السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إعصار هايان... هل هناك كارثة بيئية؟

18 نوفمبر 2013 23:48
آدم سوبل عالم في طبقات الجو وأستاذ في جامعة كولومبيا ناعومي أورسكيس أستاذة في تاريخ العلم في جامعة هارفارد في مفاوضات الأمم المتحدة بشأن المناخ في وارسو الأسبوع الماضي، ألقى يب سانو رئيس الوفد الفلبيني كلمة عاطفية قال فيها: «إن الأعاصير مثل هايان وتأثيراتها تمثل تذكرة اعتبار للمجتمع الدولي، مفادها أننا لا نستطيع المماطلة في التحرك بشأن تغير المناخ». لكن هل تصريح «سانو» يتسق مع العلم؟ فمعظم العلماء الذين طُرح عليهم السؤال في الأيام القليلة الماضية ردوا بعبارات حذرة توحي بقول «لا». فليست ثمة حادثة مفردة بعينها يمكن أن يكون سببها تغير المناخ. ولا توجد توجهات واضحة محددة تشير إلى أن الزيادة في كثافة الأعاصير الاستوائية ناتجة عن ارتفاع درجة حرارة الكوكب. وهذه الأمور صحيحة من حيث المبدأ، ولكن «سانو» كان على صواب أيضاً. فدرجة حرارة الكوكب ترتفع بسبب الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري التي ينتجها النشاط الإنساني، ويستطيع العلماء أن يقولوا هذا بسهولة جداً دون تحوط. لكن كيف يؤثر ارتفاع درجة الحرارة هذا على الأحداث المناخية المتطرفة؟ وهذا سؤال وارد، لأن المناخ متوسط والحوادث المتطرفة بحسب تعريفها ليست متوسطة. ولكنه ليس أيضاً سؤالاً معقداً تماماً، كما يميل بعض العلماء إلى تصويره. ولننظر إلى العلاقة بين السرطان والتدخين. (من المفارقة أن بعض أبرز وأكثر منكري تغير المناخ نفوذاً كانوا أيضاً لعقود من منكري التأثيرات الضارة للسجائر). فأي حالة مرض مفردة بالسرطان لا يمكن أن نثبت على وجه اليقين أن سببها التدخين في حد ذاته. فمن الممكن أن يصاب المرء بالسرطان دون تدخين بل عن طريق التعرض للإسبستوس، أو عنصر الرادون، أو بالتعرض لما يدخنه آخرون في المنزل أو مكان العمل. ومع ذلك العلاقة بين التدخين والسرطان إحصائية ثابتة، وقد أصبحت واضحة في مجملها، وربما لعبت عوامل أخرى أدواراً أيضاً في كل حالة مفردة. وينطبق هذا كذلك على ظاهرة الاحتباس الحراري وعلاقتها الظروف المناخية المتطرفة. وكي يكون القياس أفضل، لنتخيل أننا لا نعرف هل للمدخن استعداد وراثي للسرطان، أو يعيش في مكان به تلوث كبير في الهواء؟ لنفترض أننا لا نعرف هذا، ولذا لا يمكننا حقاً أن نقول بشكل قاطع إن التدخين هو السبب الأكبر، ولكن في مرحلة ما، قد تصبح رابطة سببية ما أقوى من أن تنكر. واليوم إذا رأينا شخصاً يدخن علبتي سجائر في اليوم وبدأ التدخين في العقد الثاني من العمر، وأصيب بسرطان الرئة في العقد الخامس من العمر، فسنشعر بثقة عند القول، إن السجائر ربما تكون هي السبب. ولكن هذا القياس يبالغ فيما يتعلق بقضية هايان والمناخ. ولذا لتتخيل مريضاً يدخن سجارتين في اليوم، ثم في العقد السابع من العمر أصيب بمرض يتصل على نحو ما بشكل مقنع بالتدخين، ولكنه يرتبط أيضا بسلسلة من العوامل الأخرى. ولنفترض أن المريض أصيب بمرض في القلب، وأنه لا يمارس الرياضة وزائد الوزن، ولديه نسبة عالية من الكوليسترول، ويأكل طعاماً فيه نسبة دهون عالية. والآن، فإذا كنت طبيب هذا المريض فقد لا تركز على التدخين بالنسبة للعوامل الأخرى. وفي هذه الحالة، سيكون الطبيب بدرجة ما مثل عالم الأرصاد الجوية الذي يركز بشكل أكبر على أحداث آنية بعينها. وليس ارتفاع درجة حرارة الكوكب عاملاً كبيراً في أي نظام مفرد للمناخ، أو حتى عام مناخي مفرد، وقد يكون من المعقول أن يتجاهله عالم الأرصاد الجوية. ولكن دعونا نفترض أنك عالم أوبئة. فالمريض يموت وصحفي يسألك: هل التدخين يقتل؟ ودعنا نقول، إنك تعيش في زمن مثل ستينيات القرن الماضي، عندما كان العلماء الذين يدرسون الظاهرة قد اتفقوا على أن التدخين يقتل، ولكن جزءاً كبيراً من السكان بينهم الكثير من أعضاء الكونجرس الأميركي لم يصدقوا ذلك بسبب حملة التضليل الإعلامي التي مولتها شركات التبغ. فهل ستركز على عدم اليقين؟ أم تدرك أن جزءاً مما كان يسأل عنه الصحفي يتمثل في السؤال: «هل التدخين مشكلة خطيرة حقا؟» فهل تبحث عن طريقة لتقول «نعم هو كذلك»؟ هل تقول، ربما،أن وفاة هذا الشخص هي مثال آخر لما يجب أن نتوقعه إذا واصلنا التدخين؟ أليس هذا شبيهاً بما قاله «سانو» مندوب الفلبين في وارسو؟ عندما نركز على عدم اليقين، فإننا نبرر فيما يبدو نهج السلبية وعدم الفعل بشأن تغير المناخ. وبدلاً من هذا، ربما يتعين أن نركز على حقيقة التهديد الذي يمثله ارتفاع حرارة الكوكب حتى إذا كان يمكننا القول بأي قدر من اليقين إنه تسبب في حالة بعينها أمامنا. وقد نركز على حقيقة أننا نتوقع أن ارتفاع درجة الحرارة يتسبب بالضبط في هذا النوع من الأعاصير الشديدة للغاية لتحدث بشكل أكثر تواتراً، بالإضافة إلى حزمة من العواقب الضارة الأخرى التي لا يمكن تفاديها وبعضها مؤكد تماماً. ولذا، قد نوصف بأننا تجاوزنا الحد في الحكم. فقولنا هذا، عندما كنا نُسأل عن هايان وحده، يشير إلى علاقة لا يمكننا تقديم كافة مبرراتها. والعلماء تم تدريبهم على ألا يتجاوزوا الحد في الحكم. ولكن ما الأسوأ؟ حالياً، فخطورة مبالغة الناس في الاستجابة لظاهرة ارتفاع درجة حرارة الكوكب قليلة، ولكن خطورة التقاعس عن الاستجابة كبيرة. ولذا فنحن نتفق مع «سانو» على أن هايان يمثل تذكرة للاعتبار للمجتمع الدولي بأنه لا يمكننا التقاعس عن الاستجابة لتحديات تغير المناخ، وعدم اليقين ليس عذراً أبداً لهذا التقاعس. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. انترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©