الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«بداية ونهاية» يرسخ «حياة جديدة» بعد تجربة الانفصال

«بداية ونهاية» يرسخ «حياة جديدة» بعد تجربة الانفصال
11 نوفمبر 2012
مؤسسة التنمية الأسرية لا تطلق برنامجاً إلا بناء على دراسات مسبقة، بما يتوافق مع احتياجات الأسرة بجميع مكوناتها، ومؤخرا أطلقت المؤسسة برنامجا تجريبياً ينفذ في مركز أبوظبي (المنطقة الوسطى) تحت عنوان «بداية ونهاية» يتحدث عن العلاقات الأسرية لمرحلة ما بعد الطلاق بهدف ترسيخ مفهوم جديد للذين تعرضوا للانفصال، يكمن في أن نهاية العلاقة بالطرف الثاني هي بداية لحياة جديدة، والتركيز على دراسة وتحليل نفسية الذين تعرضوا لتجربة الانفصال وتعريفهم بالآثار السلبية لها على الأبناء ، وتحويل الخسائر إلى أرباح. لكبيرة التونسي (أبوظبي) - تأتي البرامج الجديدة انطلاقا من رؤية مؤسسة التنمية الأسرية، ومجالات اهتمامها، المتمثلة في المحافظة على القيم الثقافة الأسرية السليمة، والتزام أفراد الأسرة بأدوارهم ومسؤولياتهم بإيجابية لضمان استمرار الأسرة، وتعزيز قيم التلاحم والترابط والتواصل بين أفرادها، ويعتبر البرنامج مكملا للمرحلة الأولية «جدد حياتك»، وفق موزة الهاملي، منسقة البرنامج، التي قالت إن المؤسسة التي أولت اهتماماً كبيراً باحتياجات المستفيدين من خدماتها، تركزت على الأسر في كافة المناطق كأبرز المتعاملين الخارجيين والذين تعتبر الخدمات المقدمة لهم من أهم مجالات عمل المؤسسة. ووفق نتائج المسوحات الميدانية برزت قضية العلاقة بين الزوجين وأفراد الأسرة الذين تعرضوا لتجربة الانفصال سواء الطلاق أو الهجر أو الترمل، وما ينتج عن ذلك من مشكلات متعددة الجوانب، تشمل المرأة والرجل والأبناء لذلك ارتأت المؤسسة إضافة مبادرة جديدة تتناول مشكلات الذين مروا بتجربة الانفصال، والذين لديهم أبناء من أجل إرشادهم وتوعيتهم لتسهم هذه المبادرة في التقليل من الآثار السلبية للانفصال في المجتمع. أهداف محددة يدخل «بداية ونهاية» ضمن البرامج الجديدة التي تنفذها المؤسسة خلال هذا الشهر إلى جانب برامج «العلاقة الوالدية» و«مجالس الأسرة»، في إطار حرص سموها على تعزيز دور الأسرة في المجتمع ومواكبة رؤية حكومة أبوظبي في تحقيق التنمية الاجتماعية المستدامة والشاملة. وتتحدد أهداف البرنامج في مساعدة الذين تعرضوا لتجربة الانفصال على تجاوز المشكلة، والتخفيف من حدة أثره عليهم، وترسيخ مفهوم جديد للذين تعرضوا للانفصال يكمن في أن نهاية العلاقة بالطرف الثاني هي بداية لحياة جديدة، ومساعدة الآباء والأمهات الذين تعرضوا لتجربة الانفصال على حماية أبنائهم من الصراعات التي تنشأ لديهم بعد الانفصال، والتخفيف من حدة الصدمة على أبنائهم، وتأسيس علاقة تعاون إيجابية ودائمة بين الأبناء وبين كل من الوالدين، والتركيز على دراسة وتحليل نفسية الذين تعرضوا لتجربة الانفصال وتعريفهم بالآثار السلبية لها على الأبناء، وممارسة الوالدية الفعالة البعيدة عن الصراعات وفق منهجية سليمة يتم تدريبهم عليها، ومن أجل ذلك يتم تزويدهم بدليل إرشادي يمثل الأداة المثلى والفاعلة والطريقة الفضلى للتعامل مع القضايا والآثار الناتجة عن الانفصال. ويستهدف البرنامج المطلقين، والأرامل، والمهجورين (متزوجون ورقياً مهجورون