الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

النشر الإلكتروني يواجه جملة من التحديات

النشر الإلكتروني يواجه جملة من التحديات
20 نوفمبر 2011 00:08
تواجه دور النشر الإلكتروني في البلدان العربية جملة من التحديات والعقبات التي تحد من طموحاتها وأهدافها المعرفية والثقافية والتعليمية الموجهة للقارئ العربي، وهي ورغم ما يحيطها من معوقات تكنولوجية وقصور في نقل التطبيقات الأجنبية المتقدمة، إلا أنها ومنذ عدة سنوات تحاول وتجهد وتصارع من أجل مواكبة القفزات الكبيرة التي حققتها الثورة التقنية ووسائل الاتصال الحديثة والبرمجيات المتطورة، والتي خلقت بدورها مأزقا حقيقيا لتقاليد النشر الورقي وما يحيطها من نزعة كلاسيكية في اقتناص المعرفة من حقله التقليدي، وهو حقل بات في موضع نأي وعزل وانكفاء مقارنة بالبيئة التفاعلية التي تجمع بين الكتابة والصورة والصوت، والتي يمنحها النشر الإلكتروني بكل كرم وسخاء للقارئ الجديد والمتعامل مع أفق بصري وسمعي ديناميكي متحرك ومدهش في ذات الوقت. في الدورة الثلاثين من معرض الشارقة الدولي للكتاب المقام حاليا بأرض المعارض بمركز أكسبو الشارقة، يصادف المرء في إحدى القاعات الكبرى بالمعرض وجوداً كبيراً وحضوراً مكثفاً لدور النشر الإلكتروني، والتي تتصدرها عناوين وتطبيقات عربية سواء من خلال الأقراص المدمجة لكتب مسموعة أو برامج تعليمية وتثقيفية تسعى لاختزال آلاف الصفحات الورقية وتسهيل تواصل القارئ مع المعلومة ومع المنتج المعرفي، وتوافقاً أيضا مع النمط العصري السريع، ومع الإمكانات المذهلة لوسائل الاتصال التي يحملها القارئ معه أينما ذهب. “الاتحاد” التقت في المعرض بمجموعة من الناشرين الإلكترونيين العرب للاستدلال على راهن ومستقبل النشر الإلكتروني، ولاستشفاف المعوقات والتحديات التي تواجه هذا النوع الحديث والمتجدد من وسائط التواصل مع القارئ العربي. فضاء الإنترنت الناشر محمد يحيى من دار المستقبل الرقمي، يرى أن أبرز التحديات التي تواجه الناشر الإلكتروني هو فضاء الإنترنت المفتوح للقارئ الباحث على المعلومة، حيث يعثر على ما يريده بكبسة زر وبالمجان، فمحركات البحث الشهيرة المعروفة بالنسبة لرواد الإنترنت ـ كما يقول يحيى ـ أصبحت بمثابة مكتبة هائلة ومتاحة في أي وقت، وباتت هي البديل السهل والسريع للقارئ، فأبعدته بالتالي عن التواصل مع المطبوعات الورقية ومع المنتج الإلكتروني على السواء. وفي سؤال عن الوسائل التي يمكن للناشر الإلكتروني أن يقدمها ويبتكرها كي يستقطب أوسع شريحة من القراء والمهتمين، أشار يحيى إلى أن على الناشرين الإلكترونيين الاهتمام أكثر بعنصري “الجودة” و”التجديد”، حيث يمكن لهم من خلال هذين العنصرين أن يقدما للقارئ منتجا ثقافيا ومعرفيا يثق به، ويلبي حاجته لما هو مختلف ومواكب ومتوائم مع تطبيقات الأجهزة الحديثة. وحول قلة وندرة التطبيقات الإلكترونية العربية مقارنة بما هو متوافر في اللغات الأخرى وخصوصا الإنكليزية، أكد يحيى أن خيارات دور النشر الإلكتروني هي التي خلقت هذه المشكلة، فمعظم هذه الدور تلجأ للغة الإنجليزية وتنحاز لها، كي تستقطب شريحة أكبر من الطلبة والأكاديميين التي تنحاز مناهجهم التعليمية بدورها إلى اللغات الأجنبية وتهمل اللغة العربية، وأوضح يحيى أن حل هذه المعضلة سوف يأتي من خلال إصرار دور النشر الإلكتروني على بذل جهد مضاعف لتقديم تطبيقات عربية ذات جودة عالية، وترجمة التطبيقات الأجنبية الرائجة بين المهتمين بشكل متقن ودقيق، والتنسيق مع الجهات الأكاديمية كي تمنح مساحة أكبر للغة العربية في مناهجها التعليمية. من جهته، يرى الناشر محمد باسم الشعار من شركة التعليم الإلكتروني، أن دور النشر الإلكتروني باتت تقدم خدمة كبيرة لشريحة مهمة في المجتمع وهي شريحة الأطفال الذين يميلون للتواصل مع وسائل تعليمية تقدم لهم المعرفة والمتعة في ذات الوقت، ويوضح الشعار أن هدفه كناشر إلكتروني هو تقريب ذهنية الطفل العربي من ذهنية