الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عشرة ذئاب على حبل المشنقة

عشرة ذئاب على حبل المشنقة
23 مارس 2009 01:07
عقارب الساعة تشير إلى الواحدة بعد منتصف الليل.. السكون يلف المكان الهادئ.. و«فاطمة» لم تنم بعد ومازالت تهدهد طفلها بعدما أرضعته وهي تمني نفسها بأن ينام، فهو منذ ولادته قبل أحد عشر شهراً جعل ليلها نهاراً. لكنها راضية بذلك وسعيدة، غير أن بكاءه المستمر ينغص عليها معيشتها وهي عاجزة عن معرفة ما به. تركتها شقيقة زوجها وأغلقت على نفسها باب غرفتها محاولة تجنب صرخات الرضيع المزعج، أرادت أن تنام فالجو البارد يشجع على النوم العميق ـ التقويم يشير إلى السادس من يناير 2006 ـ والزوج كالمعتاد خرج الى عمله منذ ساعات ولن يعود إلا في الصباح. وهذا ما جعل «فاطمة» تنزعج من الطرقات المفاجئة على الباب، لا تدري من الطارق ولا لماذا جاء في هذا الوقت المتأخر من الليل وهم لم يعتادو استقبال أحد في هذا الوقت. شعرت كأن قلبها تحرك من مكانه، وأن أمراً ما قد حدث ويثير القلق، وبسرعة غطت رأسها وتركت صغيرها يواصل بكاءه وتوجهت نحو الباب تسبقها دقات قلبها وتوتر أعصابها. فتحت وهي تلقي نظرة سريعة على الطارق الذي لم يكن واحداً بل اربعة يشهرون الأسلحة النارية والبيضاء وطالتها أيديهم قبل أن تتفوه بكلمة واحدة، وانطلقت صرختها مدوية، وحاولوا الإمساك بها وهي تلقي بنفسها داخل الشقة.. لم تكن بالقوة التي تمكنها من مقاومة أربعة في عنفوان الشباب وهي امرأة ضعيفة لم تتجاوز الثالثة والعشرين من عمرها، كما ساهمت المفاجأة في إضعافها أكثر علاوة على أن هؤلاء بذلوا كل جهدهم للسيطرة عليها حتى استطاعوا أن يجذبوها الى الأسفل على درجات السلم، وكان ذلك كافياً لأن يوقظ شقيقة زوجها بمساهمة صراخ الصغير، وهرعت الفتاة تستوضح الأمر وفوجئت بزوجة شقيقها بين أيدي الوحوش الاربعة يجرونها من شعرها ومن يديها ورجليها ويحاولون تكميم فمها، وصرخت الفتاة بأعلى صوتها، فأيقظت جميع الجيران الذين أطلوا من جميع الأبواب والنوافذ، وبمجرد أن حاول بعضهم الاستفسار أو السؤال عما يحدث كانت الإجابة بطلقات الرصاص والرد بفتح الأسلحة البيضاء من السكاكين والمطاوي وتحذيرات بألا يحاول أي منهم أن يفتح فمه ولو بكلمة. الزوجة الشابة مازالت بين أيديهم والفتاة مازالت تصرخ رغم عدة طلقات نارية أطلقت نحو رأسها لكنها لم تصبها. كثير من الجيران آثروا السلامة وأغلقوا أبوابهم خشية أن تصيبهم رصاصة طائشة، بينما الآخرون أرادوا أن يتابعوا المشهد والأحداث فخرجوا الى الشارع. أربعة آخرون من الشباب امام البناية ينتظرون زملاءهم، كانوا ايضاً مدججين بالأسلحة، وشاركوا في هذه الحرب بإطلاق المزيد من الأعيرة النارية في كل اتجاه. كانت كفيلة بأن تثني أي شخص عن محاولة التدخل لإنقاذ المرأة التي تستغيث.. لكن ما من مغيث.. وانضم الرجال الثمانية الى آخرين كانا ينتظران بسيارة ميكروباص حشروا فيها فريستهم بالقوة وهي مازالت تحاول المقاومة، لكن كيف لامرأة أن تقاوم عشرة رجال في وقت واحد وانطلقت السيارة نحو الزراعات في الظلام الدامس. «رامي» شاب في الخامسة والعشرين يعمل حرفياً في البناء، هو الذي كان وراء كل ما حدث، وهؤلاء أصدقاؤه وزملاؤه من الحرفيين اجتمعوا استجابة لدعوته عندما أراد الانتقام من زوج هذه المرأة، فهو منذ عدة اشهر تقدم لخطبة شقيقته لكنه رفض لأنه يعرف أن «رامي» لا يعرف الأخلاق ولا الاستقامة، ولا يفرق بين الحلال والحرام، ولا يتورع عن المعاصي أياً كان نوعها، ومن ثم فإنه لم يوافق على هذه الزيجة وحتى لا يلقي بأخته