الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التقشف... يؤجج غضب الشارع اليوناني

10 نوفمبر 2012
يوم الأربعاء الماضي شاب العنف مظاهرة ضد التقشف شارك فيها ما يزيد على 80 ألف شخص في العاصمة اليونانية أثينا، وذلك بعد أن اشتبك مئات المحتجين مع شرطة مكافحة الشغب قبيل تصويت برلماني حاسم حول تخفيضات الإنفاق. وشكلت عملية التصويت أصعب اختبار حتى الآن بالنسبة للحكومة الائتلافية الهشة في البلاد التي تشكلت قبل أربعة أشهر، والتي تمكنت من تمرير حزمة تدابير تقشفية تبلغ 17 مليار دولار من أجل ضمان استمرار تلقي اليونان لقروض الإنقاذ المالي وتجنب الإفلاس. وقال رئيس الوزراء اليوناني أنتونيس ساماراس: “اليوم يجب أن نؤكد مصداقية اليونان الجديدة”، مضيفاً “إننا سنختار ما إنْ كنا نرغب في البقاء في منطقة اليورو … أو العودة إلى الدراخمة... هذا هو الاختيار”. غير أن هذه التدابير التي يتوقع أن تزيد من معاناة اليونانيين الذين اكتووا بتأثيرات موجات متتالية من تخفيضات الإنفاق وزيادة الضرائب منذ أن كشفت حكومتهم في 2009 عن أن الدين العام، هو في الحقيقة أكثر ارتفاعاً مما هو معلن رسمياً. وكان مئات المشاغبين قاموا يوم الأربعاء برمي الحجارة والزجاجات الحارقة على صفوف من رجال الشرطة يتولون حراسة البرلمان، والذين ردوا على ذلك بإطلاق الغازات المسيلة للدموع والقنابل الصوتية والاستعمال الأول للمدافع المائية في اليونان منذ سنوات. وقد تم تمرير حزمة الإجراءات التقشفية بعد عملية التصويت التي جرت الأربعاء الماضي في وقت سادت فيه تخوفات من حدوث انشقاقات أو امتناع عن التصويت يمكن أن يضعف على نحو خطير الائتلاف الذي شُكل في يونيو الماضي بقيادة المحافظين. وقال سامراس: “اليوم نواجه أهم قرار اتخذته أي حكومة خلال الـ37 سنة الماضية”، مضيفاً “إن الكثير من هذه التدابير عادلة، وكان ينبغي أن تتخذ قبل سنوات، من دون أن يطلب منا أحد ذلك”. وتابع “سامراس” قائلاً: “هناك تدابير أخرى غير عادلة -خفض الأجور والرواتب- ولا جدوى من تصوير ذلك على أنه شيء آخر”، غير أنه أضاف أن البلاد مضطرة لاتخاذها. والواقع أن البديل هو الإفلاس، ما سيخلق فوضى مالية في وقت سترغم فيه البلاد على الأرجح على مغادرة منطقة “اليورو” المشكلة من 17 بلداً. وفي هذا الإطار، قال سامراس: “إن البديل أسوأ بكثير من أي من هذه التدابير”. ويذكر أن لدى الحكومة مجتمعة 176 مقعداً من أصل 300 مقعد في البرلمان، وقد كانت تحتاج إلى أغلبية بسيطة من أجل تمرير مشروع القانون. ومن دون “اليسار الديمقراطي”، الذي أعلن أنه سيصوت ضد التدابير، فإن محافظي ساماراس والاشتراكيين كانوا سيتحكمون في 160 صوتاً. غير أنه كان ثمة خوف من حدوث مزيد من الانشقاقات، ولاسيما من الحزب الاشتراكي. ويذكر أن القسط التالي من القرض المخصص لليونان ويبلغ 31?5 مليار يورو، من أصل ما مجموعه 240 مليار يورو، كان يفترض أن تتلقاه أثينا قبل خمسة أشهر. وبدونه، يقول “ساماراس”، إن مال اليونان سينفد في السادس عشر من نوفمبر. وإذا لم تستطع أثينا جمع أموال كافية بطرق أخرى، فإنها ستجد أنه من المستحيل تسديد ديونها الضخمة. وإضافة إلى دفع البلاد إلى خارج منطقة “اليورو”، فإن من شأن ذلك أن يؤدي إلى سحب الأموال والودائع من البنوك، والتضخم المفرط، وتراجع قيمة العملة الذي سيؤدي بدوره إلى تقلص قيمة المدخرات وسيجعل الكثير من السلع الأساسية في غير متناول العديد من اليونانيين. التدابير موضوع الحديث هي للسنة المالية 2013- 2014 وتشمل تخفيضات كبيرة جديدة للمعاشات وزيادات في الضرائب، وزيادة عامين في سن التقاعد بحيث يصبح 67 عاماً، وقوانين ستزيد من سهولة تسريح ونقل الموظفين الذين يضمون حالياً وظائف مدى الحياة. وتهدف الإصلاحات إلى خفض الدين العام ولكنها ستضر أيضاً بالاقتصاد الذي يستعد لدخول عام سادس من الركود في وقت بلغت فيها البطالة معدلاً قياسياً هو 25 في المئة. وفي معرض تعليقه على هذه التدابير، قال “باناجيوتيس لافازانيس “من حزب المعارضة الرئيسي “سيريزا” أو “اليسار الراديكالي”: “إنكم ترمون بالناس في الشوارع، الناس الذين يحتاجون إلى بضع سنوات حتى يحصلوا على معاشاتهم”، مضيفاً “ماذا سيحصل لهم؟ هل سيموتون جوعاً؟... إن هذا مشروع قانون غير قانوني وغير دستوري”. أحزاب المعارضة اتهمت الحكومة بخرق الدستور اليوناني من خلال التخفيضات المقترحة في المعاشات والمزايا، معتبرة أن مشروع القانون، المؤلف من مئات الصفحات، جد معقد حتى تتم مناقشته في جلسة واحدة. وفي هذه الأثناء، رأى القضاة في المحكمة العليا للبلاد أن التخفيضات الجديدة في رواتبهم الواردة في مشروع القانون هي غير قانونية. ومن جانبها، هاجمت عضو البرلمان الاشتراكية ثيودورا زاكري مشروع القانون ولكنها قالت إنها مرغمة على دعمه على اعتبار أنه ليس لدى اليونان طريقة أخرى لجمع المال الذي تحتاج إليه. وقالت زاكري: “لقد تجاوز الركود كل الحدود، والواقع هو أن لا ضوء يلوح في نهاية النفق، وأننا مازلنا في بداية الأزمة”، مضيفة “إنني سأصوت للتدابير مرغَمة”. ديريك جاتوبولوس ونيكولاس بافيتيس أثينا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©