السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

«الآيباد» يتحول إلى ظل الطفل في حله وترحاله ومخاوف متزايدة من السلبيات

«الآيباد» يتحول إلى ظل الطفل في حله وترحاله ومخاوف متزايدة من السلبيات
17 نوفمبر 2013 12:25
يجلس راشد محمد، وهو طالب في الصف السابع، ساعات صامتاً، فيما تنقر أصابعه وتتقافز عيناه على شاشة “الآيباد” الذي لا يكاد يهجره إلا عند الخلود إلى النوم. ويستخدم راشد “الآيباد” يومياً في التسلية والدراسة، فهو يساعده في “إجراء الواجبات والأبحاث المدرسية”، كما أنه يلجأ إليه في وقت الفراغ للعب والتواصل مع أصدقائه عبر مواقع التفاعل الاجتماعي التي تعج بها الشبكة العنكبوتية. ولا يخفي راشد استمتاعه باستخدام وسائل التقنية الحديثة والذكية في الصفوف الدراسية، حيث إن استخدام “الآيباد” أضفى أسلوباً جديداً في الدراسة بعيداً عن الأسلوب التقليدي، بحسب تعبيره. كذلك ترى الطالبة ميثاء محمد، في الصف الحادي عشر، أن استخدام التكنولوجيا في التعليم أضاف نكهة أخرى للمعلومة، وأسلوب التعامل معها، وبات تدريس المواد ممتعاً بشكل أكبر، خصوصاً في ظل إمكانية التواصل مع الجميع عبر الشبكة الالكترونية والاستفادة من آرائهم. ويؤيد طلبة وأكاديميون مبادرات الجهات الراعية للمسيرة التعليمية في الدولة التي أسهمت في حدوث “طفرة نوعية” في أساليب التعلم الحديثة وتطويعها لتصبح إحدى أهم وأبرز أشكال تلقي التعليم في المدارس، في حين أثار دخول هذه التقنيات الحديثة مخاوف عند آخرين من “وضع عالم الإنترنت اللامنتاهي بما يضمه من غث وسمين على بعد نقرة أصبع من يد طفل”، علاوة على أن الاستخدام المكثف للأجهزة قد يفقد الطلاب مهارات أساسية مثل الكتابة باستخدام اليد والقدرة على الاختزال، وهي علاقة معرضة للضعف في ظل استخدام هذه الأجهزة الحديثة. ويستند المتخوفون من سيطرة الإلكترونيات على حياة البشر إلى أن التعلق بالأجهزة الإلكترونية يضعف مع الوقت القدرة على التواصل مع الآخرين والتعلق بالمجتمع الافتراضي، فضلاً عن تسبب الجلوس لفترات طويلة في الإصابة بأمراض عصبية وعضوية. أمر لا بد منه واعتبر سعيد مصبح الكعبي، مدير منطقة الشارقة التعليمية، أن هذا التقدم السريع في مجال التعليم وإدخال وسائل التعليم الحديثة والمطورة في مجال التعليم أمر لا بد منه، وذلك لنواكب سير التطور والسرعة في العصر الذي نعايشه ونساير طريقة وأسلوب الأجيال الجديدة الذين هم بناة المستقبل. وقلل الكعبي من مخاوف البعض من الآثار السلبية لاستخدام التكنولوجيا في التعليم، قائلاً: “نحن لا نستطيع أن نبقى قابعين في أماكننا، في حين ركب التطور والتكنولوجيا يمضي مسرعاً من أمامنا.. هذا أمر سيخلف ثغرة كبيرة بين المعلم والطالب، خصوصاً أن الأجيال الجديدة اعتادت على استخدام التكنولوجيا بشكل يومي في مجال التواصل، والتسلية وغيرها فلماذا لا نطوع ذلك ونستخدمه في مجال التربية والتعليم، حتى يستطيع الطفل والطالب اختيار الطريق الصحيح لاستخدام العلم المتطور والحديث بأسلوب يعبر من خلاله عن ذاته ومستقبل وطنه، دون أن ينصاع للعوامل والمغريات الأخرى والتي قد تؤثر سلباً على عقله وعاداته ودينه”. وأشار الكعبي إلى المبادرات الأخيرة التي تم إطلاقها من قبل الحكومة والتي