الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إدمان التكنولوجيا.. آفة العصر

إدمان التكنولوجيا.. آفة العصر
12 ابريل 2007 00:27
تحقيق- نسرين درزي: إدمان قد لا نحسب له حسابا، ونقع فريسة له بدون أن نعد له العدة· إدمان من نوع آخر يصيب الصغار والكبار، ويختار على وجه الخصوص فئة الشباب، لأنها معنية في تفاصيله أكثر من غيرها· انه الإدمان على وسائل التكنولوجيا بما فيها منتجات التقنية، والانترنت، والبريد الالكتروني، والحواسب النقالة والكفية والهواتف النقالة، وكافة أجهزة الاتصال الأخرى· وكما يقول المثل أوله ولع وآخره هلع ، هكذا هو التعامل مع التكنولوجيا التي يشعر الواحد فينا أنه بات مرتبطا فيها بشكل لا إرادي· تبدأ عوارض الإدمان في الظهور عندما تدفعنا قوة خفية لفتح البريد الالكتروني مرات عدة في اليوم، أو عند الشعور برغبة في الدخول إلى شبكة الانترنت لساعات طويلة متتالية من دون غاية معينة، أو عند الاستجابة الى مطلب داخلي لاستبدال ما نملك من أجهزة تقنية في كل مرة نسمع بجهاز جديد طرح في الأسواق· إرهاق ذهني في عصرنا بات من الضروري معرفة استخدام التكنولوجيا الرقمية والتعامل معها كلما دعت الحاجة، لكن هذا لا يعني أن نهلك أجسامنا في سبيلها · هذا ما ذكره الدكتور خالد سلامة طبيب عيون، وأب لثلاثة أبناء أصغرهم في سن 18 · إنه يحذر من الأضرار الصحية والنفسية التي يتسبب بها الإكثار من استعمال التكنولوجيا والاتكال على الشاشات المبرمجة في كل صغيرة وكبيرة في حياتنا· ويقول: أصبحنا مرتبطين بشكل مزعج بمجموعة آلات تسير حياتنا وتقودنا وراءها من دون القدرة على التوقف· وهذا أمر في شدة الخطورة لأن الجلوس يوميا ولساعات طويلة خلف جهاز الكمبيوتر، أو التحدث بلا انقطاع بالهاتف النقال وما شابه، كلها أمور تصيب مستخدميها بالإرهاق الذهني والجسدي وتؤدي الى انشغالهم عن محيطهم · وعن نفسه فقد حدد لأبنائه ساعتين في اليوم لمشاهدة التلفزيون وساعتين لاستخدام الانترنت· وكطبيب عيون ينصح بعدم الجلوس مدة متواصلة خلف أي جهاز تقني، لأن التركيز والإشعاعات المنبعثة من الشاشات الرقمية تؤذي النظر، والدليل عدد حالات الإجهاد التي تأتي الى عيادته بسبب الإدمان على التكنولوجيا· وللأشخاص الذين تحكمهم طبيعة عملهم باستخدام تلك الأجهزة لعدة ساعات في اليوم، يؤكد على ضرورة أن يستريحوا خمس دقائق مقابل كل نصف ساعة عمل· انطوائيون من جهته باسم الطنيجي مهندس ميكانيكي، يعتبر أن التكنولوجيا بقدر ما سهلت حياتنا بقدر ما عقدت علينا الكثير من الأمور· فقد وضعتنا في دائرة مغلقة وجعلتنا انطوائيين وتسببت بأمراض كثيرة كآلام الظهر وضعف النظر وزيادة الوزن، نتيجة الجلوس لساعات طويلة خلف أجهزة التقنية والمعلومات· ويضطر باسم بحكم عمله، أن يستخدم جهاز الكمبيوتر بمعدل خمس ساعات يوميا قبل الذهاب الى جولته الميدانية· هذا الأمر يزعجه لأنه يعي الأضرار المترتبة عليه، لذلك يأخذ قسطا من الراحة بين الفينة والأخرى· ومع أنه حريص على صحته، الا أنه بدأ يعاني من مشاكل في النظر مما جعله يأخذ عهدا على نفسه ألا يفتح جهاز الكمبيوتر في البيت، كي لا يصبح رهينة لبحر له أول وليس له آخر· وهو يقترح على أرباب العمل أن يقسموا ساعات العمل وراء أجهزة الكمبيوتر بين الموظفين بحيث يأتي الضرر أقل، مع أنه مقتنع بأنه من الصعب تطبيق مثل هذا الحل في ظل التقشف المادي والبشري للشركات· أمراض العصر أما جهاد مقصد وهو صاحب مهنة حرة، فيصف نفسه بأنه عاشق للتكنولوجيا ولكل مفرداتها وأدواتها· ومع ذلك فقد بدأ تدريجيا في التنبه الى شبح المخاطر المتأتية منها، سواء على صحته أو على طبيعة علاقته بالأهل والأصدقاء· ويذكر أنه أصيب بحساسية في عينيه وآلام في الظهر بسبب الإكثار من استخدام التكنولوجيا، ويضيف: مررت بمرحلة أصبحت فيها أسيرا