السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«بنها» المصرية.. من الجميز والعسل إلى بورصة الدواجن

«بنها» المصرية.. من الجميز والعسل إلى بورصة الدواجن
18 نوفمبر 2013 19:21
محمد عبدالحميد (القاهرة) ــ تبعد مدينة بنها عن القاهرة بنحو 45 كم وهي عاصمة محافظة القليوبية وتعد من المدن التجارية المهمة في دلتا مصر نظرا لموقعها الجغرافي الحيوي بين مدن الشرقية والدقهلية والمنوفية ولذا فالانتقال إليها سهل عبر الطرق البرية أو قطارات السكك الحديدية. وعرفت بنها في زمن الفراعنة باسم «بير نها» أي أرض الجميز حيث كانت تنتشر على أرضها أشجار الجميز التي تستخدم أخشابها في صناعة التوابيت والأثاث والتماثيل كما اشتهرت في زمن حكم البطالمة والرومان بتربية نحل العسل الذي يقتات على زهور الفاكهة المنتشرة فى أنحاء شتى من المدينة وبعد الفتح العربي تم تحريف اسمها من «بير نها» إلى بنها وأضاف إليها عامة المصريين لقب العسل فصارت «بنها العسل». وتحظى بنها بأهمية خاصة من قبل الحكومة المصرية ضمن مشروع طموح يرمي إلى الاستفادة القصوى من كافة ما تحفل به المدن والقرى من مقومات اقتصادية وسياحية فريدة ومتميزة كي تستعيد مصر عافيتها. ويقول المهندس محمد عبدالظاهر محافظ القليوبية: تحظى بنها بمكانة خاصة بين مدن دلتا مصر فإلى جانب موقعها الجغرافي تحظى بكثرة المواقع الأثرية الثقافية وهناك خطة عمل للاستفادة من الآثار الفرعونية الموجودة على ارض بنها كعنصر جذب للسياح من داخل وخارج مصر لزيارة المدينة والتعرف على معالمها الثقافية، لافتا إلى أن بنها لديها كافة المقومات السياحية وذلك من خلال مرور نهر النيل بها وما يضيفه من مشاهد جميلة لزوار المكان إلى جانب قربها من القاهرة مما يجعلها تصلح للسياحة الترفيهية على مدار أيام السنة. الحفاظ على الآثار وأشار إلى أن هناك اهتماما من الحكومة المصرية بالحفاظ على الآثار الموجودة بمنطقة أتريب ببنها لأنها تسلط الضوء على حقبة مهمة من تاريخ مصر في زمن دولة الفراعنة إلى جانب الحفاظ على الآثار المكتشفة وصيانتها والاعتناء بها لأن كون صناعة السياحة من أكبر الصناعات المولدة للدخل ولفرص العمل. بورصة الدواجن يبلغ عدد سكان بنها قرابة 250 ألف نسمة ومساحتها الكلية 176 كيلومترا مربعا وتضم المدينة عدة ميادين وشوارع أشهرها «الفيللات، أتريب والمربع ووسط البلد والمنشية والزهور ومنشية النور والأهرام والبرنس» وتتبع بنها عدة قرى ابرزها: سندنهو وشبلنجة ومرصفا وطحلة ومنية السباع ونقباس وكفر الجزار وبطا وكفر سعد وميت راضي ويعمل غالبية أهل بنها في إنتاج الأجهزة الإلكترونية والكهربائية والصناعات البلاستيكية والجلدية ومستخلصات الروائح العطرية إلى جانب العمل بالزراعة لاسيما القمح والقطن وبساتين الموالح والموز، كما يعمل فريق منهم فى تربية النحل والدواجن حيث تعد بنها المركز الرئيسي لتجارة الدواجن في مصر وتوجد على أرضها بورصة الدواجن التي تتحكم في الأسعار وحجم التجارة يوميا. ويفتخر أهل بنها بأن مدينتهم أنجبت نخبة من العلماء والمفكرين على مر الزمن أبرزهم الدكتور يحيى المشد عالم الذرة الشهير الذي اغتالته إسرائيل عام 1980 في باريس بعد استعانة الحكومة العراقية به لتشييد مفاعل نووي كما أنجبت بنها أيضا كمال الدين حسين احد الضباط الأحرار الذين قاموا مع الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بثورة 23 يوليو 1952 كما أنجبت الأديب حسين المرصفي ونجم الكوميديا احمد حلمي. تلال أتريب وتعد بنها واحدة من المدن المصرية التي تحفل بآثار فريدة تعود لزمن الفراعنة والإغريق والرومان وتتواجد تلك الآثار في منطقة تقع في مدخل بنها من ناحية الشرق تعرف باسم تلال أتريب الأثرية ويرجع تاريخها إلى الأسرة الرابعة الفرعونية التي أسسها الملك «سنفرو» حوالي 2613 ق.