تدعو إلى التعلم الذكي وتطوير أساليب ومناهج التربية والتعليم لتتماشى مع عصر النهضة والتكنولوجيا، معتبراً أن تطور أسلوب التعليم وارتقائه لمواكبة معطيات العصر “أمر طبيعي”، وغير الطبيعي هو أن يقف عندنا التعليم عند مكان معين، بسبب سلبيات يمكن تفاديها من خلال التوعية والتوجيه والرقابة. اختزال الوقت والجهد من جهتها، أوضحت حصة الخاجة، رئيس قسم التعليم الخاص والنوعي، أن طفرة التطور في مجال التعليم اختزلت الوقت والجهد في مجال توصيل المعلومة إلى الطالب، حيث إنها باتت تصل بصورة ممتعة أكثر وفي وقت وجهد أقل، موضحة أن الطريقة التقليدية في التعليم أصبحت غير مجدية في عالمنا حالياً. فالطالب يبحث عن كل ما هو جديد وحديث ومبتكر واستخدام هذه التكنولوجيا في مجال التعليم يعد أفضل طريقة لشده لحب التعلم والتعليم. وتابعت أن الطالب في الوقت الحالي يرغب دائماً في دخول عالم التعلم الذكي ويقبل عليه بشدة أكبر ويستسيغ عملية إيصال المعلومة من خلال ذلك مقارنة بأساليب التعلم المتعارف عليها، والتي اعتادها وأصبحت روتينية وشبه مملة. وأضافت: إنه قد تترتب عدد من السلبيات من خلال هدر الوقت بالتسمر لساعات طويلة أمام تلك الأجهزة، ما يتسبب في فقد وسائل الاتصال الأخرى والتواصل مع الآخرين والإصابة بأمراض عصبية وعضوية نتيجة الإسراف في التعلق بالتكنولوجيا، ولكن إذا ما تم الأمر بشكل مدروس ومقنن، ومتابعة من قبل أولياء الأمور والمدرسة في الوقت ذاته فسنكون قد قفزنا قفزات عالية في عالم التعليم وواكبنا من خلال ذلك العصر الحديث. وحول التحديات التي واجهتهم في تطبيق المرحلة الأولى من مبادرة التعلم الذكي، ذكرت رئيسة قسم التعليم الخاص والنوعي في تعليمية الشارقة بأن كل أمر أو فكر جديد قد يواجه بشيء من النفور أو الرفض بصورة أولية، ولكن من خلال القيام بورش التوعية والدورات التدريبية وتسهيل عملية ممارسة الفكرة يصبح الأمر أسهل، وتتضح الصورة للجميع مما يجذبهم إلى القبول والتطبيق. وأكدت أن الولوج إلى عالم التعلم الذكي لن يؤثر بتاتاً على علاقة الطالب بالقلم، خصوصاً أن المدرسة تحرص وبشدة على أهمية استخدام القلم والكتابة ليدون الطالب ملاحظاته وأفكاره بشكل أساسي، حيث إنه لا غنى عن القلم مهما تطورت أساليب التعلم والمعرفة. إيجابيات وسلبيات أكد الدكتور عبدالله السويجي، رئيس مجلس الشارقة للتعليم عضو المجلس التنفيذي لإمارة الشارقة، أن فكرة التعليم الإلكتروني تنبثق من كونها عنصراً أساسياً في تطوير المستوى التعليمي لدى عناصر المنظومة التربوية والسمو به إلى أعلى المستويات ليواكب التطور التكنولوجي الهائل وإعداد جيل لمجتمع ناجح وفعال، وزيادة الوعي لدى أفراد المجتمع بمؤسساته وحكومته الرشيدة وأهمية هذا التعليم كتحد تكنولوجي معاصر. وأشار السويجي إلى أن مفهوم التعليم الإلكتروني هو استخدام التكنولوجيا الحديثة في التعليم وتسخيرها لتعلم الطالب ذاتياً وجماعياً وجعله محور العملية التعليمية، أي نقل عملية التعليم من مجرد التلقين من قبل المعلم والتخزين من قبل الطالب إلى العملية الحوارية والتفاعلية بين الطرفين، بعبارة أخرى تمكين الطالب من المشاركة بفاعلية في العملية التعليمية عن طريق الاستكشاف والتعبير والتجربة فتتغير الأدوار بحيث