الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كيف أصبِح رجلاً؟!

6 ابريل 2007 01:30
تخيلت شابا أمامي يلح في السؤال: كيف أصبِح رجلاً؟ واحترت في الجواب؟ فالإجابة طويلة ومتشعبة، وكل صاحب معرفة يسير بك في واد، ولكن حسبك من القلادة ما أحاط بالعنق! أيها الشاب·· مقاييس الرجولة تختلف حسب نظرة المجتمع والأسرة والشاب نفسه، فرجولة المهازيل إضاعة الوقت وإزجاء الزمن دون فائدة، ورجولة المرضى والسفهاء السعي وراء الشهوات المحرمة! أما رجولة أهل الهمم والمعالي فهي السعي الحثيث الى جنة عرضها السماوات والأرض، ومن متطلبات هذا السعي أن تكتسب من العلم أوفره، وأن تنال من الأدب أكثره، ومن معالي الأمور وجميلها ما يزين رجولتك، ويجعلك محط الآمال ومعقد الأماني، بعيداً عن عثرات الطريق ومزالق المسير· تصبح رجلاً أيها الشاب إذا اكتملت فيك مقومات الرجولة، ولكن ليس رجل فحولة فحسب، بل رجل بطولة وصبر، يسعى جاداً لنيل العلم والارتقاء في درجاته، عفيف اللسان نزيه الجوارح، تسارع قدمه إذا سمع الأذان، وتتردد بين جنباته آيات القرآن، وبعيداً عن التنظير والكلمات الإنشائية أذكرك بأمور إن تمسكت بها وأخذت بأطرافها فزت ورب الكعبة· أولاً: خلقت لأمر عظيم فاحذر أن يغيب ذلك عن بالك طرفة عين، فالله عز وجل يقول في محكم التنزيل: ''وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون''· ثانياً: الصلاة ·· الصلاة، فإنها عماد الدين والركن الثاني العظيم، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، فلا تتهاون ولا تتكاسل ولا تتشاغل عن أدائها في وقتها مع جماعة· ثالثاً: ما أضاع أيام العمر إلا حياة الفارغين، وأصحاب الهوايات الضائعة والأوقات المسلوبة، فاحرص على وقتك فإنه أغلى من المال، والأنفاس لا تعود· رابعاً: العلم طريق الوصول الى خشية الله عز وجل، فسارع إليه وابدأ بالعلم الشرعي الذي تقيم به أمور دينك، وما نلت من علم دنيوي تحتاجه الأمة فاجعل نيتك فيه خدمة الإسلام والمسلمين حتى تؤجر عليه· خامساً: حسن الخلق كلمة لطيفة طرية على اللسان، ولكن عند التطبيق تتباين الشخصيات ويفترق الرجال الى أصول وفروع! فبر والديك، وارفق بأخيك، وأحسن إلى صديقك، وتعاهد جارك· سادساً: مع تنوع المعارف والعلوم لا بد أن يكون لك سهم من تلك الطروحات حتى تكون قوي الفكر، ثابت المعلومة، واحذر الطروحات الفكرية التي يدعيها بعض الموتورين والمرجفين ممن لا يذكرون الله إلا قليلاً! سابعاً: القدوة علَم تسير خلفه وتستظل بآرائه وتستلهم طريقه، فمن قدوتك يا ترى؟ ولا أعرف لابن الإسلام قدوة سوى محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام· ثامناً: أنت - ولا ريب - تتطلع إلى غد مشرق وسعادة دائمة، فعليك بتقوى الله في السر والعلن فإنها وصية الله للأولين والآخرين وطريق النجاة يوم الدين· تاسعاً: لتكن قوي الإرادة، ماضي العزيمة، وألق ما تقع عليه عيناك من المحرمات، وابتعد عن الرذائل ومواطن الشبهة، ولتكن لك قوة داخلية تسخرها لتزكية نفسك وتصفية سريرتك· عاشراً: الدعاء هو العبادة، وكم أنت فقير إلى ربك ومولاك، فبالدعاء يكون انشراح النفس وطمأنينتها وطلب العون من الله عز وجل، فلا تغفل عنه، واحرص على البعد عن موانع الإجابة، وكلما غفلت تذكر كثرة دعاء الأنبياء لأنفسهم وحرصهم على ذلك· أيها الشاب·· لا تستوحش من إقبال الزمان ودورته، فسيقف ابنك أمامك بعد زمن ليسألك: كيف أصبِح رجلاً يا أبي؟ فنقطة البداية لهذا الجواب هو ما تسير عليه اليوم وترسمه غداً، فالقدوة مثل أعلى لمن هم حولك، فابدأ واستعن بالله، وأراك قد أصبحت رجلاً ينطلق في مضمار الحياة لا ترهبه هبوب الرياح ولا تثنيه مسالك الطريق الوعرة· وفي الختام قد يطرق قلبك سؤال مفاجئ تصوبه نحو قلمي: كل ما ذكرت كلمات وعظ مكررة نسمعها بين حين وآخر! وجوابي لصوتك الحبيب: أيها الرجل الشاب! يا من استقبلت الدنيا بوجهك، إنها كلمات وإن كانت مكررة فأبشر إن وقعت في نفسك موقعاً· لمياء حسين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©