الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ماليما... صعود سياسي مثير للجدل

7 نوفمبر 2012
قد يكون "جوليوس ماليما" قائد جناح الشباب السابق في حزب "المؤتمر الوطني الأفريقي" الحاكم أكثر الشخصيات في دولة جنوب أفريقيا إثارة للجدل في الوقت الراهن، وذلك بعد أن دعا للاستيلاء على المزارع المملوكة للبيض الموجودة في دولته التي ما زالت تكافح حتى الآن للتخلص من تركة الانقسام العنصري، كما طالب بتأميم مناجم الفحم ما أدى إلى إثارة قلق المستثمرين الأجانب. على أن أكثر أفعاله تحريضية حتى الآن هي أداؤه العلني لأغنية تعود إلى عهد الفصل العنصري تتضمن دعوة لقتل البيض. وكان ذلك الفعل من جانبه كافياً لدفع قيادة الحزب لطرده من صفوفه في تاريخ سابق من هذا العام بتهمة غرس بذور الانقسام بين صفوفه. وكان "ماليما" النجم الصاعد السابق، يتمتع بنفوذ هائل في الحزب الذي أنهى الحكم العنصري للبيض، لدرجة دفعت جاكوب زوما لوصفه بأنه قائد المستقبل للأمة. أما الآن، فإن "ماليما" يلجأ، في مواجهة اتهامات النصب، وغسيل الأموال الموجهة إليه، إلى استغلال السخط الشعبي على مقتل 34 عاملاً من عمال المناجم المضربين في شهر أغسطس الماضي على أيدي قوات الأمن الحكومية، وما تلا ذلك من موجة اضطرابات عمالية، من أجل إحياء حظوظه السياسية. بعد إطلاق الشرطة النار على العمال، انضم "ماليما" لصفوف العمال على الفور، وشاركهم الرقص والغناء والدعوة لتنظيم إضرابات شاملة، ووجه انتقادات علنية لزوما متهماً إياه وحزب "المؤتمر" بالانفصال عن نبض الجماهير الفقيرة، وسوء التعامل مع إضراب عمال المناجم. وفي خطاب له أمام جماهير صاخبة بعد إطلاق النار على العمال، قال "ماليما" وفقاً لما تناقلته الأنباء:" لقد ضل قادتنا طريقهم ومالوا نحو أصحاب المناجم والأرباح الفيدرالية... ولم يعودوا يأبهون بكم". ولم يكتف "ماليما" بذلك بل واصل استغلال تاريخ جنوب أفريقيا العنصري مضفياً على نفسه وصف" المقاتل من أجل الحرية الاقتصادية" ففي زيارة له مؤخراً لدولة زيمبابوي المجاورة حث ماليما الجنوب أفريقيين السود على الاستيلاء على الأراضي المملوكة للبيض، وعدم التردد في استخدام العنف عند الضرورة. و في زيمبابوي أيضاً قال ماليما مشيراً للجنوب أفريقيين البيض:" لقد قتلوا الناس كي يحصلوا على تلك الأراضي وتلك المناجم، ولذلك لن نعطيهم أموالاً عندما نسترد تلك الأراضي، لأننا لو أعطيناهم أموالاً فإننا سنكون حينئذ مثل من يقدم الشكر لهم على أنهم قتلوا أهلنا". لم يستجب المتحدث باسم ماليما للعديد من الاتصالات لمعرفة تعليقه على ما أوردته تقارير الصحف من تصريحات منسوبة إليه. ولكن ماليما وفي مقابلة نادرة مع وسيلة إعلام خبرية أجنبية قال لمراسل صحيفة الـ"صنداي تلجراف" البريطانية في يوليو الماضي:" إن هؤلاء الذين جاءوا للتواصل معي قد حصلوا على صورة مختلفة تمام الاختلاف عني" ومضى ماليما بالقول في نفس المقابلة" أنا شخص طيب.. وليس لدي أي نوايا سيئة ولا رغبة في إيذاء أي شخص في هذا البلد". وماليما البالغ من العمر 31 عاماً، والذي ربته أمه التي كانت تعمل خادمة منزلية في مقاطعة ليمبوبو، انضم لحزب"المؤتمر الوطني الأفريقي" عندما كان في التاسعة من عمره، وانتخب قائداً لجناح الشباب بالحزب عندما كان في السابعة والعشرين من عمره. بعد ذلك أصبح حليفاً رئيساً لزوما الذي أطلقه للرئاسة عام 2009 ووصفه بأنه قائد وطني. ولكن الرجلين اختلفا فيما بينهما بعد ذلك، وتحول "ماليما" لواحد من أكثر نقاد "زوما" شراسة. يقول خصوم "ماليما" إنه شخص استغلالي وديماغوجي يسعى إلى استغلال مظاهر عدم المساواة المتبقية في جنوب أفريقيا لتحقيق مكاسب سياسية ونفوذ شخصي. بعض المحللين يقولون إن ماليما يمثل الانقسامات داخل حزب المؤتمر الحاكم وأنه يُستغل من قبل البعض. من هؤلاء المحللين ستيفن فريدمان مدير مركز دراسات الديمقراطية في جوهانسبرج الذي يقول عنه" ماليما نتاج لظاهرة الانقسام الحزبي داخل المؤتمر، والناس الذين يستغلونه يحاولون الحصول من وراء ذلك على مزايا داخل الحزب. وفي ظني أن بعض الشخصيات في الحزب تطلب منه أن يقول أشياء لا يجرأون هم على قولها" ويؤكد فريدمان أن ماليما يفتقر إلى قاعدة قوة كبيرة، ولكنه يعطي الانطباع مع ذلك بأنه يمتلك مثل هذه القاعدة من خلال التدخل في الصراعات والنزاعات، والتعاطف مع الناس ويصف فريدمان ذلك بأنه يمثل نوعاً من" الإيهام البصري" وأنه شخصياً لا يعتقد أن ماليما قادر على البقاء طافياً في الساحة السياسية. ولكن آخرين يرون في ماليما بطلاً مدافعاً عن الطبقة الدنيا الفقيرة التي تشعر بالغضب من حكومة حزب المؤتمر الوطني بسبب عجزها عن توفيرها المساكن، والوظائف والكهرباء وغيرها من الخدمات الأساسية. ولكن سكاناً آخرين يقولون إنهم ينظرون إلى ماليما على أنه رجل فاسد، فهو معروف بنمط حياته الباذخ حيث يمتلك منزلاً فخماً في إحدى ضواحي جوهانسبرج الراقية، ويقود سيارة رينج روفر فاخرة غالية الثمن. في الوقت الراهن يجد ماليما نفسه عرضة لتحقيق جنائي واتهامات باستغلال منصبه السابق كرئيس لجناح الشباب في الحزب الحاكم في التأثير على عملية إرساء العقود الحكومية من أجل تحقيق المنافع والإثراء له شخصياً ولشركائه في العمل. وقد أنكر ماليما تلك الاتهامات ووصفها بأنها مدفوعة بدوافع سياسية. سودارسان راجافان جوهانسبيرج ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©