الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

الموقف من المستجدات

الموقف من المستجدات
19 نوفمبر 2015 23:08
إنَّ القصور المعرفي، وضعف الحصيلة في عِلْمَي الفقه والأصول، والبعد عن تفعيل مقاصد الشريعة، وَقِلَّة المعرفة باتساع لغة العرب، كلَّ ذلك أوصل إلى الجمود في التعامل مع النصوص الشرعية، فضاق في أذهان هؤلاء «إناء الشريعة»، وتقلَّصَ مفهوم «المصلحة»، وتوسع بناء على ذلك مصطلح «البدعة». ولا خلاف بين العلماء في منعِ البدعِ الحقيقية التي لا ترجع إلى الشرع بوجهٍ من الوجوه، ولا تندرجُ تحت أصل عامٍّ يدل عليها، وأما الأمر «الحادث» الذي يمكن أنْ يستظلَّ بظلال الشريعة من خلال إدراجه تحت «عموم النص الشرعي»، أو تحت «المصالح المرسلة»، أو تشهدَ له مقاصد الشرع بالاعتبار فليس بدعةً ممنوعة. فإن قال قائل: إنْ هذا الكلام لا ينسجم مع قول النبي «إِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»، فالجواب عن ذلك: أنَّ المقصود بعموم «كل» البدع المخالفة للشريعة، لا الأمور المحدثة المندرجة تحت عموم النص أو مقصود الشرع، ثُمَّ إنَّ لفظ «كل» عام مخصوص كقوله تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} [الأحقاف:25]، فإنه من المعلوم أنَّ الرياح لم تدمر هوداً ومن آمن به. وقد كان من سنة رسول الله أنْ لا يرد شيئاً من الخير، ووقع في زمنه محدثات كثيرة مندرجة تحت أبواب الخير فَقَبِلَهَا، فأحدث عُمر وأنس وغيرهما من الصحابة رضي الله عنهم ألفاظاً في التلبية غير تلبية رسول الله، وأحدث بلالٌ رضي الله عنه صلاة بعد كل وضوء، وزاد أحد الصحابة داخل الصلاة عند الرفع من الركوع: ربنا ولك الحمد حمداً طيباً مباركاً فيه، وداوم أحد الصحابة على قراءة سورة الإخلاص في صلاته، وزاد أحد الصحابة في لفظ الحمد عند العطاس: «الحمد لله حمداً طيباً مباركا فيه مباركا عليه كما يحب ربنا ويرضى»، وكل هذا في زمن رسول الله، والشاهد: هو فعل الصحابة لذلك قبل أن يُقِرَّهُم النبي، وأما الفعل بعد إقرار النبي له فهو سنة. وحصلت مجموعة من الحوادث في زمن الخلفاء الراشدين، فأحدث أهل المدينة عدداً في قيام رمضان، وجمع الصديق رضي الله عنه القرآن، وأحدث عثمان رضي الله عنه أذاناً ثانياً يوم الجمعة، وأحدث علي رضي الله عنه صيغة في الصلاة على النبي وعلمها للناس، وكان أبو هريرة رضي الله عنه يسبح في كل يوم اثنتي عشرة ألف تسبيحة، ويستعين على ضبط ذلك العدد بخيط فيه ألف عقدة. ولا شكَّ في أنَّ هذا ينسجم مع قول النبي الثابت في صحيح مسلم: «من سن في الإسلام سنة حسنة، فعمل بها بعده، كتب له مثل أجر من عمل بها»، فهذا ترغيب في ابتكار الأمور الحسنة التي توافق الشرع ولا تخالفه. فأي أمرٍ مُبْتَدَع يعرض على أدلة الشرع، فإن دخل في رحابها وعضده عاضد من الكتاب أو السنة قبلناه، وإنْ خالف رفضناه، وعلى هذا المنهج سار جمهور العلماء. ومن البدع ما أحدث مخالفاً للدين، ونُسبَ إليه بشبهة فاسدة لا تستقيم على مناهج العلم ومعايير الاستنباط. ولا يصح أنْ يُستَدلَّ بعدم فعل النبي لأمرٍ ما على منع ذلك الشيء، لأنَّ أسباب تركه كثيرة، فقد ترك أكل الضب وأكله بعض أصحابه، وترك التراويح بعد فعلها، وترك إعادة بناء الكعبة على قواعد إبراهيم عليه السلام، إلى غير ذلك، وهذا ما أكدته أقوال جماهير علماء الفقه والأصول.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©