الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مساعدة الفلبين... بتفادي أخطاء الماضي

مساعدة الفلبين... بتفادي أخطاء الماضي
17 نوفمبر 2013 23:16
يتجلى أفضل ما في المجتمع الدولي في فترات الكوارث الطبيعية مثلما حدث بعد الإعصار المدمر الذي ضرب الفلبين في الثامن من نوفمبر الجاري، فقد رأينا الحكومات والأفراد يستجيبون بسخاء لمناشدات الإغاثة فيما يؤكد على وحدة الإنسانية. ويتمثل التحدي في وصول هذا السخاء للمحتاجين بشدة إليه. وهناك أمثلة سابقة لكوارث طبيعية كبيرة، مثل زلزال هايتي في عام 2010، لتتعلم منها جهود الإغاثة وإعادة الإعمار في الفلبين. فعلينا أن نقدم المساعدات في الفلبين بأفضل مما فعلنا في هايتي. فالافتقار للموارد ليس المشكلة دوماً. فمنذ كارثة زلزال هايتي، تدفق على البلاد التي يبلع عدد سكانها عشرة ملايين نسمة تقريباً، ستة مليارات دولار في صورة مساعدات رسمية. وكانت المنظمات غير الحكومية الكبيرة والمتعاقدون الأفراد، ومعظمهم في الولايات المتحدة وأوروبا، من المتلقين الأوائل لمعظم هذه الأموال. لكن لا يوجد إلا القليل من السجلات فيما يتعلق بما صنعوه بالمال وبعد مرور نحو أربعة أعوام لم يظهر شيء ذو بال على أرض الواقع. فحتى العاصمة بورت أو برينس مازالت تفتقر للطرق الملائمة والمياه الجارية والكهرباء التي يمكن الاعتماد عليها. وهناك ما بين 200 و400 ألف من سكان البلاد مازالوا يعيشون في خيام. وقال بيير أرولد اتيين المدير العام لوزارة المالية في هايتي دون مواربة: «يتعين علينا أن نتحلى بالشفافية. نحن ننشر المعلومات المالية الخاصة بتنفيذ الميزانية. كل ما نطلبه هو نفس الشفافية من أصدقائنا، وهو ما سيساعدنا ويساعدهم». والمشكلات النابعة من افتقار المانحين للشفافية لا تقتصر على هايتي. فقبل خمس سنوات، بعد أن دمر تسونامي تجمعات سكانية ساحلية من إندونيسيا إلى الهند، شهدت جهود الإغاثة حسنة النوايا، لكن غير المنظمة، فجوات واختناقات وسوء توزيع. فقد رصد الصليب الأحمر فائضاً في الأطباء وندرة في التمريض في إقليم باندا اتشيه الأندونيسي. وأصيب الأطفال بالحصبة بعد تحصينهم ثلاث مرات من ثلاث منظمات لأن الجمعيات الأهلية لا تتشارك السجلات بشأن تحصينات الأطفال. وفي ولاية تاميل نادو الهندية شكا الضحايا من وفرة أواني الطهي وافتقارهم للمأوى. فالمجتمع الدولي يستطيع أن يؤدي أداءً أفضل في الفلبين. فبعد أقل من 72 ساعة من العاصفة، ظهرت على الإنترنت أول خريطة متعددة المصادر لمسار الإعصار «هايان» زودها متطوعون حول العالم بما لديهم من بيانات. وفي الأيام التالية أصبح من الممكن استخدام هذه الخريطة مفتوحة المصدر لتتبع الأماكن التي يوجد فيها أشخاص يحتاجون للمساعدة. لكن ما لم تتغير الأمور، فستظل هناك معلومات محورية ناقصة وهي المعلومات الرسمية من الحكومات والجماعات الخيرية الخاصة بشأن الاستجابات الفعلية والمستهدفة. والشفافية لا تتطلب تنسيقاً مركزياً كبيراً، لكنها تساعد الجميع في اتخاذ قرارات أذكى مدعومة بمعلومات عما يفعله الآخرون. والمنظمات التي تجد وقتاً لإصدار نشرات صحفية ولالتقاط الصور لا تتوافر لديها موارد فيما يبدو لنشر معلومات عما تفعله بالضبط ومكان ذلك. ويمكن تغيير هذا بسرعة باستخدام الموارد المتاحة بالفعل. فمصلحة التتبع المالي في مكتب الأمم