الطفل في البلدان الأجنبية المتقدمة، وذلك من خلال إثارة فضوله وتحفيزه على البحث والابتكار والإبداع الفردي، وقال إن النشر الإلكتروني في هذا السياق يفتح آفاقا جديدة ومتنوعة أمام الطفل العربي، الذي يرى المنتجات الاستهلاكية المتطورة أمامه ولكنه غير قادر في الوقت نفسه على استيعاب الأسس التكنولوجية والمعرفية التي قامت عليها هذه المنتجات. وحول الاتهام الموجه لدور النشر الإلكتروني والمتمثل في تهميشها للشكل أو المنتج الورقي كي تهيمن على الفضاء التسويقي والترويجي في معارض الكتب، رفض الشعار هذه التهمة من خلال تأكيده أن المنتج الورقي ما زال محتفظاً بثقله وحضوره لدى فئة كبيرة من القراء، وموضحا في نفس الوقت أن النشر الإلكتروني يعمل في اتجاه مختلف ويقدم أساليب متطورة وحديثة في التواصل مع الجيل الجديد، خصوصا أن أجهزة الحاسوب بتطبيقاتها التفاعلية والسريعة أصبحت مرغوبة أكثر وسط إيقاع معيشي متسارع يسعى للحصول على المعلومة بأقل وقت ممكن وبأرخص كلفة مالية. عنصر التنوع من جانب آخر، يرى المهندس جلال عبدالرحمن من شركة القمة للمعلومات، أن نجاح دور النشر الإلكتروني العربي وتميزها وسط الخضم الهائل للتطبيقات الأجنبية يعتمد وبشكل أساسي على عنصر التنويع، لأن الناشر العربي ـ كما قال ـ يجب أن يرضي الأذواق المتعددة للقارئ العربي، ويجب أن يخاطب كل شريحة حسب احتياجاتها للمنتج الإلكتروني، ومن هنا كما يشير عبد الرحمن يجب أن ينال الطفل والمراهق والأكاديمي والمثقف النخبوي والقارئ العادي ما يحتاجونه من معارف، تفيدهم في مهنهم وحياتهم العامة وفي متطلباتهم الدراسية والتخصصية، وبشكل يضمن التوزيع العادل والاهتمام الكافي بكل فئة. وحول أهمية المعارض الدولية الكبرى مثل معرض الشارقة للكتاب في الترويج للنشر الإلكتروني والاهتمام به، أشار عبدالرحمن إلى أن هذه المعارض تعتبر بمثابة مناخ حيوي للتواصل عن قرب مع المهتمين بالنشر الإلكتروني، كما أنها تقدم فرصة ذهبية لتحديد بوصلة الأذواق والاتجاهات الفكرية والثقافية والتربوية والتقنية التي يميل لها القراء بمختلف توجهاتهم وتخصصاتهم، وأكد عبدالرحمن أن مشاركته المتواصلة ومنذ عدة سنوات في معرض الشارقة الدولي للكتاب كشفت له عن التطبيقات الحديثة والمتطورة التي يحتاجها المستخدم أو القارئ العربي، وبالتالي فهو ومن خلال دار النشر التي يعمل لديها يسعى لمواكبة هذه التطورات وعدم الركون للتطبيقات القديمة التي تم تجاوزها أو تحديثها في دور النشر الأخرى. مزيد من الاهتمام وأخيرا يؤكد الناشر عبدالله فتوح من دار ميديا بروتيك، أن آليات النشر الإلكتروني في البلدان العربية ما زالت بحاجة لمزيد من الاهتمام من قبل الجهات الرسمية، خصوصا فيما يتعلق بمشكلة القرصنة التي تتعرض لها دور النشر الإلكتروني وتكبدها خسائر كبيرة، وتعيق بالتالي عملها كإحدى المفاصل المهمة في نشر العلم والثقافة وبشكل حديث ومتطور في الوطن العربي. وأوضح فتوح أن وجود أجهزة تواصل اجتماعي حديثة مع المستخدم العربي يفرض على الناشر الإلكتروني أن يقدم تطبيقات عالية ومتقدمة تنسجم مع إمكانات وخدمات هذه الأجهزة، وحول ضعف التقنية العربية مقارنة بالتقنية الأجنبية، أشار فتوح إلى أن المسألة بحاجة لجهود علمية وتمويلية وجهود كبيرة أيضا في مجال الترجمة، حتى يكون المنتج العربي متاحا بشكل سلس وعملي أمام المستخدم العربي، وأردف “أن التوجهات الجديدة للقارئ العربي تجاوزت نطاق الترفيه والتسلية، وأصبحت تميل أكثر لمتطلبات التنمية والتغيير سواء على المستوى الفردي أو الجماعي” ولهذا، وكما أشار فتوح، فإن على دور النشر الإلكتروني في البلدان العربية أن تتفاعل مع هذا التغيير وأن تعزز المعارف التقنية الجديدة وتلبي شروط الحداثة والتنمية البشرية والاجتماعية، مضيفا أن هذه أهداف وطموحات بحاجة لتسهيلات ومساعدات من كل الجهات الأكاديمية والبحثية والرسمية في الوطن العربي.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©