الى التهلكة، لكن «رامي» اعتبر ذلك إهانة وجرحاً لكرامته وقرر الانتقام من هذا الرجل باختطاف زوجته، وها هي بين أيديهم. وصلت السيارة التي يستقلونها الى الزراعات وبدأ «رامي» وأصدقاؤه يعتدون على الزوجة الضعيفة. انحنت على يده تقبلها وتتوسل وتستغيث لتستجدي الرحمة، لكنها لم تجد إلا قلوباً قاسية، فألقت بنفسها تحت اقدامهم جميعاً وانهالت عليها تقبيلاً وهي تطلب الستر والعفو والصفح رغم انها لم ترتكب جرماً، كان ردهم واحداً، فلا حياة لمن تنادي وتناوبوا الاعتداء عليها بعدما تجردوا من الانسانية والأحاسيس والمشاعر. مرت ثلاث ساعات كاملة والموقف في البناية كما هو، ولكن بدأ فصل جديد، فقد أخرج «رامي» الموبايل وأجرى اتصالاً بزوجها وبكل خسة وفجور أبلغه بما حدث وعليه أن يحضر اليهم الآن ليراها وهي في هذا الوضع، ووصف له المكان، فما كان من الزوج إلا أن ابلغ رجال الشرطة بكل ما حدث، وفي دقائق معدودة كان الزوج يستقل مع رجال الشرطة سياراتهم ويتوقفون بالقرب من مسرح الجريمة، وقبل أن يكتمل وقوف السيارات انهالت طلقات الرصاص من أسلحة المجرمين العشرة فوق رؤوس رجال الشرطة الذين اضطروا لمبادلتهم النيران، وتحولت المنطقة الى ميدان معركة، ورغم هذا مازال بعض الوحوش يقومون باغتصاب المرأة حتى بعد أن فقدت الوعي وتحت هذا الوابل من الرصاص. ساعة كاملة استغرقتها هذه الحرب أو يزيد انطلق بعدها صوت المؤذن يعلن قرب صلاة الفجر، وفي تلك اللحظة توقفت طلقات المجرمين وسكتت أسلحتهم تماماً، لم يكن ذلك تورعاً وخشية عند سماع صوت المؤذن وانما لأن ذخيرتهم نفدت تماماً. فاستطاع رجال الشرطة الذين كانوا يطوقون المكان أن يلقوا القبض على الذئاب جميعاً وسقطوا وهم يفخرون بفعلتهم. وفي النيابة اعترف المتهمون تفصيلياً بجريمتهم النكراء وأحيلوا الى محكمة الجنايات التي تنظر القضية منذ هذا التاريخ حتى قبل شهرين وتحديداً في بداية يناير الماضي، وبعد ما انتهت من سماع الشهود ومرافعات الدفاع والنيابة قررت إحالة أوراق المتهمين العشرة الى مفتي الديار المصرية، وهذا القرار وحده ينبئ بأن الحكم سيكون الإعدام شنقاً. وقبل ايام كانت محكمة جنايات كفر الشيخ شمال شرق القاهرة على موعد مع إصدار حكمها، حيث قضت بمعاقبة الذئاب البشرية العشرة بالإعدام شنقاً، لتطيح برؤوس أينعت وحان قطافها نتيجة جريمتهم الوحشية، وانطلقت فيها الزغاريد والهتافات من جميع الحضور الذين رددوا «يحيا العدل»، فعلوا ذلك رغم أنهم لا يعرفون المجني عليها ولا تربطهم بها أي صلة، لكنهم يستنكرون فقط. أما المجني عليها بعد هذه الفضيحة التي لم يكن لها يد فيها فقد اضطرت هي وزوجها وطفلها الذي بلغ الرابعة من عمره الآن إلى هجر المنطقة بأسرها حتى لا تلتقي عيونهم بعيون أحد ممن يعرفونهم، بل إن الزوجة الذبيحة ارتدت النقاب حتى لا يتعرف عليها أحد في أي مكان وهي غير قادرة على مداواة الجرح الذي لم يتوقف نزيفه ولم تستطع الأيام أن تخفف آلامها. هيئة المحكمة لم تجد عقوبة أشد من الإعدام لتعاقب بها هؤلاء الذئاب، ورفضت كل الدفوع باستخدام الرأفة معهم. وأكدت انهم لم يرحموا الزوجة الضعيفة وانتهكوا عرضها وكرامتها وعاثوا في الارض فساداً. وطالب أهل المنطقة بأن يطبق عليهم حد الحرابة وتقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، وأن يتم إعدامهم في ميدان عام على مرأى ومسمع من الجميع، وأن يتم نقل ذلك على الهواء مباشرة على الفضائيات ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه ارتكاب مثل هذا الفعل
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©