«الشرطي الصغير» همزة وصل مرورية مع عالم الطفولة

دمية «الشرطي الصغير» الباسم سباقة إلى كل مكان، وحاضرة دوما في رياض الأطفال والمدارس، وصولاً إلى الفعاليات الاجتماعية في المتاحف والحدائق ومراكز التسوق، إيماناً بدور الدمية المحببة لقلوب الصغار، وقدرتها على توصيل المعلومات بطريقة سهلة وميسرة. وعند رؤية دمية الشرطي الصغير يطرح السؤال نفسه، ويأخذ الفضول الأطفال إلى حبهم معرفة الشخصية الحقيقية التي تؤدي هذا الدور، الذي يحبونه، حيث يركضون خلفها أينما سمعوا أنها موجودة في المدارس أو أي جهة في إمارة الشارقة خلال الفعاليات والمناسبات المختلفة. يمارس الرقيب أول عبد اللطيف مصطفى القاضي منفذ البرامج التوعوية في دائرة الاعلام والعلاقات العامة بالقيادة العامة لشرطة الشارقة، نائب رئيس مجموعة الإمارات للعمل التطوعي، العمل التطوعي منذ 31 عاماً وهو صاحب شخصية الشرطي الصغير. وعن عمله وحياته يقول: عشقت العمل التطوعي منذ طفولتي المبكرة حين كنت في فريق الأشبال بمدرسة جابر ابن حيان في إمارة أبوظبي، ثم في إمارة الشارقة بعد وفاة والديّ رحمهما الله، حيث دفعتني وفاتهما وأنا في سن مبكرة للتواصل مع الأطفال الأيتام وذوي الإعاقة، وبعد انتقالي للشارقة وترعرعي فيها عملت في القيادة العامة لشرطة الشارقة في العام 1991، حيث لم يمنعني عملي في الشرطة عن مزاولة العمل التطوعي، فانخرطت كمتطوع بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية منذ ذلك الحين حتى هذا اليوم، وقد نما تواصلي مع الأطفال من ذوي الإعاقة بعد انخراطي في عملي الوظيفي في قطاع الشرطة خاصة مع تشجيع زملائي في العمل التطوعي، ودعم رموز العمل التطوعي في الشارقة، إضافة إلى تشجيع القيادات الشرطية التي عاصرتها خلال عملي في سلك الشرطة، كاللواء محمد خليفة المعلا قائد عام شرطة الشارقة السابق، وثم دعم اللواء حميد محمد الهديدي قائد عام شرطة الشارقة، الذي أطلق عليّ مؤخرا لقبا سعدت به وافتخرت له جدا وهو (سفير القيادة العامة لشرطة الشارقة للمؤسسات الحكومية والخدمية بالإمارة). العمل الإنساني ويضيف عبد اللطيف، خلال فترة عملي في شرطة الشارقة تم إدماجي مجال العمل الإنساني في مختلف المؤسسات الحكومية والأهلية المحلية والاتحادية بالدولة، مثل نادي الثقة للمعاقين وجمعية أهالي ذوي الإعاقة بدولة الإمارات، والمجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، وكذلك مراكز المعاقين في كل من إمارة الفجيرة ودبي، وبعد أن تبلورت لدي طبيعة العمل التطوعي راودتني فكرة عمل الشرطي الصغير من خلال المحاضرات التوعوية التي كنت أقوم بها في رياض الأطفال والمدارس الابتدائية والإعدادية، من أجل توجيه وتثقيف الأطفال الذين يتطلبون معاملة خاصة تختلف عن معاملة ومخاطبة الكبار. وأشار إلى أنه في سبيل ذلك أيضا قامت شرطة الشارقة بإنشاء قرية مرورية متكاملة في العديد من المدارس، لتشكل للأطفال مدينة متكاملة تتضمن نماذج للشوارع والإشارات المرورية واللوحات الإرشادية ومجسمات لمبان تحاكي تلك الموجودة في بيئة الشوارع الحقيقية، وبعدها تطورت لدي ملامح شخصية الشرطي الصغير، حيث قامت شرطة الشارقة بعمل تجربة في هذا المجال في مبنى القيادة العامة لشرطة الشارقة عام 2008، تضمنت تصميم نموذج لدمية تمثل شخصية الشرطي الصغير، وبعدما تم تجهيز لباس الدمية، وكان أول لقاء حي لهذه الشخصية المبتكرة مع اللواء حميد محمد الهديدي القائد العام لشرطة الشارقة، ومنذ ذلك الوقت خرجت الشخصية للمجتمع وتزايد انتشارها وكثر الطلب عليها في مختلف المرافق التعليمية والمؤسسات في إمارة الشارقة وبعدها في إمارة أبوظبي وجميع مدن الدولة. مبادرة مجتمعية ويضيف القاضي: كان الهدف الأساسي من ابتكار شخصية الشرطي الصغير هو الخروج بشيء مميز يتوجه للأطفال في مبادرة