الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عالم رقمي.. جداً

12 ابريل 2007 00:39
"ضجيج التكنولوجيا وصوت أم كلثوم".. قرأت مقالاً في موقع محطة BBC حول إطلاق شركة أبل لهاتف متحرك جديد هو iPhone وهو كغيره من الأجهزة يتيح عرض الفيديو والصور وسماع الموسيقى مع العديد من الخدمات الإضافية، ويبدو أن كاتب المقال هو شخص أصابه الصداع من هذا الضجيج التكنولوجي اليومي الذي سببته شركات التكنولوجيا في حياتنا من أجل إغراق الأسواق بسلع استهلاكية تدر عليها مليارات الدولارات · وقد أورد المقال دراسة أجرتها مجلة تقنية في بريطانيا وأظهرت أنه على الرغم من أن %71 من العائلات البريطانية لديها كومبيوتر شخصي، إلا أن %50 من البريطانيين يجدون صعوبة في استخدام الأجهزة التقنية الحديثة وتعلم مصطلحاتها : iPhone , iPod , WiFi , ADSL .. وقد استوقفني أحد التعليقات الواردة على هذا المقال والتي يعرضها موقع BBC, و يقول فيه أحد القراء ما يلي: '' عند إطلاق الجهاز الجديد لشركة أبل iPhone, ادعى ستيف جوبز رئيس أبل، أن حياتنا أصبحت اليوم في جيوبنا ! ولكن، ألا يعرف هذا الرجل أن حياتي لا تسع في جيبي ؟ ولا أريدها أن تصبح كذلك ! وأنا أشعر بالأسف لأن بعض الناس يقبلون بأن يحشروا حياتهم في صندوق بلاستيكي مع مجموعة من الرقائق الكهربائية ''· وعند قراءة هذا التعليق والكثير من التعليقات المشابهة سوف تكتشف عزيزي القارئ، أن هناك الكثير من الناس في هذا العالم، لا يشعرون بالراحة من هذا الضجيج التكنولوجي ، ورغم أنني مبرمج للكومبيوتر منذ أكثر من ثمانية عشر عاماً إلا أنني لا أجد أي متعة ولا حتى ضرورة في الكثير من الميزات التي تمنحنا إياها شركات التكنولوجيا والتي آخرها هو مشاهدة التلفزيون مباشرة على أجهزة الموبايل أو ما يسمى ب Mobile TV. و ربما تذكر عزيزي القارئ أنه في أواخر التسعينيات من القرن الماضي ومع ثورة الإنترنت وظهور برامج الاتصال كان الناس مهووسين بإمكانية الاتصال اليومي مع أقربائهم وأصدقائهم حول العالم عبر برامج Chat ولكن مع مرور الوقت فقد هذا الموضوع بريقه ، وسرعان ما اكتشف الناس أنه لا يوجد أي متعة في معرفة الأخبار اليومية لأصدقائهم وأن المكالمات التلفونية الإسبوعية وربما الشهرية بين الأصدقاء والأقارب ما تزال أجمل، وهي أيضاً تحافظ على وقت الجميع، واليوم، الموضة للكاميرات الرقمية والناس يريدون أن يلتقطوا من عالمنا الجميل أكبر كمية ممكنة من الصور ويتبادلونها فيما بينهم بأسرع وأسهل طريقة، وسرعان ما سيشعرون بالملل وستبتكر لهم الشركات شيئا آخر ليتسلوا به · والناس أمام التكنولوجيا مذاهب ومدارس متنوعة ، فمنهم من يدعو إلى الأخذ بكل جديد ومنهم من يدعو إلى العودة إلى الحياة البسيطة، ومنهم من يحارب استعباد التكنولوجيا للإنسان، وهناك أبحاث لعلماء يتحدثون فيها عن الأثر السيئ الذي تسببه التكنولوجيا للإنسان على المستوى النفسي والاجتماعي وحتى الصحي · وما أنصحك به عزيزي القارئ هو أن تأخد من التكنولوجيا ما تحتاجه وما يفيدك في حياتك ،وتذكر دائماً أن الجهاز المفيد (تلفون - كومبيوتر - كاميرا أو أي جهاز آخر) هو الجهاز الذي تستطيع أن تغلقه في أي وقت وتضعه جانباً ، لكي تقوم بنزهة على كورنيش أبوظبي الجميل ، أو تجلس في المساء في غرفتك مسترخياً وأنت تستمع لصوت العظيمة أم كلثوم ، أو الرائعة فيروز ، دون أن تشعر بأن هناك مكالمة سوف تفوتك أو رسالة مستعجلة سوف تضيع عليك · معتصم زكار moutasem@alwarraq.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©