المتحدة لشؤون تنسيق المساعدات الإنسانية يقصد بها تحديداً الاضطلاع بهذا الدور. ولدى الاتحاد الأوروبي نظام معادل وهو النظام الأوروبي لمعلومات الاستجابة للكوارث الذي يستطيع المانحون من خلاله تبادل المعلومات مع مصلحة التتبع المالي التابعة للأمم المتحدة والعكس بالعكس. ويستطيع النظامان أن يتشاركا بسرعة في المعلومات لتحقيق المعايير الدولية للشفافية في المساعدات-وهي المبادرة الدولية للشفافية في المساعدات. وفيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية فأنظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي قادرة على العمل، ويتمثل التحدي في إقناع قيادات وكالات الإغاثة والمساعدات باللجوء إليها. ومن الممكن أن تكون الاستجابة لإعصار هايان، أول مسع لجهود إغاثة كبيرة تنشر فيها كل منظمات المساعدات الإنسانية ووكالات الإغاثة معلومات عن إنفاقها الفعلي والمستهدف وأنشطتها على الإنترنت بشكل آني وباستخدام صيغة مشتركة. وهذه الخطوة البسيطة ستمكن المانحين والحكومة الفلبينية من التعرف على تداخل الأنشطة والفجوات حتى يرى كل مشارك المكان الذي تذهب فيه الأموال. ودور الريادة يجب أن تضطلع به الولايات المتحدة التي أعلنت عن 20 مليون دولار للمساعدة في جهود الإغاثة وتعهدت بالمزيد في المستقبل. فمطلوب بالفعل من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أن تنشر بيانات عن أنشطة مقاوليها. لكن العمل الفعلي يقوم به عادة متعاقدون من الباطن، إلا أن الوكالة لا تجمع أو تنشر معلومات عما يفعلونه. وعلى مدير الوكالة أن يعلن ببساطة أنه بدءاً بعملية إغاثة الفلبين وإعادة إعمارها، ستطلب الوكالة من كل المتعاقدين أن يكشفوا عن البيانات الخاصة بأنشطة عمل المتعاقدين من الباطن. ويتعين على الفلبين أن تستخدم آلية التعرف على الهوية الحيوية التي تستخدم تكنولوجيا رخيصة مثل مسح قزحية العين وبصمات الأصابع في حال ضياع وثائق الهوية الملموسة. واستخدام هذه التكنولوجيا يمثل أداة فاعلة في التوزيع العادل للمساعدات وإرسال الحكومة للنقد بشكل آمن. وفي باكستان مثال لنجاح تطبيق نظام الهوية الحيوية. ففي يوليو 2010، بعد أن غطت الفيضانات خمس مساحة البلاد وفقد ملايين الأسر منازلهم، استغلت الحكومة قاعدة البيانات للهوية الحيوية للتعرف على المشردين، وقدمت لهم بطاقات يستطيعون استخدامها في البنوك ومنافذ تقديم الخدمات الأخرى للحصول على المال وللمساعدة في إعادة بناء منازلهم. الناجون من إعصار هايان لديهم الكثير مما يقلقون بشأنه في الأيام والشهور المقبلة، والعالم مستعد وراغب في مساعدتهم. وكي نجعل هذه المساعدات فاعلة ونضمن وصولها للمحتاجين، على المانحين، بدءاً بالولايات المتحدة، أن يلتزموا بشفافية كاملة وسريعة. وأن يقدموا الدعم للفلبين في تطبيق نظام الهوية الحيوية إذا كانت تحتاج هذا. علينا أن نفكر للمستقبل. فالإعصار هايان لن يكون الأخير ولن تكون الفلبين البلد الأخير الذي يتضرر من الكوارث الطبيعية. على المجتمع الدولي أن يستخدم التكنولوجيا المتاحة لتعزيز الاستعداد للكوارث والقدرة على الصمود أمامها وتوفير المساعدات. ‎فيجايا راماتشندران باحث بارز في مركز التنمية العالمية ‎وأوين باردر مدير مركز التنمية العالمية في أوروبا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©