الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

كتاب «للحياة مذاق آخر».. بوح طفولي ورسائل محبة

كتاب «للحياة مذاق آخر».. بوح طفولي ورسائل محبة
16 نوفمبر 2013 00:39
احتفت دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة بتوقيع الإصدار الأول للفنان الشاب محمد الغفلي بعنوان «للحياة مذاق آخر» في إطار فعاليات معرض الكتاب الدولي في الشارقة، بحضور لفيف من الكتاب وأهل الأدب والإعلاميين والمهتمين بالشأن الثقافي. الكتاب هو بمعنى من المعاني، سيرة ذاتية، ولكنها مكتوبة بصيغة مختلفة تماماً عما عهدناه من كتابات في هذا المجال الأدبي، الذي اتخذ الطابع الروائي، منذ «عصفور من الشرق» لتوفيق الحكيم، أو «الحي اللاتيني» لسهيل إدريس أو «زينب» لمحمد حسنين هيكل، أو «الأيام» لطه حسين وسواهم، من مشاهير الكتاب والأدباء العرب، الذين زاوجوا في النص الأدبي بين السيرة الشخصية المباشرة من دون ذكر الأسماء الحقيقية، والمتخيل في تجربتهم الإنسانية، التي عايشوها أو صنعوها، بأبعادها الفكرية والفلسفية، أسوة بالمؤسسين لهذا الجنس الأدبي في المدارس الغربية. أما محمد الغفلي في كتاب «للحياة مذاق آخر» فالتجربة لديه مختلفة على مستويات عدة، ذلك أن أسلوب السرد في الكتاب يأخذ طابع البوح الطفولي السعيد فيما يقول، حيث يهجم فعل الكتابة من دون تردد، فيتجاوز المحاذير على أنواعها، وخصوصاً عندما يتحدث عن إعاقته، فيقول إنه منذ أن درج في الشارع لم يشعر بهذه الإعاقة، لا بل كانت تتمثل له وكأن الرؤية الطبيعية في القلب، أو الروح أكثر من النظر: «كان ثمة ضوء يتسلل إلى عيني، كأنه شلال أبيض أراه، يبرق بأضواء ساطعة، ربما لأنني لا أعرف ما يعنيه الضوء الساطع إلا في الأحلام، يأتيني مثل ساحر أو ولي صالح (...) منذ نشأتي الأولى تأقلمت وأنا الطفل الصغير مع إعاقتي، بل أصبح عالم الظلام، هو العالم الذي أبصر فيه جماليات الحياة، حاسة رحلت، وحلت محلها حاسة أخرى». في المستوى الثاني، يتصالح الغفلي مع إعاقته مبكراً جداً، ويقبل على حياته بشهية الأطفال الأسوياء، فيُلم بالكثير من التفاصيل، بدءاً من حذر الأهل، ومروراً بعقبات الطريق، واللعب مع الأطفال وصولاً إلى المدرسة، والتعاطي مع القراءة عبر «برايل»، وكأنه يُخبر الآخرين، أو المتلقي بقصة قرأها لا يعيشها. في المستوى الثالث، يختزن النص بثناياه الكثير من الفرح، والتفاؤل والثقة بالمستقبل، بضوء النجاحات التي حققها الغفلي، سواء من خلال تفوقه على أقرانه الأسوياء في الدراسة الجامعية، قسم صحافة ونشر، في كلية الاتصال بالشارقة، وخصوصاً حينما تسلم شهادة التخرج من يد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى للاتحاد، حاكم الشارقة، ومن ثم توظيفه بمنصب تنفيذي أول في هيئة تنمية المجتمع بدبي، أو من خلال أنشطته المسرحية والإذاعية المتعددة، التي تلاقي الاستحسان من المتلقين.. وبعد كل هذا زواجه السعيد من كفيفة، الذي جعل للحياة مذاقاً آخر، مؤكداً أنهما يعيشان حياة طبيعية، فيخرجان إلى التسوق والتنزه وزيارة الأهل والمعارف من الأصحاب والأحباب بيسر، من دون عقبات تذكر. وقال الغفلي في حديث خاص لـ «الاتحاد»، إن الكتاب هو يومياتي الحقيقية بواقعية وصدق، متمنياً على الجميع أن يقرأوه، خاصة أقرانه من ذوي الاحتياجات الخاصة، وبشكل أخص المكفوفين، لأن الحديث التشجيعي، الذي يلاقيه هؤلاء المكفوفون في الغالب يمر على ذكر النماذج القديمة، التي مضت من سنوات، وإنما أنا أعيش معهم وبينهم. ويضيف الغفلي بأن الرسالة الثانية التي ينطوي عليها كتاب «للحياة مذاق آخر» هي موجهة للجميع، ومفادها إن ذوي الإعاقة ليسوا بأبطال خارقين، ولكن لديهم قدرات وإمكانيات، مثلهم مثل الآخرين، فاتركوا لهم الفرصة في ممارسة قدراتهم وإمكانياتهم في المجالات التي يحبونها ويبدعون فيها، من دون تحفظ أو تردد، وستكتشفون أنهم لا يختلفون عن الأسوياء بالكفاءة والنجاح. وتحدث الغفلي بما يشبه التذكير لأهل المكفوفين الذين يتدخلون باختيارات أبنائهم، في إطار الحرص الزائد على وضعهم الخاص، لاسيما في مسألة الزواج، فيلاحظ أن أهله خطبوا له ثلاث عشرة مبصرة، ظناً منهم بأن «حياتنا ستكون أفضل أو أسعد، وفي كل مرة كان يأتي الرفض كوني كفيفاً، من دون أن يترك الأمر علي أدنى تأثير، لأنني كنت أجاريهم في الأمر علماً أنني أعرف النتيجة مسبقاً، فأنا أدرك جيداً أن مجتمعاتنا لا تزال دون مستوى التفاعل الحقيقي أو الكامل بين الأسوياء وذوي الإعاقة، حتى لو وُجدت من تقبل الكفيف كزوج فإن أهلها سيمنعونها، كما فعل أهلي بدواعي الحرص على ما سموه سعادتنا». في الواقع، يقنعك الفنان الجميل محمد الغفلي بكتابه وبشخصه، بأن للحياة مذاقاً آخر مختلف، يعرفه هو جيداً منذ أول مسرحية شارك فيها، وكانت بعنوان «للحياة دائماً مذاق آخر» من تأليف عبد الله صالح وإخراج محمد العامري، عام 2008. وتكررت التجربة بـ«عودة القراصنة» من تأليف باسم داوود وإخراج عمر فرحان عام 2010. و«سفر العميان» من تأليف ناجي الحاي وإخراج أحمد الأنصاري عام 2011. و«باب البراحة» من تأليف مرعي الحليان وإخراج مروان عبد الله، التي عرضت بمهرجان دبي لمسرح الشباب الشهر الماضي من خارج المنافسة. وهو يستعد مع فريق المسرحية للمشاركة في مهرجان الخليج لمسرح المعاقين في البحرين ديسمبر المقبل. كذلك قدم الغفلي مسلسلاً إذاعياً من ثلاثين حلقة بعنوان «رسائل» على إذاعة «نور دبي» كتب هو منها ست عشرة حلقة.
المصدر: الاتحاد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©