الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الزوجة المعلقة».. لقب يزعج المجتمع ولا تحبه المرأة في موريتانيا

«الزوجة المعلقة».. لقب يزعج المجتمع ولا تحبه المرأة في موريتانيا
19 نوفمبر 2013 01:27
سكينة أصنيب (نواكشوط) - فرضت النساء المهجورات غير المطلقات أنفسهن على المهتمين بالشأن الاجتماعي في موريتانيا، كضحايا جدد لفشل الزواج وتعذر الطلاق بسبب هجرة الزوج إلى الخارج أو امتناعه عن توقيع الطلاق أو العودة لأسرته، وتعاني المرأة المهجورة كثيراً بسبب وضعها ونظرة المجتمع، إضافة إلى معاناتها في تأمين حياة كريمة لعائلتها. وشهدت حالات الهجر الزوجي انتشارا كبيرا في المجتمع الموريتاني بفعل هجرة الرجال إلى الخارج وتفاقم الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تجعل استمرار الحياة الزوجية أمراً مستحيلاً، ويعمد بعض الرجال إلى ترك الزوجة دون طلاق كنوع من الانتقام منها وللتعبير عن اللامبالاة تجاهها، ويساعد ضعف القوانين وتحكم العرف الاجتماعي في انتشار هذه المعاملة الزوجية بين الموريتانيين. وقد أدى ارتفاع أعداد المهجورات إلى انتشار ظاهرة معيلات الأسر إلى مستويات قياسية في موريتانيا، كما أدى إلى ارتفاع الطلاق بنسبة %38، وتجد المرأة المعلقة على ذمة الزوج الغائب أو التارك للأسرة نفسها محاصرة ومعلقة بين لقب متزوجة ومطلقة تعاني الأمرين، من أجل استخراج الأوراق وإنهاء المعاملات التي تحتاج فيها إلى موافقة الزوج أو ثبوت الطلاق. معلقة وزوج غائب يطرح موضوع التكفل بالنساء المعلقات ضحايا تجاهل الزوج إشكالية كبيرة، فبينما يدعو البعض إلى تعزيز آليات التدخل لحماية هذه الفئة من النساء والتكفل بهن، بالنظر لوضعهن المتسم أساساً بالهشاشة، يطالب آخرون بالضغط على الأزواج ومحاكمتهم بسبب إهمال الزوجات. ووعيا منها بخطورة انتشار هذه الظاهرة تعمل وزارة الشؤون الاجتماعية على النهوض بحقوق هذه الفئة من خلال حملات توعية للحفاظ على الحياة الزوجية وإنهائها في الحالات الخاصة بالطلاق، ودعم مبادرات الجمعيات العاملة في مجال مساعدة النساء في وضعية صعبة. وقد أدى انتشار ظاهرة النساء المعلقات إلى خروج المرأة للعمل، حيث ارتفعت أعداد معيلات الأسر في موريتانيا بشكل كبير، مما دفع المختصين إلى دق ناقوس الخطر والتحذير من تأثير هذه الظاهرة وعواقبها الوخيمة على المجتمع. معيلة للأسرة بسبب تزايد أعداد معيلات الأسر في موريتانيا، ظهرت منظمة غير حكومية تعنى بشؤونهن، وهي منظمة «النساء معيلات الأسر»، حيث تضم أكثر من خمسة آلاف سيدة، مهمتها الرئيسية الدفاع عن حقوق المرأة والأطفال وتقديم الدعم لنساء في مواقع الضعف، لاسيما معيلات الأسر، وإرساء شبكة من المنظمات تناضل من أجل تحسين ظروف حياتهن وأطفالهن والإسهام في بروز تضامن نشط بين النساء من مختلف الطبقات، تحقيقاً للمساواة بين الرجال والنساء. وتقول خديجة بنت المرابط، 44 عاما، إنها تستفيد من الدعم الذي