أعلنت الإمارات مساندتها القرار السعودي، ككلمة حق تسعى إلى معالجة الخلل في آليات العمل الجماعي الدولي، وترسي أسسا أكثر عدالة وفعالية فيما يتعلق بتعامل مجلس الأمن مع قضايا المنطقة. تحركات دبلوماسية نشطة كثفت دبلوماسية دولة الإمارات جهودها وقادت تحركا نشطا من أجل العمل على احتواء العديد من حالات التوتر والأزمات والخلافات الناشبة، سواء على صعيد المنطقة أو خارجها. وسعت بشكل دؤوب مستمر لتعزيز مختلف برامج مساعداتها الإنسانية والإغاثية والإنمائية والاقتصادية المباشرة وغير المباشرة للعديد من الدول النامية، خاصة تلك التي تشهد حالات نزاع أو كوارث طبيعية، فضلا عن مساهماتها الأخرى الفاعلة في العديد من عمليات حفظ السلام وحماية السكان المدنيين وإعادة الإعمار في المناطق بعد انتهاء الصراعات، وهو ما يجسد شراكتها المتميزة مع أطراف عدة وتفانيها من أجل تحقيق الأهداف النبيلة من صيانة واستقرار السلم والأمن الدوليين. وأعطت لذلك الإمارات أهمية قصوى لجهود نشر ثقافة الاعتدال ونبذ العنف ومكافحة التطرف بكافة أشكاله، ويذكر على وجه الخصوص مبادرة الدولة بإنشاء مركز “هداية” لمكافحة التطرف العنيف الذي اقترحته الإمارات في اجتماع جرى في إطار الأمم المتحدة. وكانت الدولة قد نددت وبأشد العبارات كل الأعمال الإرهابية التي تستهدف الشعوب وتوقع عشرات الضحايا الأبرياء. الإمارات دعمت حقوق الإنسان والتنمية البشرية واحتوت الأزمات أبدت دولة الإمارات قناعتها بشكل راسخ بضرورة تحقيق التنمية البشرية على المستويين الوطني والدولي، كما أن تحقيق هذه الغاية لا يأتي إلا من خلال عدة أمور من بينها احترام حقوق الإنسان وتحقيق المساواة بين بني البشر من دون التفرقة بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو الدين أو اللغة أو أي سبب آخر، وما يقتضيه ذلك من احترام الكرامة الإنسانية ونبذ العنف وتحريم التعذيب والمعاملة المهينة. كما رحبت بردود الأفعال الإيجابية للتقرير الدوري الشامل الذي تقدمت به إلى المجلس الدولي لحقوق الإنسان واعتماده من الدول الأعضاء، الذين أشادوا فيه بما حققته دولة الإمارات من تقدم في هذا المجال. لقد اعتبرت الإمارات أن التنمية البشرية الشاملة لابد أن يتحقق لها المناخ المناسب من روح التسامح والوسطية، وعدم إشاعة الكراهية بين البشر لأي سبب من الأسباب، وفي هذا السياق، اعتبرت أن من الضروري دعم وتعزيز الحوار بين الثقافات والأديان من دون تعال من جانب ثقافة على أخرى، على أساس أن كل ثقافة لديها ما تعطيه للآخرين وما تأخذه منهم. وأبدت الدولة قناعتها من جهة أخرى بضرورة تمكين المرأة والاعتراف بالدور الحيوي الذي تقوم به في المجتمعات الإنسانية وحمايتها من التمييز ضدها في المجالات المختلفة، مما يمثل ضرورة ينبغي أن يرعاها المجتمع الدولي، معلنة أنها تفخر بالخطوات الجادة التي اتخذتها في هذا السبيل على نحو كفل لها مرتبة متفوقة بين دول المنطقة في هذا المجال. كما أنها بذلت خطوات مهمة في سبيل مكافحة الاتجار بالبشر، ووضعت من التشريعات ما يكفل الوقوف في وجه هذه الجريمة الإنسانية. كما اعتبرت أن التنمية المستدامة للشعوب كافة تمثل مسؤولية ذات أولوية كبرى لمنظمة الأمم المتحدة وللدول الأعضاء فيها، ودعت إلى تشجيع التعاون العلمي والتقني ونقل التكنولوجيا فيما بين الدول المتقدمة والدول النامية، بما يحقق الصالح المشترك لشعوب العالم أجمع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©