يصبح الطالب متعلماً بدلاً من متلقٍ للمعلومة والمعلم موجهاً للطالب بدلاً من خبير ناقل للمعلومة. وقال: “لا شك أن للتكنولوجيا الحديثة إيجابيات وسلبيات وأهم إيجابياتها أنها توفر للمعلم المزيد من المعارف والمعلومات التي تسهم بشكل كبير نحو تمكين المعلم بأساليب التدريس الحديثة، وكذلك تمكنه من المشاركة في إعداد المواد التعليمية وتعمل على رفع جودتها حتى يتحقق الهدف المنشود، إضافة إلى الاستفادة منها في التعرف على أحدث الأساليب الحديثة في التقويم والتوجيه والمتابعة للواجبات المدرسية لطلابه”. وذكر رئيس مجلس الشارقة للتعليم أنه في ظل فلسفة التعليم الحديثة التي تنبثق من أن التعليم مسؤولية مجتمعية وكل مؤسسات المجتمع يجب أن تسهم فيها، من خلال التكامل مع دور الأسرة. وأما السلبيات، فبين السويجي أن هناك دراسات تشير إلى أن الاعتماد على استخدام لوحة حروف الحاسب المحمول واللوحي سيسهم مستقبلاً في إضعاف مهارتي الكتابة والاختزال لدى الطلاب، خصوصاً في المراحل الدراسية الأولى، مع ما يعنيه اضمحلال الكتابة اليدوية من خلل في الإدراك العقلي، فالعملية العصبية التي توجه التفكير عبر الأصابع إلى كتابة رموز هي شديدة البراعة والتعقيد، مضيفاً أن دراسات أكاديمية أثبتت أن مهارات خط اليد الجيد في سن مبكرة تساعد الأطفال على التعبير عن أفكارهم بشكل أفضل. جيل متعلق بالتكنولوجيا وقالت ليلى القصير، مديرة مدرسة واسط الثانوية النموذجية للبنات: إن دخول التعلم الذكي إلى سلك التعليم أمر لا مناص منه، فنحن في عصر العولمة والشبكات المفتوحة والتي يمكن من خلالها الحصول على المعلومات في غضون ثوان، لذا كان لابد من الجهات المعنية اتخاذ مثل هذا القرار المهم لجعل التكنولوجيا من روافد تلقي التعليم على مستوى الدولة. وأضافت: إن تعلق الجيل الحديث بالتكنولوجيا بات واضحاً، خصوصاً أنهم لا يعانون صعوبة في التعامل مع الأجهزة واللوحات الذكية، بل هناك تناغم وترابط وسلاسة في طريقة تعاملهم مع تلك الأجهزة، في حين نحن من قد يعاني شيئاً من الصعوبة في أسلوب التعاطي مع تلك الأجهزة. وأكد قمبر محمود مدير مدرسة حلوان الثانوية للبنين أن مبادرة صاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي في التعلم الذكي جاءت في وقتها، حيث إننا أصبحنا نرى أبناءنا لا يفارقون الأجهزة الحديثة، والمبادرة جاءت لتطويع وتسخير هذه التكنولوجيا لصالح الطلبة، وتطوير الذهن والذات، وتعريفهم بكيفية ترشيد استخدامها أيضاً. وقالت فاطمة عيسى، معلمة: إن الدخول في هذا العالم غير المحدود يبعث نوعاً من الخوف والرهبة عند الطالب والمعلم في الوقت ذاته، خصوصاً أن الطالب يضع في ذهنه بأن المعلم لديه الإجابات لكل الأسئلة، وفي المقابل يرى المعلم بأنه وضع أمام أجهزة يجد صعوبة في التعامل ويحتاج إلى وقت حتى يألف استخدامها. وأكدت ضرورة تكاتف الجهود من المدرسة والأسرة والإعلام لتوعية أبنائنا بالأسلوب الأمثل والصحيح لاستخدام هذه الأجهزة بشكل إيجابي، والابتعاد عن استخدامها لأغراض سلبية قد تؤثر في طريقة تفكير الطالب ومعتقداته، إذ إن عالم الإنترنت واسع وكبير ومن الصعب جداً السيطرة على الأبناء في هذا البحر الواسع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©