الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الأيام».. حارسة الوعي

«الأيام».. حارسة الوعي
16 مارس 2016 23:06
استطلاع - محمد عبد السميع تقف تظاهرة أيام الشارقة المسرحية في طليعة الفعل المسرحي في الدولة، ويذهب المشاركون في هذا التحقيق إلى أنها وضعت القواعد وأرست اللبنات القوية التي أدت بالتالي إلى ما تشهده الساحة المحلية من نهوض على المستوى المسرحي، وأن عروضها والأنشطة الثقافية المصاحبة لها جسدت الشغف المسرحي إلى أقصاه، ونقلت المواهب المسرحية إلى حال احترافية يشهد لها الجميع.. هنا محاولة لقراءة ملامح الأيام وما أضافته إلى المشهد المسرحي، طوال خمسة وثلاثين عاماً، كانت فيها «الأيام» السمة الأبرز التي أثرت وأغنت الساحة الثقافية الإماراتية والمشهد الثقافي الخليجي والعربي، بل وكانت حارسة الوعي، تعلي من شأن السؤال وتتفرج على المسرحيين الذين يشاركون فيها، جميعهم، رغم أنها لم تتجسد على الخشبة.. لكنها بقيت مع ذلك، سيدة الخشبة، وأجمل نصوص الشارقة. يرى الفنان عبد الله صالح الرميثي أن أيام الشارقة المسرحية كانت ولا تزال إحدى أهم منارات الثقافة المسرحية في المنطقة، ويقول: «أوجدت «الأيام» لها مكانة مرموقة من خلال الدعائم التي أرساها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة.. هذا الحاكم المثقف الذي أسس الصروح الثقافية في أنحاء الشارقة، جاعلاً منها عاصمة للثقافة الإسلامية، ولم تتوقف جهود سموه عند هذا الحد بل حرص على مفاجآته السنوية السارة التي جاءت على شكل مكرمات، شملت الفرق المسرحية التي سارعت في الاجتهاد والتحضير للمشاركة السنوية، لأن الدعم هو ما يجعل رئات المسرح تتنفس مسرحاً». ويضيف الرميثي: «لا شك في أن الأيام المسرحية لعبت دوراً كبيراً في تأسيس أغلب فناني المسرح في الإمارات. كما لعبت الخبرات العربية التي جلبتها دائرة الثقافة والإعلام دوراً في تطوير شتى أشكال هذا الفن، ويتضح ذلك في شخص الراحل قاسم محمد الذي ساهم في دفع المسيرة المسرحية في إمارة الشارقة، بجانب إخوة أشقاء من الخليج والوطن العربي.. ثم جاءت انطلاقة مهرجان الإمارات لمسرح الطفل لتساهم دائرة الثقافة جنباً إلى جنب مع جمعية المسرحيين ليبرز مهرجان ثقافي موجه للطفل. ثم توالت المهرجانات: المهرجان المسرحي الكشفي ومهرجان الأعمال القصيرة وكرنفال خورفكان وأخيراً مهرجان الدويتو أو دبا الحصن للمسرح الثنائي. هذه الجهود ليست إلا قطرة في بحر ثقافة شارقة سلطان التي لا تزال تتواصل قطراتها من خلال المسابقات الثقافية هنا وهناك لتبقى الثقافة هي أوكسجين الإمارة، وتبقى الأيام المسرحية رافداً ومنارة يستظل بها كل من عطش ليرتوي بماء المسرح». أغنت تجربة وتؤكد الفنانة القديرة موزة المزروعي أن «(الأيام) خلال مسيرتها قدمت الكثير مما لا يمكن إحصاؤه على الصعيد المسرحي والثقافي ليس في الإمارات فقط وإنما على مستوى المسرح العربي، والمسرحيين العرب»، وتقول: «لا شك في أن فعاليات وأنشطة أيام الشارقة المسرحية وعبر السنوات الماضية كان لها الأثر الكبير