السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زيدُ بن ثابت خريج مدرسة الإيمان وأعلم المسلمين بالمواريث

زيدُ بن ثابت خريج مدرسة الإيمان وأعلم المسلمين بالمواريث
9 نوفمبر 2012
أكرم الله البشرية برسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، حيث دخل الناس في دين الله أفواجاً، وكان في مقدمة أولئك الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين، فقد كانوا بحمد الله هم الأنصار الذين حملوا هذا التراث العظيم إلى الناس كافة، فحفظوه وبلغوه بصدق وأمانة، فقدموا للإنسانية أعظم تراث سعدت به الدنيا وأشرقت بسببه الحياة، ومن هؤلاء الصحابة الكرام الصحابي الجليل زيد بن ثابت، رضي الله عنه. حياته زيد بن ثابت بن الضَّحَّاك الأنصاري الخزرجي من بني النجار وكنيته أبو سعيد، وأمه: النَّوَارُ بنت مالك، وقُتل أبوه في معركة بُعاث بين الأوس والخزرج قبل الهجرة النبوية وكان عمره ست سنوات، وأسلم زيد بن ثابت وهو طفل لم يتجاوز سنه الحادية عشرة. فضائله زيد بن ثابت رضي الله عنه، صحابي جليل، نشأ وترعرع في ظل الإسلام وتربى في مدرسة الإيمان، وله فضائل عديدة منها، جمعه للقرآن الكريم، حيث كان رضي الله عنه من أكثر الصحابة رضي الله عنهم أجمعين إلماماً بقراءة القرآن الكريم وحفظه، ومن المعلوم أن رسولنا صلى الله عليه وسلم قد لقي ربه، والقرآن كله مجموع في صدور العديد من الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين، وفي كتب كتبوها لأنفسهم، وبعد وفاة النبي، صلى الله عليه وسلم، وعندما قتل عددٌ كبيرٌ من حفظة القرآن الكريم في معركة اليمامة في حرب المرتدين، أسند إليه الخليفة الراشدي الأول أبو بكر الصديق رضي الله عنه أمر جمع القرآن الكريم، فقام رضي الله عنه بهذه المهمة على خير وجه، حيث تتبع آيات القرآن الكريم وجمعها من الرقاع ومن صدور الرجال، كما كان رضي الله عنه من الذين كلفهم الخليفة الراشدي الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه، بنسخ القرآن الكريم في عدة نسخ لتوزيعها على الأقطار الإسلامية، لجمع الناس على مصحف واحد ضماناً لعدم اختلافهم في قراءة القرآن الكريم. عن ابن شهاب أن أنس بن مالك حدثه (أنَّ حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، وكان يُغَازى أهلَ الشأم في فتح إِرْمينية وَأَذْربيجان مع أهل العراق، فأفزع حُذيفةَ اختلافُهم في القراءة، فقال حُذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدركْ هذه الأمة قبلَ أنْ يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى، فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحُف نَنْسخُها في المصاحف ثم نَرُدُّها إليك، فأرسلتْ بها حفصةُ إلى عثمان، فأمر زيدَ بن ثابت وعبدَ الله بن الزبير وسعيدَ بن العاص وعبدَ الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيِّين الثلاثة: إذا اختلفتُم أنتم وزيدُ بنُ ثابت في شيء من القرآن فاكتبُوه بلسان قريش فإنما نَزَلَ بلسانهم، ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصُّحفَ في المصاحف ردَّ عثمانُ الصحفَ إلى حفصة، وأرسل إلى كلِّ أُفقٍ بمُصْحَفٍ ممَّا نسخُوا، وأمرَ بما سِواه من القرآنِ في كلِّ صحيفةٍ أو مصحفٍ أن يحرَقَ)(أخرجه البخاري). وقال ابن شهاب وأخبرني خارجةُ بن زيد بن ثابت سمعَ زيدَ بن ثابت قال: (فقدتُ آيةً من الأحزاب حين نسخنا المصحفَ قد كنتُ أسمعُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأٌ بها فالتمسْنَاها فوجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيمةَ بنِ ثابتٍ الأنصاري: “مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ” فألحقناها في سورتها في المصْحَف)(أخرجه البخاري). أعلم الأمة وقد كان رضي الله عنه من أعلم المسلمين بعلم الفرائض (المواريث)، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “أرحم أمتي أبو بكر ، وأشدها في دين الله عمر، وأشدها حياء عثمان، وأعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأقرؤها لكتاب الله أُبَيّ، وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح”(أخرجه أحمد). وكان رضي الله عنه شيخاً للمقرئين، حافظاً للقرآن الكريم، عالماً به، كما اشتهر بعلمه الواسع في علم الفرائض، كما كان مفتياً للمدينة، وقد استعمله عمر بن الخطاب رضي الله عنه في القضاء، فهو أحد فقهاء الأمة المشهورين، وقد شهد له عدد من كبار الصحابة بذلك. تشجيع أمه أحب زيد رضي الله عنه، الجهاد وهو صغير، فقد حاول أن يخرج مع المسلمين يوم بدر فاستصغره النبي صلى الله عليه وسلم ورده عن الخروج، فشرح الله صدره لمجال آخر غير مجال الجهاد، لكنه لا يقل أهمية عنه، إنه مجال العلم والدعوة وخدمة الرسالة الإسلامية، وذكر زيد فكرته هذه لأمه، فما كان منها إلا أن شجعته على هذه الفكرة الرائدة، فخدمة الإسلام لا تقتصر على مجال واحد بعينه، بل مجالاته والحمد لله كثيرة ومتعددة، فحدثت قومها بفكرة ولدها زيد، فما كان منهم إلا أن باركوا هذه الفكرة، وأخذوا زيداً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكم كانت سعادته رضي الله عنه حين أتى به بعض رجال قومه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبروه أنه قد حفظ سبع عشرة سورة من القرآن الكريم، فعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يتعلم كتابة اليهود (العبرية ). كما جاء في الحديث الذي روي عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: (أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن أتعلم له كتاب يهود، قال: إني والله ما آمن يهود عَلَى كتاب، قال: فما مرَّ بي نصف شهر حتى تعلمته، فلما تعلمته كان إذا كتب إلى يهود كتبتُ إليهم ، وإذا كُتِبَ إليهِ قرأتُ له كتابهم) (أخرجه الترمذي)، ثم طلب إليه رسولنا، صلى الله عليه وسلم أن يتعلم “السريانية” فتعلمها في سبعة عشر يوماً، كما جاء في الحديث: عن زيد بن ثابت رضي الله عنه، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتُحْسِنُ السُّريانية؟ قلت : لا، قال: فتعلَّمْها فإنه تأتينا كُتب، قال: فتعلمتُها في سبعة عشر يوماً). أخرجه ابن حبان والترمذي. ومع ذلك، فقد شارك رضي الله عنه، بعد ذلك في غزوات عديدة مع الرسول، صلى الله عليه وسلم، كما واصل الجهاد بعد وفاته، عليه الصلاة والسلام، حتى لقي ربه سبحانه وتعالى. توفي زيد رضي الله عنه، في المدينة المنورة عام خمسة وأربعين من الهجرة، وصلّى عليه مروان بن الحكم أمير المدينة المنورة، وكان عمره، رضي الله عنه ستة وخمسين عاماً. الدكتور يوسف جمعة سلامة خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك www.yo sefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©