الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أسرار الحياة على أرض الإمارات.. شواهد حضارية وآثار بالغة القدم

أسرار الحياة على أرض الإمارات.. شواهد حضارية وآثار بالغة القدم
19 نوفمبر 2013 09:06
يمر الباحث عن تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة، بشواهد حضارية وآثار إنسانية بالغة القدم، تعكس مراحل مهمة مر بها الإماراتيون عبر الزمن، وتكشف علاقتهم بهذه الأرض الطيبة، التي منحت الخير لكل من عاش عليها وتربى تحت سمائها، وذلك عبر رحلة شائقة يمكن للجميع القيام بها، لاكتشاف جوانب مثيرة ومعلومات جديدة عن الأرض التي يعيشون عليها، انطلاقاً من العاصمة مروراً بإمارات الدولة. ويمكن للزائر التعرف على الإرث الغني، الذي تمتلكه الإمارات ويتضمن تاريخاً ضارباً في القدم من المستوطنات البشرية وتنوعاً في البيئات الطبيعية والحياة البرية والحيوانية والنباتية، بالإضافة إلى تراث وتقليد بشري يحوى الكثير من الموسيقى والأدب، والشعر، والصناعات اليدوية والشخصية الفريدة لشعبها. بدءاً من قلعة الجاهلي في العين مروراً بقصر الحصن وآثار حضارة أم النار في أبوظبي، وصولاً إلى إمارة رأس الخيمة بقلاعها وحصونها وأبراجها العديدة، ذات الأشكال المختلفة، تبدو فصول الرحلة أكثر تشويقاً بما تكشفه من عوالم بعيدة وأسرار جديدة عن مظاهر الحياة في الإمارات قديماً وحديثاً. عروس الإمارات مدينة العين، أو عروس الإمارات، كما يحلو للبعض أن يسميها، تحمل في جعبتها الكثير من المحطات التاريخية المهمة في الإمارات، بثراء معالمها التاريخية التي تعود إلى العصور: الحجري، البرونزي، الحديدي، الهيليني، الجاهلية، وأيضا ما بعد ظهور الإسلام. وفي العين، يوجد موقع آثار هيلي الذي يشتمل على آثار مستوطنات تعود إلى العصر البرونزي وبقايا قبور موغلة في القدم، ولقى فخارية وحجرية ذات أهمية تاريخية بالغة معروضة حالياً في متحف العين. ويحيط بالموقع متنزه عام يوفر متنفساً رائعاً للعائلات الراغبة في زيارة هذا الموقع الأثري الضارب في القدم، كي تشمل الرحلة جانباً ترفيهياً إلى الجانب التعريفي بأحد الملامح البارزة لوجود الإنسان الإماراتي في تلك البقعة الجغرافية قبل آلاف السنين. كما تركت الفترة الإسلامية المتأخرة العديد من الأدوات الحجرية في منطقة «الشويب» قرب مدينة العين، والتي تضم أيضاً قلعة الجاهلي، وتعد إحدى أكبر القلاع في العين وأفضل نموذج لفن العمارة العسكرية المحلية، حيث تتمتع القلعة من الناحية التاريخية بأهمية كبيرة لارتباطها بتاريخ أسرة آل نهيان، وقد شُرع في بناء قلعة الجاهلي في عام 1891 تحت حكم الشيخ زايد الأول وانتهى بناؤها في عام 1898. وهناك مدافن جبل حفيت التي تعود إلى 2700-3200 قبل الميلاد، والتي تعتبر دليلاً واضحاً على الوجود البشري في العين والمناطق المحيطة بها قبل آلاف السنين. أم النار ومن العين نزولاً إلى العاصمة، يذهب الزائر إلى زخم من الشواهد الأثرية الباهرة، والتي يعود بعضها إلى الفترة ما بين ?2000 و?2500 قبل الميلاد، وتمثل أجزاء مترابطة من حضارة عريقة، تعرف عالمياً باسم «حضارة أم النار». إذ ساهمت التنقيبات عن النفط في اكتشاف مقابر حجرية قديمة، وتم العثور على دلائل وعلامات وجود مستوطنات ومقابر ومعالم حضارة لسكان كانوا يتمتعون بالمهارة في تذويب النحاس، وكانت لهم اتصالات تجارية قوية مع مختلف مناطق آسيا. ويمكن التعرّف على الكثير من نشاطات سكان الجزيرة من خلال الأدوات التي تم العثور عليها في المقابر والمستوطنة عامة. ويشمل