على الحركة الثقافية والفنية التي حظيت باهتمام كبير وواضح من راعي الأيام المسرحية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وقد كان لهذه الرعاية أثرها وثمارها في إثراء الساحة الثقافية بالمبدعين الفنانين والمثقفين والإنجازات والأفكار التي انعكست على إمارة الشارقة والإمارات جميعها، والتي أغنت تجربة المسرح الإماراتي، وجعلته في مقدمة الأعمال المتطورة والمؤثرة على صعيد دول الخليج والدول العربية والعالمية». وتلمح أم المسرحيين إلى أن «الأيام» أظهرت معظم الأسماء المسرحية الفاعلة حالياً في المسرح، بل وامتد أثرها إلى أسماء مسرحية عربية أيضاً، جاءت إلى الإمارات وتركت بصمتها على الحياة المسرحية، وبفضلها لمعت عروض محلية في مهرجانات عربية، وحصلت على الجوائز والتقدير، وحققت للمسرح الإماراتي سمعة معتبرة. ولا يمكننا - تقول موزة المرزوعي، أن نغفل امتداد أثرها إلى أشكال ثقافية أخرى، خاصة المسرح المدرسي الذي يحظى برعاية خاصة من صاحب السمو حاكم الشارقة، فضلاً عن المهرجانات المتنوعة التي أثرت الحركة المسرحية، وأغنت المشهد الإبداعي في المجمل. تنتجُ شهداً وتذهب الأديبة والكاتبة المسرحية باسمة يونس إلى أن «الأيام» أكثر بكثير من مجرد تظاهرة مسرحية أو مهرجان نوعي ينتظره الجميع، وتقول: «أرست أيام الشارقة المسرحية كل قواعد المسرح في الإمارات، وحولته من مجرد هواية إلى حرفة يجيدها الأفضل والطموح، ويحاول من لم يحالفه الحظ أن ينجح بها بكل جهد وعزيمة». وتضيف باسمة يونس: «أيام الشارقة المسرحية ليست مجرد أسبوع يبدأ وينتهي في فترة محددة، بل هي مهرجان سنوي متكامل، وورشة عمل كبرى تخضع لاستراتيجية شاملة وخطة عمل هائلة، تبدأ من تأهيل وتجهيز المسارح والتفاوض مع الممثلين بعد البحث واختيار النصوص المسرحية، ومن ثم ورشة التدرب على الأعمال المشاركة بهدف الوصول إلى عرض جيد يتنافس مع بقية العروض المتنافسة.. عدا عن حضور مسابقة التأليف المسرحي التي تنضم بدورها إلى قافلة المهرجان الابداعية، والتي تمكنت هي الأخرى من حصد نتائج جيدة جداً في معنى الكتابة المحترفة». وتتابع يونس: «لا شك في أن إقامة هذا المهرجان سنوياً، قد أتاح للمسرح الفرصة لإثبات حضوره وجدواه والهدف من وراء دعمه وإقامته، وتقديم أفضل ما يمكن، جراء الصقل والخبرات والعمل الدؤوب، الذي يقف وراءه طموح ومخيلة صاحب السمو حاكم الشارقة مبدع وراعي المهرجان، فتحول من حلم مبدع إلى خلية نشطة، أقل ما يمكن أن يقال عنها بأنها أصبحت تنتج شهداً وصار للمسرح طعم ونكهة، يندر أن تتكرر في دولة أخرى كما هي في الإمارات». تنوع ومنافسة ويلفت الفنان المسرحي أحمد الأنصاري إلى مهمة كبرى أنجزتها أيام الشارقة المسرحية، وهي «لملمة المسرحيين وجهودهم المبعثرة»، يقول: «كانت «الأيام» ولا تزال ترفد الساحة بمواهب شابة تخلق تنوعاً ملحوظاً من خلال ما تقدمه من أعمال، ومنذ بدايتها خلقت نشاطاً مسرحياً كان شبه معدوم، لأن الفرق المسرحية كانت تعمل بشكل عشوائي، وتقدم بعض الأعمال التي تسمى بالجماهيرية في