الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أطباء بريطانيون يوصون بمنع التدخين داخل المركبات الخاصة

أطباء بريطانيون يوصون بمنع التدخين داخل المركبات الخاصة
21 نوفمبر 2011 21:30
ما نوع الشعور الذي سوف يعتريك لو علمت أن حكومة الدولة التي تنتمي إليها أو تقيم فيها سنت قانوناً يمنعك من التدخين داخل سيارتك الخاصة؟ هل ستعتبر ذلك تعدياً على حريتك الشخصية؟ أم حرصاً على صحتك وتشجيعاً لك للإقلاع عن هذه العادة السيئة التي لا يقف ضررها عندك فقط، بل يتعداه إلى الآخرين الذين تُجبرهم عن قصد أو غير قصد في استنشاق دخان سيجارتك التي تعلم أنت أصلاً أن مكوناتها هي آلاف من السموم الكيميائية يصل عدد المسرطن منها إلى 69 مادة! قد يتفهم البعض الغاية من وراء سن قانون كهذا، ويُرجعون دوافعه إلى حرص خبراء الصحة العامة على تصعيب الأمر على المدخنين وثنيهم عن الاستمرار في التدخين الذي يتسبب لهم في أمراض عديدة منها سرطان الرئة والنفاخ الرئوي وأمراض القلب، وغيرها من المشكلات الصحية. كما قد يفرح بذلك غير المدخنين الذين يُجبرهم المدخنون على إغلاق نوافذ سياراتهم عند توقفهم في إشارة مرورية بجانب أو أمام أحد السائقين المدخنين. وقد يتنفس الكثير من الآباء وأولياء أمورهم الصُعداء نظراً لكونهم لن يقلقوا بعد ذلك بشأن تعرضهم هم وأبنائهم إلى مضار التدخين السلبي. وفي الوقت نفسه، قد ينزعج آخرون سواءً كانوا مُدخنين أو غير مدخنين من منح الحكومة نفسها حق إملاء نمط العيش على أفراد المجتمع حسب أماكن وجودهم، ويعتبرونه تدخلاً في خصوصيتهم بسبب فرضها على الشخص ما يمكنه القيام به في سيارته الخاصة وما لا يمكنه القيام به. طبعاً هذه مجرد تخمينات وافتراضات، فليس هناك أي قانون في أي دولة في الوقت الحالي يمنع التدخين داخل السيارات الخاصة بشكل نهائي وقطعي، ولا توجد في الولايات المتحدة أي إرهاصات تُنبئ باحتمال سن قانون كهذا في المستقبل القريب رغم تزايُد النداءات بتبني العادات الصحية والدعوة إلى فرض ضرائب على صُناع المنتجات الغذائية الغنية بالدهون وصناع مشروبات الصودا والأغذية المقلية وغيرها مما يندرج ضمن العادات الغذائية غير الصحية. غير أن السائقين في المملكة المتحدة قد يُواجهون قوانين تُقيد حريتهم في التدخين داخل مركباتهم الخاصة في حال دفع الأطباء البريطانيون في هذا الاتجاه وواصلوا توصية ممثليهم الحكوميين بالقيام بذلك بدعوى الحفاظ على الصحة العامة والحد من أضرار ظاهرة التدخين السلبي. وقد نشر المجلس العلمي للجمعية الطبية البريطانية مؤخراً تقريراً دعا فيه الحكومة إلى سن قانون يمنع التدخين في المركبات الخاصة كجزء من جهودها الشاملة لتحقيق رؤيتها في الوصول إلى مجتمع خال من التدخين بحلول سنة 2035. وتمنع بريطانيا مسبقاً التدخين في وسائل النقل العمومي كالحافلات و”التاكسي” وغيرها من المركبات العمومية. ويقول أعضاء المجلس العلمي إن تنفيذ حظر التدخين في المركبات الخاصة يمكن من خلال اتباع إحدى الطرق الآتية: ? منع التدخين في المركبات الخاصة التي يستقلها الأطفال. ? منع التدخين في المركبة الخاصة التي يركبها شخص آخر أياً كان عمره عدا السائق المدخن. ? منع التدخين في جميع المركبات الخاصة بشكل كامل. (هذه هي الطريقة التي يُفضلها أطباء المجلس باعتبارها الأسهل من حيث الاستيعاب والإنفاذ، كما يقولون). وقد يتساءل البعض عن سبب اكتراث هؤلاء الأطباء بهذا الأمر. ويبدو أنه من بين الأسباب التي دفعت الأطباء إلى التفكير في هذا الحظر التقليل من تعرض الناس إلى التدخين السلبي، خصوصاً عندما يكون مكان التدخين هو السيارة، حيث يتجمع الدخان ويتركز في مكان محدود وضيق ويُصبح ضرره على غير المدخن أكثر فداحةً. ويُفيد تقرير المجلس الذي جاء في 19 صفحة أن دُخان السجائر يحوي 4000 مادة كيميائية معروفة، 69 منها مُسرطنة. ويُقدر الخبراء أن 23 طفلاً و4000 راشداً يموتون سنوياً في بريطانيا بسبب تعرضهم لآثار التدخين السلبي. ومن بين بواعث القلق الأخرى التي حدت بالأطباء