السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تفضيل أحد الأبناء ليس عيباً شرط عدم الإفصاح وتجنب المقارنة

تفضيل أحد الأبناء ليس عيباً شرط عدم الإفصاح وتجنب المقارنة
9 نوفمبر 2012
يعتقد بعض الآباء أن شعورهم بحب زائد تجاه أحد أبنائهم هو ذنب يستدعي التوبة أو خطأ لا يُغتفر يجب الإقلاع عنه، حتى إن لم يظهر ذلك في السلوك، وحتى إن كان يبذل الأب قُصارى جهده في معاملة جميع أبنائه بمساواة. ولكن خبراء أميركيين في علم النفس الاجتماعي والسلوكي يرون أنه ليس في الأمر ما يستدعي من الأب والأم أي شعور بالذنب أو التقصير ما دام شعور أحدهما أو كليهما بحب زائد لابن أو بنت لا يتجاوز مشاعرهما الكامنة إلى مقارنات فجة أو إطراء مقابل عتاب. ويصبح الحب الزائد مشكلة فقط في حال تجلى ذلك التفضيل لإخوة الابن المفضل وتحوله إلى تمييز سلوكي مكشوف. فهنا يغدو الأمر مشكلة تحتاج إلى حل وتصحيح. إن حب طفل أكثر من أخيه أو أخته هو شعور قد ينتاب أي أب أو أم في أي مجتمع إنساني، وهو شيء لا يختاره الشخص، وإنما يجده كامناً في قلبه ونفسه. فكثير من الآباء يكون لديهم ابن مفضل أو بنت مفضلة لأسباب ثابتة دائمة تكونت لديهم نتيجة استساغة طباع الابن أو ظروف ولادته أو شبهه بك أو بشخص تحبه أو غير ذلك، أو لأسباب مستجدة تتغير حسب سلوكيات الابن وتصرفاته. وفي هذه الحالة يكون سلوك الابن هو ما يحدد شعور الأبوين. ويقول أطباء أميركيون متخصصون في علم النفس الاجتماعي، إنه لا بأس من شعور الآباء بذلك شرط عدم المجاهرة به أو الإفصاح عنه لأبنائهم أو حتى لأصدقائهم من الآباء الآخرين، وشرط ألا ينشروا ذلك في أي مكان على الإنترنت، بما فيه المواقع الاجتماعية وغرف الدردشة التي يلتقون فيها مع آباء آخرين ويتبادلون فيها معهم وجهات النظر حول قضايا تربوية عدة، فقد يطلع الابن على ذلك ويُحدث ذلك أثراً نفسياً بالغاً على علاقته بأبويه على المدى الطويل. ويستغرب الخبراء من تجرؤ بعض الآباء على استعمال أسمائهم الحقيقية ونشر صور من يفضلون من أبنائهم على مدوناتهم ومواقعهم الاجتماعية، ويقولون إن هذا سلوك خاطئ جداً قد تترتب عليه آثار سلبية كثيرة. حب غير مشروط يقول أحد الآباء في أحد المواقع الاجتماعية “نعم، لدي ابن مفضل ولست أشعر بالذنب من الإقرار بذلك. واختياري لابني زكريا لا يُترجَم إلى تعامل تفضيلي يشعر به إخوته، لكنني أشعر بحبي الأكثر له رُبما لأنه كان أول ولد أُرزق به. غير أنني أجد نفسي أقوم لاشعورياً في عطلات نهاية الأسبوع بما قد يجعل بقية أبنائي يستشعرون تفضيلي له، وذلك بميلي إلى اختياري له عندما نُكَون أنا وزوجتي مجموعتين للعب في الحديقة أو الشاطئ”. وعندما يسألك ابنك أو ابنتك عن أيهما أو أيهم المفضل لديك - وسيفعلون ذلك لا محالة - فلا تقل شيئاً، أو قل إنك تحبهم جميعاً على النحو نفسه، وأن حبك لهم غير مشروط، وأن عليهم ألا يَشُكوا أبداً في مدى حبك لهم مهما صدر منك من ملاحظات على سلوكياتهم أو آراء حول تصرفاتهم. وإياك ثم إياك أن تُخبر أحدهم أنك مثلاً تحب من يسمع الكلام أكثر، أو تفضل الذي يطيعك أكثر، أو من هو الأقل شغباً، فذكاؤهم يسمح لهم بمعرفة من تقصد فوراً، ولن يحفزهم ذلك كما قد تحسَب على تحسين سلوكهم من أجل الظفر برضاك وحبك. وإن نجح الأمر مع بعضهم، فإنه لا ينجح مع معظمهم، كما يقول خبراء علم نفس اجتماعي. وقد يشعرون أنك تفضل أحدهم، أو يتساءلون أو يتهمونك بتفضيل أحدهم، لكن احذر ألا تقر بذلك أبداً، ولا تُصارحهم حول هذا الأمر مهما فعلوا. فتنافس الأبناء مع بعضهم يكون دوماً على