المناسبات والأعياد ثم تتوقف، فما كان من الأيام إلا أن لملمت الجهود المبعثرة واحتوتها، وفتحت باب المنافسة بين الفرق، وقدمت لها الدعم المادي الذي كان له الدور الأكبر في سعي الفرق إلى المشاركة، حتى إن عدد الأعمال تجاوز في بعض الدورات 25 عملاً». ويضيف الأنصاري: «أتاح لنا هذا التنافس للمخرجين (وأنا واحد منهم) الفرص للظهور، مثل: ناجي الحاي محمد سعيد عبد الله صالح وغيرهم. وكان للأساتذة المشرفين على الورش الفنية دور كبير في تنمية خيال المخرجين والممثلين، وقد انعكس هذا في نضج العروض واحتضان الأيام للعروض المتميزة التي تنافس في المهرجانات الأخرى. إذن قدمت أيام الشارقة المسرحية مسرحاً ينافس، وصنعت حراكاً مسرحياً متميزاً. قدمت طاقات مبدعة من ممثلين ومؤلفين ومخرجين، وأيضاً فنيين ما زالوا موجودين على الساحة، من هنا، فإن حرصنا كبير وشديد على استمرارية الأيام، لأنها ما زالت تضخ مواهب تساهم في ترسيخ وتفعيل العلاقة بين المسرح ومحبيه». الخطوة الأولى لكل فنان تؤكد الفنانة أشجان أن «الأيام» هي الخطوة الأولى لكل فنان مسرحي، وأنها المدرسة التي ساهمت في تخرج الكوادر المسرحية، تقول: «الفضاء المسرحي عمل جماعي يشارك فيه المخرج والممثل، ومصمم الديكور والمؤلف الموسيقي ومصمم الإضاءة والملابس، ولكل هؤلاء رؤى وإبداع وحدس، ولقد كانت الأيام ولا تزال المكان الذي ينضج فيه كل هؤلاء، بحكم تعاملهم مع الفضاء المسرحي. ولولاها ما كان عندنا هذا الكم الهائل من الفنانين المبدعين والمبدعات والمؤلفين والمخرجين والفنيين. كما أن الأيام هي الخطوة الأولى لكل فنان في الإمارات، وهي السبب في ولادة العديد من الفعاليات والمهرجانات المسرحية الإماراتية. ومع استمرار دوراتها ساهمت في توفير المناخ والمساحة للإبداع والابتكار وتطوير ذائقة الفنانين، وخلق كوادر فنية واعية بدورها، وكلها ساهمت في إثراء الساحة الثقافية الإماراتية». وختمت: «كل الشكر لصاحب السمو حاكم الشارقة لدعمه اللامحدود لهذه الحركة الفنية الثقافية». محلية بأفق عربي الأيام رسخت الكثير من القناعات بضرورة المسرح في حياة الناس، هكذا وصف الفنان الدكتور محمد يوسف هذه التظاهرة التي جذّرت حضور المسرح في حياتنا، ليضيف: «التنوع واحدة من الظواهر الإيجابية في «الأيام» التي ساهمت في تجذر المسرح بالإمارات، فقد امتد أثرها إلى المسرح المدرسي والمسرح الكشفي والمسرح الصحراوي، ناهيك عن الاهتمام بمسرح الطفل، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تعمق حد التخصص فكان المونودراما في الفجيرة، والثنائي في دبا الحصن، وغير ذلك». ويرى يوسف أن هذه «خطوة ذكية»، لكنه يبدي خوفه من أن «تتأثر الأيام بهذا النوع من المسرح، فنحن نعلم أن المسرح المعروف يعتمد على مجموعة من الممثلين يشغلون الخشبة، كما هي الحال في مسرح ذوي الاحتياجات الخاصة والمسرح الجامعي الذي ساهم في منح المسرح وقوالبه الكثير من التنوع، وفي إيجاد حلول لتوصيل رسالته المعتادة». ويلفت يوسف إلى أثر «الأيام» الواضح في التوعية بأهمية المسرح، واكتشاف