لكل وسائل التكنولوجيا ولا سيما الإنترنت، وقد تنبهت الى أني غدوت كلما دخلت الى البيت، أول ما أقوم به هو التوجه الى جهاز الكمبيوتر والجلوس وراء شاشته لساعات · الأمر جعل جهادا انطوائيا بحيث أصبح يفضل مجالسة أخبار الإنترنت وقصصه عن الاجتماع بالأصدقاء أو زيارة الأقارب أو حتى الخروج بقصد التبضع أو إنهاء معاملة ما· وهكذا اتخذ جهاد قرارا صارما بالاكتفاء بالتعاطي في أمور التكنولوجيا ضمن إطار العمل وعدم نقلها الى حياته الخاصة في البيت، وذلك حفاظا على علاقاته الاجتماعية·· ومما أردفه في نهاية الحديث: ليتنا لم نعرف سبيلا الى التكنولوجيا، لقد كنا سعداء في الماضي نقضي أوقات فراغنا بالألعاب الرياضية المفيدة، أما اليوم فقد سيطرت علينا أمراض العصر · هوس من جهة أخرى يعتبر الموظف وسيم شهبندر أن خير الأمور أوسطها وأنه يجب التعامل مع أدوات التكنولوجيا بوعي وحذر· نأخذ منها ما يفيدنا وينورنا ونتركها بمجرد الوصول الى الخط الأحمر، أي قبل أن تتحول الى هوس · وعن نفسه فهو مرتاح لجهة تعامله مع وسائل التقنية الحديثة، الضرورية منها والمسلية، إذ لا يقربها الا خلال أوقات الفراغ التي تخلو أصلا من أي مشروع آخر· وينصح الذين يتعاملون يوميا مع أجهزة التكنولوجيا وخصوصا الانترنت بتوخي الحذر وضبط كمية الوقت الذي يستهلكونه على هذا الحال قبل أن يتحول سلوكهم الى إدمان لم يحسبوا له حسابا· ما يشبه الاستعباد كل تلك الأفكار أو الهواجس إن صح التعبير، نقلناها إلى استشاري الطب النفسي والعلاج الأسري الدكتور محمد حسين علي الذي أوضح أنه في ظل ما يحيط بنا من وسائل تقنية، أصبح من الضروري التعامل معها بحذر وعدم تجاهلها، لأننا شئنا أم أبينا، مضطرون إلى مواكبة العصر· أما من الناحية العملية فبات من الملح التصدي للمخاطر المترتبة على هذا النوع من الادمان، وذلك بمحاربة الدافع الذي يجعلنا نجلس لساعات طويلة مسمرين أمام تلك الأجهزة· وهنا لا بد من التفريق بين الدافع المهني أو دافع التسلية وتمرير الوقت· فاذا كانت طبيعة العمل تتطلب منا التعامل المباشر والمستمر مع الآلة، فهنا من الضروري معرفة الحدود وعدم المبالغة في الاعتماد على هذه الآلة أو هذا الجهاز· أما اذا كان الدافع هو تمضية الوقت، فهنا الخطر الأكبر لأن وسائل التقنية وبالتحديد الإنترنت، يتسبب في الكثير من المشاكل النفسية التي تنعكس على السلوك الانساني وتجعل من المتعامل معها مدمنا حقيقيا، ومشروع شخصية انعزالية سوف تتحاشى مع الوقت، الاختلاط المباشر بالناس· وينصح الدكتور محمد حسين علي بتنظيم الوقت بما يفصل بين الحاجة الضرورية لاستعمال التكنولوجيا وبين الخضوع الأعمى لها بما يشبه الاستعباد· وأهم الحلول برأيه الانخراط في لقاءات اجتماعية اما للافادة الشخصية واما للتواصل وجها لوجه مع الآخرين· حذار من العمل الطويل حذر الأطباء والمختصون من استخدام الإنترنت أو أجهزة الكمبيوتر لمدة طويلة، بعد أن كشفت دراسة نيوزيلندية نشرت مؤخرا، أن الموظفين الذين يجلسون لساعات طويلة أمام أجهزة الكمبيوتر هم أكثر عرضة للإصابة بجلطات دم قاتلة· وقال المشرف على الدراسة ريتشارد بيسلي أستاذ ''معهد الأبحاث الطبية'' في ويلنجتون: إن الدراسة أظهرت أن بعض الموظفين في مجال العمل المكتبي والذين أصيبوا بجلطات دموية كانوا يجلسون لمدة 14 ساعة يوميا· وأوضحت الدراسة أن34 بالمائة من الأشخاص دون 65 عاما أدخلوا المستشفى للعلاج لأصابتهم بجلطات دم قالوا: إنهم كانوا يجلسون لفترات طويلة يوميا في أماكن عملهم· وأوضحت دراسة أخرى شملت آلاف الناس بأن التعرض أو الجلوس أمام الأجهزة الكهربائية والتلفزيون والفيديو يؤدي إلى موت الملايين من خلايا الدماغ، وكلما كانت الفترة التي يقضيها المرء أطول كانت الخسائر أكبر بكثير·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©