الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

المملكة المتحدة أكبر منتج طاقة رياح بحرية في العالم

10 نوفمبر 2012
على مسافة ثمانية أميال قبالة الساحل في منطقة قريبة من مدينة ليفربول يجري شحن أحجام ضخمة من المعدات والمستلزمات إلى مزرعة رياح “جوينت يمور” التي تعد واحدة من مجمعات طاقة الرياح الشاسعة الثمانية الواقعة في بحار المملكة المتحدة والتي حولت بريطانيا إلى أكبر منتج طاقة رياح في العالم في العقد الماضي. وبفضل مياهها الضحلة ورياحها القوية وحزم دعم الطاقة الخضراء، تعتبر بريطانيا الآن، حسبما أفاد به ديفيد كاميرون رئيس الوزراء خلال مؤتمر حزب المحافظين مؤخراً “رقم واحد في العالم في مجال طاقة الرياح البحرية”. لدى المملكة المتحدة سعة طاقة رياح بحرية تفوق باقي ما في العالم أجمع (2?7 جيجاواط بالمقارنة مع السعة العالمية الإجمالية البالغة نحو 5 جيجاواط)، غير أن هناك معلومة سلبية يبدو أن كاميرون تجاهل ذكرها عامداً وهي أنه رغم أن لدى المملكة المتحدة هذا الحجم الضخم من مزارع طاقة الرياح العملاقة فإن من يبنيها هم الألمان والدانماركيون. وهذا واضح وجلي في مشروع جونيت يمور الذي يتولى تطويره قطاع الطاقة المتجددة من شركة آر دبليو إي الألمانية. وقال توبي ادموندز مدير مشروع جوينت يمور: “هذه جاءت من ألمانيا”، مشيراً إلى أكوام هائلة من الأنابيب الفولاذية أو ما يسمى بأساسات التوربينات أحادية الأعمدة المعدة لغرسها قريباً في قاع البحر. وأضاف ادموندز: “وكذلك تلك المستلزمات جاءت أيضاً من ألمانيا”، مشيراً إلى أكوام من الهياكل الفولاذية المطلية باللون الأصفر الفاقع التي تركب على الأساسات كقاعدة للتوربينات. تتولى بناء توربينات الرياح البالغ عددها 160 توربينا والمقرر شحنها إلى جونيت يمور شركة سيمنس الألمانية أكبر مورد توربينات رياح بحرية في العالم التي تقع مصانع توربيناتها في الدانمارك. أكثر من نصف التوربينات البالغ عددها 796 توربينا المقامة في مياه المملكة المتحدة أتى من سيمنس ونحو ثلثها من شركة فيستاس الدانماركية والباقي أتى من شركة ريباور التي تعد شركة ألمانية تابعة لمجموعة سوزلون الهندية. مطورون أجانب من ضمن المطورين هناك شركات طاقة دانماركية وألمانية وسويدية ونرويجية كبرى مثل دونج وفاتنفول واد دبليو إي وإيون وستاتكرافت التي لديها مجتمعة حصة سوقية تتجاوز 70%، بينما تبلغ حصة الشركتين البريطانيتين سنتريكا وإس إس إي معاً أقل من 20%. ربما تكون مسألة جنسية المطورين غير ذات أهمية كبرى، غير أن كون كم كبير من المعدات يتم تصنيعه خارج بريطانيا يعد أمراً مثيراً لقلق البريطانيين. ورغم كل هذا التفوق في مجال طاقة الرياح البحرية لم توفر المملكة المتحدة سوى 3200 فرصة عمل في القطاع لغاية عام 2011، بحسب نقابة صناعات طاقة الرياح المهنية “رينيوابل يوكيه”. وقال ايان تمبرتون رئيس قسم الاستشارات في كلايمت تشينج كابيتال مدير الاستثمار المتمركز في لندن: “الحقيقة المرة تتمثل في أن مستهلكي الطاقة البريطانيين يدأبون على دفع حزم دعم كبيرة لاستيراد كميات ضخمة من المعدات المكلفة المصنعة في الخارج في وقت ركود اقتصادي”. وأضاف: “وعلى أي مستثمر جاد أن يسأل ما إن كان هذا وضعاً مستداماً”. ارتفاع التكلفة يتمثل جزء من المشكلة في