الكثير من المواهب الفنية، وإتاحة الفرصة لها لتصعد على الخشبة ومن ثم تطورت وأخذت مكانها في الساحة الفنية، ويعتقد يوسف أن «الأيام» ساهمت في نشر الورش الفنية نظراً لرغبة الفنانين في المشاركة والتنافس، وقد عوضت هذه الورش بعض الشيء عن عدم وجود معهد تدريبي يؤهل الكوادر، كما أن «الأيام» أثرت في تحفيز المسرحيين للإنتاج والعمل للحصول على الجوائز عند الذهاب إلى منصات التتويج، ويضيف: «لن أبالغ إذا قلت إن المسرح بشكل عام و»الأيام» بشكل خاص كانا جسراً لعبور كثيرين إلى الشاشة الملونة والحصول على بطولات، ولولا المسرح لما كان هناك العديد من الأسماء الفنية اللامعة في الوسط الفني. فضلاً عن التعريف بمسرحنا عربياً وعالمياً، وبفضلها بتنا نحظى بتقدير كبير، وتسعى الأسماء المهمة جاهدة للمشاركة في فعالياتها، بعد أن راكمت تجربة مسرحية مهمة، تعكس جديتها في تبني المسرح، في ظل الدعم اللامحدود من قبل صاحب السمو حاكم الشارقة، والإدارات التي توالت على الأيام». ويشير يوسف إلى أثر «الأيام» على المطبوع المسرحي، الذي تطور ونما كماً ونوعاً، بحيث أصبح من المراجع التي يستفيد منها الباحثون، كما أن الكتب والدوريات وثقت المسيرة، وحفظت أسماء مسرحيين أثروا الساحة المحلية، بعد أن اختفى بعضهم أو رحل. ويختم يوسف: «صحيح أن «الأيام» صناعة محلية إماراتية لكنها لم تكتف بالمحلية بل أرسلت إشعاعها إلى العالم العربي والفنانين العرب في المهجر، وساهمت في انتشال المسرح من بوتقة التوجهات السياسية أو شح الإمكانات المادية. نعم لقد أثرت «الأيام» بشكل كبير في مفاصل الحركة المسرحية كلها، ليس على مستوى الإمارات فقط وإنما على المستوى العربي، لقد وفرت الشارقة كل ما يلزم من تقنيات ومعدات وإمكانات وفرص لكي يعمل المسرحي على إنجاز عمل مسرحي جاد ورصين ومتميز. لقد أنجزت لنا مسرحاً بعيداً عن تأثير المسرح التجاري والتيار الجارف نحو السطحية. ولقد كان تأثير «الأيام» على الساحة العربية مهماً، وما وجود الهيئة العربية للمسرح هنا وما تقوم به من أنشطة سوى دليل على الدور الريادي الذي تقوم به «الأيام» تحديداً والإمارات عموماً على صعيد الفعل المسرحي، كما أنها خطوة نحو ترسيخ مسرح عربي يتبنى قضايانا عربياً، ويكفي جائزة الشارقة التي تنادي بضرورة العمل على إيجاد مسرح جاد». مؤسسة ناجحة ويقول الفنان علي خميس (بوشلاخ): «إذا كانت المؤسسات التعليمية على مختلف مستوياتها وأنواعها تسعى إلى بناء الإنسان، فإن أيام الشارقة المسرحية بحد ذاتها مؤسسة ناجحة فرضت نفسها، وأكدت أهميتها ودورها في بناء الإنسان والارتقاء بذائقة المجتمع اجتماعياً وفنياً وجمالياً. فالمسرح يستمد موضوعاته وأفكاره وحواراته من المجتمع الذي ينتمي إليه، فهو العين التي تصور بأمانة مشاهد وأحداث المجتمع لتعرضه للجمهور، لكي يدرك ويرى نفسه ويقيم ويكتشف السالب والإيجابي ومن ثم يطور حياته نحو الأفضل. إذ أن اغلب الصراعات الإنسانية والأمور الحياتية تعرض على خشبة المسرح، ليس بهدف التسلية والترفيه فقط ولكن أيضاً من