ذلك أدوات الزينة الشخصية على غرار العقود والمجوهرات ودبابيس الشعر الذهبية، والأسلحة النحاسية والأدوات الفخارية الحمراء المستوردة، والتي كانت مصنوعة بمهارة كبيرة ومزخرفة بتصاميم دقيقة. كما تبيّن صنارات الصيد وشِباك الغطاسين اعتماد سكان الجزيرة الأوائل على البحر كمصدر للغذاء، وهو حال غالبية سكان الإمارات حتى العصر الحديث واكتشاف النفط والتغيرات الجذرية على نمط حياة أهل الإمارات. جسر المقطع وعند اقتراب الزائر من أبوظبي من ناحية جسر المقطع، يستقبله حصن المقطع الذي بُني قبل 200 عام، والذي كان نقطة مراقبة عسكرية تحمي مشارف المدينة من غارات الغزاة. ومثل باقي الكنوز الأثرية في الإمارة فقد خضع حصن المقطع لنصيبه من أعمال الترميم والتجديد لاستقبال الزوار بأبهى حلة. وعلى شارع خالد بن الوليد في العاصمة، يقع قصر الحصن، أو الحصن الأبيض، قريباً من مبنى المجمع الثقافي. وكان الحصن الذي بني عام 1761 المقر السكني العائلي لآل نهيان، حكام إمارة أبوظبي، حتى عام 1966. وهذا ملمح بسيط من المواقع الأثرية العديدة الموجودة في أبوظبي، وتمثل أهمية خاصة بين ما يزيد على ?1200 موقع أثري في دولة الإمارات، تمتد من عام ?3000 قبل الميلاد، وصولاً إلى فترة الجاهلية المتأخرة قبل ظهور الإسلام، إضافة إلى ما يزيد على ?100 مبنى تاريخي، يرجع تاريخ بعضها إلى ?300 عام مضت. ومن هذه المكتشفات، ما أكدته نتائج الحفريات التي أجريت في جزيرة دلما في أعوام 1993 و1994 وعام 1998 من أهمية جزر أبوظبي خلال العصر الحجري المتأخر، حيث تم العثور على آثار مبانٍ دائرية مشيدة على أعمدة خشبية، وأظهر تحليل الفخاريات بالأشعة الكربونية من هذه المباني ومواقع أخرى وجود استيطان بشري على الجزر قبالة الساحل، يعود تاريخه إلى حوالي سبعة آلاف عام، إذ كان السكان آنذاك يعملون في التجارة عبر السفن مع بلاد الرافدين «العراق الآن»، وكانت تلك هي بداية تقاليد التجارة البحرية الإماراتية الراسخة. إرث تاريخي هذه الكشوف الأثرية الضاربة في عمق التاريخ، تؤكد أن دولة الإمارات التي قامت في الثاني من ديسمبر 1971، تمتلك إرثاً تاريخياً يُعتدّ به، وهذا الكم الهائل من الاكتشافات الأثرية الهامة تحقق في فترة زمنية وجيزة. بدأت منذ الأيام الأولى لتولي المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مقاليد الحكم كرئيس للدولة الناشئة الفتية، كان اهتمامه وحماسه لفهم كل ما يتعلق بهذه الأرض الطيبة وشعبها إيذاناً ببداية الاهتمام والحرص على سبْر أغوار هذا الماضي العريق، وكشف النقاب عما طواه الزمن واندثر تحت هذه الأرض. وتواصلت مسيرة البحث الأثري بخطى ثابتة ومتسارعة، مما أسفر عن العديد من الاكتشافات الأثرية الهامة التي تضمها حاليا المتاحف الأثرية في أنحاء البلاد كافة. واليوم، يمكن لشعب الإمارات أن يشعر بالفخر والاعتزاز بهذه الاكتشافات التي تعبر عن تاريخ وماضٍ أثري عريقين، وتدل على أن الدولة كانت في العصور القديمة جزءاً من الحضارة المتنوعة ومتعددة العناصر لمنطقة غرب آسيا القديمة، غنية بالموارد وهامة من الناحية الاستراتيجية. ومن أبوظبي تسير بنا الرحلة إلى دبي، حيث تشير الاكتشافات الأثرية إلى أنه منذ ما يقارب الـ 4 آلاف سنة، كانت سواحل دبي عبارة عن قرية صيد صغيرة. كما يعتقد أن الميناء الذي كان موجوداً على خور دبي كان ميناءً مزدحماً، حيث تقع دبي على الطريق التجاري القديم بين «ميسوبوتاميا» و»وادي إندوس». فجر الإسلام وفي السنوات الأخيرة، اكتشف علماء الآثار مئات المقتنيات الأثرية