الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الموقف الفرنسي في المحادثات مع إيران

18 نوفمبر 2013 23:47
إيريك إديلمان زميل مركز التقييم الاستراتيجي والمالي المتعلق بالموازنة- بواشنطن راي تقيه زميل بارز في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي منذ فترة طويلة، عينت فرنسا نفسها وصية على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية وبنودها التي تقضي بنزع هذا السلاح. وعلى رغم ذلك، فإن الجمهورية التي تحمل قدراً كبيراً من التشكك حافظت على سلامة المعاهدة وقامت بحماية مبادئها الممزقة. وتلك كانت هي الحالة الأسبوع الماضي في جنيف، عندما عارضت فرنسا اتفاقاً مع إيران لأنها اعتبرته غير قوي بالقدر الكافي. وبالنسبة للوقت الحالي، أذعنت واشنطن لباريس، ما أدى إلى إثارة موجة من الانتقادات من قبل أولئك الذين يسعون إلى التوصل إلى اتفاق بأي ثمن. وخلافاً لمطالب المنتقدين، فقد تجلى أعظم نجاحات الولايات المتحدة الدبلوماسية عندما أثبتت حساسيتها لمخاوف حلفائها، وليس فقط متطلبات خصومها. لقد كان من أهم الإنجازات التاريخية للولايات المتحدة أنها قد تمكنت احتواء عملية توحيد ألمانيا بعد الحرب. فقد كانت المشكلة الألمانية في قلب الصراعات الأوروبية، بدءاً من تقسيم البلاد في أعقاب الحرب العالمية الثانية، إلى توحيدها في عام 1990. وعندما سقط جدار برلين، واجه بوش الأب التحدي الهائل المتمثل في خلق أوروبا موحدة وحرة بعد 45 عاماً من الانقسامات القاسية. ولم يكن الاتحاد السوفييتي فقط في حاجة إلى التوافق مع ألمانيا الموحدة، ولكن أقرب حلفائنا -بريطانيا وفرنسا- أضمرتا شكوكاً يمكن تفهمها هي أيضاً. وقد خلق بوش ووزير خارجيته جيمس بيكر آلية وزخماً، الأمر الذي ساعد على التغلب على اعتراضات الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران، ورئيسة وزراء بريطانيا مارجريت تاتشر، والرئيس السوفييتي ميخائيل جورباتشوف. ومن خلال عملية تشاور شبه مستمرة، وتكيف في الوقت المناسب، تمكنت واشنطن من التوفيق بين حلفائها وخصومها. وبعد ذلك بسنوات عدة، كانت القضية التي أربكت أوروبا هي دور حلف شمال الأطلسي «الناتو» ومدى حدوده الجديدة. فقد كان توسع «الناتو» هو الموضوع المثير للتوتر مع روسيا الجديدة التي ظهرت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، كما كان أيضاً موضوعاً حساساً بالنسبة لأقرب حلفائنا في «الناتو» كذلك. وقد خاضت إدارة كلينتون جولات من المفاوضات مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا ومجلس الحلف الأطلسي. وتم التوصل إلى آلية تقبل بها روسيا على مضض توسع «الناتو» مع وجود مساهمات كبيرة من حلفاء الولايات المتحدة. ولم تعمل واشنطن على تجاهل هواجس حلفائها، ولكن سعت لدمجهم على نحو خلاق في حل تفاوضي. وعندما تنحى هذه المبادئ جانباً، فإن الولايات المتحدة تعاني. وهنا تبرز كمثال على ذلك طريقة إدارة بوش الابن في المحادثات السداسية الخاصة بالبرنامج النووي لكوريا الشمالية في عامي 2007-2008. فالهواجس اليابانية تم رفضها أو تجاهلها بشكل روتيني، والنتيجة كانت تزايد التوتر في العلاقات الأميركية- اليابانية، الأمر الذي لعب دوراً في عدم التوصل إلى اتفاق حقيقي مع كوريا الشمالية. فأي اتفاق يجب أن يقوم على إجماع إقليمي لكي تكون لديه فرصة للنجاح. إن تحدي الدبلوماسية مع إيران يتمثل في أنه يتقاطع مع مصالح مجموعة من اللاعبين. وإسرائيل تشكل حالة خاصة، حيث طالما ندد نتنياهو بطموحات إيران النووية معتبراً إياها تهديداً وجودياً. وقد انضمت إليه الآن قوة دولية أقل هوساً بالتهديد الإيراني، ولكن أكثر اهتماماً بالتوصل إلى معاهدة تخدم مبدأ منع انتشار الأسلحة النووية. وعلى ما يبدو أن الاعتراضات الفرنسية تتركز على مصنع «أراك» للبلوتونيوم الذي أوشكت إيران على الانتهاء من بنائه، وكذلك قدراتها المتنامية على تخصيب اليورانيوم، مما قد يوفر لها طريقاً سهلاً لإنتاج القنبلة النووية. وبالنسبة لباريس، فإن اتفاقاً مؤقتاً لن يكون ذا قيمة ما لم يجمد ليس فقط بعض، بل كل مسارات إيران المتعددة التي يمكن أن تؤدي إلى إنتاج أسلحة نووية. فالاتفاقيات المؤقتة تذهب وتجيء، ولكن تخفيف العقوبات لا رجعة فيه. واستناد فرنسا على المبدأ أكثر من النفعية واجه انتقاداً، كونه لا يتسم بالمرونة من وجهة نظر المتقدين إن لم يكن معوقاً في رأيهم. وتنصح إدارة أوباما بالضغط على فرنسا للإذعان. ويشير التاريخ إلى أن نتائج أميركا التفاوضية تستفيد عادة من أخذ اعتراضات حلفائها بعين الاعتبار. وهنا يجب على واشنطن أن تسعى لإجراء تشاور حقيقي مع باريس، وليس فقط جهوداً شكلية للاستهلاك الإعلامي، مع توقعات بأنها ستلتزم بما قد يكون مقبولاً سياسياً، مثل الرغبة في التوصل إلى نتيجة «من الممكن إنجازها». أما بالنسبة لإجراء مفاوضات على رغم تقلبات إيران، فمن المهم إدراك من هو السبب في الأزمة الحالية. فليست فرنسا هي من ينتهك العديد من قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وليست وزارة الخارجية الفرنسية هي من يسخر من هذه القرارات، باعتبارها غير شرعية ومصطنعة سياسياً. وبينما يسود انطباع بأن إيران تواصل تحدي معاهدة حظر الانتشار، فإن فرنسا لديها تاريخ موثق من السعي لحماية هذه المعاهدة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم.سي. تي. إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©