الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بغداد في الشعر العربي

بغداد في الشعر العربي
22 مارس 2009 03:20
تسلمت قبل أيام من الدكتور عزالدين إبراهيم، كتاب ''بغداد في الشعر العربي'' والذي أصدرته مؤسسة يماني الثقافية الخيرية والذي يضم جميع الأبحاث والقصائد الشعرية التي قيلت في احتفالية الدورة التاسعة لجائزة شاعر مكة الكبير المرحوم محمد حسن فقي والتي أنشأتها وأشرفت عليها مؤسسة يماني الثقافية· وهذه المؤسسة أقامها وموّل نشاطها معالي الشيخ أحمد زكي اليماني وزير البترول السعودي الأسبق بهدف الإسهام في تشجيع الإبداع الشعري والنقدي في موضوعات تختار بعناية فائقة· وقد بدأت هذه الدورة التاسعة بداية قاتمة حيث نعى معالي الشيخ أحمد زكي يماني أخاه وصديقه ورفيق دربه وشقيق روحه الأستاذ أحمد فراج الإعلامي العربي المعروف· قال اليماني في كلمته: لقد ترك أحمد فراج فراغاً يصعب أن أملأه·· لقد قامت هذه الجائزة على أكتافه وظننت أن المسيرة سوف تتوقف لأن من الصعب عليّ أن أجد من يملأ هذا الفراغ حتى امتدت يد الرحمة ويد العون من جامعة القاهرة التي يعود لها الفضل في استمرار مسيرة الجائزة· وقد كانت كلمة الدكتور عبدالله التطاوي نائب رئيس جامعة القاهرة في حفل توزيع الجوائز في السادس والعشرين من فبراير عام 2008 تلخيصاً مكثفاً لنتائج أو لحصاد الإنتاج الشعري والنقدي الذي دخل إلى مسابقة الجائزة التي كان موضوعها في ذلك العام (بغداد في الشعر العربي)· جاء في الكلمة: تتواصل ثقافة الوفاء من لدن رئيس المؤسسة وهيئة الجائزة حين تم اختيار (بغداد في الشعر العربي) موضوعاً لأبحاث هذه الدورة التاسعة من قبيل تعزيز قيمة الوطن المحتل والتعاطف القومي إبداعاً وفكراً مع العراق الجريح في محنته العارضة وكبوته الطارئة تلك التي طالما لاقى لها نظائر وأشباهاً في حركة التاريخ· وأضاف الدكتور التطاوي: الوفاء لبغداد يمثل انطلاقة المشروع البحثي الذي شارك فيه كبار الأساتذة على اختلاف مصادرهم ومراجعهم وموضوعاتهم وكأنما التقوا على كلمة سواء والتقوا على الأمل والطموح في عودة دار السلام إلى مجد عهد الرشيد ودار الحكمة التي نشرت أرقى صور العلم والمعرفة مع استنارة الفكر وتوهج الإبداع في عصور الازدهار العربي والمد الإسلامي· وأعلن التطاوي في كلمته أنه تقدم للجائزة ستة وثمانون ديواناً شعرياً وستة عشر بحثاً من مصر، والأردن، والسعودية، وسوريا، وفلسطين، واليمن، والعراق· وجاء تقرير أعضاء اللجان بالإجماع على اختيار الفائز بالشعر منفرداً وهو الشاعر العربي أحمد السيد غراب من جمهورية مصر العربية وجاء في حيثيات القرار أن ديوان الشاعر أحمد السيد غراب تميز بالالتزام بأصول الشعر العربي من حيث التمكن من الوزن والقافية وتميز اللغة الشعرية والصور الفنية والمخيلة الإبداعية مع تميز في موضوعاته الشعرية ورصانة لغته وحرارة تجاربه ودقة حوارات الشاعر مع المتلقي عبر تعدد الأصوات والاستعانة بالقص وابتكار علاقات جديدة والإعتماد على تراسل الحواس مع عمق الاتصال بالتراث ومعالم الثقافة العربية والاهتمام بقضايا الأمة والانفتاح على العصر· كما أعلن الدكتور التطاوي فوز كتاب الناقد الدكتور حامد أبو أحمد في موضوع: (تحديث الشعر العربي: تأصيل وتطبيق) وورد في حيثيات حكم اللجنة على الكتاب: ؟ يقدم الكتاب رؤية جديدة في ريادة الشعر العربي الحديث مع رصد الارهاصات التي سبقت ظهوره مع تحليل متميز لمضامينه واتجاهات بعض أعلامه وخصائص إبداعهم· وتتسم الدراسة بالموضوعية وتفتح باباً في مجالي التنظير والتطبيق النقدي بما يضيف جديداً في حقل الدراسات النقدية العربية· وتضمن الكتاب موضوع هذا العرض الأبحاث التالية ؟ بغداد في الشعر السعودي المعاصر للأستاذ الدكتور محمد عبدالرحمن الربيع من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية· ؟ ثورة القصيدة البغدادية على قيم القصيدة الجاهلية والأموية للدكتور طه مصطفى أبوكريشة من جامعة الأزهر· ؟ البناء الفني للقصيدة البغدادية في معترك القدماء والمحدثين للأستاذ الدكتور سليمان عثماني موافي من كلية الآداب جامعة الإسكندرية· ؟ بغداد في ذاكرة الجواهري ومصطفى جمال الدين للدكتور يوسف بكار من جامعة اليرموك/ اربد في المملكة الأردنية الهاشمية· ؟ ابن الرومي شاعر الحضارة الإسلامية في بغداد للأستاذ الدكتور علي مصطفى صبح من كلية اللغة العربية جامعة القاهرة· ؟ الشعر في بغداد عاصمة الخلافة العباسية ومصدر العلم والإبداع للدكتور محمد نجيب التلاوي من كلية الآداب جامعة المنيا· ؟ سلطة بغداد النص/ المدينة للدكتور علي سرحان القرشي من المملكة العربية السعودية· ؟ ملامح الاتجاهات الشعرية في بغداد لدى مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية للاستاذ الدكتور محمد يونس عبدالعال من كلية الآداب جامعة عين شمس· ؟ الأدباء البغداديون في الأندلس للأستاذ الدكتور الطاهر مكي من كلية دار العلوم جامعة القاهرة· ؟ بغداد في مرايا الشعر العربي المعاصر للأستاذ الدكتور يوسف نوفل من كلية البنات جامعة عين شمس· ؟ أبوالعلاء المعري في بغداد للأستاذ الدكتور عبداللطيف عبدالحليم (أبوهمام) كلية العلوم جامعة القاهرة· ومن خلال استعراض عناوين هذه الأبحاث تظهر أهمية الموضوع الذي دارت الأبحاث حوله والتي تحتاج إلى عرض مركز سأحاول أن أقوم به في فرصة أخرى· أما الأمسية الشعرية التي نظمت في إطار هذه الدورة التاسعة فقد أحياها كل من: فاروق شوشة وأحمد غراب وعبدالمحسن حليت وأحمد بلبولة وأمجد محمد سعيد وعبدالمنعم عواد يوسف ومحمد التهامي· من قصيدة موال بغدادي لفاروق شوشة: ياليلُ يا عينُ، يا أحلامُ، يا قمرُ يا حبُّ، يا وجدُ، يا أشواقُ، يا سهرُ شط المزارُ وكل الصحب قد هجروا فأظلم الكون لا أنسٌ ولا سمر ولا ظلالُ ولا ريٌ ولا مطرُ هات اسقني ماء دجلة في نهلة بعد نهلة لعل ماء المذله بصير يوماً نصله لكل من رحلوا كالطيف أو عبروا لم ندر هل صدقوا في العهد أم غدروا؟ أما الشاعر أحمد غراب والذي فاز بالجائزة فقد ألقى قصيدة بعنوان مع المتنبي·· قال في مقدمتها: ملأ الدنيا وشغل الناس وسار ضد اتجاهات الريح لكنه رغم الدراما الضيقة التي عاشها وعاشته، لم يهادن وتصدى بكل عنفوان القصيدة للرداءات التي امتلأ بها عصره: قال لي زائري بصوت حنون لو تريثت لاقتحمت الثريّا قلت: زدني فراح يصغي حزيناً لهطول الرماد في رئتيّا قال: يا صاحبي الحروف وحوشٌ ومن الحمق أن تموت صبيّا الولادات مرة يا رفيقي صحت: يبدو ظننت لحمي طريّا أنا من يخبز الصخور ويطهو أذرع الشمس معزفاً ضوئيّا قلمي هو نجمة ومدادي عرق الليل ينهمي ذهبيّا يرتدي الصحو دفء صوتي ولكن يتعرى الوجود في مقلتيّا ولأني شربت نار القوافي أعشق الحرف ساخناً جمريّا أما الشاعر أحمد بلبولة فألقى قصيدة بعنوان: بغداد جاء فيها: بغداد هل خازن التاريخ حدّاد وهل مطارقه الحمراء أحقادُ طالت أظافره العينين واشتعلت روما، ولما تزل في كهفها عادُ وعلقت بابل كبرى حدائقها على الجبال فقالت: إنهم بادوا البابليون أبناء الزمان همو قبائل الوقت والأعمار أحفادُ أنت احتملت العمى والنار لأهبةٌ على المحاف وجمر الوقت وقّادُ ألم تكن خيلك البجراء موثقةً بالنجم والكوكبُ الأرضيُّ مرصادُ ومجلس الملك لا ينفك عاقده فيك الرشيد ولا ينفك يرتادُ ونهر دجلة كأس ماسكرت بها والسكر في غير كأس الحب إلحادُ تلك الخصومة يا تاريخ قد ضربت خيامها فلها في الروح أوتادُ من يغرس الكره يجنِ محترقاً بناره ومع الأيام يعتادُ إن هذا الكتاب الهام ''بغداد في الشعر العربي'' حصاد جهود إبداعية رعتها مؤسسة رائدة هي مؤسسة يماني الثقافية· وقد ضم هذا الكتاب في صفحاته التي زادت عن الخمسمائة، مساهمة معالي الدكتور مانع سعيد العتيبة المستشار الخاص لصاحب السمو رئيس الدولة والذي حرص على حضور تلك الاحتفالية في القاهرة ليلقي قصيدتين واحدة عن بغداد والثانية تحية لصديقه ورفيق دربه معالي الشيخ أحمد زكي يماني· ومن قصيدته في تحية اليماني: لأن الشعر ناداني ومجد الحرف أعطاني وأهداني مطيته وبالترحال أغواني فإني عشت رحالاً ومني ضاع عنواني وحين يعود بي قلبي إلى أحضان أوطاني يردّدُ خافقي وفمي سلاماً يا أبا هاني فباسمك زينت داري وداري قلبك الحاني أبا هاني وهل أنسى وكيف يجوز نسياني لأيام لنا منها بحب صغت ديواني معاً خضنا محيطاتٍ لها أمواج عدوانِ وسرنا فوق ألغامٍ بكل رضاً وإيمانِ وكنتَ إذا تخالفنا حكيماً مثل لقمان تحاورنا حوار أخٍ وتجمعنا كإخوان ووحهك باسم دوما وليس لديك وجهانِ أما قصيدته عن بغداد فكانت تلك الملحمة التي نظمها عام 1991 ونشرها في ديوانه ''الرحيل'' بعنوان ماذا تبقّى؟ بقي أن نهمس في أذن أولئك الذين أشرفوا على طباعة هذا الكتاب الهام والقيّم·· ونقول: الأخطاء المطبعية كانت كثيرة·· وكثيرة جداً·· والكتاب من المفترض أن يكون مرجعاً·· بل واحداً من أهم المراجع·· فحبذا لو بذل اهتمام أكبر وحرص أشد ليخرج هذا الكتاب بعدد أقل من الأخطاء· وبعد هذه الهمسة المخلصة نقول: تحية إعحجاب وتقدير لمؤسسة يماني الثقافية ونتمنى أن تتعدد مثل هذه المؤسسات في الوطن العربي لأننا نحتاجها فعلاً ولأنها مفيدة ومثمرة حقيقة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©