أجل اكتشاف الذات وعلاج سلبياتها وتطهيرها وتوليد طاقة إيجابية محفزة على التغيير الاجتماعي. المسرح مدرسة لها خصوصيتها وعناصرها، والقائمين عليه يدركون دورهم من واقع انتمائهم وارتباطهم بمجتمعهم. و»الأيام» في هذا المفهوم قدمت على مر دوراتها المعارف، وطرحت العديد من المواضيع والمشاكل على منصة عروضها، واستطاعت أن تشارك في توجيه المجتمع فكرياً وعلمياً واجتماعياً وأيضاً سياسياً، إضافة إلى حماية قيمنا وهويتنا العربية الخليجية». الحاضنة الأم ويذهب الكاتب الشاعر خالد الظنحاني إلى أن للمسرح دوراً مهماً وخطيراً في حياة الشعوب والأمم لا سيما المسرح الذي يهتم بقضايا الإنسان والحريات والعدالة، ويقول: «المسرح تربية أخلاقية واجتماعية وأدبية وفنية وحضارية، وهو تاريخ البشرية بإيقاعها وفكرها، وهو سعادة المعرفة والتواصل بين الأمم على اختلاف انتماءاتها. ويظل المسرح وسيلة للارتقاء والانتماء عند البشر الذين يتأثرون بهذه القيم لتكون نوراً وانبعاثاً من جديد. وهذا الحديث ليس بمعزل عن المسرح الإماراتي، فهو مبعث نور، ووسيلة ارتقاء وانفتاح على الثقافات والحضارات، ويجدر القول بأن أيام الشارقة المسرحية هي حجر الأساس للمسرح المحلي، فهي الحاضنة الأم لجميع الفنانين الإماراتيين التي علمتهم معنى المسرح الحقيقي. لقد حصلوا من خلالها على شهادة عبور للمسرح الهادف والجاد، كما أنها نظمت علاقتهم مع المسرح وعلاقتهم مع بعضهم بعضاً، وبالتالي أضحت محط اهتمام كل العاملين في الشأن المسرحي الإماراتي والعربي على السواء.. إنها مدرسة فنية أصيلة، تخرجت منها أجيال مسرحية متميزة من كتاب وممثلين ومخرجين وفنيي صوت وإضاءة وديكور وإلخ.. وهي مستمرة في صناعة مستقبل المسرح الإماراتي والعربي». ويتابع الظنحاني: «الأيام» حركة مسرحية نشطة وجادة ترنو إلى الثقافة، وبفضل ورعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.. حقق المسرح الإماراتي تقدماً كبيراً مقارنة بالمسرح الخليجي والعربي. وأقولها بصراحة، إن المشهد المسرحي المحلي من دون «الأيام» سيبقى منقوصاً، ومن هنا ندرك أهمية الدور الذي تلعبه أيام الشارقة المسرحية في تطور الحراك الثقافي والمجتمعي في دولة الإمارات». مصدر للثقافة المسرحية يؤكد الفنان علي جمال أهمية المسرح في المجتمع، ومدى مساهمته في تعزيز وإسناد مجالات التنمية الإنسانية، لا سيما «الأيام» التي قامت بدور هائل في توسيع مجالات الاهتمام بالمسرح وتنوع فعالياته لكي يلعب دوراً مركزياً في تعميق ثقافة الإنسان، وأن أهم ما يميز الممثل الناجح هو ثقافته التي يستمد منها القدرة على الإبداع والتجديد والتميز. وقد أتاحت الأيام مساحة من الثقافة التخصصية من خلال الاطلاع على العديد من المدارس المسرحية والفلسفة التي تقوم عليها، ومتابعة الحركة النقدية من خلال ما يطرح في الندوات التطبيقية وأكد جمال أهمية دور الأيام في استقطاب الجمهور وجذبه من أجل حضور العروض المسرحية، من خلال تعميم التوعية المسرحية لدى الأجيال الجديدة بالمدارس والجامعات، وإلقاء الضوء على