واقعياً)، والزواج المتعدد، ويرمي البرنامج إلى ترسيخ مفهوم جديد هو أن تجربة الانفصال ليست نهاية الحياة بل أحيانا بداية حياة جديدة يستفيد منها كل من مر بتجربة الانفصال، حيث يهتم البرنامج ببناء ذات من مر بتجربة الانفصال على أسس الصحة النفسية السليمة، حتى يستطيع التركيز على علاقاته بالآخرين بشكل أفضل، ويركز البرنامج أيضا على الحفاظ على أسرة متماسكة حتى بعد وقوع الانفصال بين الوالدين فإن أمر الحفاظ على أواصر المودة والتراحم بين الطفل ووالديه أمر مهم لتعافيه من الأزمة أو الصدمة، وكلما كانت العلاقة بين الوالدين المشاركين في البرنامج أفضل، كانت بيئة التنشئة الاجتماعية للطفل أكثر أماناً واستقراراً، وكلما ساءت تلك العلاقة بين الوالدين المشاركين في البرنامج تعقدت التكهنات بشأن مستقبل صحة الطفل النفسية والعاطفية. وقدم البرنامج على فترتين صباحية للنساء ومسائية للرجال، ونفذتهما كل من خبيرة تطوير الذات نوال المبارك والدكتورة فاطمة نذر بتنسيق مع كل من راية الشامسي، وموزة عتيق الهاملي من التنمية الأسرية. رسائل الغفران وقفت الدكتورة نوال المبارك من الكويت، مدرب معتمد من المؤسسة العالمية للوالدية الفعالة، تشرح من خلال شاشة كبيرة تعكس صورا وبيانات تمدح مردود التسامح على النفس قبل أن يكون له أثر على من يسبب جرحا داخليا للآخرين، ويترك عذابات قد تعوق حركة حياة الفرد بشكل طبيعي. وأشارت عليهم ببعض التدريبات، بحيث لا تقدم دورتها حديثا وكلاما، بل تخلق تفاعلا، وحراكا داخل القاعة وتتجاوز ما جاءت به على الورق إلى تمرينات فعلية تساعد المتدرب على التخلص من بعض من معاناته النفسية، خاصة أن الموضوع يتعلق بالأسرة والزواج والطلاق أو الانفصال. إلى ذلك، قالت المبارك للحضور «اكتبوا رسالة ضمنوها كل ما يغضبكم من الطرف الآخر، وتفريغ كل الحمولات السيئة ولا تضعوا أي سقف لمشاعركم، ضمنوها أيضا السب والشتم، اتركوا لأقلامكم الحرية في التنفيس عما تشعرون به، ثم مزقوا الورقة بأقصى قوة بشرط ألا تقرأوها، ثم اكتبوا رسالة أخرى لتحتوي على كل ما ترغبون في سماعه من اعتذارات من طرف العلاقة سواء كان زوجا أو مطلقا أو هاجرا لبيته، اكتبوا كل ما ترغبون فيه من رضا، ثم مزقوها أيضا دون أن ترجعوا لما كتبتم، وفي الأخير اكتبوا رسالة تسامح، قولوا إنكم سامحتم الطرف الآخر على كل ما بدا منه، ومزقوا الورقة أيضا، ووجهت لهم الحديث اكتبوا وسنرى النتيجة بعد ذلك». عن الغرض من التمرين وغيره من التمارين التفاعلية التي ساقتها المبارك على مدار أربعة أيام، قالت «الهدف من البرنامج هو الوقاية من المشاكل التي تترتب على الانفصال والطلاق والأزمات الأسرية»، موضحة أن مثل هذه البرامج يجب أن تقدم قبل أن يقع المرء في الخطأ وتتعرض الأسرة للشتات، بحيث تقي من تفاقم المشاكل الناجم أحيانا عن التهور في اتخاذ القرارات والسرعة فيها، نتيجة افتقاد الشخص لأساليب إدارة حياته بشكل معقلن سواء داخل بيته أو خارجه، أما عن رسالتها من خلال كتابة الغضب والتسامح فقالت إن ذلك يعطي نتيجة جيدة وينفس على المرء، ويخلصه من الترسبات النفسية بما يعادل نسبة 95% وتبقى 5% يمكن العمل عليها». ولفتت المبارك إلى أن البوح والتفريغ يريحان الإنسان، خاصة أن الورقة كاتمة للأسرار، ولا تنقل