التي صنعها الإنسان «مثل الأواني الفخارية، الأسلحة، والعملات المعدنية وغيرها»، ويرجع تاريخها إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد. وتشير هذه المقتنيات إلى أن مستعمرات مدنية كانت موجودة على أرض الإمارة. وتعرض هذه المقتنيات حاليا في متحف دبي ولا يزال هناك أيضاً العديد من القلاع، المساجد، القصور والآثار التاريخية الأخرى، التي تعد مقصداً سياحياً مهماً لمنظمي الرحلات السياحية. وكان بزوغ فجر الإسلام في الجزيرة العربية بشرى خير لأهل الإمارات، الذين اعتبروا من أوائل الأقوام الذين اعتنقوا الدين الإسلامي طوعا بعد أهل اليمن. ويشير الدليل المادي إلى أن منطقة جميرة في دبي كان لها شأن كبير في عصر صدر الإسلام، والموقع الأثري في هذه المنطقة من دبي يمثل بقايا مدينة إسلامية من العصر الأموي كانت تتحكم بطرق التجارة آنذاك. ومن مرافق هذه المدينة التي كشف عنها والمطلة على ساحل الخليج العربي بيت للحاكم وسوق تجارية صغيرة ومرافق سكنية. وفي القرون الأخيرة برز اسم دبي، عندما كانت قرية للصيد والغوص، حيث جاءت إليها قبيلة بني ياس عام 1833، بقيادة الشيخ مكتوم بن بطي مؤسس إمارة دبي الأولى، كانت تحت حكم آل مكتوم حكام دبي حتى يومنا هذا، ثم توافدت إليها قبائل من بني ياس والقبائل الأخرى، وبذلك ازداد عدد سكانها إلى أضعاف مضاعفة. وكان لسياسة آل مكتوم الرشيدة تأثير كبير في إنعاش قرية الصيد والغوص وتحويلها إلى مدينة تجارية واسعة. أهمية حيوية لإمارة الشارقة إمارة الشارقة، إحدى أهم المحطات في رحلتنا، لما تمثله من أهمية حيوية نوعية في مسيرة الحياة على أرض الإمارات، وبما تضمه من آثار بالغة القدم وعظيمة الدلالة على حياة الإنسان في هذه البقعة من العالم قبل آلاف السنين، ومن ذلك آثار جبل فاية، حيث حقق الكشف العلمي هناك نهاية ?2010، إضافة نوعية إلى علم الأنثروبولوجيا على الصعيد العالمي، حيث إنه يسهم في سد فجوة عميقة في دراسة تاريخ تطور وتنقل وارتقاء الجنس البشري. ويمثل الاكتشاف، أقدم دليل مادي أثري، على وجود الإنسان العصري «بشكله الحديث تشريحيا»، للمرة الأولى، في منطقة تقع خارج حدود إفريقيا. وهناك موقع مويلح الأثري الكائن خلف الجامعة الأميركية في الشارقة، واكتشفت فيه بقايا جدار ضخم كان يحيط بالمدينة القديمة البالغ عمرها 3000 عام، ويبدو أن الجدار وسلسلة الخنادق المحفورة بامتداده كانت لغرض توفير الحماية للمدينة التي شهدت نمواً سريعاً في ثروتها وحجمها نظراً لاتساع تجارة قوافل الجمال عبر منطقة الصحراء العربية. وتم أيضاً تنقيب عدد من آبار المياه والتي حفرها سكان المدينة القدماء لغرض الحصول على المياه الأرضية العذبة، كما أظهرت إعادة ترميم بعض الأواني الفخارية، أنها كانت ذات أحجام ضخمة إذ كان طول إحداها نحو 1,5 متر وكانت تستعمل لأغراض تخزين المياه وتستوعب مئات الليترات. أما مدينة خورفكان الواقعة على ساحل إمارة الشارقة، وطبقا للمكتشفات الأثرية، فحازت مكانة خاصة في العصور القديمة، نظرا للدور الذي لعبته كميناء استراتيجي. وكشفت التنقيبات الأثرية فيها، والتي انطلقت منذ عام ?1995، عن مستوطنة كبيرة ضمنها، تعود إلى الألف الثاني قبل الميلاد. وهي تحتل سفوح ثلاثة جبال متجاورة، على مقربة من البحر. ولوحظ أن الذين استوطنوها جهزوا فيها مصاطب مدرجة على سفوح تلك الجبال، لتسهيل مهمة بناء بيوتهم التي شيدت وفق تخطيط يضم غرفا مستطيلة الشكل، بنيت من الأحجار المتوافرة في المنطقة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©