أهم الأعمال المسرحية العالمية للارتقاء بالذائقة العامة. وبفضل الأيام اكتسب شباب المسرح في الإمارات الكثير من سعة الأفق، بفضل الحركة المتجددة التي ضخت العديد من الأفكار والصور بفضل تنوع العروض، التي شاركت في دورات المهرجان. أيقونة للعمل المسرحي الجاد ويرى الكاتب علي العبدان أن أيام الشارقة المسرحية في جميع دوراتها تُعد بمثابة أمثولة أو أيقونة للعمل المسرحي الجاد، وهي محط تلاقٍ، وتلاقح خبرات مسرحية كبيرة، سواء للمسرحيين الأكاديميين أم للهُواة، وهي بما تقدمه من عروض مسرحية جادة وندوات فكرية مصاحبة لها القدرة الواضحة وأكبر الأثر في تطوير الشأن الثقافي في الإمارات في جميع المجالات، وليس هذا بغريب على المسرح فهو أبو الفنون، ولهذا تنوعت العروض المسرحية طيلة دورات الأيام، مشتملةً على الفنون بأنواعها: الأداء التمثيلي، الغناء، الموسيقى، الأزياء، النصوص الأدبية، فن الإلقاء، فن التصميم، وبهذه المناسبة أتقدم بالشكر الجزيل لإدارة الأيام على استضافتهم لي في هذه الدورة، في ندوة خاصة حول مفهوم وتاريخ الملصق المسرحي (البوستر)، وهذا يؤكد كلامي السابق حول التأثير الثقافي الكبير لأيام الشارقة المسرحية في مختلف النواحي الثقافية والفنية والأدبية. «ترمومتر» الحال المسرحية أما الكاتب المسرحي أحمد الماجد فيرى أن «الأيام» هي ترمومتر الحال المسرحية، يقول: «مهرجان أيام الشارقة المسرحية هو المؤشر الواضح والدقيق لمستوى المسرحي المحلي، إن كانت بخير، كان المسرح الإماراتي جميعه بخير. وهي عنوان عريض لسجل من المنجزات والنجاحات والمكتسبات، وتاريخ المسرح الإماراتي البهيّ، حفظت دروب كل من سار فيها من المسرحيين الإماراتيين والعرب منذ أكثر من 37 عاما». ويضيف الماجد معدداً مآثر «الأيام»: «منذ ولادتها وهي تقوم برفد المسرح المحلي بأسباب بقائه، لما تحمله من تنوع في الطروحات وتعدد في الأساليب المسرحية. أيام الشارقة المسرحية عرّفت المسرحيين والجمهور الإماراتي بنصوص يوربيديس وشكسبير وتشيخوف واونيل وبريخت، وكذلك نصوص الفريد فرج وصلاح عبد الصبور ومحفوظ عبد الرحمن وسعد الله ونوس وفلاح شاكر وغيرهم، وشهدت على ولادة نصوص إسماعيل عبد الله وسالم الحتاوي، وناجي الحاي وجمال مطر ومرعي الحليان وعبد الله صالح وجاسم الخراز وغيرهم، كانت ولا تزال منصّة للثقافة والمعرفة. أيام الشارقة المسرحية جلبت الخبرات إلى الإمارات التي تعرّف المسرحيون من خلالها على خبرات يوسف خليل والريح عبد القادر وإبراهيم جلال والمنصف السويسي والدكتور يوسف عايدابي ويحيى الحاج وأحمد عبد الحليم وجواد الأسدي وعزيز خيون، وغيرهم من القامات المسرحية العربية الكثير، وبفضل هذه التظاهرة الأقرب إلى المسرحيين الإماراتيين اشتد عود التجربة المسرحية ونمت واستطالت واستظل بوارفها كل عاشق للمسرح». ويعتقد الماجد أن أيام الشارقة المسرحية تميزت عن بقية مهرجانات العالم، «بأنها مدعومة بصورة مباشرة من حاكم عاشق للمسرح ويكتبه، حاكم يرعى المسرح على وجه العموم، وأيام الشارقة المسرحية على وجه