أن طاقة الرياح البحرية بالغة التكلفة حتى عام 2005 كانت مزارع الرياح تبنى في مياه أكثر ضحالة وكانت التكلفة نحو 1?5 مليون جنيه أسترليني لكل ميجاوات، ولكن حين بدأوا في بناء مزارع أخرى في مياه أعمق ومع زيادة أسعار السلع زادت التكلفة إلى حوالي 3 ملايين جنيه إسترليني لكل ميجاواط. وتقدر رينيوابل يوكيه أنه تم إنفاق 8 مليارات جنيه إسترليني في بناء وتشغيل أول 2?7 جيجاواط من طاقة الرياح البحرية أقل من خُمس السعة التي كانت المملكة المتحدة تهدف إلى بنائها لتلبي حصتها من أهداف الاتحاد الأوروبي التي تلزمها بأن تحصل على 15% من طاقتها من مصادر متجددة في تاريخ أقصاه عام 2020. وتسعى الصناعة جاهدة إلى خفض التكاليف، غير أنه إلى أن تفلح في ذلك من المنطقي أن ينتاب القلق المستثمرين في اقتصاد منطقة يورو ضعيف مبتلى بأحوال ائتمانية صعبة. والأدهى من ذلك أن المملكة المتحدة في سبيلها إلى إعادة هيكلة حوافز الطاقة المتجددة المالية فيما يتشكك جورج أوسبورن وزير الخزانة في تكلفة طاقة الرياح ويتبنى بكل حماس مشاريع توليد الكهرباء من الغاز الطبيعي. وقال بول كوفي مدير عمليات آر دبليو إي اينرجي قطاع آر دبليو إي المسؤول عن بناء جونيت يمور: “ذلك الأمر يزعزع الثقة”. وأضاف: “لو أن جورج اوسبورن قام وقال أتشكك فيما إن كان علينا أن ننفق المال على مصادر متجددة، وأعتقد أن الغاز ربما يكون أكثر جدوى”، فإني أضمن أننا سنتلقى سؤالاً من آر دبليو إي يقول: “هل حكومة المملكة المتحدة جادة حقاً في مسألة المصادر المتجددة؟”. فإن تردد المطورون سيصعب على موردي التوربينات الالتزام ببناء محطات جديدة في الخارج. تطلع ستة على الأقل من مصنعي التوربينات إلى بناء مصانع جديدة في المملكة المتحدة في وقت ما منهم سيمنس وفيستاس غير أن أحداً منهم لم يتخذ قراراً استثمارياً نهائياً بعد. غير أنه على الجانب الآخر من القنال (المانش) تخطو الستوم الفرنسية خطوة كبرى، ففي شهر أبريل، قالت إنها تعتزم بناء أربعة مصانع توربينات رياح في فرنسا ما يوفر 1000 فرصة عمل مباشرة و4000 فرصة عمل غير مباشرة، رغم أن فرنسا تكاد ألا يكون لديها صناعة طاقة رياح بحرية وأن الستوم تشتهر بصناعة القطارات وليس توربينات الرياح. وقد أرست فرنسا أربعة مشاريع في وقت سابق من هذا العام على اتحادات شركات اختيرت جزئياً لقدرتها على إنشاء سلاسل توريد محلية وهي حالة لم يواجهها مطورو المملكة المتحدة. ارتبطت الستوم بمؤسسة إي دي إف الفرنسية التي فازت بثلاثة مشاريع، وقالت الستوم إن ذلك يضمن لها طلبيات توربينات تساوي أكثر من ملياري يورو في بضع سنوات ما سهل نسبياً قرارها ببناء أربعة مصانع. لا تخلو تلك الاستراتيجية من المخاطر، إذ قالت اريس كركانياس من بي تي ام لاستشارات طاقة الرياح: “كان الفرنسيون واضحين في الرغبة في دعم سلسلة توريد محلية، غير أن الخطر في هذا يكمن في أنه يحصرك في استراتيجية مورد تربينات وحيد ذي تقنية غير مثبت نجاحها لا تزال في مرحلة التجارب”. غير أن المملكة المتحدة عازمة على المضي قدماً في ترسيخ مشاريع طاقة الرياح البحرية المحلية أملاً في أنه في الأجل المتوسط والبعيد ستثبت صحة استراتيجيتها. نقلاً عن: «فاينانشيال تايمز» ترجمة: عماد الدين زكي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©