البريطانيين إلى التفكير في حظر التدخين بالمركبات الخاصة هو كون السيجارة تُعتبر احد المُلهيات الخطيرة التي يضعها السائق بين أصابع إحدى يديه في أثناء السياقة. ويمنح القانون البريطاني للشرطة حق تحرير مخالفات بحق السائقين في حال لاحظوا أن تدخينهم خلال السياقة يجعلهم يقودون بشكل غير آمن. وتُعد معدلات التدخين في بريطانيا مرتفعةً بقليل عما هو عليه الحال في الولايات المتحدة الأميركية، إذ قدرت مراكز مراقبة الأمراض والوقاية نسبة المدخنين في الولايات المتحدة الأميركية بـ20,6 بالمئة، فيما تبلغ هذه النسبة حسب الجمعية البريطانية الطبية 21% في إنجلترا، و23% في بلاد الغال (ويلز)، و24% في اسكتلندا، و24% في إيرلندا. ويُقر 3 من كل 10 مدخنين بأنهم يُدخنون أحياناً سيجارةً واحدةً على الأقل خلال قيادة مركباتهم. وتبدو استطلاعات الرأي الحديثة داعمةً لمقترح أطباء الجمعية البريطانية، فقد أشار أحد هذه الاستطلاعات أن 88% من الإيرلنديين و74% من الإنجليز يؤيدون حظر التدخين في المركبات التي يكون الأطفال من بين راكبيها. وسبق أن صدر تقرير السنة الماضية عن الكلية الملكية للأطباء يحوي بيانات تصب في نفس الاتجاه، وجاء فيه أن 56% من الناس في بريطانيا يدعمون حظراً شاملاً يمنع التدخين في المركبات. وقد يبدو قانوناً كهذا هو الأول من نوعه في العالم في حال فرضه، لكن بعض الدول الأخرى تمنع مسبقاً التدخين في المركبات في ظروف معينة. ففي جنوب إفريقيا على سبيل المثال، يحظُر القانون التدخين في المركبة في حال كان يستقلها راكبون تقل أعمارهم عن 12 سنةً. كما أن خمس ولايات أسترالية من أصل ست ولايات تحظُر التدخين داخل السيارات التي تحمل على متنها أطفالاً أو يافعين. وفي ولاية كاليفورنيا الأميركية، يُمنع التدخين داخل المركبة إذا كان على متنها شخص يقل عمره عن 18 سنةً. ويُعد الأطفال بشكل خاص من أكثر أفراد المجتمع هشاشةً وقابليةً للتعرض للتدخين السلبي نظراً لأن عدد أنفاسهم تفوق عدد أنفاس الراشدين، ولكون أنظمتهم المناعية تكون ما تزال في مرحلة التطور، كما أن أجسامهم تكون أكثر عُرضةً للإصابة بالطفرات الخلوية، ناهيك عن كونهم يمتصون كميةً أكبر من الملوثات بسبب حجم أجسادهم الصغيرة، حسب الجمعية الطبية البريطانية. ويُشير التقرير إلى أن جمعية مُصنعي السجائر التي تُمثل صناعة التبغ في بريطانيا تُعارض فكرة الحظر التام للتدخين. فمسؤولوها يُفضلون أن يتم التركيز أكثر على مناقشة المخاطر الصحية للتدخين باعتباره أحد عناصر الإلهاء للمدخن خلال السياقة بدل التركيز على التدخين السلبي. ويُلخص تقرير الجمعية الطبية البريطانية موقف شركات صناعة التبغ من حظر التدخين في المركبات بالقول إن “مقترح منع التدخين في الأماكن الخاصة هو خطوة ذهبت بعيداً جداً، وهي تدخل سافر في الحرية الشخصية للأفراد”. ويُعلق أطباء الجمعية البريطانية على هذا الموقف بالقول “من المهم والحال هذه الإشارة إلى أن موقفاً كهذا يضرب عرض الحائط حرية الأشخاص في استخدام الطرق والشوارع بشكل آمن، ويتجاهل حرية الآخرين في حقهم في عدم التعرض للمخاطر التي يتسبب بها السائقون المشغولون بارتشاف السجائر أثناء السياقة على حساب سلامة الآخرين والتي تصل في كثير من الأحيان إلى حوادث مميتة”. ويرى البعض أن حظر التدخين داخل السيارات قد يؤدي إلى غضب عارم في صفوف المدخنين، خصوصاً منهم الذين لا يجدون ما يُهدئون به أعصابهم كل يوم في طريق ذهابهم وإيابهم إلى العمل في شوارع مزدحمة مرورياً غير السجائر، ويتخيلون أن قانوناً كهذا قد يزيد الطين بلةً ويقضي على ما تبقى من أعصابهم. فيما يعتقد آخرون أن التدخين هو حرية شخصية يجب ضمانها لكل من رغب فيها شرط عدم إيذائه الآخرين أو تعريض الغير مدخنين وغير مدخنين لدخان السجائر، فحينذاك يغدو الأمر تعدياً على حرية الآخرين في استنشاق هواء نقي والسياقة بطمأنينة وأمان، وليس حريةً شخصيةً للمدخنين. هشام أحناش عن “لوس أنجلوس تايمز”
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©