الخصوص، بالدعم والمساندة، ومنحها أسباب تقدمها واستمرارها ونجاحها، فبوجود شخصية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ومتابعته لشأن هذا المهرجان على الدوام، ووقوفه على معوقاته وتذليلها، وسؤاله عن المسرحيين وأسباب غيابهم أو انقطاعهم عن المشاركة، ومعالجة أسباب ذاك الغياب، منح أيام الشارقة المسرحية زخماً معنوياً عظيماً». عمر غباش: كأن «الأيام» تجدد دماءها يقول الفنان عمر غباش الذي يتم تكريمه في أيام الشارقة المسرحية هذا العام: تأتي أيام الشارقة المسرحية هذا العام وكأنها تجدد دماءها..فنجد عدداً كبيراً من الفرق المسرحية والمؤلفين والمخرجين يشاركون فيها. حيث يزيد عدد الفرق المشاركة على إحدى عشرة فرقة. كما أن هناك أسماء مهمة في الساحة المسرحية تعود هذا العام لتشارك فيها بعد انقطاع غير قصير. كما أنني أعتز بأني الشخصية المكرمة في المهرجان هذا العام بعد عطاءٍ استمر 43 سنة، وأنا ممتنّ لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة. والشكر ممتد لدائرة الثقافة والإعلام في الإمارة والقائمين عليها وعلى مهرجان أيام الشارقة المسرحية. هذا المهرجان هو المحرك الرئيسي في الحراك المسرحي في الإمارات، وهو الذي تتفرع منه روافد الحركة المسرحية. فالفرق المسرحية تعد العدة قبل الأيام بفترة طويلة تصل في بعض الأحيان إلى أكثر من أربعة أشهر... ودائرة الثقافة والإعلام المنظمة تضع الترتيبات لها قبل مدة طويلة تصل إلى أكثر من ستة أشهر قبل انطلاقها... ويتنافس المسرحيون للمشاركة في الأيام، سواء كانوا ممثلين أو مخرجين أو مؤلفين أو فنيين... ويشارك فيها عدد كبير من الفنانين المسرحيين المتخصصين من الدول العربية. إن وصول أيام الشارقة المسرحية إلى الدورة السادسة والعشرين، وبدعم سخيٍ من صاحب السمو حاكم الشارقة، لهو شيء يثلج الصدر ويفرح القلب. واستمرار الأيام يجدد الدماء في عروق الحركة المسرحية، ويرفع من قيمة الفنان المسرحي في دولة ترعى المبدعين وتحض على الابتكار. ونحن- كمسرحيين- مطالبون ببذل الجهد تلو الجهد لكي تستمر الحياة من خلال المسرح، ويستمر المسرح من خلال الابتكار والإبداع المسرحي. ومع كل الظروف المحيطة، وما يدور من أحداث، تزداد الحاجة لوجود مسرح فاعل ومتفاعل، قائم على الحق والجمال والابتكار. مسرح يزيل الحدود والمتاريس التي وضعتها الظروف، مسرح يؤرخ للمستقبل ويزيل الغبار المتراكم على العناوين الحقيقية للحياة والنماء. إنه واجب المسرحيين للبحث عن ما يهم المجتمع بجميع شرائحه، والنحت في النفس الإنسانية للوصول إلى مكنوناتها، ومحاولة تشريحها ووضعها على خشبة المسرح في قالبٍ فنيٍ مبتكر وجديد. قالبٍ فنيٍ يبحث عن وجوه جديدة تحاكي التطور العلمي، وتستفيد من معطيات الإعلام الجديد. مهرجان أيام الشارقة المسرحية هو الساحة التي يقدم فيها محترفو الفن المسرحي رؤاهم وتطلعاتهم وقضايا مجتمعهم، وهي الملاذ للمسرحيين المبدعين حينما يحسنون الاختيار، فتحسن لهم الأيام بالعطاء.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©