الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كرزاي متهِماً أميركا... وحرية التعبير!

8 نوفمبر 2012
بعد انتهاء "موسم القتال" في أفغانستان، تخيّل رئيسها كرزاي أنه يستطيع العودة لمعاداة رعاته الأميركيين لتسلية نفسه خلال شهور الشتاء الباردة. ومن المؤكد أن جنود "الناتو"، وغالبيتهم العظمى من الأميركيين، سوف يواصلون القتال ويموتون من أجل حماية حكومته في كابول، حتى عندما يلف الشتاء أفغانستان. لكن كرزاي، على الأرجح، سوف يتاح له على الرغم من ذلك مجال أكبر -مقارنة بالأوقات العادية- للتعبير عن آرائه. والشاهد أن فصل الشتاء تحديداً هو الفصل المفضل لكرزاي، الذي يقوم خلاله بالهجوم على القوى الغربية، التي أعطت الكثير كي تمكنه من حكم أفغانستان. ففي الشهر الماضي على سبيل المثال قال كرزاي إن أفغانستان سوف تدعم باكستان إذا ما قررت الولايات المتحدة خوض حرب ضدها في أي وقت. وفي أبريل 2010 سعى الرئيس الأفغاني لتوجيه اللوم للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي لمسؤوليتهما عن التزوير الانتخابي الذي حدث في أفغانستان. ومنذ أيام قال المتحدث باسم حكومة كرزاي إن الحكومة الأفغانية تحقق مع مجموعة الأزمات الدولية تمهيداً لاتخاذ إجراء قانوني ضدها بحجة أن تقاريرها وأنشطتها في أفغانستان ذات دوافع سياسية، وتؤدي للإضرار بالمصالح الوطنية الأفغانية، وأنه ليس هناك دولة في العالم -حسبما يرى- يمكن أن تسمح لمنظمة دولية بالقيام بالأنشطة التي تقوم بها المجموعة في أفغانستان. لكن ما الذي أزعج كرزاي الذي عاد إلى السلطة من خلال انتخابات قيل إنها مشوبة بالغش والتلاعب عام 2009 إلى هذه الدرجة؟ يرجع السبب إلى أن مجموعة الأزمات الدولية كان لديها من "الجرأة" ما يكفي لكتابة تقرير يوحي بأن أفغانستان دولة غير مستقرة، ويمكن أن تنزلق في أي وقت لحرب أهلية واسعة النطاق. وجاء في الجملة الأولى للملخص التنفيذي لذلك التقرير -حرفياً- أن أفغانستان "دولة تضربها الطائفية والفساد، وهي أبعد ما تكون عن الاستعداد لتحمل مسؤولية الأمن عندما تسحب الولايات المتحدة والناتو قواتهما عام 2014". ليس هناك ما يدعو للجدل حول هذه الجملة التي تصف الواقع الحالي في أفغانستان، كما يمكن للمرء أن يخمن، ذلك أنه من المعروف بأن أفغانستان تعتبر واحدةً من أكثر دول العالم التي تعاني انتشار الفساد، وأن هذا الفساد قد تغذى على مليارات الدولارات التي تسربت على مدار العقد الماضي بصورة مساعدات أو نفقات إعادة إعمار، وأن ما جاء في تقرير المجموعة ليس رأياً وإنما هو حقائق، وبالتالي فليس هناك مجال أمام كرزاي وحكومته لوصفها بالتحيز أو بأنها ذات دوافع سياسية. يمكن القول كذلك، إن ما جاء في التقرير من أن قوات الأمن الحكومية الأفغانية فشلت على نحو يكاد يكون مستمراً في إظهار قدرتها على العمل بمفردها، هو قول لا يحتمل التأويل، لأن تلك القوات، وكذلك قوات الجيش الأفغاني، تعتمد في تسليحها وتدريبها وتغطية كافة احتياجاتها، على مبلغ الـ 4 مليارات دولار الذي تحصل عليه كإعانة سنوية من قبل الولايات المتحدة، كما أن القوات الأميركية لا تزال تدير الشؤون اللوجستية للأفغان. وجاء في التقرير المذكور أن "هناك أيضاً علامات مقلقة تدل على أن كرزاي يريد ترتيب الأمور لتولي وكيل مفضل من قبله في الانتخابات الرئاسية المقررة عام 2014 والتي ستكون فيها ولاية كرزاي قد وصلت إلى نهايتها". ربما لا يرغب الرئيس الأفغاني في مناقشة هذا الأمر، لكن من المعروف أن شراء الأصوات والغش الانتخابي، من السمات المميزة لانتخابات العالم النامي. ورغم أن وزارة الخارجية الأميركية وغيرها من الوكالات التابعة للحكومة، تحب التحدث عن عجائب الانتخابات الأفغانية كما لو كانت تمثل ميزة في حد ذاتها. فالحقيقة هي أن الانتخابات في ذلك البلد جُردت من أي معنى ديمقراطي، لأن الصفقات السرية التي تعقد بين أمراء الحرب من وراء ستار، والغش في عمليات عد الأصوات، تعد من الأساليب التي يتم اللجوء إليها لترجيح كفة الطرف المرغوب وإقصاء غير المرغوبين. ندرك من ذلك كله أن تقرير مجموعة الأزمات الدولية كان ينقل الحقيقة بلا زيادة أو نقصان، وهو ما تدفع ثمنه المجموعة الآن عندما تتعرض للعقوبات من قبل الرجل نفسه الذي تم تنصيبه كرئيس لأفغانستان بأكلاف باهظة من الدم والمال. هذا هو باختصار السياق العام للموضوع. بيد أن العهد الذي كان بإمكان كرزاي أن يفترض فيه أن الدولارات والجنود الأجانب سوف يستمرون في التدفق على أفغانستان، بصرف النظر عما يفعله، ربما وصل إلى نهايته. وبصرف النظر عن الفائز بالانتخابات الرئاسية الأميركية، فالمؤكد أن القوات الأميركية سوف تغادر أفغانستان خلال العامين القادمين. فالشعب الأميركي تعب من الحرب، وتحمل الحرب الأفغانية بالذات أطول مما تحمل أي حرب أخرى في تاريخه الحديثة، فضلاً عن أن بن لادن قد قُتل. يمكن لكرزاى أن يحاول كتم الحقيقة، وأن يهاجم تحيزات الأجانب المتآمرين، الذين ملّ من الاعتماد عليهم. لكن هناك سلسلة من التغييرات سوف تأتي إلى أفغانستان، سواء أراد رؤيتها أم لم يرد. دان ميرفي محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©