مجتمعية لمختلف المدارس الحكومية والخاصة من أجل نشر وتوصيل المعلومة المرورية والتوعية بإجراءات السلامة المروية بطريقة سهلة وسلسة تناسب المراحل العمرية المبكرة للطلبة الصغار ذكورا وإناثا، علماً بأن هذه التجربة قد انطلقت بشكل تطوعي ثم اتخذت طابعا مهنيا. ومن جانب آخر يشير القاضي إلى انتشار شخصية الشرطي الصغير، وتخطي نشاط هذه الشخصية عالم الطفولة، فوصل إلى أنشطة المدينة الجامعية بالشارقة، لكن سعادته تتحقق بطبيعة بشكل أكبر من خلال التواصل كجهة توعوعية في شرطة الشارقة مع الأطفال الصغار من أجل توعيتهم بالمخاطر المحدقة في الطريق أو الأحياء السكنية أو خلال توجههم للمدارس وعودتهم منها، فعلى سبيل المثال يتم من خلال شخصية الشرطي الصغير تعليم الأطفال آداب وحقوق الطريق، وواجب احترام ومساعدة كبار السن والضعفاء في الشارع، إلى جانب توعيتهم لاختيار الطرق المناسبة في عملية عبور الطريق، وكذلك تعليمهم كيفية الصعود والنزول بشكل سليم من الحافلة المدرسية، وصولا إلى كيفية انتقاء الأماكن المناسبة لقضاء أوقات الفراغ خلال فترات الإجازة، واستغلال أيام العطلات الاستغلال المفيد والصحيح، من خلال التطوع مثلا للمشاركة في الأعمال الخيرية والإنسانية. توعية الصغار وأوضح أنه على الصعيد الاجتماعي تدعو الشخصية إلى ضرورة احترام أفراد الأسرة وسائر الأفراد الآخرين في المجتمع وطريقة التعامل معهم، لأن كل هذه الأمور تهدف لتنمية وتطوير شخصية الطفل من جميع جوانبها النفسية والاجتماعية والأسرية والدينية، كي يخرج للمجتمع في المستقبل فرد ناضج وسليم من خلال الرعاية الخاصة التي نوليها له، لا سيما وأن طفل اليوم يختلف كثيرا عن طفل الماضي، حيث يتمتع الطفل في أيامنا هذه بوعي مختلف من خلال الحياة الحديثة التي يعيشها، وهي مغمورة بسيل هائل من المعلومات التي تصل إليه من خلال الفضائيات وأسباب التكنولوجيا الأخرى، إضافة إلى طفرة التواصل الاجتماعي عبر شبكة الانترنت أو سواها من قنوات التواصل والمعرفة. وعن الجهود الشرطية التي تبذلها إمارة الشارقة لتوعية وتثقيف المواطنين مروريا يقول عبداللطيف، تقع على عاتقنا كجهة أمنية في شرطة الشارقة الكثير من المسؤوليات، ومن ضمنها توفير وابتكار برامج تثقيفية عديدة من خلال القيادة العامة لشرطة الشارقة، عبر التأكيد على الدور الريادي للشرطة المجتمعية، وأهمية وصولها إلى جميع شرائح المجتمع في مختلف المناطق والأحياء السكنية في إمارة الشارقة، خاصة مع توجيهات القيادة الرشيدة في الشارقة بانشاء حدائق متكاملة الجوانب، كي ترعى الأطفال والشباب ذكورا وإناثا وصولا لجميع أفراد الأسرة في مختلف مناطق الإمارة، وهي حدائق نموذجية مجهزة يتوفر فيها ركن خاص للأطفال وركن خاص للأسر، مع وجود مسطحات خضراء للجلوس والاستجمام، بالاضافة إلى انشاء ملاعب لكرة والسلة والطائرة، حيث تلعب هذه الحدائق دورا هاما فهي تحمي الأطفال من اللعب في الشوارع المفتوحة من جهة، وتساعدنا كجهة شرطية مجتمعية على التواصل مع جميع أفراد الأسرة على اختلاف أعمارهم من جهة أخرى، خاصة وأنهم يجتمعون في مكان واحد، وهو الحديقة التي تمثل بيئة اجتماعية وأسرية واحدة، يتواجد ويتواصل فيها جميع أفراد الأسرة والأصدقاء كبارا وصغارا». تقدير حصل عبداللطيف القاضي على العديد من الجوائز وعلى رأسها جائزة الشارقة للعمل التطوعي عام 2004، كما تم تكريمه من قبل العديد من المؤسسات كجمعية أهالي ذوي الإعاقة، ومدينة الشارقة للخدمات الإنسانية والمجلس الأعلى لشؤون الأسرة، وهيئة المحميات والبيئة الطبيعية، بالإضافة إلى تكريمه من قبل القيادة العامة لشرطة الشارقة. كما تم تكريمه في مناطق تعليمية عدة والوزارات الاتحادية في مختلف إمارات الدولة كوزارات، الأشغال العامة، والثقافة والشباب وتنمية المجتمع، والتربية والتعليم.