م وقد كانت أتريب من المدن المهمة ولكن على مر الزمن اختفت آثار المدينة تحت الأتربة والرمال بسبب طبيعة الأرض الرخوة ولم يتبق منها إلى الآن سوى أجزاء يسيرة ترتفع عن الأرض في مدخل مدينة بنها وتعمل البعثات الأثرية على اكتشاف الكنوز المدفونة وتعد حمامات أتريب من أهم المواقع الأثرية التي تم اكتشافها أخيرا وهي حمامات شبه متكاملة وكانت تستخدم كمنتديات تجمع الأهالي وقت الظهيرة للمناقشة ومن أهم مكونات الحمام صالة الاستقبال وصالة الألعاب كما توجد حجرات تسخين المياه ومواسير لتصريف المياه الباردة والساخنة وقد بنيت الحمامات بالطوب الأحمر المكسو بطبقات من الجير والرمل والحمرة. كما عثرت البعثات الأثرية من خلال أعمال التنقيب بمنطقة أتريب على العديد من القطع الأثرية الفريدة أبرزها قنينات العطور المصنوعة من الفخار وعليها زخارف نباتية مثل حبات العنب، وأحيانا زخارف هندسية، وأحيانا على شكل زهرة جميلة ذات فوهة دقيقة حتى لا تتطاير منها العطور حيث كانت أتريب في زمن الفراعنة مركز مهما لصناعة العطور في مصر كما أن بها التابوت الأثري «بف ثيو آمون» وهو تابوت من الحجر الجيري وجد بشارع فريد ندا ولا يزال موجودا في مكانه وفى حالة جيدة ويحمل التابوت من جميع جوانبه شريطا من الكتابة الهيروغليفية. أفروديت ويعرف التابوت أيضا باسم «تا أم حر آمون» وهو المشرف على الحريم الملكي ورئيس الخزانين. كما عثر في اتريب على بقايا تماثيل كثيرة اغريقية مثل افروديت ومجموعة من التماثيل والجعارين ومسارج الإضاءة السليمة وعملات معدنية ومعابد ومقابر رومانية كثيرة ومتنوعة. كما عثر على لوحة حجرية لرمسيس الثاني مع ابنه الأمير مرنبتاح أودعت بالمتحف المصري بالقاهرة لقيمتها الأثرية الفريدة فعلى الوجه الأول من اللوحة يوجد رسم محفور لرمسيس الثاني وهو يقدم قربانا من الخبز إلى بتاح مع وصف رمسيس الثاني بأوصافه الملكية المعتادة وخلفه ابنه الأمير مرنبتاح مع تدوين ألقابه وهي رئيس الجيش وحامل الأختام والمنفذ لأوامر أبيه وعلى الجانب الآخر من اللوحة يوجد منظر فيه الأمير مرنبتاح يقدم القرابين إلى حاتحور، أما في صدر اللوحة فقد كتبت ألقاب الفرعون وألقاب الأمير مع دعوات بطول العمر وأن يعم الرخاء البلاد في عهد الفرعون. وقد اشتقت كلمة أتريب من اللغة المصرية القديمة «الهيروغليفية» فقد كان اسمها وقتئذ «حت - حرى - أب» واعتبر علماء المصريات أن معناها «قصر الإقليم الأوسط بينما في زمن البطالمة والرومان أطلق عليها اسم «اتريبس» وبعد الفتح العربي تم حذف حرف السين فصارت تنطق أتريب. الخديوي عباس.. وذكريات عاصمة مديرية القليوبية يعد التنوع السياحي في بنها فريدا في قرب الأماكن من بعضها إذ يمكن للزائر التنقل بين أكثر من حقبة تاريخية في فترة زمنية وجيزة لقرب تلك المزارات من بعضها بداية من أتريب الأثرية ومقابر الرومان بها إلى قصر الخديو عباس حلمي الأول حفيد محمد علي باشا والذي كان يفضل الإقامة في بنها غالبية أيام السنة لروعة مناخها وسحر أرضها فأصدر قرارا بأن تصبح بنها عاصمة لمديرية القليوبية بدلا من قليوب كما حرص على إنشاء قصر على النيل في هذه المدينة لإقامته ولاستقبال ضيوف الدولة فيه وحرص على أن يكون تصميم القصر مستوحى من فنون العمارة الإسلامية التي عشقها واشرف على وضع التصميمات الهندسية والزخرفية اللازمة، ولهذا القصر أهمية خاصة فى تاريخ مصر المعاصر، حيث شهد الجريمة الأولى والأخيرة لاغتيال حاكم من أسرة محمد علي اثر مؤامرة دبرها رجال القصر للانتقام منه على سوء معاملته لهم ورغم رحيله فإن القصر بقى كتحفة معمارية فريدة وتحرص وزارة الآثار على صيانته والاعتناء به من حين لآخر ومن الأماكن التي يحرص الزائر على ألا تفوته الكوبري القديم على النيل والذي غنت له المطربة الراحلة داليدا في أغنية «أحسن ناس» ويتمتع الكوبري بتصميم معماري فريد يعود إلى الربع الأول من القرن العشرين ويعد الى جانب كوبري آخر جديد بني لتخفيف الضغط عن الكوبري القديم وتسهيل حركة السير فى المدينة بمثابة قبلة لهواة المشي لاسيما فى فترة العصر للاستمتاع بمشاهدة غروب الشمس من فوق صفحة نهر النيل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©