أشده، والتصريح بتفضيل أحدهم على الآخرين لا يفعل غير تعقيد مهمة الأبوين وإفساد علاقة المودة بين الإخوة. ولا يُنصَح الآباء بإخبار كل طفل على حدة وسراً بأنه المفضل كما يفعل بعضهم. لأن ذلك ببساطة قد يفضي إلى مزايدتهم على بعضهم وإفصاحهم عما أخبرتهم به سراً في وقت ما، ويكتشف كل واحد منهم أنك لم تكن صادقاً معه، فيؤثر ذلك سلباً على الثقة المتبادلة بينك وبينه، ويكتشفون عيباً في شخصيتك، وهو أنك لا تعني كل ما تقوله. بين المثالية والواقعية يقول الخبراء، إن العدل في توزيع الحب والمشاعر الإيجابية على الأبناء هو أمر مثالي بالطبع، لكن الإخفاق في ذلك لا يعني أن الأبوين فشلا في مهمتها الأبوية والتربوية، فلا يتعلق الأمر هنا بالكمال والمثالية، بقدر ما يتعلق ببذل المستطاع في التربية والتوجيه والإرشاد بصدق، وتوطيد علاقة الثقة المتبادلة بينك وبين جميع الأبناء. وفي هذا الصدد، تقول ميشيل بوربا، مؤلفة “الكتاب الكبير للحلول الأبوية”: “ليس من الواقعي أبداً ولا من المقدور عليه معاملة الأبناء كافة على قدم المساواة، فهم في نهاية المطاف أشخاص مختلفون، ولكل واحد منهم شخصيته المتميزة عن الآخر، ومن ثم فإن كل واحد منهم يحتاج تعاملاً يتماشى مع نوع تركيبته الشخصية، وتطلعاته الخاصة تُجاه الأبوين”. وتضيف “الخطأ الذي يقع فيه كثير من الآباء هو تصريحهم في وقت غضب أو انفعال أو يأس بأنهم يحبون أحد الأبناء أكثر أو يفضلون الذي يسمع الكلام ويطيع الأوامر”. ولكن بوربا تُخاطب الآباء في الوقت ذاته قائلة “لا تُرهق نفسك في الحرص على أن تكون عادلاً جداً وحرفياً في كل صغيرة وكبيرة. فالأهم هو تجنب ما قد يُفضي إلى إفساد علاقات أبنائك ببعضهم، أو ما قد يخلف الاستياء العميق وطويل المدى في نفسية أحدهم كأن تميز بينهم في الهدايا أو الملابس أو المدارس أو المرافق الترفيهية، أو غيره مما قد يُحدث شرخاً في علاقتك بأحدهم”. وتقول بوربا في السياق نفسه “من الأخطاء الفادحة التي يرتكبها الآباء هو مقارنتهم الابن مع إخوته وإطراء أحدهم ولوم الآخر، فذلك يمكن أن يُولد توترات بعيدة المدى، ويجعل أبناءك “المغضوب عليهم” يستنتجون أن حبك لهم مشروط بالقيام بسلوكيات معينة أو أشياء معينة قد لا يكون لها في نظرهم الأهمية عينها التي توليها لها أنت. كما قد يجعلهم ذلك يُدركون أنك تريدهم أن يقلدوا الابن المفضل في كل شيء، والتماهي مع شخصيته بكافة تفاصيلها وطباعها. وهنا يقع المحذور، فصاحب الشخصية القوية والذكية يدير لك ظهره ويَبْقَى نفسَه، وصاحب الشخصية الهشة أو الحريصة على إرضاء الأبوين بأي ثمن تُلغي نفسها وتطيع الأب في تقليد من يعتبره الأفضل، ويظل كلاهما غير راض في النهاية. ويكون الابن “المتمرد” على ضيق أفق أحد أبويه أو كليهما هو المستفيد والمنتصر على صعيد تكوين شخصية سوية أكثر وقوية أكثر، ولو أن ذلك يأتي ضد رغبة الأبوين”. ولا تخفي بوربا امتعاضها من سلوكيات الآباء على المدونات والمواقع الاجتماعية بسبب إفصاحهم عن مشاعرهم كافة تُجاه أبنائهم دون تحفظ. وتقول “ما كل إحساس يشعر به الأب أو تشعر به الأم يجب أن يجد طريقه إلى النشر على الإنترنت! فهناك دائماً خط رفيع بين الصدق والتصريح بكل شيء من جهة، والاحتفاظ ببعض الخصوصية في علاقتك بأبنائك بما يحمي صحتهم النفسية ويُقوي الثقة المتبادلة بينك وأبنائك من جهة ثانية”. فليس العيب أن تحب أحد أولادك أكثر من الآخر، لكن العيب كل العيب هو أن تصرح له أو للآخرين بذلك. هشام أحناش عن موقع “nbcnews.com”
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©