تقدمه لها منظمة «معيلات الأسر» بسبب حاجتها إلى الدعم المالي، من أجل تأمين مصروف بيت أسرة تتكون من أربعة أطفال يدرسون في المرحلة الابتدائية، وعن ظروفها الحياتية، تقول خديجة «رحل والد الأطفال وتركنا في بيت للإيجار دون نفقة، وسمعنا من أقاربه أنه هاجر إلى الكونغو ويعمل هناك منذ سنتين...». وتضيف أنها في حيرة من أمرها، فالبعض ينصحها برفع دعوى قضائية للحصول على الطلاق، بينما أسرتها ترفض هذا الحل. وعن ظروف النساء المعلقات، تقول خديجة «هن يعانين من ظروف معيشية صعبة فرضت عليهن الخروج للعمل وتحمل مسؤولية البيت، كما أن بعضهن يضطر للتخلي عن الأطفال لعائلة بسبب عجزها عن تأمين دخل كاف، مما يؤثر سلباً على تربية الأطفال وعلى مستقبلهم». ضعف القوانين وسلبية المجتمع في حين لا توجد إحصائيات رسمية عن نسبة الهجر الزوجي داخل المجتمع الموريتاني رغم أن الدراسات والأبحاث التي أجريت في هذا الصدد، تؤكد تفاقم حالات الهجر لأسباب عدة، فهناك أرقام وإحصاءات دقيقة تؤكد ارتفاع نسبة الطلاق داخل المجتمع الموريتاني إلى مستويات قياسية، وإذا أخذنا في عين الاعتبار أن الهجر الزوجي هو مقدمة للطلاق، فإن دراسة ظاهرة استفحال الطلاق والتقليل من نسبته تستلزم بالضرورة معالجة الهجر الزوجي ولمّ شمل الأسر. وتقدر إحصاءات رسمية نسبة الطلاق بـ%38 بينما تقدر نسبة معيلات الأسر بـ%53 ولم تحدد الدراسات التي أجريت في هذا الصدد نسبة المهجورات، كفئة متميزة عن فئتي المطلقات والأرامل والزوجات العاملات. ويعرف علماء الاجتماع المرأة المهجورة بالتي تركها زوجها وأهمل رعايتها ورعاية أطفالها دون حسم لطبيعة العلاقة الزوجية، وتقول الباحثة مريم بنت بياه: «المرأة المهجورة غير مطلقة وغير متمتعة بحقوق الزوجة، فهي معلقة على ذمة زوج غائب أو تارك لأسرته... تعاني كثيرا في حياتها من أجل إثبات وضعها وحقها في الحضانة والسفر بأبنائها وتأمين حياتهم». إضاءة هجر الزوج لعائلته وتخليه عن مسؤولياته الأسرية أسوأ ما يمكن للمرء أن ينهي به حياته الزوجية، فالطلاق رغم مساوئه يضع حداً للعلاقة ويحفظ الحقوق، وردة فعل المرأة تجاه هجر زوجها تختلف من حالة إلى أخرى، فبعضهن تفضل طلب الطلاق من القاضي، وأخريات يرفضن طلب الطلاق في انتظار تحسن العلاقة وعودة الزوج، وفئة ترفض مصطلح المرأة المهجورة وتعلل غياب الزوج مهما طال الهجر. «مال الزوج وراتبه» تنتقد الباحثة مريم بنت بياه سلبية المجتمع، وعدم إلزام الرجل بتبعات الهجر، مشيرة إلى أن الأعراف الاجتماعية تمنع المرأة المهجورة من المطالبة بحقها وحق أطفالها من مال الزوج وراتبه، وتطالب الباحثة بدعم النساء المهجورات وحمايتهن بتفعيل القوانين وإصدار وثيقة تثبت هجران الأزواج حتى يكون باستطاعة المهجورة تسيير حياتها في غياب الزوج والسفر بأبنائها، إضافة إلى الاستفادة من الخدمات والمعونات التي تقدم للنساء في وضعية صعبة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©