الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أسامة بن منقذ سجل بطولات نادرة في حروبه ضد الصليبيين

9 نوفمبر 2012
عمرو أبوالفضل (القاهرة)- كان أسامة بن منقذ من أشهر الرحالة في القرن السادس الهجري، ومن الأبطال الذين أمضوا اعمارهم في الجهاد ضد الحملات الصليبية، وتفردت رحلته بقيمة استثنائية بين مثيلاتها، لما جاء فيها من معلومات عن طيب العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في الشرق الأدنى، ومشاهدات عن حجم التخريب والتدمير الذي تعرضت له البلدان الاسلامية على يد الحملات الصليبية، بطولاته الحربية أكسبته تقدير واحترام الأعداء من فرسان الصليبيين، قبل الأصدقاء. أسرة عريقة وعن حياته ودفعة منذ نعومة أظفاره إلى حفظ القرآن الكريم، قال الدكتور سعد بدير الحلواني أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر إن أسامة بن منقذ ولد في 27 جمادي الآخر سنة 488هـ، في شيزر التي تقع على نهر العاصي إلى الشمال الغربي من حماة وتوفى رحمه الله في 13 رمضان سنة 584 هـ، بدمشق، وينتمي لأسرة عريقة فأبوه الأمير مرشد بن علي كان شديد الثراء يمتلك ضياعا كبيرة يديرها له وكلاء، وكان من الفرسان الشجعان ومن الأدباء الفضلاء اشتهر بالتدين والإحسان والإنفاق على وجوه الخير، وحرص على تربيته ودفعه إلى حفظ القرآن الكريم، واخذ الحديث على أبي الحسن علي بن سالم السنبسي، ودرس النحو على أبي عبدالله الطليطلي، والأدب على ابن المنيرة الذي حببه في الشعر، ودرس علوم العربية على أبي تراب حيدرة فبرع فيها، واخذ من مشاهير العلماء الذين التقاهم كالسمعاني وابن عساكر والعماد الاصفهاني وغيرهم، كما دأب على نسخ القرآن فقد كان حسن الخط. تاريخ حافل وأضاف، في سنة 532 هـ، نفاه عمه عز الدين الذي كان يتولى الحكم، فقد توجس منه على أولاده الصغار عندما رأى في شجاعته وطموحه خطرا يهدده، وخرج أسامة إلى حمص، حيث اشترك في قتال بين صاحب حمص وعسكر ملك الأمراء أتابك زنكي بن اق سنقر، وجرح وأسر وحمل إلى حماة وظل معتقلا بقلعتها إلى أن تخلص من الأسر، فانتقل إلى الموصل والتحق بالجيش الاتابكي وعمل تحت إمرة صلاح الدين محمد بن أيوب مساعدا لمدة تسع سنوات، وظهرت شجاعته وبطولته وحبه للجهاد فلم يتخلف عن موقعة وخاض غمار الحروب ضد الصليبين وسجل بطولات نادرة اكسبته احترام أصدقائه وأعدائه من فرسان الصليبيين على حد سواء، ثم رحل إلى دمشق حيث استقبله الاتابك شهاب الدين محمود بن تاج الملك ابن بوري استقبالا حسنا، وتمكن من إقامة علاقات صداقة مع الأمراء والحكام وقتها، غير أن الوشايات والمؤامرات أحاطته فاضطر إلى مغادرة دمشق والسفر إلى مصر، وامضى وقته في عزلة لا يشغل نفسه سوى بالصيد، وفي سنة 544 هـ، خرج ضمن الجيوش التي خرجت لقتال الصليبيين في عسقلان حتى عام 548، بعدها عاد إلى دمشق التي تولى حكمها السلطان نور الدين بن زنكي وكان أسامة قد خدم في جيشه بالموصل من سنة 1129 إلى سنة 1138م. البحث العلمي وقال، اشترك في الحملة التي نظمها نور الدين ضد الصليبيين، التي انتهت بالاستيلاء على حارم سنة 560 هـ، وبعدها انتقل إلى ديار بكر واستقبله قرة ارسلان الارتقي بحصن كيفا أحسن استقبال ومكث هناك عشر سنوات شغل فيها نفسه بالمطالعة والبحث والعلم والأدب، غير أنه في عام 570 هـ، استدعاه السلطان صلاح الدين الايوبى إلى بلاطه واسند إليه بعض المهام بدمشق قبل أن يغادرها إلى القاهرة للإقامة بها. وعرف أسامة بالتدين والخوف من الله والتقوى، وامتلك عقلية متفتحة وسعة أفق وثقافة موسوعية، وأثنى العلماء على علمه وفضله وجهاده العلماء، وقال الذهبي: “كان أحد أبطال الإسلام”. وأوضح أنه خلف مجموعة كبيرة من المؤلفات منها “البديع في البديع”، و”المنازل والديار”، و”لامية الأدب”، و”تلخيص مناقب العمرين”، و”العصا”، وبعض مصنفاته لم يصلنا ومنها كتاب “أخبار النساء”، و”ردع الظالم ورد المظالم”، و”فضائل الخلفاء الراشدين”، و”القضاء”، و”نصيحة الرعاة”. وقال الدكتور سعد بدير الحلواني إن أسلوبه بالدقة والأمانة وجمال التعبير وصدق الرواية وبراعة الأسلوب القصصي والتوفيق في الفكاهة، ونشر المستشرق الفرنسي هارتويج ديرنبورج كتابه “الاعتبار”في باريس سنة 1886، وترجم إلى الانجليزية والألمانية والروسية. «الاعتبار» وأشار إلى أن كتاب “الاعتبار” من أهم مؤلفات أسامة بن منقذ، فقد سجل فيه رحلته الطويلة ومشاهداته ومرئياته في سياحته ورحلاته إلى بلاد الشام والجزيرة وبلاد العرب ومصر، وحرص على تسجيل سيرته وسيرة أهله وأسرته. واعتبره الدارسون والباحثون من أهم المصادر التاريخية عن أحوال الشام ومصر السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وأفضلها في بيان العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في الشرق الأدنى في القرن السادس الهجري. ولفت إلى أن إسامة بن منقذ دون من خلال مشاهداته الحية ما تعرضت له البلدان العربية من تخريب وتدمير على يد الحملات الصليبية التي عاثت فسادا في الأرض. كما حرص على مناقشة دور القوى العربية الداخلية المتناحرة في إضعاف الأمة العربية وتفتيت وحدتها بخاصة عرب بعض القبائل، الذين امتدت مؤامراتهم إلى مناطق واسعة من بلاد الشام ثم تركزوا في حلب، وعرض لجهاده ضد هؤلاء جميعا والحملات التي اشترك فيها ضد الصليبيين والبلاد التي اشترك في اعادة فتحها واستعادتها منهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©