الحديث لطرف آخر ما قد يؤزم العلاقة ويوثرها، مشددة على أن جانب التسامح والغفران يلعب دورا مهما في مواصلة الحياة بنفس راضية وينعكس على الإنسان نفسه. الرجل أكثر تأثرا حول المراحل التي تم تقديم البرنامج وفقها، أوضحت المبارك أنه «تم التركيز خلال اليوم الأول على الطفل، بوصفه أول من تنعكس عليه آثار هذه المرحلة، وهو من يستقبل كل سلبيات هذا التحول في الحياة الأسرية، بحيث تمارس عليه جميع أصناف الغضب من طرفي العلاقة، لهذا قدمنا مجموعة من الحلول لتحويل هذا التوجه السلبي إلى إيجابي، وكون الطفل هو البذرة التي نرعاها وتعتبر هدية من الله وأمانة في رقابنا، يجب رعايتها وإبعادها عن هذه التشنجات، ولا يجب العمل على المصلحة الشخصية دون المصلحة العامة للأسرة والأبناء». وأكدت المبارك أن الرجل يتأثر ويتألم أكثر من المرأة في حالة الطلاق. وفي هذا الصدد، قالت «هذه النتيجة مبنية على دراسات واقعية، حيث نجد الرجل يعاني بشدة من آثار الطلاق لهذا يعوض بشكل سريع بزواج آخر، ما يجعله يرتكب أخطاء، إذ أنه لا يترك المجال لنفسه ليستريح قليلا من العلاقة المنهارة ثم يعاود التفكير، بل يسرع في مداواة جروحه بامرأة أخرى قد لا تكون تناسب أهواءه وأفكاره، فهو يرغب في تخطي النتائج السلبية بالزواج السريع، وبعد فترة يفكر في الرجوع لزوجته الأولى، لهذه الأسباب يجب على الشباب أن يخضعوا لمثل هذه البرامج مسبقا». وأوضحت أن «الكثير ممن حضروا الدورة نساء ورجالا أبدوا استعدادهم للرجوع لزوجاتهم أو أزواجهم الذين سبقوا وانفصلوا عنهم بفترات». وتابعت «سلطنا الضوء بشكل كبير على الأطفال في هذه العلاقة، وقلنا لهم إن الحياة حقوق وواجبات، وقضية الطلاق لا تنهي علاقتهم مع الأولاد أيضا، حيث يجب على الطرفين أن يظلا مشاركين في حياة الطفل، ولا تصبح هذه العلاقة تضادية، وقربناهم من مفاهيم وأساليب العلاقة الوالدية التشاركية، وإذا رغب أي طرف في فك الارتباط فهذا لا يعني فك الارتباط بين الأرحام، فالمسؤولية تستمر ولا تنتهي». آثار الطلاق على الأطفال أعربت المبارك عن قلقها تجاه الأطفال المراهقين نظرا لتأثرهم كثيرا بالطلاق، بينما قالت إن الصغار ممن تقل أعمارهم عن خمس سنوات تبقى سلبيات الانفصال بعيدة عنهم نسبيا. وأضافت «تؤكد دراسات وحالات واقعية أن الأطفال الذين لم يتجاوزوا بعد الخامسة من عمرهم لا تنعكس عليهم المرحلة بشكل مباشر، لأن مفهوم الأسرة وتاريخها بعيد عن أذهانهم، بحيث سيتكيف مع كل جديد، أما الأعمار من 5 إلى 12 سنة، فيشعر الطفل بكل المتغيرات وتنعكس عليه في سلوكه، بحيث يصبح عدوانيا، ومتعثرا دراسيا منذ السنة الأولى من الطلاق، أما المراهقون الأولاد فهم يتأثرون أكثر من المراهقات البنات، فهم في بداية الطلاق لا يتكيفون مع الوضع وتظهر عصبيتهم، وعنادهم، ويتوازى ذلك التغير الفيوزلوجي الذي يرافق مرحلة المراهقة ما يجعل التوازن يختل، أما بالنسبة للفتيات فهن يتأقلمن بشكل أكبر مع الأحداث الجديدة، لكن ينعكس عليهن ذلك بعد وصولهن العشرين من عمرهن عندما يبدأن التفكير في الزواج، فتعاني من الحزن والكآبة وتفكر في الطلاق الذي يترك انعكاسات سلبية على حياتها ويقودها لسلوكيات تستمدها من العلاقة الأبوية السابقة».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©